Home»National»نتائج الإجهاز على حراكات وثورات الربيع العربي

نتائج الإجهاز على حراكات وثورات الربيع العربي

0
Shares
PinterestGoogle+

نتائج الإجهاز على حراكات وثورات الربيع العربي

محمد شركي

نحن نعيش اليوم فترة ما بعد الإجهاز على حراكات وثورات الربيع العربي بنتائجها الثقيلة والمؤلمة ،ذلك أنه كان من المنتظر بعد الربيع العربي أن تجني الشعوب العربية الورود ، فإذا بها تجني الأشواك . ولقد انتظرت هذه الشعوب مدة طويلة بعد النكبة الكبرى والنكسات المتتالية ليزهر ربيعها ، فإذا به يجهز عليه بشراسة قبل الأوان  ليعود الوضع إلى أسوأ مما كان عليه خلال فترة انتظار حلول هذا الربيع . لن نخوض في قضية هل الربيع العربي ربيع حقا أم أنه مسرحية حبكها الغرب وفق أجندة مدروسة لينزل ما شاء تنزيله من قرارات ما بين محيط وخليج العرب؟ ولئن كان الغرب قد قدر، وقتل كيف قدر، وخطط ،ودبر لخلق ما يسميه الفوضى الخلاقة ، فإنه لا يمكن أن ينفي أحد تفاعل الشعوب العربية مع فكرة زحزحة وضعها السياسي الفاسد  التي سميت ربيعا. والحقيقة  أن الغرب  لم يصنع الربيع العربي بل ركبه ليمرر فوضاه الخلاقة. وما كان ينقص الربيع العربي هو إعداد أو استعداد قيادات عربية كاريزمية قوية لتتولى تدبير شؤون الوطن العربي بعد الربيع ، إلا أن الفراغ السياسي  الذي خلفه انهيار أنظمة فاسدة في زمن قياسي لم يكن متوقعا أفسح المجال  واسعا للفوضى الخلاقة لتفعل فعلها ، فجاءت النتائج على الشكل الآتي :

ـ إجهاض التجارب الديمقراطية في  بعض البلاد العربية التي وصلت إلى مرحلة الانتخابات بعد حراكات وثورات الربيع العربي . وكان  نوع وحجم الإجهاض مختلف ، ففي مصر كان الإجهاض عبارة عن انقلاب عسكري دموي ، وفي تونس والمغرب كان الإجهاض عبارة عن مقامرة انتخابية يتحول بموجبها الرابح في الانتخابات إلى خاسر تماما كما يحصل  ذلك على موائد القمار .

ـ عدم مبارحة بلدان أخرى وضعية الحراكات أو الثورات ، والتي تحولت إلى فوضى وصراعات طائفية كما هو الشأن في سوريا وليبيا واليمن في انتظار أن يفضي بها الأمر إلى وضع العراق الذي فعلت فيه الفوضى الخلاقة فعلها ليتدفق  إلى الغرب النفط  العراقي مدرارا .

ـ عودة الأنظمة الفاسدة  المستبدة التي أطاحت بها الحراكات والثورات في شكل نسخ جديدة أكثر فسادا، وشمولية،  وشراسة، ودموية من سابقاتها .

ـ إنفاق  دويلات البترول الأموال لتمويل الفوضى الخلاقة ، ولدعم الأنظمة الشمولية في صيغها الجديدة  على حساب إرادة الشعوب العربية وخياراتها.

ـ انفراد الغرب بدويلات البترول لإفراغ خزائنها من المدخرات بذريعة حمايتها من  جهة من عدوى حراكات وثورات الربيع ، ومن جهة أخرى  لحمايتها من عدو تم تصنيعه مخابراتيا في شكل عصابات إجرامية ترتكب الفظائع تحت شعار الجهاد  وباسم الإسلام جناية عليه ، وكذا من عدو محتمل ينافسها على الزعامة في المنطقة .

ـ تفرغ الكيان الصهيوني المستنبت في قلب الوطن العربي لتحقيق حلمه ما بين الفرات والنيل في خضم سيادة الفوضى الخلاقة التي جعلت عالي الوطن العربي سافله ، وقد بدأ  تحقيق حلم الصهاينة بما صار يعرف بصفقة القرن التي تساق إليها دويلات النفط  وغيرها  من الدول العربية مكرهة مقابل بقاء أنظمتها في الحكم.

ـ استباحة حمى الوطن العربي حيث صار ساحة صراع قوى عظمى تتنافس على مناطق النفوذ فيه لتسهيل الوصول والحصول على مقدراته .

ـ اشتداد  الصراع الإيديولوجي بين الولي الفقيه الشيعي وأمراء النفط الذين تنكروا مؤخرا يتنكرون لنهجهم الوهابي ، وتوجهوا إيديولوجيا وجهة صناع الفوضى الخلاقة في الغرب ، و قد تحول هذا الصراع إلى مواجهة بينهما يديروها من  ينوبون عنهم من ميلشيات تابعة لهم.

ـ استفحال سوء العلاقة  بين الأنظمة العربية  وإنذار ذلك بما لا تحمد عقباه ، حيث التحقت أنظمة أخرى بالأنظمة التي طالت بينها القطيعة السياسية وإغلاق الحدود برا وبحرا وجوا ، وبلغ الأمر حد قرع طبول الحرب، الشيء الذي يعطي فرصة لأصحاب الفوضى الخلاقة ليحققوا كل ما خططوا له ولبلوغ أهدافهم المعلنة والمضمرة.

ـ عودة  الشعوب العربية إلى أجواء اليأس السائدة منذ النكبة والنكسات .

ـ محاولة الغرب والأنظمة العربية الخاضعة له تسويق فكرة التخلي عن الرهان على الإسلام بين الشعوب العربية ، وفقدان الثقة في كل طيف سياسي يعتمده أو يرفعه كشعار ، وذلك من خلال إفشال  تجارب كل الأحزاب التي تعتمد المرجعية الإسلامية بشكل أو بآخر ، وتصنيفها ضمن ما يسمى الإسلام السياسي الموسوم بالعنف والإرهاب حتى وإن أعلنت اعتدالها ومناهضتها التطرف والعنف وخطاب الكراهية . ويعمل خصوم هذه الأحزاب  بكل الطرق والوسائل على إظهار عجزها في التدبير والتسيير السياسي بالرغم من حداثة عهدها ممارسة الحكم التي جاءت عقب حراكات وثورات الربيع العربي، وفي ظروف استثنائية بعدما بلغ فساد الأنظمة السياسية درجة غير مسبوقة أفضت بالوطن العربي إلى نفق مسدود وإلى إفلاس تام كان هو محرك تلك الحراكات والثورات .

ـ ضرب وحدة الشعوب العربية في الصميم من خلال النفخ في النعرات الطائفية ، وذلك استكمالا  لفصل من فصول تمزيق الوطن العربي جغرافيا  وبشريا بعد الفصل الأول الذي أعقب حركات الاحتلال الغربي لهذا الوطن . ومن المحتمل أن تظهر كيانات جديدة تقوم على أسس طائفية ، وهو ما يرجح أن يكون ذلك مسبوقا بصراعات دموية أكثر مما هو عليه الوضع الحالي .

ـ ضرب وحدة الشعب العربي الواحد في الصميم أيضا من خلال استنبات شرائح تتبنى الإيديولوجيات والتوجهات الوافدة من الغرب ،والتي أصبحت تشكك وتحارب أصالته وقيمه ، وتدعو إلى هدمها وتجاوزها و تبني الوافد .

ـ فرض قيم الحضارة الغربية على الشعوب العربية واعتبارها الحضارة الإنسانية المثلى التي  يجب أن تسود  العالم على حساب باقي الحضارات في إطار ما يسمى العولمة .

ـ شغل الشعوب العربية بصغائر الأمور عن عظائمها ، وبث فيروسات الانحلال الخلقي بين ناشئتها لتهجينها ، وتجنب تكرار جيل المواجهة والتصدي ، وتكريس جيل الخنوع والخضوع والاستسلام .

ـ الحيلولة دون اكتساب الشعوب العربية وسائل النهضة الحقيقية الشاملة والعمل على تجهيلها وإبقائها رهينة التبعية ، وإقناعها بأن هذه التبعية هي قدرها  المحتوم الذي لا مفر منه ، وإفقادها الثقة في نفسها وفي إمكان نهضتها .

هذه بعض نتائج الإجهاز على حراكات وثورات الربيع العربي ، فكيف السبيل إلى تحويل فشل هذه الحراكات والثورات إلى نجاح ؟ وهل يمكن ذلك في ظل الظروف الراهنة ؟ وهل ستفضي هذه الظروف إلى اندلاع حراكات وثورات جديدة ؟ وإذا ما حدث ذلك هل ستستفيد الشعوب العربية من التجربة السابقة وتصون ربيعها من كل محاولة إجهاز أخرى عليه ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *