Home»National»كتابات جواد مبروكي تحت المجهر: ظاهرة سيكولوجية جديرة بالتحليل

كتابات جواد مبروكي تحت المجهر: ظاهرة سيكولوجية جديرة بالتحليل

0
Shares
PinterestGoogle+

كتابات جواد مبروكي تحت المجهر

عبد اللطيف مجدوب

السبت 16 فبراير 2019 – 08:06

ظاهرة سيكولوجية جديرة بالتحليل

لاحظت شريحة كبيرة من القراء المغاربة، على المواقع الإلكترونية وموقع التواصل الاجتماعي، ومنها هسبريس، أن هناك مقالات متناسلة لا ينضب معينها لأستاذنا جواد مبروكي، يطلق فيها العنان لنفسه بإصدار أحكام مطلقة في حق المغاربة (بالمعرفة وليس بالنكرة)؛ يبنيها ـ تبعا لزعمه ـ على ملاحظاته الشخصية « كخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي ». من هذه المقالات « المغربي مدمر لذاته ومجتمعه ودينه »، « المغاربة يجهلون الحب والزواج، والغرام رجل مسخوط »، « لهذه الأسباب يعتبر غالبية المغاربة الفقر « مشيئة إلهية » »، « المغربي يهمل نظافته « الثور المعياف » »، « المغربي يحتاج قيم الدين البهائي »، « المغربي يهضم كل الأوهام، حتى خرافة الجن الذي يعيش داخل القادوس »، « اضطرابات هوية المغاربة تنسب لتمجيد اللغة العربية »، « ما هي غايتي كبهائي مغربي »، « يا ليتني امرأة مغربية »…

خلفية بهائية غامضة ومغرضة

يقول الأستاذ في إحدى مقالاته: « ..هجرت المغرب في السابق، وبعد استقراري بجزيرة فرنسية بالمحيط الهادي..حصلت على الجنسية الفرنسية واشتغلت بمستشفى سان بيير…وكان مشروعي الدائم هو الاستقرار بفردوس هذه الجزيرة…لكن بعد سنوات توصلت بخبر (لم يشر إلى السبب المباشر لمغادرة فردوسه الدائم بالجزيرة الفرنسية ومبارحته مستشفى سان بيير، ولا دلنا فعلا على أنه امتهن التطبيب في هذا المستشفى)، كان من مضامينه أن على « الفرد البهائي » ]….[ من الأفضل أن يعود إلى وطنه ليخدمه..فاقتنعت بالفكرة النبيلة وعدت إلى المغرب… ».

ويستطرد أستاذنا في ذكر « الوصايا » التي زوده بها شيوخه البهائيون:

ــ « احترام كل مواطن كيف ما كانت عقيدته وأفكاره « ..

ــ  » بناء وحدة وطنية بتنوعها الشامل ـــ كبهاءـــ حديقة تملؤها جميع أنواع الزهور ».

ــ « الابتعاد عن السياسة حتى لا أسهم في التفرقة والنزاعات ».

ــ « الابتعاد عن كل تيارات أو حركات تكسر روح الوحدة..وتقصي ولو مواطنا واحدا بسبب أفكاره أو لونه أو عرقه أو عقيدته ».

ــ  » احترام عادات وتقاليد المجتمع لتفادي الاصطدام الثقافي ».

ومن خلال هذه « الوصايا » ومقارنتها بالتي يشتغل بها أستاذنا، أو بالأحرى بالتي يدعو لها، سنلحظ وجود تناقض صارخ؛ فهو لا يفتر عن مساعيه في الدعوة إلى البهائية ويعلنها جهارا حينما يقول إن « المغربي يحتاج قيم الدين البهائي ». وسنرى حجم هذه التناقضات في كتاباته بعد أن نتوقف قليلا عند خصوصيات أحكامه.

أحكام مطلقة بالجملة

كل باحث أو قارئ متمرس لمقالات الأستاذ لا يمكنه إلا أن يصطدم بأحكام مطلقة في حق « المغاربة »، وقد كان بإمكانه التخفيف منها لو لجأ إلى حصرها أو تخصيصها على الأقل بعبارة « المغاربة » الذين زاروه في عيادته، لتكون أحكامه نسبية على « الملاحظة السريرية »، والتي هي الأخرى تخضع لمجموعة من التقنيات الإحصائية ومدى زمنها؛ فمثلا في إصداره لهذا الحكم « المغربي مدمر لذاته ودينه ومجتمعه » يتبين من مبناه أنه لا يستثني أحدا من المغاربة، فجميعهم، بمنظار الأستاذ الطبيب، مدمرون لذواتهم ودينهم ومجتمعهم…كما أن أحكامه المطلقة هذه تنسحب أيضا على قوله « إن المغاربة يجهلون الحب والزواج ». وهذا تعبير واضح من الأستاذ الطبيب عن أنه خبَر المغاربة بجميع مشاربهم الثقافية والدينية، وأن لديهم جهلا بالحب والزواج، وكأنها نقيصة ألصقها بهم، وإن كان مدلول « الحب والزواج » ملكا له فقط لا يشاركه فيه أحد؛ ثم يأتي حكمه أيضا على « إهمال المغربي لنظافته »، فهو يعمم ــ من حيث يعلم أو لا يعلم ــ أن المغربي « غير نظيف ». وهنا تطرح إشكالية حول مفهوم النظافة لدى الأستاذ الطبيب، هل هي شكل لباسه وأناقته وعطره، وما عداها فهو « غير نظيف »، أم أن الأمر لا يعدو في واقعه زيارة بعض « المعفونين » لعيادته، أو أن الأستاذ الطبيب يقيم بموقع لا يصبح فيه ولا يمسي إلا على السحنات المتجهمة أو ذات الأطمار البالية.

ثم يعود الأستاذ، في مقال آخر، يعتبر فيه المغاربة الفقر « مشيئة إلهية »، ليقع في تناقض صارخ مع معتقده الديني أولا و »الوصايا البهائية » بألا يتدخل في عقيدة أحد أو يسيء إلى صاحبها؛ وإلا كيف يمكنه أن يستثني مصير أي شخص من حكم الله « ومشيئته »؟ وهل الأستاذ الطبيب يمتلك حيلا ليبقى بعيدا عن المشيئة الإلهية؟ وهذا هو عين البهائية التي تزدري كل العقائد السماوية.

تساؤلات مهنية

الأستاذ يمسك بأقوال العامة ليخندقها في قاموس خاص به، كتفسيره للحب بـ »السحور والتوكال »… »للمرأة قدرة عجيبة في التأثير على الرجل ليسحر بإغرائها »، ليعود في مقال آخر ويؤكد أن « للرجل سلطة إغراء المرأة »؛ كما أنه يصطاد في قاموس بعض الطبقات الشعبية عبارات وألفاظا ليركبها في توصيف المغربي بشتى الأوصاف والخصوصيات التي لا تقوى على الصمود في وجه البحث العلمي الرصين، ولا يمكن، في آن، تعميمها على كل المغاربة.

وفي مقال له بعنوان « المغربي يهمل نظافته »، يحشوه بعبارات ومعاني التحقير والازدراء في حق هؤلاء المغاربة، فيصف لهم وصفات « بسيطة للتخلص من أدرانهم، مثل التيد والصابون وتغيير اسْليب.. »، علما أن من أدبيات وقسم أبقراط في الطب « ألا يسمح الطبيب لنفسه أن يسرب خفايا وأمراض زواره، إلا في حالات جد خاصة »، ثم يختم في مقال آخر متهكما: « …المهم هو أن المغربي في عذاب مستمر مع جسده ويحمله كعبء ثقيل ويعيش داخله مثل السجين.. ».

لنلاحظ التيه وفقدان البوصلة لدى أستاذنا حينما يربط « حنين المغربي إلى أوروبا مضحيا بحياته » بإنكاره لهويته التي يختزلها في « اللغة العربية » ليؤكد؛ بالتسطير وضغط القلم؛ أن « عربية المغربي دخيلة وسبب الانفصام الذي يعانيه ».

أستاذنا عبارة عن كشكول من التخصصات !

في تتبعنا لكتابات الأستاذ أو تصريحاته سنرتطم بملاحظة بارزة، هي أننا أمام أستاذ اجتمعت فيه كل التخصصات الدقيقة، والتي قد لا تطرأ على بال أحد، تارة خبير في السوسيولوجيا، وتارة في علم النفس المرضي، الذي فاق فيه بكثير فرويد، وطورا في السوسيولوجيا المرضية أو الأنثروبولوجيا، وفي حالات أخرى تلفيه عالم نفس تربوي فاق في جرأته العلمية جون ديوي أو اللساني Linguist نعوم تشومسكي؛ ومن درره، في هذا السياق: « ..اللغة العربية لغة من حديد صلب يقتل العواطف »، علما أن الأستاذ يكتب بها أو بالأحرى يعتاش بها، فكيف لعواطفه أن تحيا ما دامت تتساكن جنبا إلى جنب مع لغته العربية؟!.

الصفة المهنية لأستاذنا الطبيب

في كل مقالاته يذيلها بصفة « خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي »..إنها صفة لا نعلم الجهة التي خلعت عليه هذا الرداء (القشابة)، والتي كما يبدو أنها أكبر بكثير من حجم أستاذنا الطبيب: « .. آلله آودّي.. في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي…بزّاف آسي مبروكي…هدي قشابا واسعا وعريضا عليك… بالعكس غاتغطّيك ومتخلي فيك ما يبان.. ».

مثل هذه الصفة لا نعهدها إلا لدى الساسة من ممثلي وخبراء الأمم المتحدة؛ فلان مختص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والصفات العلمية كالتخصصات الدقيقة عادة ما تتولى منحها المؤسسات الأكاديمية والمعاهد الدولية كـ »اليونيسكو »، لكنها لا تتجاوز منطقة جغرافية محدودة، فبالأحرى أن تطال المغرب ومن ورائه العالم العربي، وكأن أستاذنا يصبح كل يوم في مكناس ليمسي في اليمن أو عمان، أو لديه عيادة متنقلة بين كل الدول العربية، ومتضلع في دراسات عادات وثقافات وألسنة هؤلاء الأقوام ـ ليصف لهم الترياق الذي لا يعتلون من بعده فيظلون أسوياء في عين طبيبهم الجهبذ والنحرير.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *