Home»National»رد على مقال: مُقَارَنَةُ الأدْيان أَمْ مُقَارَعَتُهَا !!!

رد على مقال: مُقَارَنَةُ الأدْيان أَمْ مُقَارَعَتُهَا !!!

0
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي
تحت عنوان « مقارنة الأديان أم مقارعتها !! » نشر رشيد لبيض بجريدة هسبريس يوم الجمعة 12 يناير 2018 مقالا عبر فيه عن انتقاداته لما دار بالندوة الدولية التي نظمها مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين الأديان (كايسيد) بمؤسسة آل سعود للدراسات الإنسانية والإسلامية بالدار البيضاء، والتي كانت تحت عنوان:  » تبني الحوار وعدم إقصاء الآخر ».
لقد آخذ الأستاذ رشيد على هذه الندوة العديد من الأمور سواء على المستوى التنظيمي أو على مستوى الحمولة الفكرية والأطروحات المعرفية الأحادية الجانب التي تقدم بها الباحثون، فكانت الندوة كأنها حوار مع الذات، واستغلال لغياب الطرف المعني بالحوار من أجل جلد ظهره والحكم على دينه ومعتقداته بما لا يرضاه الطرف الآخر لو كان متمثلا وحاضرا.
ويخلص الأستاذ رشيد إلى القول:  » عندما ندرس الأديان الأخرى دعونا نتوجه إليها بمحاولة فهم فقط إن كنا حقا نريد الحوار مع الآخر، دعونا من الصحيح والخطأ، فالحقيقة منفلتة منا جميعا باختلاف مللنا ونحلنا، دعونا نتعرف على باقي الأديان لنبحث فيها عن المشترك الذي يجمعنا لا عن المفترق الذي يعصف بعلاقاتنا الإنسانية، دعونا نبحث عن الحب في كل الأديان، أن نحب بعضنا كبشر، أليست الإنسانية مشتركنا، أليس الله واحدا، فلم كل هذه الفرقة وكل طائفة تدعي امتلاكها لله، الله لنا جميعا بشرا وحجرا وشجر، فنجتهد في حبه وحب خلقه أجمعين وفي ذلك فقط نجاتنا من أحقادنا المدمرة.
وتوفيقا لما جاء بالندوة الدولية، وما دعا إليه الأستاذ رشيد من توجيه جميل، أقول: إن من أغرب ما ابتليت به أمتنا ما يسمى بحوار الأديان، ووجه الغرابة فيه أن جميع المحاورين من الطرف الإسلامي يعلمون علم اليقين أن هذا الحوار لن يجدي نفعا، وعدم جدواه ليست متأتية من الطرف الإسلامي، رغم هرولتهم نحوه، وإنما لنظرة الطرف الآخر لهذا الحوار وللخلفية التي من وراء الدعوة إليه، وهي أمور من المؤكد أنها تغيب عن أصحاب الندوة كما تغيب عن الأستاذ رشيد وإلا لما دعا هو الآخر إلى هذا الحوار من أجل الحب والتخلص من أحقادنا المدمرة.
إن المسيحية لا تعترف أصلا بوجود الإسلام، لأنها تعتبر المسيح خاتم الرسالة، لذلك فهي « لا تعترف بنبي الإسلام الذي أدانه المسيحيون بصورة سلبية، تهجمية وعدوانية »، كما يقول الأب ميشيل لولنج الذي يعتبر أحد أبرز أعضاء جمعية الحوار الإسلامي المسيحي، ولو كان يؤمن بالحوار لما صرح بهذا الكلام الخطير الذي يلغي أصلا وجود النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فكيف يحاورك من لا يعترف بوجودك أصلا؟ وإلى أي نتيجة سيؤدي هذا الحوار الذي لا منطلق له، ولا أرضية يقف عليها؟
يقول موريس بوكاي: « إن المسيحية لا تأخذ في الاعتبار أية ديانة بعد المسيح ورسله، وبذلك فهي تستبعد القرآن  » وما قاله الأب كاسبار كان أكثر وضوحا حيث قال: »إن هنالك من بين رجال الدين الحاضرين من يعتبرون الإسلام خطأ مطلقا لابد من رفضه، لأنه يمثل خطرا بالنسبة للكنيسة، ولابد من محاربته « .
وقد يجد المسلم أو يستشهد  على مصداقية الحوار بما يجده هنا وهناك في بعض منشورات الفاتيكان أو رسائل البابوات من مثل ما ورد في أحد أهم البيانات الصادرة عن الفاتكان سنة 1965وهو قولهم: « إن الكنيسة تستنكر كل تفرقة، وكل عنف يقع على الناس بسبب الجنس، أو اللون، أو الطبقة، أو الدين، لأن ذلك يخالف روح المسيح »،  ولكن شتان بين التصريحات وما يدور في الواقع من ذبح وتقتيل وتعذيب وتمثيل يزيل تماما القناع عن كون المسيحية المزيفة دين السلم والرحمة تخالف تماما ما كانت عليه على عهد سيدنا المسيح عليه السلام.
فمثل هذا التصريح ما هو إلا قناع لممارسة الحقيقة التي هي العمل بكل جهد وبدل الغالي والنفيس من أجل اقتلاع الإسلام من هذا الوجود. إن الحوار في هذا السياق يصبح مماطلة وربحا للوقت لتدبير المكائد وحَبْك الخطط من أجل تدمير الإسلام وإزالة أي رائحة تدل على المسلمين. وقد يتساءل سائل عن سبب هذه المكائد وهذا العداء المتجدر، ودواعي كل هذه التربصات التي كانت من وراء حروب صليبية عنيفة، فإن الأمر يكمن في سبب واحد وهو جوهر الإسلام الطاهر النقي الصافي الذي لم يتغير أو يتبدل، فالإسلام هو الدين الذي وعد الله بحفظه، وبالتالي يعد شاهد إثبات على جرائم بولس والرسل وعمليات تدنيس الإنجيل المقدس. إن (الجريمة) التي ارتكبها المسلمون، والتي يستحقون عليها الإبادة والتطهير، في نظر الكنيسة، هي أنهم ينتمون لدين لم يعتريه التحريف، وهذا الدين قد بين للناس  سواء الطريق الذي لا يختلف  فيه أي دين سماوي من عند رب العالمين، وسلاح الجريمة هو القرآن الكريم، وبالتالي فإن أول شيء يرجوه المجرم هو إتلاف الدليل على جرائمه، فيكون الحوار إذن تمهيدا أو حيلة أو خطة للانقضاض وإتلاف  الدليل ليختفي نهائيا من هذا الوجود.
ففي الوقت الذي يرفع فيه الفاتيكان شعار الحوار يأتي تكتيك البابا يوحنا بولس برفع النداء والدعوة  للحرث في الأرض المحروثة، إعادة تنصير العالم، وكأن العالم كان من قبل نصرانيا ووجبت إعادة إرجاعه لسابق عهده، وهذه الدعوة ليست قديمة بل أعلنها البابا فقط سنة 1982 من شمال غرب إسبانيا،  فعما سيحاور المسلمون وقد كانت هذه الدعوة عبارة عن صك غفران لكل من يمارس الإبادة ويعمل السيف في المسلمين بكل وحشية وشراسة، وكذلك كان. إن العلماء المسلمين ذوي الفطنة والوعي التام بما يقع والدراية بسياسة المجامع الرسولية الفاتيكانية أدركوا أنه إعلان عن حرب صليبية جديدة لا تختلف عن إعلان البابا أوربان الثاني سنة 1095م.
إن القبول بالحوار أو عدم القبول به من طرف المسلمين، يجعلهم بين خياري: إما الدخول في لعبة تحدد طبيعتها وطبيعة أرضيتها الكنيسة ومجلس البابا، هذا البابا الذي يَحْبِك الخطط من وراء الحوار في أقبية مظلمة ويضع الاستراتيجيات لإبادة المسلمين والقضاء على الإسلام في كل بقع العالم، وإما التفطن وأخذ الإجراءات اللازمة لحماية الإسلام والمسلمين على السواء وذلك بالتكتل وتشكيل التنظيمات الرسمية العالمية بدعم من الدول الإسلامية لتقوية النفوذ، و فتح المجال لكل من يفقه الدين كي يقوم بتعليم الناس الإسلام فكرة وعقيدة ومنهج حياة، وترسيخه في القلوب بكامل الوعي، والعمل على فضح مخططات التنصير اللاشرعي واللاقانوني.
ومن غرائب الأمور أن في الوقت الذي كان فيه المسلمون يهرولون نحو الحصول على التأشيرات من أجل السفر للحوار (المصيدة)، كان الفاتيكان يعلن عن إطلاق قمره الصناعي « لومن 2000 » أي « نور 2000 » الذي يعد أحدث تقنية لممارسة التنصير الجوي عبر قنوات العالم من جهة، وتوحيد كنائس العالم تحت لواء الكنيسة الكاتوليكية كنوع من توحيد العقيدة المسيحية لمواجهة الخطر الأخضر وتنصير العالم وجمع الشتات من أجل السيطرة.
لقد صدر سنة 1992 الكتاب الأكثر عداوة للإسلام والمسلمين، بالفاتيكان، وهو كتاب « التفسير الديني الجديد للكنيسة الكاتوليكية » والذي يتضمن محاضر تتحدث عن الحوار مع المسلمين، حيث أول نقطة في جدول الإقصاء وعدم الاعتراف جاءت عن طريق سحب الانتماء لسيدنا إبراهيم لتحقيق اعتبار العرب كأي شعب لا علاقة تربطهم بالأنبياء بل يكتفون بالإيمان بهم، لقد جاء في الصفحة 185 من هذا الكتاب: « إن هدف الخلاص يتضمن أيضا من يعترفون بالخالق: أولا: المسلمون الذين يؤمنون بإبراهيم ويعبدون معنا الله الواحد، الرحيم، حاكم الناس في اليوم الآخر » فعبارة « الذين يؤمنون بإبراهيم » قد وضعت بعناية فائقة لتحقيق تحريف تاريخي وهو أن العرب يؤمنون بإبراهيم  ولا ينتسبون إليه عن طريق ابنه إسماعيل.
وقد شاء الله تعالى أن يفضح المجمع الفاتيكاني على لسان أحد بابواته وهو الأب
كاسبار بقوله: « لقد أعيدت صياغة النص، حتى لا يتخذ تمهيدا لحل المسائل الصعبة، التي ظل النقاش حولها: مثال: النسب التاريخي للعرب، ابتداء من إسماعيل، وخاصة صلة الإسلام بالرسالة الإنجيلية. وحتى لا يفهم منها أيضا أن الله قد تحدث أيضا إلى محمد « .
حتى على المستوى الثقافي فلا أحد يمنع مفكريهم من أن يوجهوا سهام القذف بأفضع وأقبح وأبشع الصفات وإلصاقها بالإسلام أو برسوله الكريم، حتى تنتشر هذه الصورة الحقيرة في أذهان أطفالهم وشبابهم ومثقفيهم، فمونتيسكيو يعتبر الأمة الإسلامية شعبا من الرعاع، ودي جوبينو ينعتها بأمة سفاح، و بلزاك يصفها بأنها أمة تكرس جسدها وروحها للانتقام، وآخر يقول: « إن شريعتهم الملعونة التي أعطاها لهم محمد تأمرهم بإيذاء الآخرين الذين لا يدينون بإيمانهم  » ويقول جوستاف فلوبير كأحد أكبر أدبائهم: « إنني أطلب باسم الإنسانية أن يسحق الحجر الأسود، ويلقى رماده في الريح، وأن تهدم الكعبة، وأن يدنس قبر محمد، إنها الوسيلة الوحيدة لإحباط التعصب  » . أما عن الحجاج المسلمين فيقول أجريبا دوبنييه : « إنهم يفقئون عيونهم بعد مشاهدة قبر الرسول حتى لا يروا أي شيء دنيوي بعد ذلك « .
لا أعتقد أنه سيبقى هناك أي جدوى لأي حوار مع أناس لا يعترفون بنا كمسلمين، وينظرون إلينا كهمج رعاع وينعتون نبينا بما لا يجمل من النعوت، من جهة، وينظرون إلينا كتهديد حقيقي لهم بفضل زيغهم وانحرافهم عن الخط الرسالي السليم من جهة ثانية، ويسعون جاهدين إلى محونا وقد بدأوا ذلك منذ الحروب الصليبية الأولى من جهة ثالثة.
ففي الوقت الذي كان ينبغي علينا نحن المسلمين أن نعي هذا، لايزال العديد منا يؤمن حتى النخاع  بالحوار بين الأديان، كما فعل مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين الأديان (كايسيد)، بتنظيمه لتلكم الندوة، أو كما دعا الأستاذ رشيد إلى ضرورة التعرف على الآخر والحوار معه حتى نبحث عن المشترك الذي يجمعنا لا عن المفترق الذي يعصف بعلاقاتنا الإنسانية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.