Home»Enseignement»من العبث اعتبار التلميذ المعتدي على أستاذته حدثا للتمويه على جريمته الشنيعة

من العبث اعتبار التلميذ المعتدي على أستاذته حدثا للتمويه على جريمته الشنيعة

1
Shares
PinterestGoogle+
 

من العبث اعتبار التلميذ المعتدي على أستاذته حدثا للتمويه على جريمته الشنيعة

محمد شركي

أرى أنه من العبث ومن السخف وصف التلميذ المعتدي على أستاذته بسلاح أبيض وإصابتها في وجهها بجرح عميق سيخلف ندبا بالتلميذ الحدث ، علما بأن معنى الحدث في اللغة العربية هو الصغير السن الذي لم يبلغ الحلم، ولم يبلغ سن التكليف . ولا ينطبق هذا الوصف على تلميذ في السلك التأهيلي إلا أن يكون المقصود بالحدث دلالة هذه الكلمة أيضا على النجاسة وهو وصف أنسب لمن يقدم على هذا الفعل الشنيع  . ولو أننا التزمنا بتعاليم ديننا الحنيف وبشرعه لسمينا المسميات بأسمائها ، ففي شرعنا يعتبر الشخص البالغ سواء كان ذكرا أم أنثى مكلفا ، ودلالة التكليف أنه يكون مسؤولا ، ويحاسب على ما يصدرعنه من أفعال  ومعلوم أن البالغ المكلف مأمور بعبادات ،فلا يحق له أن يترك الصلاة عمدا ، ولا أن يفطر عمدا في رمضان ، ولا يحق له ارتكاب الجرائم بكل أنواعها ،مثل الزنا وشرب الخمر ،والقتل العمد ، والاعتداء بالجرح أو الضرب أوغير ذلك مما يمنع على كل من بلغ سن التكليف . ولو جاز أن يعتبر البالغ المكلف حدثا غير مسؤول عما يصدر عنه لما أوجب الله عز وجل عليه العبادات وحاسبه عليها يوم القيامة . ولا يستقيم أن يحاسب هذا البالغ المكلف على إخلاله بالعبادات ، وعلى ارتكاب المعاصي شرعا، ولا يحاسب على الإجرام والاعتداء .

ومن المؤكد أن الذي جعل وصف البالغ المكلف عندنا بالحدث هو متابعة أمم أخرى في  وصفها للشباب البالغ عندها لأن البلوغ في ثقافات غيرنا لا يعتبر مؤشرا على التكليف وتحمل المسؤولية لأنهم يحددون للتكليف سنا معينة حسب قوانينهم الوضعية  . ومن المشاكل التي يقع فيها مجتمعنا المسلم هو متابعة أمم غير مسلمة في شرائعها الوضعية  ، وثقافاتها بسبب عقدة الشعور بمركب النقص أمامها لمجرد تطورها المادي والتكنولوجي الذي يجعلنا نقيس قيمها الأخلاقية على تطورها المادي والتكنولوجي، ونقع بسبب ذلك في تقليدها التقليد الأعمى المثير للسخرية ، وهو تقليد يجعلنا نتنكر لهويتها الدينية وثقافتنا وشرعنا .

 ومعلوم أن حكم الله عز وجل  في الجنايات ،والذي شرعه لمن كان قبلنا، وشرعه لنا أيضا ، وأكده بذكر شرع من كان قبلنا هو مواجهة الجناية بالقصاص وهو عقوبة من نفس جنس الجرم حيث  يكون إتلاف نفس القاتل مقابل اتلاف  نفس المقتول ، وتكون العين مفقوءة بالعين ، والأنف مجدوع بالأنف ،والأذن مصلومة بالأذن ، والجرح بجرح مثله . هذا حكم الله عز وجل وشرعه  لردع المعتدين ، ومنعهم من الاعتداء على الأنفس البشرية وعلى الأعضاء . ولقد وقعنا فيما وقع فيه بنو إسرائيل من تحريف حكم الله الذي أنزله في التوراة، علما بأن تأييد ما شرع الله عز وجل في التوراة لما شرع في شريعة الإسلام يزيدها قبولا في النفوس .

وكان الأجدر أن يطبق شرع الله عز وجل في الاعتداء على الأنفس وعلى أعضاء الجسد، فيعاقب التلميذ الذي جرح أستاذته بجرح من نفس الحجم وفي نفس العضو وبنفس الطريقة عوض التذرع بأنه حدث، وكأن وصفه بهذا الوصف يعفيه من العقوبة ،وهو بالغ مكلف ومسؤول شرعا أمام الخالق والخلق . ولا يعفى عن الجاني إلا إذا أراد المعتدى عليه التصدق بالحق الذي له أي التنازل عن حقه لقوله تعالى : (( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص  فمن تصدق به فهو كفارة له  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) .

ومعلوم أن تعطيل هذا الحكم وتعويض العقوبات على مثل هذه الجرائم بالحبس يشجع المعتدين على العدوان والإجرام حين  يطمئنون بأنهم لن يقتص منهم بإتلاف أنفسهم إذا أتلفوا أنفس غيرهم ، ولا تفقأ لهم عيون ، ولا تجدع لهم أنوف ، ولا تصلم لهم آذان ، ولا يجرحون مقدار ما جرحوا غيرهم .

وقد يشجع المعتدين تنازل ضحاياهم عن حقوقهم على التمادي في الاعتداء لأنهم يعولون على ذلك التنازل للنجاة من القصاص الذي حرس به الله عز وجل الحياة وصانها به ، وصان  به أعضاء الجسد أيضا . ولا شك أن عدم تطبيق القصاص هو الذي يحمل المعتدى عليهم أو ذويهم على ممارسة القصاص بأنفسهم على المعتدين، الشيء الذي قد يجعلهم يتجاوزون القصاص ، ويقعون في اعتداء آخر  يستوجب بدوره قصاصا ، وهو أخذ ما هو حق بلا زيادة أو ما يسمى شرعا  التكايل في الدماء وكان عند بني إسرائيل وعند أهل الجاهلية بحيث يقدر إتلاف النفس الواحدة بإتلاف عدة أنفس أو إتلاف عضو واحد بعدة أعضاء ، وهو أمر حرمه الله عز وجل وأقر محله القصاص وهو عدل لا جور فيه .

وإذا كان لا يحسن أن نحرض الأستاذة المعتدى عليها على متابعة الجاني ، فإنه من تربية هذا الأخير ألا يستفيد من عفوها لأن ذلك من شأنه أن يشجع غيره على ارتكاب مثل جرمه خصوصا وأن اعتداء المتعلمين على أساتذتهم تكرر في ظرف وجيز في الآونة الأخيرة وفي عدة جهات ، ويخشى أن يصير سلوكا متكررا على أوسع نطاق أو يصير ظاهرة ، لهذا لا بد أن ينال التلميذ الجاني أشد عقوبة ممكن لكونه يرتكبها  في مؤسسة تربوية  لها حرمتها وقدسيتها ، ومن طرف متعلم في حق من يعلمه ويربيه  . ولا شك أن هذا التلميذ الجاني قد اقتدى بالمجرمين الذين يمارسون مثل هذا الاعتداء والذين يسمون « المشرملين « وقد كثر الحديث عنهم وعن عصاباتهم وإجرامهم، وقد يكون قد اعتاد على استعمال السلاح الأبيض وأصاب به من قبل ضحايا لأن الإقدام على هذا الجرم لا يقع إلا ممن كانت له جرأة واعتاد عليه أو اعتاد على معاينته في وسطه .

في الأخير نقول على المكلفين بالتشريع الخاص بما يقع في المؤسسات التربوية من اعتداءات أن يبادروا إلى سن قوانين صارمة وقاسية ضد اعتداء المتعلمين على الأساتذة  والعكس أيضا ، كما يجب على المشرعين أن يراجعوا إطلاق صفة حدث على البالغين المكلفين من الشباب ، وأن يراجعوا الأحكام المتعلقة باعتداء  المتعلمين على المربين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.