Home»Enseignement»التعليم .. « رؤية استراتيجية » .. تمويه وپوليميك ..

التعليم .. « رؤية استراتيجية » .. تمويه وپوليميك ..

3
Shares
PinterestGoogle+

. محمد حماس⃰
صلاحيات مدراء الأكاديمية تكريس للبيروقراطية ليس إلا
إقصاء هيئة التفتيش والكفاءات من مواقع تدبير القطاع (الأكاديميات والمديريات الإقليمية والأقسام والمصالح، ناهيك عن سراديب الوزارة …)،
إغلاق مركز تكوين المفتشين 10 سنوات،
حذف مادة الفلسفة من البرامج التعليمية ما يقارب 20 سنة،
تقليص صبيب خريجي مراكز تكوين الأساتذة في اتجاه إغلاق هذه المراكز،
التوظيف المباشر دون أي تكوين جعل العديد من هؤلاء يتسلق مراتب المسؤولية دون كفاءة أو تجربة ليتحكم في رقاب أهل القطاع،
الإجهاز على جل مكتسبات النظام الأساسي بطريقة ممنهجة،
التعاقد بدل التوظيف خطوة أخرى نحو الإجهاز على المدرسة العمومية،
أين ذهبت مالية صندوق التقاعد؟
مراجعة سلم الأجور ونظام التقاعد انتهاك لحق هيئة التدريس بتزكية النقابات وصمت الأحزاب،
الجهوية الصورية،

كنت ولا زلت أومن بالجمال والفن .. إذ لا قيمة للحياة بدون فن .. أمر لا يستسيغه العديد من المسؤولين بمغربنا العامر .. في كثير من الأحيان وجدت نفسي أخوض نقاشا عقيما مع أحد هؤلاء لأقناعه أن الفن سبب وجود العلم .. فتجده يهزأ لأن عقله الصغير لا يستوعب الفكرة .. وبالنظر للمادة، ولا أقول برنامج، التعليمية المقدمة للناشئة سوف نلحظ هذا الشرخ الواسع والغياب الكبير للفن كمفهوم فلسفي يعنى بتهذيب الطالب وحمايته من ذاته والآخر وتربيته جماليا، الشيء الذي سيجعله يتفاعل مع محيطه بحب وليس بعدوانية، فيرقى فكريا ومعرفيا لأنه شخص سليم معافى من العقد يميز بين ما له وما عليه ..
هكذا ينتابني شعور بالأسى والكثير من الشجن كلما نظرت لحال التعليم العمومي وما ظل يحاك ضده من مؤامرات تتجلى بأقنعة متعددة تبطن الكراهية لقطاع التربية لأنه القاطرة الوحيدة للتنمية، وأن معيار تقدم الأمم بعلمائها وليس بغيرهم ممن يتحكمون في ثروة البلاد ورقاب العباد والكسالى ومن يقتات على فتات موائدهم.
اتطلع من داخل المنظومة عبر متابعة لتفاصيل اللعبة من خلال البرامج التضبيعية المسطرة منذ بوكماخ إلى الآن، أو لنقل إلى ما بعد 2030 حسب « رؤية » القائمين على الشأن التعليمي إن كان له شأن أصلا .. وقد أسموها لغوا، « رؤية استراتيجية، 2015-2030″، وكأنها تختلف عن سابقاتها من الوصفات التي لا تخدم التعليم إلا من حيث استنزاف ثروة طائلة لو تم توجيهها لمشاريع كبرى تخرج المنظومة التعليمية من عتمة المناورة والتلاعب والتمويه المفضوح، لأن لا أحد أضحى يصدق أن هناك نية صادقة لإصلاح التعليم، فأصحاب المصالح ومن يدبرون/يهيمنون على الشأن العام لا يرضيهم البتة إصلاح التعليم، لأن إصلاحه يعني زول مصالحهم بحيث تنعكس المعادلة وتصبح درجة الإنتاج العليا بعدد المثقفين وخريجي المعاهد والجامعات .. لقد أجهزوا على كل طريق يؤدي للإصلاح .. كم هي نسبة البحث العلمي؟ كم عدد خريجي الجامعات والمعاهد؟ ما نسبة استغلال الأطر في موضعها وتخصصاتها؟ ما نسبة إنتاج الكتاب ودعمه؟ ما نسبة القراءة؟ كم عدد المكتبات بالمؤسسات التعليمية؟ الواحد من الطلاب يحصل على الباكلوريا بميزة وتفوق دون تحقيق حلمه؟
يكمن الجواب، دون حاجة لأرقام، في واقع الحال، إذ لا أحد يمكنه تجاهل ما آلت إليه المؤسسة العمومية .. واقع كارثي ومأساوي .. بداية مع ما سمي « الميثاق الوطني لإصلاح التعليم » وصولا لـ « البرنامج الاستعجالي » الذي استنزف ميزانية خيالية مقابل ما تم إنشاؤه في أرض الواقع إذ يكفي الوقوف عند ميزانيات التغذية والتعويضيات وكم الحواسيب والهواتف وكل ما يحوف بهما من لوجيستيك التي أسالت لعاب المتهافتين .. قمة البذخ دون نتائج .. نتساءل فقط عن نتائج الإفتحاص؟ وعن تقارير المجلس الأعلى للحسابات الذي مكث قضاته ببعض الأكاديمية ما يقارب السنتين (الشرق نموذجا)؟ ألا يحق للعموم الاطلاع على نتائج الافتحاص باعتبار الأكاديمية مرفقا عموميا يتم تدبيره من المال العام؟
وبعدها انبرت الأكاديميات ومديرياتها في البحث عن شركاء أو « السعاية » المقنعة، فبتنا نسمع عن معاناة مقاولين وتوقيف مشاريع إحداث مؤسسات لأجل غير مسمى وو .. ثم جاءت وصفة « رؤية استراتيجية » لتغرس آخر مسمار في نعش التعليم .. شخصيا لم أستسغ هذه الجملة، كلما حاولت وضعها في سياقها، لأن الرؤية البعيدة غير مضمونة النتائج، ثم هل نحن في حاجة لرؤية وكأننا في البدايات؟ كمن شاخ وفكر في الإنجاب! ألا ترون معي أن القوم يستخفون بعقولنا؟ لأن الأمر يتعلق ب »برنامج استعجالي » بتوزيع جديد .. وتتخذ هذه الـ »رؤية » شعارا لها: « الإنصاف والجودة والارتقاء »، وهو شعار فضفاض عائم، لا تناغم بيم مفرداته، لا يقف عند العمق التربوي ل »منظومة » التعليم .. لا علاقة بين المفردات، لا يجمع بينها رابط وكأنها أسقطت هكذا بشكل عشوائي بدليل أن قراءة نص الوثيقة، وثيقة « رؤية »، يؤكد مدى السطحية والتناقضات والكلام غير المفهوم، وهو بدوره يدل على أن من صاغ هذه الوثيقة بعيد عن المجال شأن عدد من المسؤولين في قطاع التربية الذين لم يمسكوا يوما طبشورة أو زاولوا مهام الإدارة التربوية والتفتيش وأوكل إليهم تدبير شأن القطاع، وكأن الأمر يتعلق بمصنع للمنسوجات أو مواد البناء .. لا يمكنهم تمثل العملية التربوية التعليمة .. لا يعرفون المعلم والتلميذ والمؤسسة، أي لا دراية لهم بقيمة الأشياء وبالتالي لابد من الوقوف عند البداية، والبداية هنا تتمثل في العنصر البشري، وهذا دليل آخر على توجه القيمين على القطاع نحو خوصصة القطاع. قد يفهم من سياق الكلام التحامل على القطاع المشترك أو المستفيدين من التوظيف المباشر، لكن أقول العكس فهؤلاء ضحية انسداد أفق الوظيفة العمومية فلاذوا لدرب التعليم ولا أنكر أيضا أن البعض منهم جرب حظه في قطاع آخر وبعد فشل ذريع اندس في إدارة التعليم …
تقول الوثيقة: « تقع المدرسة اليوم في صلب المشروع المجتمعي لبلادنا … »(ص4)، فهل لدينا مشروع مجتمعي؟ هل كان لزاما على مدرستنا أن تنتظر كل هذه العقود لتصبح جزء من المشروع المجتمعي المزعوم؟ إذا سلما بقول أصحاب « رؤية »، ألا يرون معي أن هذه المدرسة قد تم تدميرها بسبب النقص المهول في الموارد البشرية والاكتظاظ واللجوء للتعاقد ومراجعة نظام التقاعد بعد السطو على صندوقه والاقتطاع من أجور المدرسين والتلويح بضرب مجانية التعليم والتراجع عن العديد من مكتسبات النظام الأساسي وووو … بمعنى أنه يجب الوقوف عند عبارة « صلب المشروع » لأنها قابلة للتأويل، فالأمر ربما يعني التوجه نحو خصخصة قطاع التعليم كي لا يبقى « عالة » على ميزانية الدولة والقضاء النهائي على سلالة المدرسين حتى ينقطع نسلهم من سلك التدريس ويبقى التعاقد وحده سيد الموقف، والموظفون الإداريون وما يترتب عن ذلك من طمس لوجود فعلي لعدد من المؤسسات التابعة لقطاع التعليم من تعاضدية عامة ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية وما تلاها من خدمات تستفيد منها الشغيلة التعليمية حققتها عبر تاريخ نضالي عميق لرجال ونساء التعليم ذاقوا السجن والمعتقلات وغيبوا وراء الشمس التي سطع نورها بفضل تضحيات هؤلاء وأضحى يستفيد منه الجبناء و »بنو منهزة » نسبة للانتهازييين ..(يتبع)
الدكتور محمد حماس، باحث في التاريخ والتراث، قاص.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *