Home»National»ثقافة جدول الأعمال

ثقافة جدول الأعمال

0
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
ماذا نعني بثقافة جدول الأعمال؟
نعني بثقافة جدول الأعمال كل الأشكال التنظيمية والإجراءات العملية المساعدة في حسن تدبير الاجتماعات. أي اعتماد وسائل إدارية مضبوطة تخول للهيئات من خلال الاجتماعات سلاسة الخروج بقرارات تنظيمية.
هذه الاجتماعات ما كانت لتتمخض عنها قرارات لولا حسن تدبير الأجواء التي وجب أن تكون حوارية وتدافعية قوامها الرأي والفكرة والمقترح.
إن العديد من الهيئات والتنظيمات، سواء منها التي تشتغل في الحقل الثقافي أو الحزبي أو النقابي أو التربوي، تعطي للشكل التنظيمي قيمة كبيرة، وذلك من خلال عملها بآلية توفر النصاب، واعتماد نسبة الأغلبية، واعتبار صوت الرئيس مرجحا، ووضع جدول الأعمال، واعتماد التقارير إلى غيرها من الآليات التنظيمية الإدارية.
ولكنها، في أغلب الأحيان تقع في اختلالات إدارية وتنظيمية قاتلة من شأنها أن تحول أعمالها إلى رماد واجتهاداتها إلى عبث. وذلك عندما تتخذ قرارات بعد نقاش عميق وحوار مستفيض، وقد تكون هذه القرارات مهمة، ولكنها لا تحدد من يقوم بها أو ينفذها أويتتبعها.
كما أن أغلب الهيئات في هذه التنظيمات، لا تبدأ جدول أعمالها بنقطة تتبع ما سلف ذكره وإقراره، حتى يكون العمل اطراديا ومسؤولا، وليس عبثا وتضييعا للوقت وإتلافا للجهد. وذلك راجع إلى أحد الخللين: فالأول يتجلى في عدم التجربة وعدم إعطاء العمل قيمة والقرارات أهمية قصوى، وبالتالي لابد من تتبع عملية تنفيذها، والثاني يتجلى في تملص المسؤول من مسؤولياته فيبعد الحديث عن التتبع وذلك بتعمد عدم ذكرها كأول نقطة في جدول أعمال الاجتماع التالي. فإن فطن النجباء والنشطاء فذاك، وإلا فهذا ما يريد.
إن أغلب القرارات التي تتخذ، سواء بإجماع أو بالأغلبية، لا تنفذ. وأحيانا، إجابة عن هذا الاختلال التنظيمي، نجد السبب راجعا إلى تواطئ طبيعي من طرف جميع الأعضاء عندما يكون الرابط الوحيد بينهم هو الكسل والدعة والركون إلى الراحة وعدم تحمل المسؤولية. وهذا يترتب عنه نسيان جماعي للموضوع وبالتالي عدم تقييمه.
ولسد هذه الثغرة، وتداركا لهذا الخلل، اعتمدت بعض الهيئات اعتماد تعويضات مالية للمسؤولين، وذلك فقط لبذل مزيد من الجهد وضخ المزيد من الجدية في إنزال القرارات وتنفيذها و تتبع الأعمال وتقييمها.
إن اعتبار العمل داخل هذه الهيئات هو مجرد عمل تطوعي، وبالتالي هو كاف لتبرير عدم الجدية والحزم وتحمل المسؤولية، تشوبه مغالطة كبيرة، حيث العمل الذي يكون بدون مقابل، كالعمل في الجمعيات أو النقابات والأحزاب، غالبا ما يكون عملا يستند إلى ما هو أكبر من المقابل المادي، ألا وهو الإيمان بالمشروع في إطار تدعمه قيم ومبادئ مشتركة بين جميع المنتمين، من جهة، ومن جهة ثانية، فبمجرد التحاق العضو بجمعية ما أو تنظيم أو حزب، سيعمل على توقيع طلب الانخراط، وربما اطلع على قوانين أساسية وداخلية، وبالتالي فهذه الخطوات هي عبارة عن التزام ووعد يلغي مسألة التطوعية نهائيا، حيث يصبح العضو خاضعا لقوانين ومقررات تنظيمية وتصورات ومواثيق، وبالتالي فهو مطالب بأن يكون في مستوى أي مسؤولية من المسؤوليات التي تناط به أو يرشح لها، أو تنتخبه القواعد ليقود هيئة من الهيئات.
وأما فيما يتعلق بالانتخابات التي يتولد عنها ملء مناصب المسؤولية بأشخاص منتخبين، فإن آفتها تتجلى في غياب ما يسمى بفقه المعايير، أي هل تعي القواعد المعايير المطلوبة لانتقاء القائد الأكفأ، وهل تعرف ما معنى القيادة؟ وما خصائصها؟ وما شروطها؟ وما ينبغي أن تتحلى به؟ وما لا يجوز في حقها؟ أم أنها تنتقي وفق معايير أقل ما يقال عنها أنها سطحية عاطفية ولا علاقة لها بحسن التدبير وجودة التسيير وقيادة فريق، والقدرة على التعامل مع الأزمات والضغوط، وتحمل المسؤولية بالشكل المطلوب، وتعي المعنى الحقيقي لثقافة جدول الأعمال، أي أنها ليست مجرد اتخاذ القرارات بل في القدرة كذلك على حسن تنزيلها مع حسن توظيف المتاح من الطاقات لتحقيق أكبر النتائج بأقل الجهد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *