Home»National»مذكرات استاذ متقاعد : من كواليس،،لامبوش،،بجرادة

مذكرات استاذ متقاعد : من كواليس،،لامبوش،،بجرادة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

لقد كان النشاط الزراعي وتربية المواشي اهم مصدرين للعيش بالمغرب منذ القدم، ولم تظهر اولى مراكز التاهيل المهني الا مع استتباب قواعد المحتل الفرنسي الذي فتح هذه المراكز المعدودة لخدمة الميتربول بالدرجة الاولى.
اقتصرت مراكز التاهيل على الحواضر الكبرى،والمدن المنجمية، حيث مازالت احدى اشهر مدارس تكوين الاطر التقنية صامدة بمركز،، تويسيت،،بينما اغلق مركز التاهيل بجرادة ليتحول الى نواة ثانوية.
وبسبب الامية وغياب فرص تعلم المهن من اجل الاندماج في النسيج الاقتصادي، لم يبق امام ابناء المناطق الفقيرة وخاصة في شرق البلاد الا مقايظة طاقاتهم البدنية باي عمل شاق.
عندما اعتزمت اوروبا اعادة بناء ما دمرته الحرب العالمية الثانية،وجدت في المغرب مشتلا متجددا للقيام بكل ما من شانه ان يعفي الرجل الاشقرمن المشاق حتى يحتكر العمل » النظيف،،ويتكلف،، ليزانديجان،،بالكورفي،،بما في ذلك البناء والزراعة وشق الطرق وغيرها.
كان ممثلو الشركات يفدون على المغرب مصحوبين بخبراء لاختيار الشباب الذين توفرت فيهم شروط التعاقد.كان خبراء اوروبا يفضلون البوادي للبحث عن فرائسهم،حيث توضع،، السلعة،،رهن اشارتهم ليتم انتقاء الاجود.
كان اهم مقياس لقبول المرشح، هو ان يكون صاحب يدين خشنتين او متشققتين، فضلا عن بنية جديرة بالتحمل.
لم تكن الحاجة لتدع للناس وقتا للاحاطة بما وراء العقد بقدر ما كان املهم الاخير هو ان يقع عليهم الاختيار، ومتى كان ذو الحاجة يستشار؟
لقد مكنت عقود العمل التي تدفقت على البلاد الى حدود بداية السبعينات من القرن الماضي الاف الشباب من الانتقال الى اوروبا، التي لم يكن العمل بها شرا كله، حيث تغيرت حياتهم الى الاحسن واستطاعوا تغيير اوضاع اسرهم، ناهيك عن تحولهم الى مورد مالي للدولة وبالعملة الصعبة؟
كانت المدن والقرى المنجمية مراكز جذب للقوى العاملة محليا، وستظل مدينة جرادة رائدة في هذا المجال، حيث لم يحل مرض ،، السيليكوز،، الخبيث دون التقاء كل اطياف المغرب على هذه الارض عمالا واطرا وتجارا…
كان للعمل بجرادة شروطه التي لا يعرفها الا العمال انفسهم وبعض من كان قريبا من
همومهم.
يطلق على قبول احدهم للعمل بمناجم جرادة،،لامبوش،،وهو من تعديلات المغاربة للمصطلحات الاجنبية، ذلك ان هذا اللفظ هو المقابل لنظيره الفرنسيembauche، يعني التاجير،وقد دأب عمال جرادة على ترديد هذه الكلمة عند الحديث عن،، الاسطوريك،،الشخصي لهم، وهكذا يخاطبك الواحد منهم:
)بوشيت عام كذا،او عاوت لامبوش بعد ليصانصي)،الى اخر ما في اللائحة من مصطلحات منحوتة ابتدعها هؤلاء البؤساء امام استحالة النطق السليم باصولها الفرنسية.
انه ريبيرتوار غني كنا نتندر به بعدما نستوعب المعنى والاصل، ولعل كل ابناء جرادة القدماء يحتفظون بشيء من هذه الثروة التي بناها اباؤهم:(راسوراسassurances للتامين،مرضي،maladie الفاصماles avancements,الساندرياles descenderies، الخ.
كان الراغب في،، لامبوش،،يتوجه الى المقر الاداري للشركة التي اختصرها الساكنة في كلمة »150 »(غادي ل150 نطلب لامبوش).
كان بعض هؤلاء يستعينون بمعارفهم الذين سبقوهم الى هناك والذين نسجوا علاقات تتيح لهم التوسط لاقاربهم اذا لم يستوفوا كل الشروط.
عين الفرنسيون طبيبا مختصا لاختيار العمال القادرين على مصارعة تضاريس الاعماق لاستخراج اجزاء الفحم بعد تكسيرها بوسائل مختلفة والسعي الى الرفع من كمية المنتوج.
يروي اقاربنا الذين خاضوا تجربة الفحص من اجل،، لامبوش،،بان التجربة كانت مريرة،
ذلك ان المترشح كان مرغما على التخلص من كل ملابسه ليصبح رهن اشارة طبيب يتجول في كل انحاء جسمه بما فيها الحميمية قبل ان يتخذ القرار!
كان الطبيب يركز على عنصر الفتوة،حيث لا يقبل الا من هو في ريعان الشباب، ثم يفحص قلبه ورئتيه بكل دقة تفاديا للتضليل باخفاء مرض قد تتحمل الشركة عواقبه!
ولعل من غرائب ظروف طلب،، لامبوش،،ان الشركة كانت قد اوكلت مهمة انتقاء العمال لطبيب يدعى،،مسيو باكي،،كان طبيبا متمكنا، لكنه كان رجلا شاذا، مما جعله يبتز العديد من العمال الذين لم يجد معظمهم بدا من ارضاء شهوات هذا المريض الذي لم يتزوج ابدا وظل يتصيد ضحاياه حتى غيبه الموت بعدما نخره مرض السرطان ليقضي وحيدا في بيته!
لقد بقي هذا الطبيب الاسطورة بالمدينة الى ان شرع الفرنسيون في المغادرة،بينما حال المرض بينه وبين ترك جرادة التي استجابت لكل الرغبات بما فيها الحيوانية التي ادخلها الانسان الغربي في اجندته، ليجد من يوافقه الاهواء بالجنوب!

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.