Home»Enseignement»نافذة على المدرسة العمومية الوطنية : تجديد المعرفة التربوية

نافذة على المدرسة العمومية الوطنية : تجديد المعرفة التربوية

2
Shares
PinterestGoogle+

الدرس اللغوي الحديث بين اللسانيات النسبية والنحو التوليفي ونظرية الجهاز المنظم وفرضيات ستيفن كراشن الخمس.

جهاز نظري مفاهيمي.

1- سياق فكري عام:

هل اللغة العربية الفصيحة حقيقة هي أول لغة يتعلمها التلميذ في الأسرة المغربية، قبل الالتحاق بفصول المدرسة العمومية، أم أن العاميات المغربية، أو الأمازيغية ،هي لغته الأم، واللغة العربية هي لغة الشعائرالدينية، ولغة المدرسة ؟

للإجابة على هذا التساؤل المركزي، ينبغي التمييز بين مصطلحي اللغة الثانية واللغة الأجنبية ،فحسب الدكتور

حسن ديكوت اللغة الثانية ،هي لغة يتحدث بها المجتمع في المرتبة الثانية ، ولكنها من صميم البلد، تجاور اللغة الأصلية، كاللغة العربية المتواجدة مع العاميات في بعض المناطق المغربية ، أو مع اللغة الأمازيغية في مناطق أخرى.

أما اللغة الأجنبية فهي لغة دخيلة، ليست من صميم البلد، كالفرنسية، والإسبانية، والإنجليزية… وتدرس في المدرسة العمومية ؛ للانفتاح على حضارات أمم وشعوب راقية.

لكن ماهو الفرق بين اللغة الأصلية الأولى واللغة الثانية ؟

حسب نفس الباحث، اللغة الأصلية الأولى تستعمل على نطاق واسع، كأداة للتواصل في الحياة اليومية ،

أمااللغة الثانية فتشغل في مجال محدد؛ لقضاء حاجيات مختلفة: دينية ،تعليمية ،علمية ،ثقافية ،فنية، إدارية…

ولعل من أسباب تدني الدرس اللغوي في مدرستنا العمومية ، هو عدم وضوح رؤية المنظومة في التعامل مع اللغة العربية مما يدل على عدم جاهزيتها ، وخلط وضعها الراهن بوضعها القديم ،حين كانت العرب تبعث بأبنائها إلى البوادي؛ لاكتسابها في منابعها الصافية ، أما راهنا فمنظومتنا لا تكون إلا أنصاف اللغويين بسبب كثرة اللغات المتعلمة ، وتقزيم دور أكاديمية اللغة العربية ، ومكتب التنسيق والتعريب، وغيرها من الآليات المواكبة للتطوير اللغوي، ونظرا كذلك لعدم ضبط مفهوم الاكتساب ومفهوم التعلم من جهة ،ومفهوم اللغة الأولى الأم واللغة الثانية من جهة ثانية ،  وتفضيل دال التعلم على دال الاكتساب ، وتضييق مساحة التشغيل اللغوي في بيئة فقيرة من حمام اللغة ، واستعمال لغة الترجمة والتبسيط بالعامية ،بدل اللغة الاتصالية الفصيحة، أثناء عرض الدروس وتحقيق وظائف اللغة من طلب وإخبار ووصف وتقرير وأمر ونهي وتمني ورجاء…

تأسيسا على هذه المصادرة الفكرية ، سنستأذن من دستور 2011 ونعتبر اللغة العربية الفصيحة لغة ثانية في المدرسة العمومية المغربية ؛ لأنها مزاحمة من العامية اللغة الأم الحقيقية في جهات ، أومن الأمازيغية اللغة الأم في جهات أخرى ، ونعتبر الفرنسية والإنجليزية والإسبانية وغيرها، لغات أجنبية تفتحية؛لنسوغ مقاربة اللغة العربية صفيا بمقاربات اللغة الثانية الحديثة، في مسعى يروم تحقيق شيء من الندية في إطار العدالة اللغوية ،بين لغة رسميا تعتبر لغة أمًّا ، وهي في حقيقة الأمر لغة ثانية ، قمين بأن تحظى بنفس اهتمام اللغة الإنجليزية لغة العلوم والتكنولوجيا، واللغة الفرنسية والإسبانية المستعملتين على نطاق واسع في المغرب ؛لأسباب استعمارية ، ولانبهار المغلوب بلغة الغالب.

سنقاربها أولا، انطلاقا من فرضية المدخل المفهومي ؛ لأننا نتقن اللغة من خلال فهم اللغة الموجهة، أي ننطلق في الدرس اللغوي من نص حواري، أو سردي، أو وصفي، أو حجاجي… يكون ملائما للمستوى، من الأدب الراقي فنيا أو علميا أو تقنيا أو تاريخ الأفكار والمناهج ، يمس انشغالات المتعلم الراهنة، ويستجيب لاهتماماته في الحاضر والمستقبل ؛ لهذا يشترط كراشن المنظر الأمريكي وأستاذ اللغويات بجامعة كاليفورنيا أن تكون اللغة الموجهة في بداية الدرس اللغوي،أعلى مستوى قليلا من الدارسين؛ ليكون المدخل جديدا ،

وإلا سيستبسط المتعلم الدرس في حالة كونه دون المستوى؛ فيحدث الملل ،أو يستصعبه في حالة كونه فوق المستوى ؛ فيحدث الاستشكال، وفقدان خيط الفهم الرابط . من هنا كان الاستماع والقراءة نشاطين رئيسين ، في البرنامج اللغوي ، وانطلاقا كذلك من فرضية الاكتساب والتعلم ،وهي من أشهر الفرضيات عند الباحث البيداغوجي الأمريكي، والتي تقوم على نظامين مستقلين لدى المتعلمين ، نظام الاكتساب خارج الوعي غير وعي التواصل والتحدث المنساب باللغة، أو قل التعلم التلقائي، ونظام التعلم الذي يتم داخل دائرة وعي المتعلم ، ويستهدف التحكم في قواعد اللغة والوعي بها ، أو قل التعلم الموجه ،وترقية المهارات في نظام الاكتساب ،لايقل أهمية عن التمكن من قواعد اللغة في نظام التعلم ، وانطلاقا أيضا من فرضية الترتيب الطبيعي، الذي يعني به كراشن أن المتعلم له القدرة على اكتساب أنماط تركيبية ،أسبق من الأخرى بحسب درجة الصعوبة ، وانطلاقا كذلك من فرضية الرقابة ، التي تحاول خلق مجالات التكامل بين نظام الاكتساب العفوي اللاشعوري الذي يروم معايشة اللغة من خلال مواقف تواصلية، ونظام التعلم الواعي الإرادي داخل التواصل التعليمي ، حيث تعطى المبادرة للنظام الأول ولايتم الانتقال إلى النظام الثاني، إلا من أجل تصحيح الأخطاء ،وتجويد العرض اللغوي بالتنقيح ؛ ليكون نظام التعلم بمثابة مراقب على النظام الاكتسابي لتحسين المخرج ،وانطلاقا أخيرا من فرضية المصفاة الوجدانية، ودورها في منع المدخل من المرور دون كفاية لغوية ، ودون تأمين قناة العبور من شحذ الدافعية، وتدقيق الاتجاه وتعزيز الثقة بالنفس، و إزالة مشاعر القلق والتخوف من عدم بلوغ المرام، مما يشي بتوفر المتعلم على أجهزة فطرية كامنة ، تقوم بإرشاد عملية الاكتساب ، في مرحلة خارج الوعي ،كالمصفي « فيلتر » وهو المسؤول عن تهيئة المتعلم نفسيا للاكتساب، والمنظم وهوالمسؤول عن ترتيب المعلومات وتحليلها وتركيبها وتقويمها ، أما في مرحلة الوعي فنجد الموجه وهو المسؤول عن تنقيح اللغة واستعمالها السليم في ضوء الكفاية الاتصالية ،سواء منها الكفاية النحوية التي تركز على معرفة القواعد النحوية

والصرفية، أو كفاية الخطاب التي تنشد تناسق النص اللغوي وتماسكه ، أو الكفاية اللغوية الاجتماعية ، التي تحرص على مناسبة المعنى للمبنى، وملاءمتهما للسياق اللغوي ،أو الكفاية الاسراتيجية اللفظية وغير اللفظية ،التي تمكن المتحدثين من التواصل لصقل القدرة اللغوية.

الواقع أن مشكل اللغة الأم ، ومسألة اكتساب اللغة الثانية هي مباحث في فرع « اللغويات التطبيقية »، الذي تأسس في حقل علم النفس المعرفي خلال الستينات ،وقد تطور النقاش ليشمل كيفية اكتساب اللغة ، والأسبقية اللغوية، والتحكم اللغوي، والتعدد اللغوي والتناوب اللغوي ؛ لتتبلور في شكل ورقتين :ورقة « بيت كوردر »سنة 1967 ،حول « أهمية أخطاء المتعلمين »، التي تعارض النهج السلوكي للاكتساب اللغوي، وتقول بالمعالجة الداخلية للمتعلم ، ثم ورقة « لاري سيلنكر »عام 1972 ، بخصوص اللغة الاصطناعية المشتركة التي تقر بوجود نظامين فرديين مستقلين لدى المتعلم للاكتساب اللغوي، بين اللغة الأولى واللغة الثانية،ثم توالت الدراسات خلال مرحلة السبعينات، بخصوص مراحل تسلسل الاكتساب اللغوي ،بعد نضج الأبحاث في مجال تحليل الخطأ اللغوي ممهدة لبناء صرح الباريدم اللغوي، لنظرية فرضيات المدخل لستيفن كراشن خلال الثمانينات وتحديدا سنة 1983 ،التي تفاعلت مع أبحاث متزامنة ل: » ليديا وايت » وقدرة المتعلم ،و »مانفريد بينمان » ونموذج عمليات النطق والنحوالوظيفي المعجمي لشرح مخرجات المتعلم، أو مع أبحاث ظهرت خلال التسعينات ،كفرضية تفاعل المتعلم مع « مايكل لونق » وفرضية المخرج مع « ماريل سيرين »، وفرضية الملاحظة مع « ريتشارد شميت « ،كما استمرت نظرية النحو الكلي لنعوم شومسكي في تطوير نموذج اكتساب اللغة الثانية ،من خلال فرضية اكتساب المهارة، والاتصالية ،وقابلية المعالجة، ومعالجة المدخل، كما ساهمت النظرية الاجتماعية الثقافية في رد الاعتبار لبيئة المتعلم الاجتماعية . أما في الألفية الثانية لم تخرج أبحاث « فانباتن » و »بيناتي » عن هذا التوجه اللغوي والنفسي، وقد أثبتت الدراسات أن تعلم اللغة في الصغريمكن من إجادتها، وتفادي ظاهرة التحجراللغوي ، في إطار التحول اللغوي، واكتساب القدرة المتعددة، حيث يجدربنا تنويع العرض اللغوي ليشتمل تعلم القطع

والمسكوكات اللغوية من قبيل الصيغة النمطية « هل يمكن أن…. » ، وتعلم القواعد اللغوية ضمن مهام التعرف، والاستيعاب والتحليل اللغوي والوعي بالظاهرة اللغوية ، ثم تشغيلها وتعداد أشكال استثمارها ،مع الحرص على دراسة الأخطاء المشتركة بين اللغة الأولى واللغة الثانية ،ضمن مبحث اللغة الاصطناعية المشتركة والتفاعل اللغوي، وعبر دال التحول اللغوي واللجوء الاضطراري للمتعلم للغته الأولى أثناء اكتساب اللغة الثانية، ودال التعميم الزائد حيث يستعمل المتعلم للغة الثانية قواعد اللغة الأولى بشكل مختلف عن متعلمها الأصلي، ودال التبسيط حيث يلجأ المتعلم إلى استعمال تراكيب بسيطة وصيغ لغوية لاتتواءم مع عمره العقلي ومستواه التعليمي. (يتبع)

المراجع المعتمدة:

1- اكتساب اللغة الثانية وتعلم اللغة الثانية ستيفن كراشن أرابكليش

2- موسوعة ويكيبيديا: اكتساب اللغة الثانية.

3-نظريات اكتساب اللغة الثانية وتطبيقاتها التربوية الدكتور موسى رشيد حتاملة –كلية الدراسات العربية والإسلامية دبي القسم الأول.

4- ورقة لموح أيمن بعنوان « تفعيل تعليم اللغة العربية بالمدارس لترقية الكلام في ضوء اكتساب اللغة.جوهان ساترة كلية ساترة للعربية جامعة نيجيري مالونج.

5- اكتساب اللغة الثانية وأثره على اللغة الأولى معزوزن سمير جامعة بجاية.

6- العوامل المؤثرة في اكتساب اللغة الثانية وكيفية تحسين تعليمها الخولي محمد علي 1990 جامعة الملك سعود الرياض.

7- نظريات تعلم اللغة العربية واكتسابها تضمينات لتعلم العربية وتعليمها الدكتور عقلة محمود الصمادي والدكتور فواز محمد عبد الحق جامعة اليرموك.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *