Home»National»المريض المخدوع…مذكرات استاذ متقاعد

المريض المخدوع…مذكرات استاذ متقاعد

0
Shares
PinterestGoogle+
 

كان للحديث عن معضلة مواجهة الامراض ببلدتنا في القديم وقع في إيقاظ بعض الأحداث ذات الصلة،لذلك ارتأيت ان اعيد وقائع احداثها التي كان بطلها احد الاقارب من دوارنا.
كان الرجل غنيا بمقاييس الثروة في البادية،وقد عبر عن ذلك من خلال اقترانه بما يقارب نساء مستغلا في ذلك عوز بعض الاسر التي كانت ترى في الارتباط به مصاهرة طريقا سالكا نحو ،،الفرج المادي،،وتسلق بعض الدرجات الاجتماعية وإن مؤقتا بسبب تقلبات مزاج الرجل الثري!
وبما أن الدنيا لا تهب الناس كل ما يشتهون،فقد ابتلي صاحبنا بمرض مزمن سرعان ما تحول الى نوع من الوسواس الذي لم ينفع معه دواء لأنه اصبح لا يؤمن بإمكانية العلاج!
تحولت حياة الرجل الى جحيم جعله يبث شكواه بدون مناسبة لكل من يزوره معربا عن شدة معاناته التي لا مثيل لها،الى درجة أنه لما نعى اليه احد مقربيه رحيل وجه معروف في القبيلة،رد عليه:هو لايعاني الالام! ليصيح الاخر في وجهه:لقد مات وانتهى، اما انت فما زلت حيا ترزق!
لقد بلغ به الاعتقاد درجة يهون امامها الموت وهو لا يدري أن هادم اللذات فوق كل الام الدنيا!
كان صاحبنا يقضي جل اوقاته في بيت تقليدي يضم أهم اغراضه التي يحرص عليها،ولا يسمح للصغار بارتياد هذا البيت حتى لا يعرفوا خباياه.
ذات يوم من أيام نهاية الخمسينات،مر ،،بالدوار،،عابر سبيل غريب عن البلدة توحي سحنته أنه من حملة القران،فاستضافه أهل البيت.
كشف الضيف عن هويته مما جعل الاسرة تكرم وفادته متوسمة فيه خيرا بشأن المريض المزعج.
عندما جلس،،الغربي،،الى جانبه واستفسره عن نوع معاناته،لم يتردد في القول بأن هذا المرض مجرد مخلفات ،،ضربات برد قديم،،بالامكان القضاء عليها!
ابتهج المريض وهو يسمع الفتح المبين مبديا استعداده لأداء كل الأتعاب وأكثر اذا تحقق الفرج.
كانت شروط المعالج جاهزة:ديك بلدي بمواصفات محددة،ثم كمية معتبرة من السمن ،،الحار،،يطهى فيها الديك.
تم تحضير الوجبة كما اشترط،،الغربي،،ثم نقلت الى بيت المريض.
انفرد المعالج باللحم الشهي ليكتفي المريض بالمرق الساخن ،إذ بواسطته سيتخلص الجسم العليل مما فيه.
اثناء التهام اللحم،رمق المعالج حافظة نقود من الحجم الكبير(أقراب)معلقة في احد اعمدة البيت،فخمن أن تكون بها،،همزة،،!
أنهى الوليمة على طريقته،بينما كان المريض يحتسي اخر المرق تنفيذا للتعليمات،فلما فرغ،أمره بأن يلتحف كل الغطاء المعد لطقوس العلاج حتى يتعرق الجسم محذرا من مغبة تسرب الضوء او البرد الى فراش المريض،لأن عواقب ذلك وخيمة!
استسلم المريض لنوم قسري،بينما طلب الطبيب من خادم المريض أن يأتيه بإناء ماء ليتوضأ.
استغل فراغ المكان لينزل ،،الزعبولة،،بهدوء قبل أن يضعها تحت جلبابه.
أخذا الاناء ثم توجه نحو وادي الدفلى القريب ليطلق ساقيه للريح عندما ابتعد عن الأعين.
طال انتظار عودة الضيف،فكثر الهرج الذي تسرب الى مسامع المريض ،،الزغبي،،الذي رمى بكل الأغطية بعدما تفقد ؛الزعبولة،،ليصيح في الجميع:(أزلث قاون يوي أقراب)!
هيا أسرعوا فقد فاز بالحافظة!
انطلق المتعقبون في كل الاتجهات،لكن الضيف،،المحظوظ؛كان قد غادر منطقة الخطر!
انضافت السرقة الى معاناة الرجل القديمة وظل يندب حظه العاثر حتى لقي ربه.
رحم الله هذا الرجل الذي كان في سجله أعمال بر أخرى عساها تشفع له عند قاضي القضاة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.