Home»National»التوقيت الأنسب لأمة الإسلام هو التوقيت الذي يراعي أوقات الصلوات الخمس والذي على أساسه تحدد أوقات سائر الأعمال

التوقيت الأنسب لأمة الإسلام هو التوقيت الذي يراعي أوقات الصلوات الخمس والذي على أساسه تحدد أوقات سائر الأعمال

1
Shares
PinterestGoogle+

التوقيت الأنسب لأمة الإسلام هو التوقيت الذي يراعي أوقات الصلوات الخمس والذي على أساسه تحدد أوقات سائر الأعمال

محمد شركي

من المعلوم أن التوقيت المعتمد في العالم هو توقيت خط غرينتش، وهي بلدة تقع جنوب شرق العاصمة البريطانية لندن مشهورة بحديقتها التي خط فيها خط أسود مع رقم الصفر ، وقد اختيرت كمكان ينطلق منه للتوقيت العالمي، وبناء على ذلك يحدد توقيت كل مدينة في العالم. وكلما ذكر توقيت بلد حسب  خط الطول المحدد لموقعه الجغرافي يذكره معه توقيت غرينتش لمعرفة الفارق الزمني .

ومعلوم  أيضا أن التوقيت مرتبط بحركة  الأرض وبدورانها حول الشمس، وما يترتب عن ذلك من تعاقب لليل والنهار. ومع أن التوقيت يختلف من بلد إلى آخر حسب خطوط الطول ، فإن لكل بلد شروقه وغروبه، وهما عاملان مهمان في التوقيت .

وللتوقيت أهمية كبرى في دين الإسلام لارتباطه بعبادة الصلاة التي جعلها الله عز وجل خمس صلوات في اليوم والليلة ، وقد أمر جبريل عليه السلام أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة في أوقات معلومة تكون فيها الشمس في أوضاع معلومة . وقد استنبط  علماء الإسلام مواقيت الصلاة من قول الله تعالى في محكم التنزيل : (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل  وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا )) فقال بعضهم دلت الآية على ثلاثة أوقات، وقت الظهر بدلوك الشمس أي بميلها ، ووقت العشاء بغسق الليل أي ظلمته  ، ووقت الصبح بقرآن الفجر ، وقال آخرون دلت على خمسة أوقات ،وقت الظهر والعصر دلوك الشمس ، ووقت المغرب والعشاء  غسق الليل ، ووقت الصبح قرآن الفجر .

ولقد حدّث نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما  أن  الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى  عمّاله  :  »  إن أهم أمركم عندي الصلاة ، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ، فمن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، ثم كتب أن صلوا إذا كان الفيء ذراعا ، إلى أن يكون ظل أحدكم مثله . والعصر ،والشمس مرتفعة ، بيضاء نقية ،قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة ، قبل غروب الشمس . والمغرب إذا غربت الشمس . والعشاء إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل ، فمن نام فلا نامت عينه  قالها ثلاثا . والصبح والنجوم بادية مشتبكة  » .

فالملاحظ  في كتاب الفاروق رضي الله عنه إلى عماله هو تركيزه في تعليماته إليهم  على عبادة الصلاة  التي في حفظهم لها ومحافظتهم عليها حفظ لدينهم الذي هو عبادات بين الخلق  وخالقهم ، ومعاملات فيما بينهم  ،وتشمل كل الأعمال ، ومن ضيع الصلاة  ،فهو لغيرها أضيع بمعنى لا يؤتمن على أمر من أمور المعاملات ما دام قد ضيع عمود الدين ، وأول ما يعرض من الأعمال على الله عز وجل يوم القيامة  .

 ولقد جاء في تعليماته رضي الله عنه  أيضا ضبطا  دقيقا لأوقات الصلوات على ضوء ما جاء في كلام الله عز وجل، وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه إشارة إلى ضبط أوقات السعي والعمل على ضوء توقيتها ، فجعل وقت الظهر حين يكون ظل الإنسان مثل قامته  أي حين تتوسط الشمس السماء، ووقت العصر بياض الشمس أو مسيرة الراكب قدر فرسخين أو ثلاثة قبل الغروب ، والفرسخ كلمة فارسية معربة،  أي ما بين ستة وتسعة أميال ، أو ما بين ثمانية واثنا عشر كيلومتر .والعشاء عند غياب الشفق ، وهو حمرة في الأفق بعد الغروب . والصبح والنجوم بادية ومشتبكة .

فهذا هو التوقيت الإلهي الصحيح الذي ربطه الله عز وجل بعبادة الصلاة، وهي كتاب موقوت، وبها تتعلق باقي أعمال الإنسان المسلم  باعتبار التدين عبادات ومعاملات، كما تتعلق بها أوقات خلوده إلى الراحة  والنوم.

وهذه التعليمات العمرية ملزمة لكل من تولى مسؤولية  مهما كان حجمها في أمة الإسلام بحيث تكون إقامة الصلاة هي أولويته إذا حفظها وحافظ عليها كانت ناهية له عن كل انحراف عن الجادة ، ويلزمه أن يكون في ذلك قدوة لمن يتولى أمرهم يشهدون  حفظه ومحافظته عليها  بانتظام ليكون ذلك مؤشرا بالنسبة إليهم على حفظه ومحافطته على مصالحهم لأنه إذا ضيع الصلاة فهو لمصالحهم أضيع كما قال الفاروق رضي الله عنه .

ويتعين على أمة الإسلام أن تنظم أوقات سعيها وأكلها وشربها ونومها وراحتها بناء على أوقات الصلاة ،فتبدأ يومها بصلاة الصبح والنجوم بادية ومشتبكة ، ثم تخلد لراحة خفيفة أو اضطجاع اقتداء بسنة سيد المرسلين  صلى الله عليه وسلم حتى تختفي النجوم ، فيبدأ سعيها إلى أن يحين وقت صلاة الظهر ،فتقيل ثم يستمر سعيها وقضاء حوائجها إلى حلول وقت صلاة العصر ، فينتهي سعيها حينئذ ، وقد يستمر إلى غاية حلول وقت صلاة المغرب  لضرورات . وليس بعد صلاة العشاء سعي إلا ما كان في حكم الضروري أيضا بالنسبة لبعض الأعمال لأن بعد هذا الوقت تخلد الأمة للراحة والنوم لتستقبل يوما جديدا .

فلو سارت الأمة الإسلامية على هذا النهج ، ووفق هذا التوقيت المضبوط لعادت إلى سابق مجدها خلافا لما هي عليه اليوم من اضطراب في مواقيتها وهي واقعة في تقليد من لا يدينون بدينها  حيث تضيّع الصلوات لأنها لا تضعها في الحسبان وهي تخطط لسعيها اليومي ،فتكون بذلك  لغيرها  من أمورها أضيع .

وإذا أردنا أن نضرب مثلا للالتزام التوقيت الإلهي في بلدنا  المسلم المغرب الذي يوافق توقيته توقيت غرينتش أو التوقيت العالمي، جعلنا ما بعد اضطجاع صلاة الصبح بداية السعي في جميع القطاعات مع مراعاة فصول السنة، ثم يتوقف السعي قبيل صلاة الظهر بساعة  إلى ما بعد القيلولة، ثم يستمر إلى ما قبل حلول صلاة العصر لينتهي مباشرة بعدها ، فيكون مجموع  عدد ساعات السعي هو ثمان ساعات تتخللها صلاتان الظهر والعصر ، وما بعد العشائين يخصص للراحة والنوم ،لأن الله عز وجل جعل الليل للسكينة  والنهار للمعاش .  ولو اعتمد هذا النظام لما ضاعت صلاة أحد ، ولما ضاع معها سعي ، ولبارك الله عز وجل السعي الذي لم يكن سببا في ضياع الصلاة .

ومما يتسبب في ضياع الصلاة اعتماد ما يسمى التوقيت الصيفي، وهو إضافة ساعة على التوقيت العالمي أو توقيت غرينتش ، علما بأن مواقيت الصلوات الخمس لا تتغير لارتباطها بحركة الشمس أو بالأحرى حركة الأرض حول الشمس، فلا  تناسب أوقات السعي أوقات الصلاة بحيث يكون  معظم الناس في أعمالهم  في مختلف القطاعات  خلال أوقات الصلاة فيضيعونها ، ويضيع سعيهم بضياعها الذي لا يبارك الله عز وجل فيه .

ومع أن الرأي العام يعارض ما يسمى بالتوقيت الصيفي، فإن الجهات المسؤولية ماضية في اعتماده ضاربة عرض الحائض إرادة شعب مسلم من المفروض أن يكون على رأس اهتمامه إقامة الصلوات الخمس في وقتها ، ولا يكون ذلك ممكنا إلا بإخلاء أوقاتها من كل سعي بزمن معتبر ما قبل وما بعد صلاة دلوك الشمس ظهرا وعصرا .

ومن المفروض في الوزارة الوصية على الشأن الديني عندنا ، وهي مستأمنة عليه  ومسؤولة عنه أن تكون صاحبة القرار أو المرجع  في ضبط أوقات السعي حتى لا يكون هذا الأخير على حساب أوقات عبادة الصلاة إلا أن واقع الحال هو عودة القرار في هذا الأمر إلى غيرها من الوزارات التي تكون عبادة الصلاة بالنسبة إليها آخر ما تفكر فيه ، وهي في تضييعها لها أضيع لغيرها ،وهو ما يسجل من تقاعس، وغش ،  وتهاون  وقلة المردودية في كل أنواع السعي . وغالبا ما يتعرض الذين يحرصون على أداء الصلوات في وقتها إلى أنواع من المضايقات والضغوطات ، وربما إلى أنواع من التهديدات خصوصا في بعض القطاعات .

فهل ستفكر أمتنا المغربية المسلمة  وغيرها من الأمم المسلمة في العودة إلى التوقيت الإلهي الذي تصان بها حقوق الخالق وحقوق المخلوق  على حد سواء أم أنها ستمضي في تقليد من لا يدين بدينها  في توقيته  فتخسر العاجل والآجل؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *