Home»National»من مآسي الضاد ببلادنا

من مآسي الضاد ببلادنا

0
Shares
PinterestGoogle+

ينقل المؤرخون أنه كان للعرب طرقهم الخاصة لتعلم العرببة في اصولها حتى يتمكنوا من التحكم في التعبير بها.
وفي مقدمة طرق الالمام بالعربية، انهم كانوا يرسلون ابناءهم الى البوادي ليتعلموها من مصادرها، مثلما حدث مع الرسول الكريم ص.
كان الشعراء في القديم من احرص الناس على استيعاب لغة الضاد واسرارها، ولعل ابا الطيب المتنبي ابرز نموذج في هذا المجال، ذلك انه امتلك ناصية العربية الى درجة الفخر، وهو ما عبر عنه حين قال: أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
انا الذي نظر الاعمى الى ادبي
واسمعت كلماتي من به صمم!
والى جانب البادية، فقد جاء القرءان الكريم ليعزز اساليب العرب في التعبير الدال والغني حتى انفردت اسماء في مجال سحر البيان.
وهكذا تحول،،سحبان وائل،، الى قدوة في الخطابة ايام الجاهلية حتى ضرب به المثل، فيقال: أبين من سحبان!
وتتابعت الاسماء المتميزة عبر العصور، فسجل التاريخ كتابات ابن العميد وعبد الحميد والجاحظ والتوحيدي…
لم يخرج المغاربة عن القاعدة، وظلوا يحرصون على الالمام بقواعد العرببة نحوا وبلاغة حتى ظهر بينهم كتاب مرموقون استطاعوا ان يكسروا احتكار المشارقة ، وهكذا برز علال الفاسي والمختار السوسي وعبدالله كنون ، ثم تلاهم كتاب معاصرون من امثال الجابري والخطيبي ….
كان من حسن حظنا ان تعلمنا على يد معلمين واساتذة لم يتساهلوا في اتقان قواعد اللغة العربية لتجنب الزلل في الكتابة، وسنظل ممتنين لهم بما تعلمنا.
اذكر أننا لم نغادر الطور الابتدائي حتى صرنا قادرين على تصريف الافعال مع كل الضمائر ولا سيما الافعال المعتلة.
والى جانب تحصيل القسم، فقد كان لكل واحد منا طرقه الخاصة لتطوير ادائه بالعربية من خلال الكتب والاذاعة…
ولابد من الاشارة الى ان حب التعلم شمل كذلك اللغة الفرنسية ، خاصة عبر السنيما وبعض السلسلات المصورة التي طبعت الستينات والسبعينات…
وتحضرني بالمناسبة احدى اشهر طرق تعلم الفرنسية التي ابتدعها طلاب جامعة القرويين قديما، حيث لجأوا الى اسلوب النظم سيرا على نهج القدماء،وهذا احد النماذج :
تحية الصباح عندهم( بونجور)
وسائر الايام عندهم( توجور)
الانف( ني) والعنق( كو)
وان شئت الكثرة فقل( بوكو)
فما الذي حصل حتى اصبحنا نخجل من سماع اخطاء لغوية تصدر عن صحافيين يخاطبون شعبا باكمله لينقل اخطاءهم ولا احد يتدخل.
وحتى اتجنب العموميات، فهذه نماذج مما نسمع:
مخاطبة جمع الاناث الغائب بصيغة غير مقبولة، اذ يقولون: النساء تذهبن، البنات تقمن….بينما الصحيح ان تستبدل التاء بالياء.
المثال الثاني: جهل التعامل مع الاسم المقصور، حيث نسمع البعض يقول: في الحالتين الاخر يتين، والصحيح هو : الاخريين بحيث لا تستعمل التاء اطلاقا حتى في حالة الرفع فيقال: الحالتان الاخريان وليس الاخريتان.
اما المثال الاخر فيتعلق بما يلي الناسخ الحرفي، حيث يقول البعض: ان هناك امر مهم والصواب هو: ان هناك امرا مهما لان شبه الجملة هو الخبر المقدم.
ان النماذج عديدة ، وساختمها بما يحصل مع معظم الايات القرانية التي يكتبها البعض خطا سواء في ترتيبها او املاء كلماتها كما هو الحال مع الاية التي يتبادلها الناس عند الوفاة، فيكتبون: ان لله وان اليه راجعون، وهو ما يجعل الاية خالية من اي معنى الا اذا اضيفت الالف الممدودة الى الناسخ.
ان مثل هذا الخطأ دليل على عدم التركيز عند قراءة كتاب الله الذي اوصانا بتدبره، لكن الناس يحفظون الاغاني الساقطة ويدافعون عن اهلها بشراسة، بينما يتساهلون في الاهم!
واختصارا للموضوع، اقول فقط ، ان مأساة لغتنا بدأت عندما استغنى مسؤولو المقررات عن القواعد الحقيقية ليستبدلوها بالترسيمات كما شاؤوا ان يسموها.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. مكون
    27/02/2017 at 18:08

    السلام عليكم، أستاذ.
    أحييكم على هذا الموضوع القيم الذي تطرقتم إليه. وألتمس منكم إعطائي عنوان بريدكم الإلكتروني كي أتمكن من التواصل معكم.
    جزاكم الله خيرا

  2. مكون
    28/02/2017 at 09:58

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
    أهنئكم على هذا الموضوع المهم الذي تطرقتم إليه. وأقترح عليكم المساهمة معنا في إطار العمل الخيري لفائدة الطلبة الجامعيين، لمدة 24 ساعة فقط من وقتكم (حصة في الأسبوع مدتها ساعتان) لتلقينهم دروسا في اللغة العربية. جزاكم الله خيرا، سيدي الكريم.
    وهذا عنوان بريدي الإلكتروني: tayb61@gmail.com

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *