Home»National»لاجودان

لاجودان

1
Shares
PinterestGoogle+

لاجودان
إذا استثنينا سلطة،،الجماعة،،التي ظلت سائدة ببلدة ،،سيدي لحسن،،وغيرها من مناطق الأمازيغ عبر الوطن،فإن أهالينا لا يختزنون من صور السلطة الفعلية إلا سلطة القائد الذي نصبه المستعمر الفرنسي.
وبالرغم من الصرامة والتجاوزات التي عانى منها الناس يومئذ،فإن من لازال على قيد الحياة ممن عاصروا الفترة،يشعرون بحنين قوي لذلك الماضي الذي ساد فيه الأمن.
يحتفظ الناس بروايات عديدة حول مظاهر الاحتراز التي تسلح بها السكان، تجنبا للعقوبات التي كانت ترتب في حق المخالفين،إلى درجة أن حافظة نقود أحدهم التي ضاعت من صاحبها يوم السوق الأسبوعي قد بقيت بمكانها إلى أن استعادها يوم السوق الموالي من غير أن يتجرأ أحد على لمسها !
وعندما يقف الأهالي على صور التسيب التي تطبع حاضرهم،فإنهم يحولون نقمتهم على القائد السابق إلى دعوات الرحمة والغفران،لأنهم أدركوت قيمة الانضباط بعد فوات الأوان.
جاء عهد الاستقلال،وتولى الشيوخ والمقدمون تدبير الشؤون القروية ،تحت إشراف القائد المقيم يومئذ بمدينة دبدو،والذي يحل بالبلدة يوم السوق الأسبوعي في الحالات العادية ليزكي قرارات مرؤوسيه في جل الحالات ،قبل أن يقفل راجعا إلى،،قاعدته،،محملا بأنواع من الإكراميات التي يشتري بها ،،لزيانديجان،،التفاتة كاذبة من رجل السلطة الذي لا ثمن لابتسامته إن جاد بها،فما بالك بثمن شراء غضبته ؟
وبالرغم من أن الناس قد أدركوا بأن الكلمة الأولى والأخيرة،تعود للقائد الذي يعتبر المسؤول الأول في نفوذه الترابي،فإنهم سرعان ما غيروا وجهتهم نحو الدرك الملكي بعدما تأكدوا من أهمية الإجراءات التي يقوم بها ،لكنها تحتاج إلى تزكية رئيس المخفر ألا وهو،،لاجودان،، l,adjudant .
لم يكن الاعتبار الذي يوليه البدو للدرك من فراغ،فقد أيقنوا مع توالي الأيام بأن كل المخالفات والمنازعات التي تتناسل في البلدة،لا بد أن تتم تصفيتها على يد الدرك قبل أن تصل إلى القائد والقاضي.
وبما أن الدرك قد ظل لعقود طويلة يجمع بين القلم والسوط في انتزاع الاعتراف،وانطلاقا من التجارب الحية،حيث كان التعنيف ينطلق بمجرد صعود المتهم إلى ،،الدجيب،،أمام أعين المتسوقين،فإن الأهالي قد رسخت لديهم قناعة لا يمكن زعزعتها، ألا وهي أن السلطة الفعلية هي التي يملكها الدرك بمباركة من ،،لاجودان،، الذي يستطيع إيقاف مسلسل المنازعات في مخفره بالطرق التي تمرس فيها قاطعا كل إمكانية لتغيير القرار المتخذ.
لقد عانت البلدة من جرائم فظيعة ،لكنها انتهت بردا وسلاما على يد،،لاجودان،،مقابل عطاءات ،،لزانديجان ،،السخية في مثل هذه الحالات.
لازال الناس يحتفظون بأسماء دركيين ورؤسائهم ممن بصموا مرحلة بأكملها،حيث تمكنوا من توفير سبل الإفلات من العقاب لمجرمين حقيقيين بفضل إعداد المحاضر التي يبدع فيها المفسدون
من خدام الدولة ،حتى شاع اعتقاد شبه يقيني بأن العدالة لم يحن زمانها بعد !
إن ترددي المنتظم على البلدة ،والمشاركة في اهتمامات أهلنا،قد جعلني أدرك بأنهم قد ظلوا إلى وقت قريب يعتقدون جازمين بأن مخفر الدرك هو،،سدرة منتهى السلطة،،حيث لا أحد يفكر أو يثق في إمكانية انتزاع حق من جهة أخرى غير،،لاجودان،، وأعوانه،خاصة حين عرف الكثير منهم بأن الدرك بإمكانه حفظ بعض القضايا أو التماطل فيها ،حتى لا تصل إلى القضاء ،ناهيك عن استبعاد اللجوء إلى مساطر التقاضي المعقدة والطويلة النفس.
إن صور الدرك ورجاله وهم يقتحمون السوق الأسبوعي بجزماتهم ووضعية مسدساتهم التي تحيل على ،،الكاوبوي،،وسحناتهم الصارمة،مازالت راسخة في الأذهان ،خاصة حينما كانوا ينتزعون العصي من أصحابها ويكرمون حامليهامن المحتجين بوابل من الضربات التي لا ينفع معها إلا جسامة الملابس الصوفية !
وبسبب الرهبة التي انتشرت بين الأهالي نتيجة مشاهد التعنيف الحية التي عايشوها،فإن كثيرا منهم كانوا يغادرون السوق مبكرا تجنبا لكل شبهة واردة عندما يصل هدير،، لاجيب،،!
ورغم كل التحولات التي حصلت في مجال التقاضي،فإن سلطة الدرك مازالت تراوح مكانها بالبلدة،ولم يختف منها إلا عنصر الخوف الذي خففت منه الإكراميات ،حتى انتفت الهيبة وحل محلها التفاوض على ثمن الخلاص الذي لا يقف في طريقه عائق عبر كل درجات التقاضي التي رضخت بدورها للمساومات !
يجري كل هذا تحت أنظارنا ونحن نسمع كل يوم عن إصلاح القضاء وإصلاح الإصلاح،لكن سلطة النقود تعجز أمامها كل النصوص القانونية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *