Home»National»القرود الخمسة

القرود الخمسة

2
Shares
PinterestGoogle+

 » لم نولد وحريتنا مِلكٌ لنا فحسب، بل نحن مكلَّفون أيضاً بالدّفاع عنها. »                                                                                                                     وفي ترجمة أخرى  » إننا لا نولد أحرارًا وحسب، بل نحن أيضًا مفطورون على محبة الذود عن الحريّة « *

——————-

نظرية القرود الخمسة، هناك من يسميها تجربة قد تكون واقعية او افتراضية . هذا ليس مهما أو على الأقل ليس موضوع مقالنا. إذن دعنا نعتبرها قصة تعليمية تشرح لنا كيف يمكن لنا أن نتبنى بعض السلوكيات وطرق التفكير ونسلم بها تسليما دون معرفة أو دون أن نجرؤ على طرح الأسئلة : لماذا …؟ كيف …؟  متى …   والبحث عن أجوبة لذلك.

ففي حياتنا العادية اليومية أو أثناء ممارسة عملنا قد نصادف تصرفات وسلوكات ومواقف لا نحبِّذها، نحاول أن نواجهها، ننتقدها في بداية الأمر لكن سلطة العاهات عفوا العادات والتقاليد تكون أقوى، تجعلنا نتقبل أفكارا ونطيع أوامر ونطبِّع معها ،ولو على مضض ،حتى وإن عارضت قناعاتنا. وهذا راجع الى وجود سلطة اجتماعية أو سياسية أو ثقافية …تروم أو تهدف الى برمجتنا (ماشي برمجة ديال +cc، هذي برمجة ربما أكثر تعقيدا) بها تتم عملية فرمطة العقول لنصبح نعيش في تطبيق ذكي، وتوضع خطوط حمراء يُواجَه بشراسة كل من حاول تجاوزها.

نظرية القرود الخمسة (إذا اعتبرناها كذلك) تحتمل العديد من التفسيرات والتأويلات.  فيمكن مثلا أن تلامس ألم المواطن في مجتمعاتنا العربية الذي يتم إخضاعه وتدجينه بنفس الطريقة لترويضه على الخضوع -العصا دون جزرة- وتنظيم شروط حياته ليبقى همه الوحيد البقاء على قيد العيش ولو كان ليس كريما. والمعضلة أو الطامة الكبرى هي أننا نرضى بهذا الواقع السائد بل الأدهى من ذلك قد تجد من يدافع عنه بجرعة زائدة من الحماس ويكرسه بحجج قد تكون واهية كتوهم تحقيق الاستقرار مثلا أو اجتناب ايقاظ الفتنة النائمة وغير ذلك من المبررات التي تصطف في الجهة الأخرى ضدا على مصالحه ومصالح الأغلبية التي ينتمي إليها. فعلى حد القول المأثور  » إذا أردت من أحد أن يفعل أمراً ما اجعله يعتقد أنها فكرته. » **

وهكذا يا سادتي يا كرام سأحاول ان أنقل لكم تفاصيل الحكاية المتداولة مع تصرف طفيف لا يخل بالمضمون ولا يُفسد للمعنى قضية.

*************

لنبدأ بقفص فيه 5 قرود. داخل القفص علّق موزا بخيط ثم ضع سلما تحته. بعد قليل، سوف يذهب أحد القرود إلى السلم ويبدأ التسلق باتجاه الموز. في هذه اللحظة يتم رش باقي القرود بماء بارد. بعد فترة قصيرة سيحاول قرد آخر فعل نفس الشيء (التسلق باتجاه الموز) ستكون النتيجة نفسها، أي رش كل القرود بالماء البارد. بعد مدة من الوقت، لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم. السبب تعرفونه (الخوف من الماء البارد خصوصا إذا كان الجو قارسا مثل هذه الأيام).

 الآن تخَلَّ عن الماء البارد و قم بإخراج قرد واحد من القفص واستبدله بقرد جديد. أول شيء سيقوم به الوافد الجديد فطريا هو محاولة صعود السلم لأخذ الموز. لكن الأربعة الباقين سيهاجمونه ويضربونه ليجبروه على النزول. بعدها سيفهم القرد الجديد بأن عليه ألا يصعد السلم رغم أنه لا يدري السبب. يمتثل فقط.

بعد ذلك أخرج مرة ثانية أحد القرود الأصلية واستبدله بقرد جديد آخر. سيحل به ما حل بالقرد البديل الأول. بل أن القرد البديل الأول سيشاركهم الضرب والهجوم وبحماس!

وعلى نفس النهج استبدل ثالث قرد أصلي بقرد جديد، ثم الرابع ثم الخامس. في كل مرة يتوجه القرد الجديد الى السلم، يتم الاعتداء عليه. غالبية القرود التي تهاجمه لمنعه من أخذ الموز ليس لديها أدنى فكرة عن السبب الذي يجعلها تقوم بهذا الفعل. تساير التيار.

 الآن وبعد استبدال جميع القرود الأصلية الخمسة، لم يتم رش أي قرد بالماء البارد إطلاقا، ومع ذلك لم يحاول أي قرد تسلق السلم لأخذ الموز. لِمَ لا؟ لأنه على حد علمهم «هكذا كانت دائما الطريقة التي تسير فيها الأمور هنا »

*********

قبل انهاء المقال لا بد من طرح بعض الأسئلة وهي كالتالي:

إلى أي حد يمكن ان تعكس هذه النظرية او التجربة أو الحكاية حالتنا الراهنة في العالم العربي؟  أليس لها ما يجسدها في واقعنا المعيش؟

 ومن زاوية أخرى فقد يتسع القفص ليصير أكبر من مدينة، أو مجتمع أو حزب سياسي أو نقابة …مع اختلاف في بعض التفاصيل البيروقراطية التي لا تفسد للتدويخ قضية.   فهل يمكننا ان نفكر خارج الصندوق؟

حمبد وشاني 4/2/2018

——————–

 * إتين دي لابويسي، مقال في العبودية المختارة

Etienne de La Boétie,Discours de la servitude volontaire

 Nous ne sommes pas nés seulement en possession de notre franchise, mais aussi avec affectation de la défendre ». P 62,

 ** قول مأثور رواه الكاتب الإنجليزي David Icke    في كتابه  le plus grand secret

Un très très vieil adage dit si vous désirez que quelqu’un fasse quelque chose, faites-lui croire que c’est sa propre idée » David Icke

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *