Home»Islam»الإسلام والبيئة:دروس وعبر(6)

الإسلام والبيئة:دروس وعبر(6)

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الإسلام والبيئة:دروس وعبر(6)

التسخير مفهوم إسلامي محض له علاقة وطيدة بمنظومة البيئة في الإسلام.وأستطيع أن أقول إنه يقع في لب هذه المنظومة الدقيقة.وانطلاقا من المقالات السابقة، نستنتج أن هذه المنظومة البيئية متكاملة منها، ما يأخذ طابع التحذير ومنها ما ما ينحو منحى التوجيه، ومنها ما يأخذ صفة الأحكام والتكاليف الملزمة للمسلم، ومنها ما له بعد عقدي صرف، كما رأينا مع سلوك « الإهلاك » أو « الإتلاف » المؤدي للنفاق في حق. »الأخنس بن شريق ».وحينما يتم إهلاك نوع من الأنواع، فإن الإنسان يكون قد فقد دليلا على وجود الخالق لها.وبالتالي فإن المنظومة البيئية التي نشيد لها في هذه الحلقات، ما هي إلا مجال من مجالات العقيدة الإسلامية بمفهومها الواسع.

      في هذا السياق يأتي الحديث عن مفهوم « التسخير »، لأنه يندرج ضمن هذه المنظومة البيئية المنسجمة.وبإمكاننا الآن أن نقوم بتوصيف هذه المنظومة البيئية لنكتشف أنها قائمة على أربعة أبعاد، نعرضها على هذا الشكل :البعد التوجيهي، والبعد التحذيري، والبعد التعزيري،وأخيرا البعد التشييدي.وفيما يخص مفهوم « التسخير » فإنه يندرج ضمن مجال تشييد « عقل » أو « إنسان » يضع الحفاظ على مجالات البيئة ضمن اهتماماته بطريقة تلقائية وفطرية.فالتسخير بالمفهوم القرآني، يوحي بالكثير من المعاني الراقية. فبعد أن كان هذا الإنسان يطوف متعبّدا حول كثير من الموجودات، فعبد الشمس والقمر، والشجر والحجر… أصبحت كلّ المخلوقات تطوف لأجله، مسخرة له،مقهورة من أجله، لأنه هو الخليفة في الأرض، المكلّف بالنظر في أسرارها، والاستدلال بها على خالقها.

     وحينما يقرأ الإنسان آيات « التسخير » في القرآن الكريم، فإنه يشعر بنوع من الرهبة، والإحساس بثقل المسؤولية.ذلك أن هذه المخلوقات التي يطؤها أو يركبها أويطعمها، أو يتنفسها هي مخلوقات « مسخرة » له أي « مذللة » ومقهورة،  تكريما له. واقرأ معي قوله تعالى في سورة لقمان: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً. »آية(20).وقوله تعالى في سورة يس: »أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ،وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ،  وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ، أَفَلا يَشْكُرُونَ »آية(72). وعبارة « ألم تروا »أو »أولم يروا » دالة على أن الخطاب موجه للبشرية جمعاء.

       نعم التسخير في اللغة العربية يأتي بمعنى القهر والتذليل.وكأن مجالات البيئة كلها قهرت لأجل الإنسان، وذللت لينتفع بها، ويتمتع بهذه النعم الظاهرة والباطنة.ومن معاني التسخير أيضا في لسان العرب: « يقال سخرته أي قهرته وذللته ».وسخره « كلفه عملا بلا أجرة ».وسخره »كلفه ما لا يريد وقهره ».وعلى هذا الأساس يكون كل شيء ذل وانقاد، أو تهيأ لك على ما تريد،فقد سخر لك، وقهر من أجلك.وهذا المقهور لك لا يطلب منك أجرا مقابل انتفاعك به.ولهذا ينبغي للمسلم أن يتوجه للخالق بالتسبيح والشكر والإذعان، بقوله في كل مناسبة ينتفع فيها بما سخر له  » سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين »

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.