Home»National»لا هوية للمغاربة إلا الهوية الإسلامية كما كانوا دائما منذ الفتح الإسلامي

لا هوية للمغاربة إلا الهوية الإسلامية كما كانوا دائما منذ الفتح الإسلامي

0
Shares
PinterestGoogle+

لا هوية للمغاربة إلا الهوية الإسلامية كما كانوا دائما منذ الفتح الإسلامي

محمد شركي

استوقفني مقال على موقع هسبريس  تحت عنوان :  »  الأمازيغية والإسلام السياسي وقضايا الهوية  »  لصاحبه محمد أيت بود ، والمقال عبارة عن قراءة في كتاب  » الهوية وقضايا الأمازيغية والإسلام السياسي والحريات  » لصاحبه رشيد الحاحي . والمقال طويل ويتمحور هو ما سماه صاحب المقال الهوية الأمازيغية حسب قراءته للكتاب . واستوقفني في المقال قول صاحبه :  » منطلقات خطاب الحركات الإسلامية حول الهوية ليست منطلقات دينية منشؤها النص الديني المؤسس بقدرما هي منطلقات إديولوجية تختبىء وراء الذريعة الدينية في إطار دينامية الصراع الاجتماعي من أجل تحقيق غايات ومآرب لا علاقة لها بالدين … إذن التخفي وراء المقدس الديني لضرب المدنس الدنيوي في خطاب وممارسة حركات الإسلام السياسي  التي تملك مشروعا سياسيا له امتدادات اجتماعية وهوياتية تطرح نفسها كبديل للإطارات السياسية التقليدية خاصة اليسارية القومية التي أفلست في نظرها سياسيا وفشلت في تحقيق التغيير السياسي والمجتمعي المنشود ، وتعتبر أن الخطاب الهوياتي الأمازيغي ينسف منطلقاتها النظرية نظرا لخطابه المغاير والذي يتأسس على فرضيات نسبية في طرحه للإشكال الهوياتي داخل الفضاء الاجتماعي والسياسي والثقافي للبلاد وبخصوص هذه النقطة يطرح الباحث مشكل التناقض الذي تسقط فيه حركات الإسلام السياسي وهي تحاول أن تسوق لمشروعها السياسي والفكري ذي الجوهر الهوياتي ، فهي وكما يتضح للجميع حركات ليبرالية تقوم بوظيفة تنفيذ الأجندة النيوليبرالية من داخل أجهزة القرار السياسي الرسمية ، ولكنها من خارج الجهاز الرسمي تقوم بتسويق الخطاب التكافلي الإسلامي الاجتماعي الذي يتأسس على التضامن الاجتماعي الذي يعتبر طوباويا وميتافيزيقيا بالنظر إلى  طغيان البعد الليبرالي ضمن المضمون السياسي والفكري لخطابها هذا التناقض بين الممارسة والخطاب والسلوك ، أفرز معضلات اجتماعية لم تستطع حركات الإسلام السياسي على الأقل تلك التي تقود الإتلاف الحكومي أن تجد لها حلولا جذرية بحيث أدى ذلك إلى بروز ظواهر اجتماعية مرتبطة بأنماط جديدة من التعبئة والاحتجاج من خارج منطق المؤسسات والإطارات أو الوسائط الحزبية التقليدية والتي منها حركات الإسلام السياسية نفسها بحيث وجدت نفسها وهي تحاول أن تلملم شعثها الإيديولوجي المبعثر بين الولاء الإديولوجي لدولة الخلافة الموعودة والتي سوف يتحقق فيها العدل ويتساوى فيها الجميع وبين الممارسة الميدانية التي أثبتت محدودية العمل السياسي الحزبي لهذه الحركات »

ويقول كاتب المقال بعد ذلك :  » يمكن في هذا الصدد بسط مثال الهويات المتعددة في المغرب مثلا بالقول بوجود هويات متعددة هي : الأمازيغية ،والعربية ، والإسلامية ، والأندلسية ، والصحراوية ،والموريسكية ، والمتوسطية ، وهي أبعاد هوياتية بقدر ما تم تجسيدها في دستور2011بقدر ما كانت ثمرة  اجتهاد  الخطاب الأمازيغي الذي كشف النقاب عن هذا الطابو الهوياتي الذي ظل مسكوتا عنه ردحا من الزمن ، فهل يمكن القول انطلاقا من هذه الحقيقة الإمبريقية على أن المغربي الحالي هو إنسان متعدد الهويات بشكل بعيد كل البعد عن التعالي الهوياتي والتأليه الميتافيزيقي للبعد الهوياتي ؟ »

تعليقا على هذا المقال أذكر بالظرف العام العالمي والعربي والمحلي السائد كما سبق لي أن أشرت إلى ذلك في عدة مقالات سابقة تتعلق بتداعيات إجهاض حراكات وثورات الربيع العربي ، ذلك أن هذا المقال والكتاب الذي تناوله لا يخرجان معا عما يمكن أن نسميه تصفية حساب مع إفراز الربيع العربي ظاهرة بروز الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي أو بتعبير آخر التي ترفع شعار الإسلام محاولة إثبات قدرتها على إخراج الأمة العربية من وضعية ما بعد نكبة فلسطين والنكسات التي تلتها بعدما عجزت عن ذلك أحزاب ليبرالية ويسارية . فالفقرات التي اقتبستها من مقال السيد محمد أيت بود ناطقة وشاهدة على الصراع الفكري والإيديولوجي بين التيار الأمازيغي، وما صار يسمى الإسلام السياسي ، وهي تسمية من صنع العالم الغربي تلقفها عنه كل من يختلفون مع الأحزاب ذات التوجه أو المرجعية الإسلامية حسب ما تعلن عنه في برامجها السياسية ، وهي أحزاب أفرزها الربيع العربي كما أسلفنا .

 وتدفع التيارات الليبرالية والعلمانية واليسارية والتي هي خليط من هذا وذاك  في اتجاه إقرار ما يعنيه الغرب بالإسلام السياسي وهو الذي صنع مخابراتيا نموذجا لهذا الإسلام في شكل عصابات مسلحة بثها في بؤر التوتر بمنطقة الشرق الأوسط ، وهي تمارس العنف والإجرام والإرهاب باسم الإسلام افتراء عليه وبهتانا . ولقد كان صنع هذه العصابات رد فعل على مفاجأة إفراز الربيع العربي الأحزاب ذات التوجه الإسلامي التي استطاعت أن تحظى بثقة بعض الشعوب العربية والتي راهنت عليها  ففازت بالاستحقاقات الانتخابية وفق اللعبة الديمقراطية  ، ووصلت إلى مراكز صنع القرار ، الشيء الذي أقلق الغرب قلقا كبيرا، فاخترع مقولة الإسلام السياسي ليتخذ منه عدوا يحاربه بلا هوادة . وهكذا انتقلت تهمة الإرهاب من العصابات الإجرامية المصنوعة مخابراتيا إلى الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي والتي تعرضت إما للإقصاء كما هو الشأن بالنسبة لمصر التي شهدت انقلابا عسكريا دمويا على الشرعية والديمقراطية بتخطيط غربي وتمويل عربي ، أو تعرضت لشكل من أشكال التضييق عليها كما هو الحال في دول أخرى عاشت  نفس التجربة الانتخابية . ولقد كانت هذه التجارب هي السبب وراء تمديد التوتر في باقي البلاد العربية التي لم تبلغ مرحلة  التجارب الانتخابية ولم تبارح حالة  الفوضى لتظل بؤرا للتوتر إلى غاية تقرير مآلها السياسي وفق الأجندة الغربية التي تضع مصالحها فوق كل اعتبار .

وهكذا نلاحظ أن مقال محمد أيت بود يدخل ضمن سلسلة المقالات التي تنشر على موقع هسبريس باستمرار، والتي تدخل ضمن الصراع الإيديولوجي بين الأحزاب الليبرالية واليسارية التقليدية ،وبين التيارات المتنامية كالتيارالأمازيغي ذي التوجه العلماني الذي لا يتردد في إعلان  عدائه الصريح  للأحزاب والجماعات الإسلامية التي تعتبر بالنسبة إليه ذات توجهات تصادر هويته العرقية ، وتحاول أن تفرض على المجتمع المغربي هوية دينية باسم المقدس . و التيار الأمازيغي في نظر صاحب المقال استطاع كشف النقاب عما سماه الطابو الهوياتي الذي ظل مسكوتا عنه ردحا من الزمن ، وهو يقصد بالطابو الهوياتي الهوية الإسلامية للأمة المغربية.

فما هي هذه الهوية التي تقلق  مختلف التيارات الليبرالية، واليسارية، والطائفية ؟ إنها الهوية القرآنية . فمن المعلوم فلسفيا أن الهوية هي حقيقة الشخص أو الجماعة التي تميزهم عن غيرهم . والقرآن الكريم، وهو دستور الأمة المسلمة يبرز من خلال نصوصه هوية هذه  الأمة المتميزة عن غيرها من الأمم ،ذلك أنه لا شيء مما يعد عند البعض داخلا في الهوية من  قبيل العرق أو الجنس أو اللغة أو اللون  . فالقرآن الكريم يعتبر الإنسانية جمعاء منحدرة من أصل واحد عبارة عن ذكر وأنثى مصداقا لقوله تعالى : (( يا أيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) فبهذا النص يسقط  التمايز بين النوع البشري كما يسقط كل ما هو عرقي أو طائفي من الهوية الإسلامية التي تصهر الشعوب والقبائل في بوتقة واحدة لا اعتبار فيها لعرق أو جنس أو لون أو لغة، وإنما المعتبر فيها هو التزام بين الخلق والخالق سمي التقوى بلغة القرآن .ولقد جعل القرآن الكريم اختلاف الألوان والألسنة ومردهما إلى الأعراق والأجناس أمرا طبيعيا في الجنس البشري، وهو من الأدلة على صنعة الصانع سبحانه مصداقا لقوله تعالى : (( ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين )) فاختلاف الألسنة والألوان طبيعة بشرية إذا ما كانت تعتبر من خصائص ومميزات الهوية عند البعض ،فلا اعتبار لها بالنسبة للهوية الإسلامية التي تنصهر فيها تلك الخصائص ، وتذوب أمام اعتبار تقوى الله عز وجل.

وما اعتبره صاحب المقال نقلا عن صاحب الكتاب تعدد الهويات بالنسبة للأمة المغربية بين أمازيغية وعربية وإسلامية وصحراوية وأندلسية وموريسكية  ومتوسطية عبارة عن حصر هذه الهويات في خصائص لا اعتبار لها في الهوية الإسلامية لهذه الأمة التي يتنوع لسانها ،وعرقها، وجغرافيتها، وثقافتها، ولكنها أمة ذات هوية إسلامية لا مراء فيها .

ونخلص إلى القول بأن هذا المقال إنما يدخل ضمن الصراع الفكري والإيديولوجي الذي هو من تداعيات الربيع العربي الذي تم الإجهازعليه . ويمكن الاستشهاد على ذلك بقول صاحبه وهو يتحدث عما سماه إسلاما سياسيا  :  » هذا التناقض بين الممارسة والخطاب والسلوك أفرز معضلات اجتماعية لم تستطع حركات الإسلام السياسي على الأقل تلك التي تقود الإتلاف الحكومي أن تجدلها حلولا جذرية … » فهنا إشارة مباشرة إلى الحزب الذي يقود الإتلاف الحكومي في البلاد، والذي جعله محسوبا على  حركات الإسلام السياسي التي يعتبرها حركات ليبرالية تقوم بوظيفة تنفيذ الأجندة النيوليبرالية من داخل أجهزة القرار السياسي الرسمية ،ولكنها من خارج الخطاب الرسمي تسوق للخطاب التكافلي الإسلامي الاجتماعي، الذي يعتبر طوباويا وميتافيزيقيا بالنظر إلى طغيان البعد الليبرالي ضمن المضمون السياسي والفكري لخطابها ، وهو ما اعتبره تناقضا أفرز معضلات اجتماعية على حد تعبيره .

 ومن ضمن ما وصف به صاحب المقال  ربما نقلا عن صاحب الكتاب ما سماه حركات الإسلام السياسي أنها تدين بالولاء الإيديولوجي لدولة الخلافة الإسلامية ، وهنا نلحظ عنده  تكريس مفهوم الإسلام السياسي كما يتداوله الغرب، الشيء الذي يشي بتوظيف الغرب لأقلام  في الداخل تسوق مفهومه الذي يستعمله كإدانة وتهمة  تلحق كل هيئة حزبية  تمارس السياسة ،وهي ترفع شعار الإسلام أو تتخذه مرجعية لها . ومعلوم أن اتهام الحركات المنسوبة إلى الإسلام السياسي بالعمالة هو اتهام كان رائجا في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي من طرف التيارات القومية واليسارية قبل أن تشكل  تلك الحركات أحزابا سياسية تراهن عليها الشعوب العربية بعد اليأس من جدوى الرهان على الحركات القومية واليسارية ، ويبدو أن هذه الأخيرة تريد العودة  من جديد لتتصدر المشهد السياسي في الساحة مرة أخرى، ولتقنع الأمة بأن  الرهان على ما تسميه  هي حركات الإسلام السياسي هو رهان خاسر. وما أظن أن الكتابات في هذا النهج ستتوقف حتى تحقق الأهداف التي سطرت لها وفق أجندة خارجية لم تعد خافية  على أحد.

وأخيرا نقول إنه لا هوية للمغاربة على اختلاف ألسنتهم، وألوانهم ،وقبائلهم سوى الهوية الإسلامية التي تقوم أساسا على تقوى الله عز وجل كما كانوا دائما منذ الفتح الإسلامي .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *