Home»International»الإسلام منهاج حياة يحكمها وليس كما يريد خصومه اختزاله في مجرد طقوس لإقصائه من واقع الناس

الإسلام منهاج حياة يحكمها وليس كما يريد خصومه اختزاله في مجرد طقوس لإقصائه من واقع الناس

0
Shares
PinterestGoogle+

الإسلام منهاج حياة يحكمها وليس كما يريد خصومه اختزاله في مجرد طقوس لإقصائه من واقع الناس

محمد شركي

إن كل حديث عن الدين الإسلامي لا ينطلق من القرآن الكريم، وهو الرسالة الخاتمة من رب العزة جل جلاله إلى البشرية كافة، لا يكون في الواقع حديثا عن هذا الدين ،بل هو عبارة عن فهوم أو انطباعات أو قناعات شخصية أو خاصة بمن تصدر عنهم ، ولا اعتبار لها ، لأن  المعتبر في الحديث عن الإسلام هو الرجوع إليه من خلال كتابه الذي هو الناطق الرسمي الوحيد  باسمه . وبالرجوع إلى هذا الكتاب  يعتبر الإسلام الدين الوحيد عند الله عز وجل لقوله تعالى : (( إن الدين عند الله الإسلام )) بهذه الصيغة التي تفيد التأكيد ، ولقوله تعالى أيضا : (( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )) بهذه الصيغة التي تنفي صفة الدين عن غير الإسلام . ومن شاء بعد ذلك  أن يسمي غير الإسلام دينا، فله ما شاء ، ولكن لن يكون ذلك  أبدا دينا وإن سماه دينا .

وانطلاقا من تعريف الله عز وجل للدين، وهو عنده الإسلام يمكن الحديث الصحيح عنه، حديثا لا تلابسه  أهواء من يرفضونه أويعادونه ،وهم بذلك ينشدون إقصاءه . وما يروج اليوم من أحاديث  مختلفة  ومختلقة عن الإسلام، هي أحاديث خصومه الذين يجمعهم هدف واحد هو معاداته وهم صنفان  : رافضون صرحاء له  بلا أقنعة ، ومقنعون منافقون يظهرون الانتماء إليه ، ويبطنون غير ذلك ،وهؤلاء أشد خصومه بسبب نفاقهم لأنهم يستغلون التصريح بالانتماء إليه للخوض في الحديث عنه أو باسمه حديث من يدعون العلم، والخبرة والمعرفة به حسب زعمهم . والمتأمل في  حديثهم هؤلاء عنه لا يجد فرقا بينه وبين حديث من يجاهر بمعاداته  ويحاول إقصاءه من الواقع  .

والدين كما هو عند الله عز وجل منهاج حياة  بما فيها ، ولا يوجد أمر من أمورها أو شأن من شؤونها أو حال من أحوال البشرية فيها  خارج تغطيته ، ولهذا يبدو حديث خصومه عنه من خلال محاولة حصره في بعض أمور أو شؤون الحياة ضربا من العبث ، وشأنهم في ذلك شأن مجموعة عميان يتحسسون جسم فيل، فيعتقد كل واحد منهم أن الفيل هو ما تحسس من جسمه بيده . وشأنهم معه أيضا كمن ينظر من ثقب إبرة ،فيعتقد أن ما يراه من خلاله هو كل ما يوجد ، ولهذا نجد هؤلاء يسقطون أوصافا ونعوتا على الإسلام إنما تعبرعن وجهات نظرهم، ولا علاقة لها بما هو عليه دين الإسلام حقيقة ، وفي اعتقادهم أنه يوجد في الحياة ما لا يدخل ضمن تغطية هذا الدين ، وأنه يجدّ فيها من الأحوال ما يقصر عنه تشريعه ، وبذلك يصلون إلى القول بإقصائه من الحياة ، واختزاله فيما يريدون وفق تصوراتهم ، ويلتمسون بدائل عنه من  شرائع أهوائهم . فحين يصفون الإسلام بأنه سياسي أو حركي أو أصولي أو سلفي …إلى غير ذلك  من النعوت ،وكلها نعوت قدحية، فهم إنما يحاولون اختزاله ،وعزله في زاوية من زوايا الحياة بحيث لا سلطة له على سياسة أو اجتماع أو اقتصاد … وهذا وهم من أوهامهم يدحضه كتاب الله عز وجل ، ويدحضه تاريخ هذا الدين الذي غطى بتشريعاته الحياة  كلها أو بكل ما فيها سياسة، واقتصادا ،واجتماعا لأنه عند الله عز وجل عبارة عن منهاج حياة يضبطها ضبطا محكما لتسير سيرها الطبيعي والعادي ، ولتحيى البشرية في ظله حياة أمن وأمان وسلام وطمأنينة . ولقد أحاط الإسلام بما تقوم عليه أو تقوم  به أو تستقيم به الحياة ، وهي الضرورات أو الكليات الخمس التي هي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل أو النسب ، والمال ، وقد يضاف إليها عند البعض  العرض كما جاء ترتيبها في المراقي ، في أصول الفقه للعلامة الشنقيطي :

دين  فنفس، ثم عقل ، نسب = مال إلى ضرورة تنتسب

ورتبن ، ولتعطفن مساويا    = وعرضا على المال تكن موافيا

فحفظها حتم على الإنسان    = في كل شرعة من الأديان

ولقد جاء الإسلام بمجموعة من التشريعات لصيانة هذه الضرورات أو الكليات ، فشرع لحفظ الدين  إقامة سلطان المسلمين حد الردة على المرتد ، وشرع لحفظ النفس القصاص على قاتلها  عدوانا وعمدا ، وشرع لحفظ العقل حد السكر ، وشرع لحفظ النسب أو النسل حد الزنا ، وشرع لحفظ المال حد السرقة ، وشرع لحفظ  العرض حد القذف . وبهذه الحدود تصان الكليات أو الضرورات  الخمس أو الست التي عليها تقوم الحياة و بها تستقيم ، وهذا معنى أن الإسلام منهاج حياة ، ذلك أنه لا توجد حال يكون عليها الناس في هذه الحياة دون أن يكون فيها حكم في الإسلام يضبطها .والإسلام يقيم  تشريعه على  ضوابط أو قواعد فقهية خمس هي : اليقين لا يرفع بالشك ، ووجوب  إزالة الضرر ، والمشقة تجلب التيسير ، والعادة محكمة أو العرف معتبر ،والأمور تتبع المقاصد .

وإذا ما استثنيت حال من أحوال الناس من حكم الإسلام كما يزعم البعض، جاز أن يستثنى غيرها ، فالذين يرون على سبيل المثال السياسة خارج تغطية الإسلام ، ويدينونه بقولهم :  » الإسلام السياسي  » إذا ما قيل لهم إنها مما يغطيه كباقي أمور الحياة ،لا يقبلون ذلك علما  بأنه  إذا استثنيت السياسة من تغطية الإسلام للحياة حسب منطق هؤلاء جاز استثناء غيرها من اقتصاد واجتماع …وهذا ما يرومونه لإقصائه من الحياة  جملة وتفضيلا ، لتحل محله مناهج من وضعهم ، وهذا هو واقع من لا يدينون بدين الإسلام ، وواقع من ينتسبون إليه بالأقوال لا بالأفعال . والمعتبر عند هؤلاء هو تغليب المنفعة في تشريعهم دون اعتبار ما يترتب عليها من ضرر أو إثم مخل بالسير العادي والطبيعي للحياة . وهذا الأمر حسم فيه الإسلام حين أقر على سبيل المثال لا الحصر بمنافع الخمر والميسر، وهما مما يفسد ضرورتي أو كليتي العقل ، والمال، واعتبر إثمهما أكبر من نفعهما ،ولذلك حرّمهما. وقياسا عليهما يقاس في الإسلام كل أمر من أمور الحياة سياسة أو اقتصادا أو اجتماعا  يكون إثمه أكبر من نفعه . وعلى خلاف نهج الإسلام في درء المفسدة قبل جلب المنفعة ، لا يبالي الذين يعادونه من خصومه إلا بالمنفعة دونما اعتبار للمفسدة. ولهذا يريدون استبدال تشريعات الإسلام  بتشريعاتهم الوضعية التي تقتصر على اعتبار المنفعة وحدها، علما بأن منافع الأمور لا تخلو من مفاسد على الإطلاق ، وأن رجحان مفاسدها  بمنافعها يجعلها دون طائل أو فائدة عند أولي النهى وفق منطق الربح والخسارة.

وبالرغم من ثبوت مفاسد كثير من الأمور مما يطالب به خصوم الإسلام سواء المصرحون بخصومته من الغربيين أو المقنعون بقناع الانتماء إليه من المنافقين بحكم تناقض ما يقولون مع ما يفعلون ، فإنهم يطالبون بها ، ويلحون في الطلب ، ووسيلتهم إلى ذلك هو محاولة تعليق تشريعات الإسلام التي تقف حاجزا دون مفاسد تلك الأمور . ولهذا يطالبون بتعطيل كل الحدود التي حدها الإسلام لصيانة وحفظ الضرورات أو الكليات الخمس، فهم يرفضون حد الردة  الحافظ للدين ،ويطالبون في المقابل بحرية الردة أو ما يسمونه حرية الاعتقاد ، ويرفضون حد القصاص الحافظ للنفس ، ويطالبون في المقابل بإلغاء عقوبة الإعدام ، ويرفضون حد السكر الحافظ للعقل  ، ويطالبون في المقابل بحرية تناول المسكرات ، ويرفضون حد الزنا الحافظ  للنسب أو النسل ، ويطالبون في المقابل  بحرية الجنس رضائية ومثلية ،  ويرفضون حد السرقة الحافظ للمال ، ويطالبون في المقابل بمنع قطع يد السارق، ويرفضون حد القذف الحافظ للعرض ، وفي المقابل يطالبون بحرية التعبير ولو كانت نهشا للأعراض . ويستدل هؤلاء على ضرورة تعطيل حدود الإسلام بالقول أن بعضها معطل عمليا أو إجرائيا  منذ زمن بعيد ، كحد الردة ،والسكر ،والزنا ،والسرقة ، ذلك أنه لم يعد المرتد يقتل بعد أن يستتاب  خلال الوقت المعلوم ، ولم يعد السكران  والزاني يجلدان ، ولم يعد السارق تقطع يده ، وأن ما جرى على ما عطل من تلك الحدود ينسحب على ما بقي منها في نظرهم ، وبهذا يتم التخلص من الإسلام جملة وتفصيلا ، ويقصى نهائيا من الحياة ، وينعت بالنعوت القدحية  في اعتبار واعتقاد خصومه من قبيل   » الإسلام السياسي ، أو الإسلام الأصولي ، أو الإسلام التكفيري ، أو الإسلام الجهادي ، أو الإسلام الإرهابي ، أو الإسلام السلفي …أو غير ذلك من النعوت التي تشفي غليلهم ، وتعبر عما تخفيه صدورهم وهو أكبر، وقد بدت البغضاء من أفواههم .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *