Home»National»الطونو

الطونو

1
Shares
PinterestGoogle+
 

بعد رحلة الدراسة الابتدائية بمسقط الرأس لمدة خمس سنوات،والتي تنقلت خلالها بين ثلاث مدارس،مكنني الحصول على ،،الشهادة ،،من مواصلة رحلة التعلم في المرحلة الثانوية التي كانت تمتد لأربع سنوات.
لقد ضاقت الدولة ذرعا مبكرا بعدد الناجحين-على قلتهم-لتوقف اندفاعهم بخلق فصل جديد ، سمته :قسم الملاحظة.
خضع هذا القسم لتصنيفين،حيث وزع فيه التلاميذ بين ناجحين جدد وناجحين كرروا القسم الخامس بصفة خاصة.
لم يكن الفائزون،،بالشهادة،،يحصلون على منحة دراسية ببلدتنا إلا لماما،ولذلك كان على من حالفه الحظ لتخطي هذه العقبة أن يتدبر أموره لمواصلة الدراسة.
وجدت ملجأ في بيت أحد إخواني الذي كان يقيم بالحي المغربي لأقتسم مع أسرته بيتا ومطبخا وشبه مرحاض، في انتظار تصريف السنوات الأربع ،إن صارت أموري في الاتجاه الصحيح !
ليس المجال هنا للتذكير بحوادث الطريق التي يعيشها الطفل بعيدا عن أحضان والدته،ذلك أنه من السهل أن يتخيل كل واحد منا أشكال الإذاية التي لا يشعر بها إلا من كان ضحيتها.
كانت أسرتي بمسقط الرأس قد اقتنت لي محفظة حمراء،،متعددة الغرف،،حيث تسمح لي بحمل كل متاعي الدراسي الذي كان لا يفارقني مخافة أن يعبث به أبناء أخي الصغار.
وإلى جانب المحفظة،فقد حصلت على ملابس شبه متكاملة لم يكن لي دور في اختيارها عدا زجاجة من،،البريانتين،،الرخيص الذي أصررت على شرائه بدعوى أنني قد تسلقت إلى مركز اجتماعي له تقاليده وقواعده!
كانت الثانوية تنقسم إلى أم وفرعها:وهكذا،كانت الثانوية تقع غير بعيد عن مقر شركة الفحم،حيث تحولت من مدرسية مهنية في عهد،،النصارى،،إلى ثانوية عادية،أما فرعها،وكان يعرف ب،،petit collėge،،فهو مخصص لقسم الملاحظة وحده بسبب نقص اللوجيستيك في الثانوية الأصل.
امتشقت حقيبتي،،العامرة،،أول صباح متوجها نحو،، القسم الأعلى وفي ذهني تطلعات وهواجس يحتدم الصراع بينها لولا أن مقابلة الأساتذة النصارى،،كانت تشغل بالي أكثر من غيرها!
كنت أقول في نفسي بأن الوضع يختلف الآن بعدما صار من المستحيل الاستغاثة بدارجتي ولا بأمازيغيتي،فهؤلاء الناس أصحاب لسان واحد يجب التعامل معه بما يلزم !
كانت قطرات،، البريانتين،، قد هوت من أعلى رأسي لتضمخ الجزء العلوي من معطفي الجديد الذي سيظل مطبوعا إلى أن يهترىء مما جعل الذباب يجد له مرتعا خصبا بعد أن ينسم وخزاته بالعطر!
تم توزيعنا على الأقسام بمساعد معيدين ،وهو مصطلح أسمع عنه لأول مرة،ليتناوب على فصلنا عدة أساتذة.
لقد اكتشفت بأن احتكار المرحلة السابقة من طرف معلم أو اثنين على الأكثر قد انتهى،ذلك أن كل مادة قد صار لها هنا قائدها،وكلهم من الجنس الأشقر باستثناء مدرس اللغة العربية الذي كان مظهره يشي بمخبره!
ماكدنا نستأنس بمقاعدنا ونعقد أول أركان تعارفنا حتى فوجئنا ذات يوم بمدير المؤسسة الشهير يومئذJean Forçan يخبرنا بأننا سنغادر O1 (Observation n 1) إلى ،،الطونو،،Tonneauالواقع على بعد أمتار قليلة من مؤسستنا الصغيرة.
لقد ضاق بنا المكان، فكان لا بد من مخرج،وهكذا جهز بيت معروف هناك ب،دالطونو،،بسبب شكله الدائري المقاوم للأمطار والبرد ليتحول إلى قسم.
كنا نلتحق بمؤسستنا السابقة،ثم يصطحبنا أستاذنا صفا متراصا إلى قسمنا الذي ظل يثير سخرية زملائنا.
درست لأول مرة على يد أستاذ فلسطيني حل ببلادنا عقب نكسة حزيران،بينما كان الباقون فرنسيين من الجنسين، وكان لهم فضل كبير علينا.
التحقت في السنة الموالية بالثانوية الأم لأمكث بها لمدة ثلاث سنوات كانت ضرورية للانتقال لمرحلة السلك الثاني بوجدة.
عندما قررت ذات يوم الوقوف بباب قسم،،الطونو،،كانت صدمتي قوية حين علمت بأنه قد تحول إلى حانة لبيع الخمر!
إن هذا الشكل من المباني الذي انفردت به مدينة جرادة في الشرق المغربي كان جديرا بأن يتحول إلى متحف تاريخي،لكن رغبة السكارى انتصرت !

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Anonyme
    19/01/2019 at 22:27

    جزاك الله خيرا أستاذي الكريم سي محمد شحلال
    بارك الله لك في الصحة و الأبناء
    تلميذك الزروالي

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.