Home»National»هل الإسلام مسؤول عن ضياع هؤلاء الأطفال؟

هل الإسلام مسؤول عن ضياع هؤلاء الأطفال؟

1
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
أصبحت تنتشر بعض الصور لأطفال مشردين، يأكلون من القمامات، أو ينامون في العراء فراشهم الأرض وغطاؤهم السماء، وبرفقتها تعليقات تحمل مسؤولية كل ذلك للحج والعمرة وبناء المساجد، حتى أن أحدهم كتب قائلا: « طوفوا حول الفقراء ولا تطوفوا حول الكعبة ».
بداية لست أدري إن كان هؤلاء الناشرون يعممون هذا الكلام جهلا منهم وقصورا في فهمهم، أم أنهم معاول في أيدي غيرهم ممن يريد للناس أن تفهم أن الإسلام هو أصل كل بلاء، وأنه المسؤول عن كل ما نراه من مظاهر التخلف والتسول والأكل من القمامات؟
للرد على هذا الادعاء، نقول بكل بساطة: هل كانت مثل هذه الأوضاع موجودة عندما كان الإسلام حاكما وممكنا في الأرض؟ أي هل كان فقراء المسلمين يأكلون من القمامات، أو يموتون جوعا؟ حتى الطائر في بلاد الإسلام لم يكن يموت جوعا في فصل الشتاء وأثناء سقوط الثلوج لأن الأمة كانت تنثر القمح في الغابات والجبال حتى يجد مأكله وحتى لا يقال مات طير في بلاد المسلمين.
ففي غياب تحكيم الإسلام، والعمل بتشريعاته وأحكامه، فإن المسؤول الأول عن كل الأوضاع المزرية التي تعيشها أمتنا هو المخطط الصهيوني العالمي الذي يعمل على محاربة الإسلام وإقصائه من الوجود حتى لا يسود وينتشر بين الناس، وإذا كان البعض، جهلا منه أو عن سبق إصرار وترصد، يحمل بناء المساجد مسؤولية انتشار الأطفال المشردين، ففي أي مؤسسة يتعلم الناس الرحمة والرفق بهؤلاء الأطفال إن لم يتعلموها في المساجد؟ وفي أي شريعة يعتبر الاهتمام بأمر المسلمين واجبا أي الاهتمام بفقيرهم ومسكينهم ومشردهم؟ فالفقير نفسه يجلس عند أبواب المساجد ولا يجلس عند أبواب الحانات أو الإدارات أو المؤسسات التعليمية والتكوينية، لعلمه أن هؤلاء الرواد رواد المساجد مشبعون بالرحمة نظرا لما تلقوه من دروس تكون قد عنفتهم أحيانا إذا ما علم الخطيب أو الإمام أنه قد تم عدم الاتفات لهؤلاء الفقراء والمحتاجين.
لا توجد جمعية واحدة في الوطن العربي تعتني باليتيم وتعمل على تتبع مسار حياته بالإطعام والأدوية واللباس والرعاية التربوية والمدرسية دون أن تكون قد تشبعت بتعاليم الدين الإسلامي الذي يحثها على ذلك وكلها تتخذ من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: »أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة » شعارا لها.
إن العديد من هؤلاء الذين يحاربون الإسلام في أرض الإسلام كانوا إلى حد قريب يرون الصدقة تؤخر الثورة، أي أنهم أعداء الأمم نظرا لما تربوا عليه من فكر ثوري انقلابي حتى يسلموا رقاب دولهم ورقاب الشعوب لمرجعيات دموية قامت على أشلاء الضحايا من النساء والرجال والأطفال، ولازالوا يرون في الدين أفيونا ومخدرا.
أما عن الحج والعمرة فأحسب بأنها أفعال شخصية لا يمكن إجبار أصحابها على ترك رغبتهم فيما يريدون ويرغبون لأنهم يسافرون بأموالهم الخاصة وليست أموال الشعب، وهم مطالبون فقط بأن يؤذوا ما عليهم من زكاة كحق مفروض عليهم من حقوق الفقراء.
إن لكل دولة مواردها الخاصة كالضرائب بمختلف أنواعها والرسوم الجمركية وخيرات البلاد البحرية والأرضية الظاهر منها والباطن، فضلا عما تذريه التجارة العالمية عن طريق التصدير والانفتاح على طرق الاستثمار في مختلف القطاعات وتفويت الشركات والأراضي للمستثمرين…وبالتالي فالدولة مسؤولة عن شعبها عن صحته وتعليمه وتوفير جميع حاجياته على رأسها العمل حتى يجد ما ينفقه كي يسد رمقه وحتى لا يضطر للأكل من القمامات والمزابل.
إن عملية تحميل الإسلام مسؤولية أي مشكلة تقع في هذا الكون أصبحت موضة العصر بالنسبة للعلمانيين الذين يتلقون دروس الدعم من جهات معادية للإسلام ويقبضون بالدولار والأورو, يتبعهم السدج الذين ينشرون أفكارهم ويتقاسمونها دون وعي منهم أو إدراك.
إن الإسلام قبل أن يشرع قطع يد السارق قطع الأسباب التي تؤذي إلى السرقة، فأمر بأن يعطى الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، وجعل للفقراء حقا مفروضا في أموال الأغنياء، وإذا كان الأمر كذلك فما دخل المساجد والحج والعمرة في هذا؟
إن الخبراء الاقتصاديون يخبروننا بأن خمس زكاة الكويت يسد جوع إفريقيا، أي أن الزكاة وحدها لو أخرجت وفق ما أراده الإسلام وتم تنظيمها في مؤسسات بحكمة وحسن تدبير لما بقي فقير واحد يتسول أو يأكل من القمامات، بل ولتم سد خصاصات أخرى تعاني منها الأمة اليوم، كما أن نظام الوقف وحده في التاريخ الإسلامي لبى حاجيات الفقراء فبنيت على إثره مستشفيات ومدارس ومعامل فارتفع المستوى المادي والعلمي للفقراء حتى صاروا هم أنفسهم من دافعي الزكاة، فأي نظام يستطيع أن يفعل هذا دون أن يعول على أموال الدولة، وإن كان هذا لا يبرئ الدولة من مسؤولياتها عن الفقراء وغيرهم.
إن الذين يجهلون نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام، هم مطالبون بالقراءة والبحث والمعرفة قبل أن يتهموا أحسن تنظيم عالمي تاريخي جعل حرمة الإنسان أعظم عند الله من حرمة الكعبة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *