Home»National»وقاطع الحزب والتصويت واعصهما = وإن هما أعطياك الوعد فاتهم

وقاطع الحزب والتصويت واعصهما = وإن هما أعطياك الوعد فاتهم

0
Shares
PinterestGoogle+
 

وقاطع الحزب والتصويت واعصهما = وإن هما أعطياك الوعد فاتهم

محمد شركي

لم أجد صيغة تحذير أبلغ من بيت الإمام البوصيري رحمه الله تعالى في بردته والذي حذر فيه من النفس ومن الشيطان لخطورتهما على الإنسان ، فنسجت عنوان هذا المقال على منواله ، والداعي إلى هذا التحذير هو أن بعض الأحزاب عندنا شرعت في حملة انتخابية قبل الأوان ، وصارت تقدم نفسها بديلا عن غيرها مما لا تختلف في الأداء  عنه خلال انتخابات 2021 .

ومن المعلوم أن الشعب المغربي جرب منذ استقلاله كل الأحزاب يمينها، ووسطها، ويسارها ،والمخزني منها، والمحسوب على المعارضة، والمحسوب على التاريخ والمصنوع منها  ، والمحسوب على الإسلام ، والمحسوب على العلمانية …إلى غير ذلك من التسميات والتصنيفات ، وكانت النتيجة واحدة، وهي أن أبناء عبد الواحد كلهم واحد كما يقول المثل العامي ، وأنهم كلهم قنافذ لا يوجد فيهم صاحب الفرو عوض الشوك .

إنه من الضحك على الذقون ، وهذه عبارة تستعمل كناية عن السخرية حين يحاول الإنسان البليد التذاكي على العقلاء بمعسول الكلام الكاذب ظنا بنفسه الشطارة والقدرة على خداعهم وهم منه يسخرون ،أن يشرع بعض الوزراء عندنا في الدعاية لأحزابهم دعاية انتخابية قبل الأوان ، وخارج إطار ما يسمح به قانون الدعاية ،علما بأنه يفصلنا عامان كاملان عن  الانتخابات القادمة .

ومن المثير للسخرية أن تقدم تلك الأحزاب للشعب المغربي وكأنه لا يعرفها ، ولم يكتو بنارها ، ولم يعان من سوء أدائها . ويعتقد من يقومون بالدعاية لها أن تغيير بعض وجوهها كفيل بتغييرها ، والواقع أنهم إنما يزكون أنفسهم ، ويجعلونها سببا في تحويل معدن خسيس إلى ذهب نفيس ، وعليهم يصدق المثل العامي القائل :  » الذئب هو الذئب ولو طلبخته بالزبدة والزبيب  » .

لقد استكمل الشعب المغربي تجريب ما عنده من أحزاب ، ولم يبق لديه ما يجرب منهم  ، ولا يعقل وهو الشعب المسلم أن يلدغ من جحر مرتين ، لهذا يجدر بنا أن ننصح بما نصح الإمام البوصيري الإنسان المسلم حين حذره من نفسه ومن الشيطان فنقول له :

وقاطع الحزب والتصويت واعصهما = وإن هما أعطياك الوعد فاتهم

ستسمع أيها الشعب المغربي من كل الأحزاب  أفانين  الكلام في تزكية أصحابها لها ، وسيحاولون جميعهم ركوب ظهور بعضهم البعض ،وذلك بتحويل البعض أخطاء غيرهم إلى مكاسب تحسب لهم . ومن العبارات التي ستقرع أذنك : « نحن في حزب كذا لن نفعل كما فعل غيرنا  كذا  » والحقيقة أن الجميع لن يفعل إلا ما فعل سابقوه أو أسوأ منه ، وأنت أعلم بما فعلوه أيها الشعب ولا يغيب عنك شيئا مما فعلوه وما فعلوا بك إلا الأسوأ .

سيستعملون في حملاتهم الانتخابية كل أسلوب وكل وسيلة من أجل استدراجك إلى صناديق الاقتراع ، وسيسمون ذلك واجبا وطنيا ، وسيتهمونك إن لم تصوت بالخيانة والتقصير محاولة منهم لإضفاء المشروعية على أحزابهم ورفعها إلى مستوى قدسية الوطن حتى أن من أعرض عنها يكون عندها في حكم من عق  الوطن .

ومن سخف ما يصرح به بعض الوزراء وهم في مركز صنع القرار اليوم ،وبقرارهم يشقى الشعب ،ويجد عنتا أن يتحدثوا وكأنهم خارج الحكومة الحالية التي ينسبون لها الفشل وهم من يتحملون مسؤولية هذا الفشل ويتقاسمونه مع شركائهم فيها . وهذا الأسلوب يعبر عن أخس أنواع الانتهازية ، ويكفي دليلا قاطعا على فساد طوية من يستعمله .

وستسمع مرة أخرى أيها الشعب بمقولة حكومتين واحدة خارج الظل والأخرى في الظل ،والتي خارج الظل تحمل مسؤولية الفشل للتي في الظل والعكس صحيح ، والواقع أن الحكومتين معا تشتركان في صناعة الفشل وتلعن كل واحدة منهما أختها.

وستسمع أيها الشعب بقوانين جديدة، ولكن كل على أتم يقين أنها لن تكون لصالحك أبدا، بل ستكون كالتي سبقتها  أو أسوأ منها ،ولن يكون الجرب أفضل لك من بوحمرون كما يقول المثل العامي . وستبقى أيها الشعب المسكين البقرة الحلوب التي ينتهي الأمر بضرعها  المسكين إلى حلب الدم عوض اللبن .

 ولقد أشقوا عيشتك ، وأغلوها ، وأثقلوا كاهلك بما لا تطيق ، وأثبتوا لك أن ما يشغلهم هو مكاسبهم ومصالحهم ومعاشاتهم، وأنت ما عليك سوى انتظار موعد التصويت عليهم وانتظار أن تجازى على  تصويتك بضنك العيش وشدته .

وإنها بالفعل أيها الشعب المسكين لعبة انتخابية أو مسرحية هزلية  تسوق خلالها الوعود الكاذبة  التي سرعان ما تتبخر، ويبقى الواقع الصادم ، فإلى متى ستستمر أيها الشعب في المشاركة في هذا الهزل الهازل ؟ وإلى متى ستصدق من يكذب عليك ويخدعك ويسخر منك ظنا بنفسه الذكاء والشطارة وما به إلا البلادة .

ونختم بالقول على منوال تحذير الإمام البوصيري

ولا تطع منهما حزبا ولا نخبا = فأنت تعرف غدر الحزب والنخب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.