Home»National»استعطاف من أجل رهين المحبسين

استعطاف من أجل رهين المحبسين

1
Shares
PinterestGoogle+
 

رمضان مصباح الإدريسي

ومن أجل طفلين استبدلا المدرسة بباب السجن:
ليكن واضحا ،منذ البداية،أنني مبادر – فقط – بهذا الاستعطاف الذي أرفعه إلى جلالة الملك،القاضي الأول الذي تصدر باسمه الأحكام؛وله أن يعفو،في جميع مراحل التقاضي،حينما يمنع القانون القضاة من ذلك.
وفي هذا كل الفرق.
عدا حزني لأطفال بباب السجن، لم يكلفني أحد بهذا ؛ بل حتى ما سبق أن كتبته لصالح حميد المهدوي ،لم يُنشر بموقع بديل – لِما يُعرف عنه من تصنيف للمقالات،ونشر ذات الأنياب فقط – بل نشرته مواقع أخرى تستحضر أولوية الإنساني عن السياسي.
استمعت،كما استمع غيري، إلى الكثير من « صيحات » المهدوي، الإصلاحية؛وهي ،كما يشهد الكثيرون بذلك،من بنات أعماقه المغربية الأصيلة ؛حيث انزرعت – كما انزرعت فينا جميعا- بذور الوطنية الصادقة ،التي لا يمكن أن تهادن الفساد ؛كيفما تجلى ،ومن أي جهة كان.
لو أدلى الناس بالفساد ،بدءا،لما تأسست الأوطان،ولما توطنت العدالة والأمان؛ولعاشت البشرية هملا في الأدغال.
مثل هذه البذور التي زرعتها الملكيات المناضلة،والقدوة – في تلاحمها التاريخي مع الشعب – لا يمكن إلا أن تجعل من كل مواطن مخلص، مَلكا للبلاد،في عشقه الصوفي حد الفناء فيها؛وتجعل من جلالته ملكا للملوك وليس للمواطنين فقط.
وأنعم به من تاج ،حينما يُصاغ من حروف الإخلاص الملكي- ولا نراه إلا كذلك – ليتسيد على حروف الطاعة والولاء للوطن والملك.
وقد جرب المغاربة هذا النوع من المُلك في نفوسهم،حينما أصبحوا على عرش فارغ في الرباط،ومَلك مُغيب في جزر الاستبداد الموحشة.
هكذا وبدل قتل الملك محمد الخامس في نفوس المغاربة ،حوَّل الاستعمار كل مواطن إلى ملِك ثائر من أجل العرش المغربي.
نلمس الكثير من هذا الإخلاص والولاء في أغلب أشرطة المهدوي؛ كما نقف على زلات وهِنات ؛مردها ، في اعتقادي، إلى كوننا جميعا – مواطنين ومؤسسات – نحاول استكمال بناء دولة الحداثة،حيث تَعرِكنا الديمقراطية ،ويسود القانون،وتتكافأ الفرص؛ولا تترك ثروة البلاد جيبا إلا وأفضت إليه بما يستحق.
نحن جميعا ، في هذا، تلاميذ نجرب ونخطئ،ونتعلم حتى من صدماتنا ؛كما عبر الراحل المهدي المنجرة.
يخطئ المهدوي ،حينما يوافقنا على هذا؛ثم ينقلب في أغلب صيحاته طالبا الكمال من الدولة.
ويخطئ كثيرا حينما يكرر القسم: » احْنا والله ما دولة » ،ويضاعِف خطأه حينما يزري برموز الدولة؛ويثير الريبة، بهذا، في نفوس المواطنين والأجانب.
لا مندوحة عن نشر الغسيل ،لكن حيث لا يصيب بلله الغادي والرائح.
وأضيف إلى هذا البلل هَبَّات الأوكسجين التي يبعث بها – دون قصد طبعا – إلى أعداء وحدتنا الترابية.
كيف ؟نقر بتتلمذ مؤسساتنا ابتدائيا؛ثم نُلح في مطالبتها –استعجالا – بأعلى الشواهد،في جميع المجالات ؛ وخصوصا القضاء.
هل يخطئ المهدوي ،حينما لا يسير بسير مؤسساتنا ،التي يدينهاحتى ملك البلاد بالضعف؟ ( سيروا بسير ضعفائكم).
العذر الذي أجده للصحفي المهدوي في هذا كله؛هو كونه خطَّاءا ضمن خطائين؛يحاول صحافة مخلصة جِريئة، في دولة تعترف للداخل ،كما الخارج، بأنها لم تبرح « زمن الأخطاء »:
من الوزراء،ومن المنتخبين،ومن المواطنين أيضا. ونحن في هذا لا نشذ عن المسار الذي عرفته الدول المعتبرة اليوم مدارس في الديمقراطية والعدالة.
هل كان الريف بحاجة إلى المهدوي؟
طبعا لم يكن بحاجة إليه ،سواء لتفسير تاريخه أو استجلاء حاضره؛ لأن هذا الريف الذي استعصى – ولم يعص – إن كان هزم الدولة في أمر ،فقد هزمها إعلاميا ورقميا ؛في الداخل كما في الخارج.
لكن لا فرح للريف في هذا لأن انتصاره الإعلامي عَقد الأمور ،وشكك في جميع الحلول ،حتى تكسرت قرون كل الوسطاء.
نصر إعلامي شحذ أسنان القضاء،لأن الدولة لا يمكن أن تنهزم في كل شيء،وإلا ذهبت ريحها وريحنا جميعا.
إلى هذا الوضع المكشر رحل المهدوي ذات يوم ليمارس شغبه الصحفي الإصلاحي.
ربما لم يقرأ الرجل الريف كما يجب ؛ وربما تاقت نفسه إلى بطولات ميدانية ،لا يجود الدهر بفرصها إلا لماما.
ومهما يكن ؛ومهما تمترس القضاء بالنصوص القاسية،ومهما رافع الدفاع مطالبا بأخف الأحكام ،فان قضية المهدوي يجب ألا تُفصل عن السياق العام للدولة ،الذي تعرضتُ له.
لو كان المهدوي هو الخطاء الوحيد في الريف – وفي غير الريف – لهانت ؛ ولكان ظهوره كثور أسود وحيد ، في بياض الوطن، يكفيه؛ ولو خجلا فقط،دون محبس أو محبسين.
لكن الإدانة الملكية للأحزاب ،والإدارة،والمؤسسات،وبعض مكونات الحكومة ذات العلاقة بالمشاريع الملكية في الحسيمة،تغرق خطأ المهدوي ،حتى لا تظهر منه غير فقاقيع آخذة في الانطفاء السريع؛فقاقيع لا ينتبه إليها أحد.
وصولا إلى هنا لا يسعني إلا أن أستعطف:
أستعطف جلالة الملك ،وأنا أعرف ألا مجال في القانون للاستعطاف ،ولا مجال له حتى في السياسة. بل حتى المعني بالأمر قد يرفض استعطافي ،مادام يصر على طلب الإنصاف القضائي ،وليس إطلاق السراح إشفاقا.
لكن لو تحدث طفلاه ،وهما مرابطان بباب السجن، لقالا خلاف والدهما،ولو نهرهما . وهل يُعيِّد الأطفال ويتمدرسون بأبواب السجون؟
إن لم يكن للاستعطاف موقع ضمن القانون ،والسياسة،ومنتديات الحقوق المدنية،وعنفوان الاحتجاجات ؛فهو أصيل في معجم الرأفة والرحمة،وجبر العثرات.
وحينما يتسلح القضاة بالقانون الضارب ،يمتح القاضي الأول في المملكة – وقد عودنا على هذا في كل المناسبات الدينية والوطنية – من منابع الرحمة والرأفة ،بالصغار قبل الكبار.
إن الصحفي المهدوي الآن رهين محابسه الثلاثة: سجن الحسيمة،سجن عكاشة،والإضراب عن الطعام،حد الموت.
إنَّ مَن يوجد تحت طائلة القانون، في محبسيه ،يوجد أيضا، تحت دفء الرحمة الملكية التي تستحضر في قضائها السامي ،المُطاع، كل ملابسات القضية،في دولة تصبوا صوب الحداثة ،ولا يمكنها أن تكل أو تتوقف.
https://web.facebook.com/groups/mestferkiculture51/

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.