Home»National»حكايا استاذ متقاعد : مخبران تعسان

حكايا استاذ متقاعد : مخبران تعسان

0
Shares
PinterestGoogle+
 

يعتبر الاستخبار عنصرا لاغنى عنه في أمن الدول منذ قيام التجمعات البشرية المنظمة.
وبالرغم من تطور وسائل حماية البلدان بفضل ما توفره التكنولوجيا من أدوات الرصد، فإن العامل البشري يظل حاسما في كشف مصادر الشر، خاصة في الدول التي تطور فيها مفهوم الوطنية الإيجابي.
وتعتبر ألمانيا والصين الشعبية نموذجا في مساهمة كل المواطنين في توفير المعلومة الوقائية.
ويروي الرحالة ابن بطوطة، أنه كان يفاجأ بصورته تسبقه الى المدن الصينية التي يقصدها حتى يعرف الجميع أن اجنبيا قد حل بين السكان ويتعين القيام باللازم!
كان الصينيون يرسمون صورة الزائر باليد ويعملون على اقتسامها( بارطاج بمفهوم الفايسبوك)قبل أن يوسعوا وسائل المراقبة الشاملة المتاحة في الوقت الراهن شأنهم في ذلك شأن كل الدول المتطورة.
إن الحديث عن وسائل الاستخبار، لا ينبغي أن يستثني بلدنا العزيز، حيث أن جهاز المقدمين والشيوخ يظل منافسا قويا لكل أشكال ووسائل التقاط المعلومة، مما جعلنا نتفادى كثيرا من محاولات الإيذاء المتتالية.
إنه في الواقع عمل يجب أن يضطلع به كل مواطن يحب الخير لبلده ويعتبر بما يقع هنا وهناك ، لا سيما في الاقطار العربية.
بعد هذه المقدمة،، الطللية،،أود أن أذكر بحدث استخباراتي عرفته بلدتنا ايام الحماية.
كان الاستخبار يومئذ يخدم المحتل ويوقع بالاهالي على يد أبناءجلدتهم مقابل بعض المنافع المادية أو مجرد الحظوة الوهمية.
تولى شخصان القيام بمهمة تبليغ الحاكم الفرنسي بدبدو بكل ما يعتبر سلوكا يتعين كشفه، وظل الرجلان يلتقطان الشاذة والفادة لترتفع وتيرة الرضا عنهما.
ظل الرجلان يتوافدان على دبدو راجلين في الغالب دون أن يشعرا بأدنى نصب لا سيما إذا عاد بكيس من السكر الذي كان من قبيل الترف في تلك الايام السوداء.
وبما أن الموظفين من دول الشمال لا يخلدون في مناصبهم كما هو الحال عندنا، فقد رحل الحاكم الذي خدمه المخبران زمنا وحل اخر مكانه.
كان التغيير ثقيلا على نفسية الرجلين، وظل يضربان أخماسا في اسداس قبل اتخاذ القرار المناسب.
اقتنع المخبران بأن عملهما لا غنى عنه أيا كان الحاكم، لذلك بادرا الى زيارة المسؤول الجديد لمواصلة خدمتهما.
تم الاتفاق على أن يدخل أحدهما منفردا لجس النبض، ثم بعد ذلك يحصل الاندماج !
استأذن المخبر الاول، فلما صار بين يدي الحاكم الجديد، سأله عن موضوع الزيارة ليجيب بانه اعتاد وزميله بالخارج على نقل الاخبار ووضع،، فرنسا،، في صورة الاحداث حتى لا تتعرض مصالحها لمكروه.
استشاط الحاكم غضبا فامر زبانيته بتقديم وجبة عقابية لائقة بمقام هذا الزائر غير المرغوب فيه.
كانت الحصة كافية ليخرج صاحبنا وهو يتحرك بصعوبة بالغة تحايل عليها بابتسامة مصطنعة عندما اقترب من زميله.
كان المنتظر متشوقا لمعرفة نتائج الزيارة، فأراحه زميله عندما قال:(وو قاه تاهدهوت تبارك الله ييف ون امزوار واهلي!)
يقصد ان المسؤول الجديد هدية لا مجال لمقارنته بسلفه.
انشرحت أسارير السائل، فطلب من صديقه الكلمة المفتاح لتحقيق غايته.
أشار عليه زميله ان يكتفي بالقول عند سؤاله بأنه جاء لأجل ما جاء لأجله زميله !
تضاعف غضب الحاكم، فطلب من الجلادين بأن تتضاعف حصة عقابه !
كان الضحية الاول قد استرجع انفاسه، فلما وصل شريكه مترنحا صاح فيه:
الان وقد اقتسمنا الغنيمة، فإني اخيرك في الإنكار والبوح !
لم يطل صمت المخبرين التعسين، إذ ما إن تعافيا حتى صار يتحفان المجالس بالواقعة التي كان كل واحد منهما يضفي عليها مزيدا من التوابل للتنفيس عن الاهالي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.