استبشر المواطنون خيرا بعد سماعهم الخبر الملكي السامي بتوزيع مليون محفظة سيما الفقراء منهم وما أكثرهم. برنامج أثلج صدور المعوزين سيما أن الدخول المدرسي توافق مع شهر رمضان المبارك,برنامج يوفر لربع تلاميذ المدارس الابتدائية والأولى إعدادي كل الأدوات من محفظة ودفاتر وكتب وكل مستلزمات الدراسة, برنامج حمل مؤشرات ايجابية وأهداف رامية وعلامات سامية .
الا أنه وككل العمليات كثيرا ما يتصادم التطبيق مع التخطيط نظرا لاعتمادنا دائما الارتجال والترجل والسرعة والتسرع ,من ذلك معايير تحديد المدن المستفيدة في تلك التي يفوق عدد سكانها مائة ألف نسمة ,بمعنى أوضح أن مدن كجرادة تاوريرت والعيون وغيرها لن تستفيد من هذا البرنامج لأنها خارج إطار التنمية البشرية ,وللزائر الكريم القيام بجولة لمحيط هذه المدن وغيرها ليكتشف عمق الفقر اللاذع والجوع المانع ,ويكتشف ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ,مثال ذلك إن أردت المرور بين مدرسة التقدم وإعدادية ابن سينا بتاوريرت فعليك المرور ببراريك تئن من الفاقة وأزقة عبارة عن أودية وسيلان للواد الحار وما الى ذلك ,وأتمنى أن تشمل هذه الأحياء بزيارة ملكية مستقبلا لأن وضعها افضع من وضع أحياء سيدي يحي بوجدة على سبيل المثال.
العيب الثاني الذي شمل هذه العملية اعتماده في تحديد عدد المستفيدين على الخريطة التوقعية للتمدرس مما حدا ببعض الجهات الى تضخيم الأرقام لأنهم يحصلون دوما على المعلومات مسبقا ويتقنون هذا الفنة, في حين جهات أخرى أكثر فقرا كالجهة الشرقية كانت أقل استفادة.
العيب الثالث كما هو حال مسئولينا باستمرار عدم الاستشارة التحتية وتداخل عدة وزارات وجمعيات لا تساير واقع المتمدرسين ,فان علموا أن بعض النيابات يكاد كل تلامذتها بالمدارس الابتدائية من ذوي الدخل المحدود أو شبه المنعدم ,حيث وعلى سبيل المثال استفادت 19 مدرسة من بين 55 مدرسة ابتدائية جل تلامذتها فقراء في حين ستوزع محفظات بمدن يمكن اعتبار الطاقة الشراء لسكانها مقبول نسبيا وقد يتجاوز المتوسط أحيانا,
– فهل هذا إنصاف؟
– وكيف توزع المحفظات على مؤسسة ولا توزع على مؤسسة مجاورة لها مع أنها قد تكون أفقر منها؟
– هل اعتمد واضعو البرنامج على دراسة ميدانية وميزوا بين مواضع الهدر المدرسي,أهي في المدن أكثر أم بالبوادي؟
– هل ميز واضعو البرنامج بين النيابات التي تنشط بها المؤسسات الاجتماعية وتلك التي لا تقدم لها أية مساعدة؟
أملى ومن خلال التقارير المحلية والجهوية تنبه المسئولين الى كل الملاحظات التي ستقدم لهم لاحقا ,كون البرنامج سيستمر لخمس سنوات,وأن يخفف من عبء الفقراء ويساعد على محاربة الهدر المدرسي ويساهم في تشجيع الآباء على تعليم أبنائهم ,باعتماد مقاربة مفادها تحديد المستفيدين الفعليين واعتماد لجان للقيام بدراسات ميدانية بناء على التقارير التي سترفع إليها والتي ستحدد عدد المستفيدين الفعليين في كل نيابة ,وعليها أن تحدد عدد المحتاجين الى المساعدة لتحقيق الأهداف المرجوة من مثل هذه العمليات والله يجازي من أحسن عملا.