Home»International»لا يقبل كثير من المسلمين النصح وقد يغضبون عند سماعه ويتخذون موقفا سلبيا ممن يسديه إليهم

لا يقبل كثير من المسلمين النصح وقد يغضبون عند سماعه ويتخذون موقفا سلبيا ممن يسديه إليهم

0
Shares
PinterestGoogle+

لا يقبل كثير من المسلمين النصح وقد يغضبون عند سماعه ويتخذون موقفا سلبيا ممن يسديه إليهم

محمد شركي

من المعلوم أن الإنسان المسلم لا يصدر في كل أحواله وتصرفاته عن هوى النفس بل يصدر  في ذلك عما شرع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .

والملاحظ أن كثيرا من المسلمين يلتمسون حكم شرع الله عز وجل في الأمور التعبدية التي تكون بينهم وبين خالقهم من طهارة وصلاة وصيام وحج وزكاة حيث يحرصون على تطبيق ما نص عليه الشرع فيها مخافة ألا تقبل منهم ، لكنهم عندما يتعلق الأمر بالمعاملات وهي الشطر الآخر الذي تعبدهم به الله عز وجل لا يحرصون نفس الحرص الذي يحرصونه على تطبيق ما أمر الله عز وجل به في  العبادات ، فيصدرون  في كثير من أحوالهم وتصرفاتهم عن أهوائهم لا عن شرعه سبحانه وتعالى . والأمثلة على ذلك كثيرة  نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر بعض  ما يحصل في علاقاتهم، فهم يتصرفون فيها  بأهوائهم دون مراجعة شرع  خالقهم، ولا يرضيهم حكمه عز وجل فيها، فيعادي بعضهم بعضا تبعا لهوى النفس وقد نهى الله عن ذلك حين جعل العلاقة بين المسلمين أخوة في الدين تقدم على الأخوة  الرحمية ، كما أنه سبحانه وتعالى جعل حلا للخلاف الذي قد ينشأ بينهم ويكون سببا في اقتتالهم ، وهو حل قتال الفئة الباغية حتى تفيىء إلى أمر الله عز وجل ثم إعادة علاقة الأخوة بينهم إلى وضعها الطبيعي بصلح يكون بينهم  .

وحينما تقع العداوة بين المسلمين  وتكون القطيعة بينهم والأصل ألا يكون ذلك بحكم الأخوة التي تربط بينهم ، لا يقبلون نصيحة إصلاح ذات البين ، ولا يكظم من استغضب غيظا ، ولا يعفو ، ولا يصفح ، ومن ثم لا يحب  أن يغفر الله عز وجل له ، لأن الذي لا يصفح يجب ألا ينتظر صفحا من خالقه إذا كان منطقيا مع نفسه .وقد يذكر بما قضى الله عز وجل إذا قضى بهواه  في أمر ما فيتمادى في   إصراره على التشبث بهواه وإن ذكّر بقول الله عز وجل : ((  وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم  ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا )) ، وبقوله تعالى : ((  إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون )) ، وبقوله أيضا : (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) . هذه النصوص الثلاثة تفرض على المسلم ألا يحكم هواه ، ويقضي ويحكم به عوضا   تحكيم شرع الله عز وجل والقضاء به في أموره وأحواله المختلفة  .

 وإذا حكّم شرع الله عز وجل وقضى به تعيّن على الإنسان المسلم المؤمن أن يكون راضيا بذلك طيب خاطره به  لأنه  يفضّل حكم وقضاء الخالق على حكم وقضاء هواه بل يجب أن يظل ممتعضا من حكم وقضاء هواه حتى يحل محله حكم وقضاء الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .

ولا يمكن لمسلم أن يتذرع  في اعتماد حكم وقضاء يمليه عليه هواه  بذريعة مهما كانت  والتي تجعله يرى أن ما فعله هو الصواب والحق والعدل  بل عليه أن يجعل حكم وقضاء الله عز وجل  ورسوله صلى الله عليه وسلم هو القصد والمبتغى . فإذا ما أغضب مسلم مسلما  آخر أو جار عليه فعلى المغضب أن يتحرى أولا أنه ما لحقه  جور بالفعل وعلى وجه اليقين لا على وجه الظن ، وأنه يستحق بالفعل أن يغضب من أجله .وعليه إذا استسمح إذا ناله الجور حقا  أن يسامح ، وإذا استرضي أن يرضى كما غضب حين استغضب .

وما أكثر ما يقع الخلاف بين المسلمين، ويكون وراء ذلك اتباع  الهوى وتنكب شرع الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم . وقد يكون سبب الخلاف المفضي إلى قطيعة أو عداوة أو عدوان  إما سوء فهم أو سوء تفاهم أو سوء ظن أو سوء تقدير و حساب أو توهم أو سوء تأويل أو غير ذلك مما لا يرتكز على أساس  صحيح أو منطق أو حجة أو برهان أو دليل . وليعلم من حكّم هواه  في مختلف أحواله وأموره عوض تحكيم  شرع خالقه أنه سيسأل عن ذلك ويحاسب عليه ، ولا يقبل له في ذلك عذر .

ويتعين  الصبر على من ينصح الذي يحكّم هواه عوض تحكيم شرع الله عز وجل، وأن يتوقع منه  الإصرار والتعت ، وينتظر منه موقفا سلبيا تكون عليه أدلة من خلال ما يصدر عنه من تصرفات أو أقوال  . وإذا  ما استمر المتعنت في تعنته ورفضه النصح  مع استفراغ الوسع والجهد في نصحه ، وجب الإعراض عنه  جريا على عادة أنبياء الله صلواته وسلامه عليهم أجمعين . ولقد حكى الله  عز وجل  في محكم التنزيل إعراضهم  عن أقوامهم بعد رفضهم النصح كما هو الشأن بالنسبة لنبي الله صالح عليه السلام حيث قال الله تعالى حكاية عنه : ((  فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا يحبون الناصحين )) ،فهذا القول من نبي الله صالح عليه السلام يقال لكل من نصح بترك تحكيم هواه في أحواله وأموره عوض تحكيم شرع الله عز وجل، فلم ينتصح وأصر على عناده ويتبع ذلك إعراض عنه لا لوم  فيه على  المعرض .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *