قضينا عاما كاملا بالحي الجامعي،ثم تبين لنا أن هذا المكان يضيق على حريتنا التي صار مداها يتسع مع مرور الأيام.
قررنا البحث عن سكن خارج أسوار الحي لإرضاء ما كان يجول بدواخلنا من رغبات.
شاءت الصدف أن نطرق باب وكالة عقارية في ملكية مواطن مغربي من أصل يهودي.
كان صاحب الوكالة يدعى،مارسيانو،وقد تجاوز السبعين من عمره.كنا بحاجة إلى مفاوضات من جنس التي جرت بين نبي الله موسى وأصحاب البقرة حتى نتوصل إلى اتفاق!
لقد كان الرجل نموذجا في دهاء اليهود،بحيث لا يدع لمحاوره مجالا لأدنى مكسب.
تحدد مبلغ الإيجار في أربعمائة درهم على ألا يسجل في الوصل إلا نصف هذا المبلغ كشرط،وإلا بطل الاتفاق،فلم يكن أمامنا إلا القبول،ونحن ندرك أن المؤجر يتملص من أداء الضريبة!
عندما انتظم الأداء،دعاني السيد مارسيانو لمقاسمته تناول القهوة،فوافقت.
سألني الرجل عن أصولي،فلما أوضحت له بأنني من ضواحي دبدو ،أعرب عن ترحيبه لكوني ابن ،،البلاد،،مادام هو سليل هذه البلدة التي تضم رفات والديه!
عرض علي ،،اليهودي،الدبدوبي مرافقته كلما اعتزم السفر من أجل الترحم على والديه،فتوطدت العلاقة التي كانت تخدم مصالحه بطبيعة الحال مادام يبتزنا ويبتز دولتنا ونحن لا نستطيع فعل أي شيء لأن اليهود أعرف الناس بالمناورات.
أثناء ارتشافي للقهوة،كان ،ابن البلد،يقدم لي نصائح لا أنكر أني استفدت منها الشيء الكثير.
من بين ما أذكر،أن الرجل أوصاني بألا أكشف عن هويتي الحقيقية،وأن أعطي نفسي اسما اخر للتعامل قابلا للتغيير حسب كل ظرف.
أما إذا تعلق الأمر بنسج علاقة مع بنات حواء،فلا بد أن أختار اسما مناسبا ،وأنني أنتمي لسلك الشرطة السرية خاصة،وألا أكشف عن مكان إقامتي الحقيقي…!
مكنتنتي اللقاءات الشهرية مع،السيد مارسيانو،من ملامسة العقلية اليهودية،واقتنعت بالحيثيات التي جعلت هذه الطائفة من الناس تتلاعب بعقول القوى العظمى لأنها تخطط عندما يغط الاخرون في النوم!
لقد مكن الدهاء والتضامن بني اسرائيل من جعل كل شعوب العالم تشعر بعقدة الذنب تجاههم،بينما تظل المجازر المرتكبة في حق المسلمين مجرد درء للإرهاب!