Home»National»حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ الحلقة 17 و 18

حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ الحلقة 17 و 18

0
Shares
PinterestGoogle+

تابع 17
ان رحلة العودة الى ارض الوطن كانت فرصة لاجراء مقارنات عديدة سجلت من خلالها ملاحظات عديدة، أقتصر هنا على واحدة فقط.
لقد أدركت أنه كلما ابتعدنا عن الشمال الذي يقدم أروع الأمثلة في مظاهر التحضر والمعاملات الراقية، كلما اصطدمنا بما يناقض ذلك تماما ونحن في الطريق الى الجنوب.
عندما كنت أستقل القطار بفرنسا، كان المراقبون يترفعون عن ايقاظي ولو كان نومي مصطنعا في تقدير راق لانسانية الانسان.
ولما كنت على متن القطار الاسباني، اكتشفت أن المراقبين يسلكون طرقا مقرفة لابتزاز المسافرين كما حصل معي شخصيا.
أما حين صرت في قلب الوطن، فان سوء المعاملة قد تجسد في تصرفات غريبة، حيث كان المراقب يبحث عن مسافر مشبوه في دورة المياه.
وهكذا ، رأيت المراقبين يقتحمون على الناس خلوتهم الطبيعية ليتصيدوا شخصا تتوفر فيه شروط الادانة !
ربما كان لسلوك المراقبين ما يبرره بحكم التجربة، ولكن هل كان الحل في قرع الباب على المسافر وهو يقضي حاجة طبيعية؟
ان هذه المعاملة كانت في الواقع انعكاسا لما ظل سائدا ببلادنا من كون المواطن مدانا حتى تثبت براءته في مخالفة صارخة للقاعدة القانونية المأثورة.
ولعل مما كان يزيد من متاعب السفر عبر قطارنا يومئذ وبالاضافة الى التأخرات الأسطورية، هو التدخين داخل المقصورات التي تتحول الى شبه حانات تجعل المسافرين الأبرياء يتجرعون الغيظ في غياب الحماية.
وصلت الى مدينة فاس مع منتصف الليل فوجدت الزملاء الذين وضعت الشقة رهن اشارتهم يواصلون سمرهم، وكانوا وصولي المفاجىء في ذلك الوقت المتأخر من الليل قد هز الحاضرين الذين كانوا قد نظموا سهرة ماجنة ما لبثت أن خفت اوارها!

الحلقة 18
استيقظت في اليوم الموالي باكرا استعدادا لتوقيع محضر الالتحاق، وبعدما سويت وضعيتي، سافرت لزيارة العائلة قبل أن تنطلق السنة الدراسية.
عندما غادرت مدينة ،،تاوريرت،، في اتجاه مسقط الرأس برفقة أحد الأقارب، ضاعت مني احدى هدايا المراسلة، يتعلق الأمر بولاعة ثمينة نحتت عليها اسمهأ.
لقد سقطت من نافذة المركبة حين اشعلت سيجارة مشؤومة.
بحثنا عنها معا، ولكنني لما وجدتها، كانت قد فقدت أهم جزء فيها، فتحولت بسرعة البرق الى مجرد ذكرى!
شعرت بهاتف داخلي ينذرني بقرب حدوث صدمة ما، لأن فراستي لم تكن تخطىء في مثل تلك الحالات.
ظللت محافظا على الولاعة التي سلم هيكلها وضاعت روحها، وكأن ما وقع ينذر بانطفاء شعلة الأمل!
استأنفت العمل لأتلقى اولى الرسائل بعد العودة من رحلة الأحلام.
كانت المراسلة قد حافظت على عادتها السابقة، حيث كان تحرر رسائلها على ورق خاص بالشباب الحالم، ذلك أن هذا الورق كان معدا برومانسية تفسرها ألوانه الزاهية وصورة عناق بين عاشقين، ناهيك عن رائحة عطر تضفي على الورق
قدسية تغري بادخاره!
انتظمت المراسلة خلال الايام الاولى وأصبح لها طعم جديد قوامه التطلعات التي أسسنا لها قبل العودة، وأصبح الحديث ينحو نحو الجدية.
لم أتخوف من تطور العلاقة، لانني كنت على يقين بأن هذا الصنف من الناس ليس مستعدا لقبول ما يرفضه مبدئيا، وهكذا وضعت في الحسبان أن المراسلة ربما غيرت رأيها عند زيارة المغرب، لا سيما حين أيمم بها نحو ،، سيدي لحسن سيتي،،!
في أواخر أحد الأسابيع ، وصلتني رسالة من مراسلتي، لكنها من نوع أخر، ولما فتحتها، لم أجد الورق الرومانسي، وانما ورقة عادية عليها جمل تنعي فيها الفتاة والدها الذي فاجاته المنية!
استعدت حادث الولاعة، وتأكدت أن حديث القلب لا يقبل التأويل!
اجتهدت في اختيار ما استطعت من عبارات المواساة، لكن تأثر الفتاة لم تكن له حدود.
عندما تلقيت الجواب، كانت فيه جملة محورية واحدة: (لماذا توفي والدي قبل أن يقدم لي الهدية التي وعدنا بها)؟
ظل هذا التساؤل السوريالي لازمة في بقية الرسائل التي تلقيتها، ولم أفلح في مساعدتها على التئام الجرح، وغاب حلو الكلام الذي كنت اتلهف لقراءته، واختفت الرومانسية…
لقد كانت صدمة الفتاة قد تزامنت مع حداثة سنها، حيث لم تبلغ سن الرشد بعد، ووصل بها التأثر أن قررت القطع مع كل رغبة في تجاوز مصابها بالرغم مما قمت به الى جانب امها واختها!
استمر الاتصال لبعض الوقت دون ان يلوح في الافق ما يبشر بتغير ما، ولذلك كان من الطبيعي أن احترم مشاعر هذه الفتاة الى أن فعل الزمن فعلته…
كنا قد نسجنا مسارا بطموح وأحلام الشباب الذي وجد الشريك الذي يبحث عنه، لكن القدر كانت له الكلمة الفصل!
ما كل ما يتمنى المرء يناله
تجري الرياح بما لاتشتهي السفن
انتهت مرحلة بكل ما تخللها من لحظات جميلة واخرى أليمة، فكان من الطبيعي أن تبدأ مرحلة بديلة، ومازال الامل حيا متجددا !
تمنيت لو عرفت كيف انتهى المسار ببطلة الرحلة، غير أن ذلك لم يحصل، ولكنني أتمنى أن تكون قد استانفت حياتها بما يسعدها ، وتحية صادقة لنبل قلبها ونبل أهلها !

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. المهم المشاركة
    18/03/2017 at 21:57

    زكلتيها يا صاحبي زكلتيها كما يكولو الناس ديال الغرب ديالنا لو كان درت راي امها وتزوجت ب Arlette لوكان راك دبا متقاعد ب 4000 ولا €5000 وعايش ففرنسا معزز مكرم احسن م 12000 ولا 13000 درهم في بلاد لا يعترف فيها بالجميل لرجل التعليم.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *