Home»National»لماذا يجمع المؤمنون مساعدات للأئمة في رمضان؟

لماذا يجمع المؤمنون مساعدات للأئمة في رمضان؟

3
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
ربما آن الأوان ليعرف الناس لماذا يقومون بجمع بعض المال للأئمة في النصف من رمضان وفي ليلة القدر. فكثير من الناس لا يسألون عن هذا الفعل وسببه فيظنون، جهلا منهم، بأنهم يتبرعون على الأئمة بعطايا وبالتالي يمنون بها عليهم.
إن الإمام موظف لدى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأوقاته التي يقضيها في عمله تختلف عن أوقات باقي الموظفين في القطاعات الأخرى، فهو لا يشتغل من الثامنة والنصف إلى الرابعة والنصف يوميا، وإنما أوقاته مرهونة بأوقات الصلوات الخمس فيبدأ يومه ابتداء من صلاة الفجر وينتهي بصلاة الوتر وذلك كل يوم دون عطلة أو إجازة في آخر الأسبوع أو الأعياد.
وفي المذهب المالكي لا يجوز للإمام أن يصلي النافلة في المحراب، لأن هذا المحراب هو ملك للأمة أي ملك للمومنين، لا يجوز له أن يستعمله إلا خدمة للمومنين. وهو في ذلك أشبه بالموظف الذي يمنح سيارة أو أدوات لإنجاز عمل ما فليس له الحق استغلال هذه الأدوات أو السيارة لأغراض شخصية أو عائلية.
والوزارة مقابل هذه الوظيفة وهذه الأوقات تمنحه راتبا، وإن كان، زهيدا، ولا يرقى إلى الرواتب التي يحصل عليها الموظفون في قطاعات أخرى حتى ولو كان الإمام قد حصل على نفس الشهادة التي حصل عليها الموظف في باقي القطاعات.
إن الموظف إن هو أضاف ساعات خارجة عن أوقات عمله الرسمية فغالبا ما يتقاضى عنها ضعف المبلغ الذي يتقاضاه عن ساعات العمل العادية. وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الإمام عندما يتطوع لإقامة صلاة التراويح، فهذه الصلاة التي تقدر بأكثر من 680 ركعة التي يضيفها الإمام للأمة وللمومنين لا يتقاضى عنها أي درهم من طرف الوزارة الوصية. أي هو يقوم بها كرما منه وجودا وسخاء وتبرعا على المومنين حبا في الله ورسوله حتى يؤذوا هذه السنة وراء رجل حامل لكتاب الله ويقرأه بقواعده الشرعية وله فقه فيما يتعلق بالإمامة من سهو ورعاف وفقدان الوضوء وسجود التلاوة…
إن هذا الإمام لن يكون أكثر سخاء ولا أكثر كرما ولا أكثر جودا من المومنين الذين يصلون وراءه. ولا يمكن أن يسمحوا لأنفسهم بأن يقوموا باستغلال هذا الجهد الجهيد المضني الذي يقوم به الإمام دون أن يدخلوا ضمن قوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
إذن إن المؤمنين حين يجمعون بعض المال في النصف من رمضان وفي ليلة القدر فهم لا يتبرعون على الإمام أو يعطوه عطايا تدخل في نطاق اليد العليا خير من اليد السفلى، حاشا، وإنما اليد التي كانت أعلى أولا هي يد الإمام وإنما الناس يردون بالمثل أي يردون على الكرم بالكرم وعلى الجود بالجود ليس إلا. كما أنهم بما يجمعونه من مال إنما يقدمونه في الحقيقة لأنفسهم مصداقا لقوله تعالى ( وما تقدموا لأنفسهم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير).
إن هذا المسعى يضفي على أمتنا تعاونا على الخير ومساعدة على الإيمان والتقوى وإقامة شعيرة من شعائر الله هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء من بعده، وسنة دأبت عليها الأمة إلى اليوم وستمضي بها الأجيال تلو الأجيال إلى قيام الساعة.
وفضلا عن هذا فإن مبادرة الإمام فتحت مجالا للخير ومجالا للإنفاق على القرآن وليس عليه، ويكفي المنفق في رمضان شرفا أن ملكين ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا. كما يكفيه قول الله تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) وقوله تعالى: ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجبر كبير).
وما أروع هذه النفقة لأنها تسهم حتى يبقى القرآن متلوا مرتلا تصدح به حناجر الأئمة دون لحن في القول أو تحريف فيخشع له الشاب والشيخ والمرأة والرجل، فتصبح تقليدا يتوارثه الأطفال والناشئة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *