Home»National»الأقلية الشاذة تشحذ سيف الحرية لغمط حق الأغلبية

الأقلية الشاذة تشحذ سيف الحرية لغمط حق الأغلبية

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الأقلية الشاذة تشحذ سيف الحرية لغمط حق الأغلبية

مما لا شك فيه أن هناك قيم عالمية تشترك فيها جميع الأمم والشعوب، من مثل الحرية، والعدل، والإنصاف، والصدق، والأخوة، والصداقة والقائمة طويلة، إلا أن إنزال هذه القيم على أرض الواقع يجعلها تصطبغ بخصوصيات وثوابت مختلف المجتمعات من خلال التنصيص عليها في دساتيرها ثم استصدار قوانين يتم تفعيلها من خلال الآليات التي من شأنها تنفيذ هذه القوانين في الحالات التي يتم التجاسر فيها على قيمة من هذه القيم أو العمل على تحديها.

من هذا المنطلق، ومن منطلق أن الحرية تعتبر من الشروط الأساسية للتكليف من جهة، وأن عددا ممن يريدون تنصيب أنفسهم أوصياء على المجتمع يتدثرون بتمثلهم الخاص للحرية ليفعلوا ما شاءوا ومتى شاءوا من جهة ثانية، سنحاول تسليط الضوء على مفهوم الحرية في بلادنا على ضوء بعض الممارسات التي أصبحت تطفوا على واقع المجتمع المغربي، ذلك أن البعض ممن يدرجون أنفسهم ضمن خانة الأقليات أصبحوا يطالبون بأمور خارج دائرة ثوابت الأمة وخصوصياتها من منطلق الحرية الذي لا شك أنهم يستندون  فيه إلى خصوصيات مجتمعات أخرى لا تمت للأمة المغربية بأية صلة لا من حيث الدين ولا التقاليد.

 والغريب في الأمر هو أنهم يجدون مساندة من بعض من يُفترض فيهم الدفاع عن هوية الأمة وقيمها ومقوماتها. فعندما يصف وزير العدل أن المحافظة في بلد كالمغرب اختراق، وأن العلاقة بين الحداثة واللائكية والتدين (حسب فهمه للتدين) ومختلف الأفكار تَعَايُش، وأن ممارسة العلاقات الجنسية الرضائية بين راشدين لا تعني المجتمع وأنه يجب احترام الآخرين عند ممارستها، وحينما يقدم رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان توصية بالمناصفة في الإرث بين الذكر والأنثى، وحينما يحاول الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في برنامج بدون حرج، أن يُفهِمنا أن المجلس مُستقِل وأن هذه التوصية تدخل في اختصاص المجلس من خلال لَيِّهِ عنق الفصل 13 من الظهير الشريف المحدِث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان [1]حيث قال بالحرف: « أن المجلس يشتغل في إطار التشريعات والقوانين التنظيمية الجاري بها العمل مع المواثيق الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان » متعمدا عدم الإشارة إلى أن الأمر يتعلق بالمعاهدات التي صادقت عليها المملكة أو التي انظمت إليها، وهو الأمر الذي يُطرح معه سؤال حارق وهو: هل المملكة صادقت على ما يبرر مثل هذه التوصية؟ وهو الأمر الذي أعتقد أنه غير وارد لكون دستور المملكة ينص بصريح العبارة في فصله الثالث على أن الإسلام دين الدولة، وهو ما لا يترك مجالا حتى للتفكير في موضوع المناصفة في الإرث الذي انفرد الله سبحانه بتقسيمه حسب مشيئته في سورة النساء انطلاقا من قوله تعالى:  » يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » من (الآية 11) إلى قوله تعالى « وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ » (الآية 14)، ومن هنا يتعين على السيدين رئيس المجلس والأمين العام له أن يتقدما باعتذار للشعب المغربي على افتعال هذا النوع من الاجتهاد الذي يتوافق مع أهداف الأقلية التي تأتمر بأوامر الأسياد الذين يستحمرونهم لخدمة أجندات سيكونون هم أول من يكتوون بنارها إن لم يكن على المستوى القريب فعلى المستوى المتوسط والبعيد.

أعود فأقول لهؤلاء الذين يريدون أن يفرضوا على المجتمع المغربي المسلم مجموعة من الممارسات الشاذة بذريعة الحرية، أنه حتى المجتمعات التي يَمْتَحون بمعينها لها ضوابط للحرية وفق خصوصياتها، وإلا فما معنى منع امرأة من وضع قطعة قماش على رأسها في عديد من الحالات لا تمت إلى الحجاب الشرعي بصلة، سوى تجفيف ينابيع كل حرية تخرج عن إطار الحرية التي يريدون تسويقها للعالم، ومن ثم فأولى للحرية عندنا أن تُقيد بضوابط الدين الإسلامي ما دامت الأغلبية مُسلمة وما دام دستور المملكة يتضمن الفصل الثالث منه الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة، وإلا كيف يُعقل أن يعتبر مجرد المرور فوق خط أبيض تم رسمه في الطريق العام مخالفة يُعاقَب عليها، وكيف يعتبر استعمال الطريق عندما يكون ضوء المرور أحمرا مخالفة حتى وإن كان مُستعمِل الطريق لوحده، وكيف يمكن أن نفهم إجبارية ربط حزام السلامة وإجبارية خودة الرأس، وكيف يمكن أن نجبر شخصا يريد قطع الطريق بضرورة استعمال ممر الراجلين وكيف وكيف…

إن الأمر يتعلق أيها السادة بضوابط تحكم المجتمع ويحتكم إليها، ولا شك أن تغيير أي من هذه الضوابط يتعين الرجوع فيها إلى دساتير مختلف البلدان، وإن لم يوجد فيها ما يبرر تغييرها فالأمر يعود لأغلبية الشعب وليس للأقلية، فكفى من شحذ سيف الحرية الزائفة، لتقويض مقومات الأمة وهويتها وغمط حقوق الأغلبية المسلمة التي كانت وستبقى تدعوكم إلى التوبة والعودة إلى كتاب الله وسنة نبيه قبل أن ينطبق عليكم قول الله عز وجل  » وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (الآية 18 من سورة النساء) صدق الله العظيم.

الحسن جرودي

[1] انظر الرابط لتحميل الظهير: http://www.cndh.ma/sites/default/files/documents/CNDH-BO-Ar.pdf

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *