Home»National»شجون،،المانضا،،ببلدتي

شجون،،المانضا،،ببلدتي

0
Shares
PinterestGoogle+
 

لم يفصل التاريخ بدقة في سر التئام قبائل،،سيدي لحسن،،،ولكن مصادر العيش كانت بالمقابل، وعبر كل العصور مصار مشتركة،وليس فيها تعقيدات تذكر.
وهكذا،كانت مقومات الحياة السائدة تنحصر في تربية المواشي والأنشطة الفلاحية التي كثيرا ماخيبت الآمال،فأرغمت الساكنة على تعلم الادخار في سنوات الخصب،بينما كان بعض المحظوظين يعيشون حياة أفضل في المناطق السقوية ،خاصة على ضفتي ،،الوادي الحي،، ومجرى،،المعدن،،بالإضافة إلى بعض العيون التي كانت تستحيب لحاجيات الناس،كما هو الحال في عيون،،لمقام،،وعين ،،لمريني،،وعين ،،عائشة،،ومنابع غيرها منتشرة عبر أطراف القبيلة الشاسعة.
كان الاعتقاد السائد هو أن مصادر الرزق لا وجود لها خارج الأنشطة السالفة الذكر.
وعندما شرعت السلطات الاستعمارية في بسط نفوذها، من خلال الأطر الفرنسية التي كلفت أذنابها المغاربة بالتنفيذ،كان الأهالي يعتبرون ذلك قدرا يجب الامتثال له،معتقدين أن العلم مقصور على ،،النصارى،،وأن حظهم في المعرفة يتلخص في وجود ،،فقيه،،يعلم الصلاة،ويفصل بين الحلال والحرام،كما يحضر عند المرض والموت،أما تدبير الشأن اليومي،فهو من مهام المخزن الذي لا حدود لنفوذه.
ورغم كل ما قيل عن جبروت المحتل،فإن الأمانة التاريخية تفرض أن نقر بأن أول المدارس ببلدتنا،قد تم تشييدها قبل الاستقلال من طرف السلطات الفرنسية،وعلى رأسها مدرسة،،ملكونة،،بجوار المنجم،والتي تعلم فيها أول تلاميذ المنطقة- على قلتهم-.
وبفضل هذه المدرسة،تمكن اثنان من أبناء القبيلة من تقلد الوظيفة في مجال التعليم.
أتذكر كما هو الحال بالنسبة للعديدين، كيف كنا نسمع أواخر الخمسينات من القرن الماضي عن تمكن ابن،،امحمد مريم،،من الحصول على وظيفة،،الميط،،(معلم:نطق غير تام لكلمة:maitre)،وأنه،،يطف لبلاصث أكذ المخزن،، (احتل وظيفا لدى المخزن).
أما الشخص الثاني الذي عين معلما بالبلدة كذلك،فهو المرحوم سي محمد بالعابد،وكانت مناسبة لتتوالى التسميات والألقاب،ولعل أشهرها اللازمة التي صارت على كل لسان:
)يوشاسن ربي ثاخبيزث)،وهو ما يعني بالتقريب:أكرمهما الله بمصدر رزق !
لقد ساهم هذا الإنجاز في خلخلة العرف السائد في القبيلة،وهو أن الولد للرعي ثم الفلاحة،والبنت لتعلم النسيج والطبخ استعدادا للزواج،بحيث أصبح الأهالي يصدقون بأن تعليم،،النصارى،،يمكن أن يضمن كسب العيش بطرق أقل تعبا ،فانطلقت حملة توجيه الأبناء الذكور نحو المدرسة بدل رعاية الجديان ثم القطيع الأكبر.
لم يكن التعلم متاحا للجميع لقلة المدارس وتوزع السكان،لكن أمنية الآباء كانت واحدة : أن يصبح الابن ،،ذلميط،،مثل السيدين عبد الرحمان علاي والسي محمد بالعابد-رحمهما الله-اللذين سمحا لأسرتيهما بأن تحظيا بالتقدير والاحترام،خاصة وأن رجال التعليم كانوا يومئذ ينفردون بالتبجيل اللائق ،ضمن كل شرائح الموظفين.
لم أسمع في طفولتي أبا يطمح في أن يصبح ابنه دركيا أو شرطيا،وذلك ربما لارتباط عملهما بالقسوة والقمع،في حين تحول ،،الميط،،ثم ،،الفرملي،،إلى مثل أعلى !
لقد عظمت وظيفة المعلم في أعين السكان البسطاء بفضل الخدمات التي كان يؤديها المعلم ج عبدالرحمان-رحمه الله-خاصة،حيث كان يقرأ الرسائل،ويحرر الطلبات والشكايات ،مما جعله يوسع أنشطته المجانية من خلال التدرب على تقديم الإسعافات الأولية وحقن الإبر،في حين يتحول بياض اليوم إلى سواد حالك إذا توصل أحدهم باستدعاء من رجال الدرك أو القائد !
عندما أيقن ،،ليزانديجان ،،بأن العمل مع ،،المخزن،،يضمن الرقي الطبقي عبر انتظام،،المانضا،،ثارت ثائرتهم حين علموا بأن المعلم يتلقى ،،مانضته،،كذلك خلال فصل الصيف الذي يخلد فيه للراحة !؟
لقد رفض العديد من الناس تصديق هذه،،الكرامة،،إذ لا يعقل أن يؤدى الأجر لشخص وهو في حالة،،برمسيون،،؟
أثار مسلسل المعلمين المحليين اللذين صارا يعملان إلى جانب فريق آخر من زملائهم قادمين من دبدو بصفة خاصة،أثار حنق الساكنة التي لم يتعلم أبناؤها،فكان البديل هو التوجه نحو مدينة جرادة بحثا عن،،لامبوش embauche الذي يضمن بدوره ،،مانضا،،من جنس آخر، ولكنها تؤدى عن أيام العمل فقط ،وكل نصف شهر،وهو ما اصطلح عليه ب(الكانزينا)!
لقد حاول هؤلاء الشباب الذين هاجروا نحو المدينة المنجمية البحث عن بعض التنافسية،لكنها لم تبلغ مداها أبدا ،لأن مرض،،السليكوز،،كان دائما بالمرصاد ليوقف مسار الحياة قبل الأوان !
وللأمانة،فإن بعض الأشخاص قد تلقوا،،المانضا مبكرا،ولكنهم كانوا محدودين،وكان في مقدمتهم ثلاثة جنود شاركوا في الحرب العالمية الثانية،أما الباقون،فهم المعطوبون في حواث الشغل بمنجم ،،ملكونة الذي أغلق أواخر الأربعينات من القرن الماضي.
كان على الساكنة أن تكابد إلى أواسط الستينات لتتقاطر،،المانضات،،من فرنسا خاصة ،قبل أن ينتشر العمال المغاربة في العديد من دول أروبا الغربية تدريجيا.
ومن مفارقات الحياة،أن ،،مانضا،، المعلم ،،المحسود،، سرعان ما استصغرها الناس بعدما عاد أوائل العمال بالمهجر يقودون سيارات يركنونها إلى جانب الخيمة والبيوت البدائية،وتعددت الإسقاطات لتقزيم حجم ،،لميوطا،،،ثم باقي الموظفين الذين تناسلوا تباعا.
يمكن لبلدتنا أن تفخر اليوم،لأن أبناءها متواجدون في كل القطاعات، واستطاع العديد منهم أن يصبحوا أطرا عالية متحدين كل عثرات الطريق التي لم يفلت منها أحد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.