Home»National»هل تم الاستعداد بما فيه الكفاية لجعل مدينة وجدة عاصمة فعلية للثقافة العربية؟

هل تم الاستعداد بما فيه الكفاية لجعل مدينة وجدة عاصمة فعلية للثقافة العربية؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

بسم الله الرحمن الرحيم

هل تم الاستعداد بما فيه الكفاية لجعل مدينة وجدة عاصمة فعلية للثقافة العربية؟

يقول المثل الشعبي « الزواج ليلة وتدبيره عام ». وماذا لو كان الزواج أو العرس سيدوم حولا كاملا كما هو الشأن بالنسبة لعرس اختيار مدينة وجدة عاصمة للثقافة العربية، فكم سيحتاج التحضير له من الوقت؟ مناسبة هذا الكلام هو عزم مجلس جماعة وجدة عقد جلسة يوم الجمعة المقبل 12 يناير تروم استجماع اقتراحات وتصورات الفرق السياسية والمنتخبين وكل المتدخلين لعرض اقتراحات مشاريع وبرامج ثقافية بالمدينة.

 فبقدر ما يمكن قراءة انعقاد هذه الجلسة على أنها تتوخى المقاربة التشاركية في التعامل مع مختلف الفعاليات للمساهمة في كيفية إصباغ المدينة بصفة الثقافة العربية التي أصبحت تتلاشى مع الزمن، بقدر ما أجدني مضطرا لإعادة تساؤل كُنتُ قد طرحتُه في مقال لي نُشر بوجدة سيتي بتاريخ 29/12/2017 تحت عنوان: وجدة عاصمة للثقافة العربية لسنة 2018 تشريف أم تكليف؟ حيث تساءلت عن طبيعة المعايير والمؤشرات التي تم اعتمادها لاختيار مدينة وجدة عاصمة للقافة العربية، وهل هذه المعايير والمؤشرات متوفرة في الوضع الثقافي الراهن للمدينة، وهو ما يعني أنه قد تم التحضير للعرس مسبقا، أم أنها معايير ومؤشرات مفترضة سيتم العمل على توفيرها مستقبلا، وهذا ما يُستنتج مع الأسف من إعلان جماعة وجدة، ذلك أن عقد الجلسة يوم 12 يناير للشروع في استجماع المقترحات يُعتبر جد متأخر إذا كنا فعلا نريد أن يكون العرس في مستوى تطلعات زوار عاصمة الثقافة العربية، على اعتبار أن العرس يبدأ مع أول يوم من عام 2018. ومما لا شك فيه أن نجاح أي عمل كيفما كان نوعه رهين بمدى جدية التحضير وبمدى توفير كل المستلزمات المادية منها والمعنوية، وإلا فالنقصان حليفه، وهو ما لا نتمنى حصوله في كل الأحوال.

وإذا كان مضمون هدف هذه الجلسة كما ورد في البلاغ المنشور بأحد المواقع الإلكترونية المحلية بتاريخ 09/01/2018 هو « فتح المجال أمام الطاقات والفعاليات المحلية للمساهمة باقتراحاتهم في وضع برنامج ثقافي يروم تعريف العالم العربي والإسلامي والدولي بالأبعاد الحضارية والثقافية لحاضرة الشرق مدينة وجدة » وهو مضمون لا يمكن إلا أن يثمنه كل غيور على المدينة، إلا أننا، على الأقل في تقاليدنا العربية الإسلامية، بقدر ما نولي المضمون الأهمية اللازمة، فإننا نولي اهتماما بالغا للوعاء الذي يُقدم فيه هذا المضمون سواء كان هذا الوعاء ماديا كالفنجان بالنسبة للقهوة أو الصحن بالنسبة للطعام، أو معنويا كما هو الشأن بالنسبة لتوضيب وإخراج كتاب ما وطبيعة ورقه أو توفير الديكور المناسب لمسرحية معينة على سبيل المثال. ذلك لأن الوعاء بصفة عامة ُيضفي على المضمون رونقا يُرَغِّب في تناوله بنهم. وإذا افترضنا أن هذه الاقتراحات المضمون ستكون في المستوى، وأتمنى أن تكون كذلك، فإن تقديمها للزوار في الطبق الذي توجد عليه مدينة وجدة في الوقت الحالي، لا يمكن إلا يُنقِص من لذة هذا الطبق بسبب عدة عوامل تعتبر بمثابة أوساخ في الصحن يَعافُ المدعون بسببها أكل ذلك المضمون ولو كان جيدا. وأعتذر إذا كنت مضطرا لإعادة تبيان بعض هذه العوامل الأوساخ من مثل التلوث اللغوي الذي تُعاني منه المدينة، مركزها وهوامشها، وقلة المكتبات وفقرها، وغياب الكِتاب الجاد في المتوفر منها…

لأجل هذا، وحتى يَشعر الزائر العربي والمغربي على السواء، بتناغم بين الوعاء الذي هو الجانب المادي للمدينة والمتمثل في تقديري في جدرانها وأزقتها ولوحات إشهارها ونظافتها ولغة أهلها وكيفية تعاملهم مع الزوار من جهة، وبين مختلف الأنشطة الثقافية المزمع تقديمها خلال هذه السنة التي يرجى أن تكون في مستوى تطلعات كل من يعنيهم أمر الثقافة بالمدينة من جهة أخرى، فإني أتوجه من هذا المنبر إلى مسؤولي جماعة وجدة بمختلف أطيافهم، وإلى السلطات المحلية وإلى كل من يعنيه الأمر بإيلاء هذا الوعاء أهميته التي يستحقها من جانب، والتسريع بوضع برنامج هذه الأنشطة وتمكينه لكل من يهم الأمر من جانب آخر حتى يكون في متناول الجميع ضيوفا وأصحاب الدار ويمر العرس بالشكل الذي يتوخاه كل غيور على مدينته وثقافته العربية الإسلامية.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.