Home»National»هل من الضروري أن تكون كل دعوة للدفاع عن اللغة العربية استهدافا لغيرها؟

هل من الضروري أن تكون كل دعوة للدفاع عن اللغة العربية استهدافا لغيرها؟

0
Shares
PinterestGoogle+

هل من الضروري أن تكون كل دعوة للدفاع عن اللغة العربية استهدافا لغيرها؟

محمد شركي

نبهني الأخ الفاضل الأستاذ  الحسن الجرودي مشكورا إلى  حلقة  من حلقات برنامج « أزمة حوار  » الذي تقدمه المذيعة إيمان أغوتان على  قناة « ميدي1 تيفي » ، وهي نفس المذيعة التي تقدم برنامج  » بدون حرج  » . وقد جمعت هذه الحلقة في حوار بين أحمد عصيد الذي قدمته المذيعة ككاتب وحقوقي ، ومحمد بلحسن الذي قدمته كأستاذ للتعليم العالي تخصص لغة عربية ، وعضو مؤسس للائتلاف من أجل اللغة العربية ، وكان  عنوان موضوع الحوار هو :  » هل اللغة العربية مهددة في المغرب حتى نقترح قانونا لحمايتها؟  »  ومن أجل إخراج الحوار من أزمته على حد تعبير المذيعة، طرحت قضية الخلاف بخصوص موضوع مشروع قانون لحماية اللغة العربية ينوي حزب العدالة والتنمية تقديمه ليناقش في البرلمان حيث يحظى بتأييد البعض ، ويشكك فيه البعض الآخر، ويعتبره مؤامرة وراءها دوافع للإجهاز على ما يسمى بالتعدد اللغوي في المغرب .

وقبل التعليق على هذه الحلقة من هذا البرنامج  الذي ناقش موضوع اللغة العربية، لا بد من وقفة عند اسم القناة  » ميدي 1 تيفي  » لأن المذيعة سألت ضيفها الأستاذ الجامعي : هل بالفعل اللغة العربية مهددة في المغرب ؟ وكان جوابه : نعم ، ولما تساءلت عن مصادر التهديد ، أجابها بأن من ضمنها اللوحات الإشهارية والإعلام ، وتسمية هذه القناة  حين تكتب بالخط العربي تعكس ما تقوم به  معظم اللوحات الإشهارية التي لا حظ لها من العربية سوى استعمال حروفها ،والنتيجة عبارة عن عبارات هجينة لا هي عربية ولا هي فرنسية . وعن طريق التأثر بالذين يكتبون الفرنسية بالخط العربي في اللوحات الإشهارية وعناوين المحلات التجارية ، وتقليدا لهم ظهر الذين يكتبون مثل تلك اللوحات بالعامية أو الدارجة .

وكملاحظة ثانية لا بد من الإشارة إلى أسلوب تقديم هذا البرنامج الذي تحاكي فيه المذيعة إيمان أغوتان المذيع فيصل القاسم مقدم برنامج  » الاتجاه المعاكس  » في قناة الجزيرة القطرية ، وهو برنامج يقلد  بدوره برنامج  » الحوار الساخن  » الذي تقدمه قناة البي بي سي البريطانية باللغة الانجليزية . وبنفس الطريقة التي تقدم بها المذيعة برنامج  » بلا حرج  » قدمت برنامج  » أزمة حوار  » . ولا بأس بوقفة مع البرنامجين من حيث التسمية . أما  تسمية  » بلا حرج  » ففيها دلالة على التجاسر ، والرغبة  في الخروج عن المألوف مما يعتبره المجتمع محرجا لأن الحرج في اللسان العربي يدل على الإثم، والشك، والضيق، والخوف أوالتهيب من الإقدام على الفعل ، والصعوبة ، والمأزق ، واللحظة العصيبة ، والذنب ، والخطيئة ،  وحتى الحرام أوالممنوع .  وبالفعل قد تناولت بعض حلقات هذا البرنامج  ما  كان متجاوزا للحرج . وإذا تجاوزنا تسمية البرنامج نسجل ملاحظة على طريقة تقديمه حيث يستدعى أكثر من شخص يجمعهم توجه واحد أو اتفاق في وجهات النظر لمقابلة شخص واحد يختلف معهم لتكون لهم حصة الأسد من وقت البرنامج وليحقق من يقف وراءه مبتغاه من رفع الحرج خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا أخلاقية ودينية  حيث يحاصر من يصدر عن وجهة نظر دينية من طرف من يخالفونه ، وتبدو المذيعة واضحة الانحياز لهم ، وكمثال على ذلك  أذكّر بالحلقة التي استضافت فيها عبد الصمد الديالمي المشهور بدفاعه عن الإباحية الجنسية  . أما تسمية برنامج  » أزمة حوار  »  فكلمة أزمة في اللسان العربي تدل على الشدة والضيق ، وهكذا ينحو برنامج  » أزمة حوار  »  منحى برنامج  » بدون حرج  » في توجهه وأهدافه وأسلوب إدارة المذيعة له .

بعد هذا أريد الوقوف عند وجهة نظر عصيد الذي يمثل الطرف الذي أشارت إليه المذيعة بأنه يشكك في مشروع القانون المدافع عن اللغة العربية ، ويرى أن وراءه دوافع للإجهاز على ما سماه  » التعدد اللغوي في المغرب  » وهو بطبيعة الحال يقصد الأمازيغية بالدرجة الأولى .  والسؤال المطروح هو : هل من الضروري أن تكون كل دعوة للدفاع عن اللغة العربية استهدافا لغيرها خصوصا الأمازيغية ؟  كما صرح  عصيد بعظمة لسانه الذي امتنع عن الحديث بالعربية طيلة فترة هذا البرنامج هو المذيعة التي ربما يدل اسمها العائلي  » أغوتان  » على انتمائها الأمازيغي ، مع أن عصيد افتخر بإتقانه للغة العربية وقرضه الشعر بها ،ولكنه لم يبرهن على ذلك الاتقان أو على تلك الشاعرية  ، وكان حديثه بالعامية متعمدا استخفافا بالعربية ، وتعصبا للأمازيغية كما دأب على ذلك فيما يقول ويكتب . وقد تمسك عصيد بفكرة تعمد أصحاب  مشروع الدفاع عن اللغة العربية تزامنه مع قضية ترسيم اللغة الأمازيغية، وهو الذي لا يرى ترسيما للأمازيغية إلا على حساب العربية مع أن الدستور المغربي كما أشار إلى ذلك محاوره قد حسم في أمر العربية والأمازيغية ،إلا أن عصيد لا زال في نفسه شيء من عبارة الدستور التي أشارت إلى وضع الأمازيغية خصوصا لفظة  » أيضا  » المنصوبة على المصدرية دائما ،والتي تعني المعاودة كرة أخرى أو تعني  كذلك . وعصيد لا يقبل أن يقال: » تعتبر الأمازيغية أيضا لغة رسمية في البلاد  » بل يريدها اللغة الرسمية الأولى قبل العربية لأن المغرب بالنسبة إليه بلد أمازيغي وأن العرب مجرد غزاة كما يردد ذلك على الدوام . ومن كان هذا شأنه يرى لا محالة أن الدفاع عن اللغة العربية هو بالضرورة هجوم على الأمازيغية ،وغزو لأرضها ووطنها . ولا يقبل عصيد أن تكون اللغة العربية هي اللغة الأم ، واللغة الأم عنده هي التي تعلمها الأمهات للأبناء ، ولما كان المغرب في اعتقاده بلدا أمازيغيا فإن اللغة التي تعلمها الأمهات للأبناء هي الأمازيغية لا غير علما بأن واقع الحال يدحض ذلك لأن الأمهات قد تعلمن أولادهن أكثر من لغة فتصير لهم أكثر من لغة أم بل تكون لهم لغات خالات أيضا كما هو شأن  بعض أبناء جالياتنا  في الخارج  . ويبدو عصيد مدافعا عن العامية العربية ليس حبا فيها بل نكاية وشماتة في اللغة العربية التي يسميها كلاسيكية كما كان المحتل الفرنسي يسميها لتظل حسب هواه لغة الرفوف . ويكاد عصيد ينفي وجود اللغة العربية في المغرب لأن الناس لا يتكلمونها حسب زعمه بل يتحدثون بالعامية لأنها لغة التواصل اليومي، بل أكثر من ذلك زعم أن العربية ستندثر ، وحدد لذلك زمنا قريبا وكأن المغاربة لا يؤدون صلاتهم باللغة العربية، ولا يقرؤون بها القرآن  والحديث ، ولا يسمعون بها خطب الجمعة ، ولا يتابعون نشرات الأخبار التي تقدم بها ، ولا يقرؤون الصحف اليومية المكتوبة بها ، ولا يدرس أبناؤهم بها معظم المواد الدراسية ، ولا يطالعون بها الكتب . ويرى عصيد أن سبب إفلاس العربية هو طريقة تدريسها، وأشار بالضبط  إلى نحوها ،واقترح ضرورة  تغيير هذه الطريقة. ومعلوم أن فكرة تطوير طريقة تدريس العربية باقتراح إخضاعها لنحو غيرها من أنحاء اللغات التركيبية، وهي لغة اشتقاقية كما يسميها اللغوي المتخصص الدكتور محمد الأوراغي هي مؤامرة عليها لتهجينها ،والإسهام في فنائها، ذلك أن العبث ببنيتها وقواعدها النحوية والصرفية من شأنه أن يجعل الشقة بينها وبين متكلميها بعيدة حين تحيّد تلك القواعد، وتتناسى، فيستشكل أمر العربية على أهلها ، ولا تعود نصوصها قابلة للفهم وعلى رأس تلك النصوص نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف ، وكل النصوص المتعلقة بهما . ولا أظن أن عصيد يشفق على العربية من قواعدها حين يطالب بتغييرها بل يريد صرف المغاربة عنها لحاجة في نفسه لا يخفيها  في كل المحافل .  ولو اطلع  عصيد على مؤلف الدكتور محمد الأوراغي ـ  ولا يمكنه المزايدة على انتمائه الأمازيغي ـ  وهو :  » الوسائط اللغوية أفول اللسانيات الكونية واللسانيات النسبية والأنحاء النمطية   » لأدرك تهافت فكرة إخضاع العربية لنحو غير نحوها، وذلك لاختلاف بنيتها عن بنية غيرها مما أراد نعوم شومسكي أن يعممها على كل اللغات من خلال ما سماه النحو الكوني ، وهو مشروع من مشاريع العولمة في المجال اللغوي كما ذكر الأستاذ الأوراغي . وقد تهافت المتهافتون ممن لا يوثق بنواياهم على لسانيات شومسكي ، وحاولوا إلباس العربية لبوسها الذي لا يناسبها ، ولا زالوا ينادون بذلك بذريعة تجديد نحو اللغة العربية، وتطوير تدريسها ،وما هو بتطوير بل هو إجهاز عليها لحاجة في نفس التيار العولمي ومن يشاركه الأهداف.

و أخيرا في اعتقادي أن العربية لا تحتاج إلى مشروع وثيقة للدفاع عنها كالتي يريد حزب العدالة والتنمية تقديمها في البرلمان بل يقتضي  الرجوع إلى أهل الاختصاص من أمثال الدكتور محمد الأوراغي للاستفادة من مشروعه لتطوير نحو اللغة العربية الذي وضع أسسه العلمية سيبويه عوض ترك المجال للذين يجهلون هذا النحو ومع ذلك ينتقدونه ، وينادون ببديل عنه مما سماه شومسكي النحو الكوني ، وما هو بكوني إن هو إلا ظن لا يغني من الحق شيئا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *