Home»National»التعليم الخصوصي يتقاسم مع نظيره التعليم العمومي متاعبه دون أن تراعي له الدولة ذلك

التعليم الخصوصي يتقاسم مع نظيره التعليم العمومي متاعبه دون أن تراعي له الدولة ذلك

0
Shares
PinterestGoogle+
 

التعليم الخصوصي يتقاسم مع نظيره التعليم العمومي متاعبه دون أن تراعي له الدولة ذلك

محمد شركي

لقد صار التعليم الخصوصي شريكا حقيقيا ومهما  لنظيره التعليم العمومي في حمل وزر التربية والتعليم  ببلادنا . وسنة بعد أخرى تزداد أهمية دور التعليم الخصوصي في خدمة المنظومة التربوية . وبالرغم من أن البعض له حساسية ضد  هذا التعليم لأنه في نظر هؤلاء يعتبر مصدر تهديد لمجانية التعليم . وكثيرا ما تتهم الدولة من طرف هؤلاء  بأنها تريد القضاء على  التعليم العمومي لفائدة أو لصالح التعليم الخصوصي ، وهي مقولة فيها مبالغة مجانبة  للحقيقة ،ذلك أن التعليم الخصوصي لا طاقة له باستيعاب حوالي سبعة ملايين من المتعلمين  في المغرب ، كما أنه ليس من المنطقي أن تتخلى الدولة عن التعليم العمومي مهما كانت الظروف حتى لو قدر لمؤسسات التعليم الخصوصي أن تنتشر وتنافس في عددها مؤسسات التعليم العمومي . ومما يدحض فكرة توجه الدولة نحو القضاء على التعليم العمومي عن طريق انتشار التعليم الخصوصي أن القاعدة العريضة للشعب المغربي لا تستطيع إرسال أبنائها إلى مؤسسات التعليم الخصوصي ، علما بأن كثيرا من الأسر تفضل إلحاق أبنائها بهذه المؤسسات لأسباب وجيهة وعلى رأسها ضعف مردودية مؤسسات التعليم العمومي، وهو أمر لا ينكره إلا جاحد أو مكابر إلى جانب أسباب أخرى منها انعدام الانضباط في تلك المؤسسات ، خصوصا بعد تعطيل الوزارة الوصية الإجراءات الانضباطية الفعالة بها . ومع وجود أسباب أخرى قد تكون بعد  المسافة  بين المساكن والمؤسسات العمومية أو غير ذلك مما يضطر الأسر إلى طرق أبواب مؤسسات التعليم الخصوصي خوفا على أبنائها، وحرصا على سلامتهم وراحتهم  ، فإن الهاجس الأكبر بالنسبة لها هو النتائج حيث تسجل مؤسسات التعليم الخصوصي في الغالب نتائج متميزة عن نتائج التعليم العمومي الذي صار يوصف لدى الرأي العام بالإفلاس، وإن كان في هذا الحكم أيضا نوع من المبالغة  غير المبررة . والذي يجعل مؤسسات التعليم الخصوصي تولي النتائج أهمية قصوى هو الحرص على تزايد أعداد المتعلمين الوافدين عليها سنويا ، فضلا عن التنافس فيما بينها . وتعتمد هذه المؤسسات كل الوسائل والطرق من أجل الحصول على سمعة محترمة  لدى أولياء المتعلمين وأبنائهم، حيث تحاول توفير الفضاءات المناسبة ، ووسائل النقل ، وتحرص على أن تكون ضمن طاقمها التدريسي أسماء لها وزنها  لأن أولياء أمور المتعلمين بمجرد سماعهم بوجود بعض الأسماء ضمن طاقم التدريس بمؤسسات التعليم الخصوصي  يتهافتون عليها رغبة في ضمان تعليم جيد لأبنائهم .

وإشعاع بعض أطر التدريس يدفع هؤلاء الأولياء إلى التفكير في تسجيل أبنائهم بالمؤسسات التي يوجدون به ولو كانت عمومية ، فإن لم يتيسر لهم ذلك التمسوا ضالتهم في مؤسسات التعليم الخصوصي التي تكون محظوظة باستقطاب الأطر ذات الكفاءة المتميزة والمشهود لها بالكفاءة  . ومقابل حرص مؤسسات التعليم الخصوصي على تلميع صورتها لدى أولياء المتعلمين  وأبنائهم لإغرائهم بإلإلتحاق بها ، نلاحظ سير مؤسسات التعليم العمومي نحو الإهمال خصوصا مع انعدام الرقابة الصارمة التي تصونها من اتلاف مرافقها على غرار ما يوجد في مؤسسات التعليم الخصوصي من رقابة وعناية . وتختلف مؤسسات التعليم الخصوصي من حيث جودة المرافق ، ذلك أن بعضها خصوصا في المدن الكبرى يتوفر على بنيات تحتية وإمكانيات مادية جيدة ، في حين أن البعض الآخر إمكانياته جد متواضعة، علما بأن الوزارة الوصية تفرض على مؤسسات التعليم الخصوصي مواصفات معينة قلما تتوفر، ومع ذلك تضطر الوزارة إلى الترخيص لبعض هذه المؤسسات من أجل تخفيف الضغط على مؤسساتها العمومية التي لا يمكن أن تستوعب أكثر من طاقتها الاستيعابية من المتعلمين . وكما تختلف مؤسسات التعليم الخصوصي  وتتفاوت في بنياتها التحتية وإمكانياتها المادية  والبشرية ، فإنها تتفاوت وتختلف أيضا في رسوم تسجيل المتعلمين ، وفي تكاليف الدراسة بها .  وقد يقع التنافس فيما بينها من أجل كسب أكبر نسبة من المتعلمين ، و قد يكون هذا التنافس في  شكل مضاربة تخص تكاليف الدراسة، وهو ما يحرص عليه الأولياء مع حرصهم على جودة النتائج . ومعلوم أن الأولياء يرغبون دائما في تسجيل أبنائهم بمؤسسات ذات بنيات تحتية وإمكانات مادية وبشرية  جيدة ولكن برسوم وتكاليف مناسبة ،الشيء الذي يجعل هؤلاء يدخلون دائما مع أرباب هذه المؤسسات في مساومات كتلك التي تكون في الميدان التجاري مع تغييب الجانب التربوي لهذه المؤسسات التي يعتبره البعض مجرد مقاولات كغيرها من المقاولات . ولئن كان أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصي يرغبون في تحقيق أرباح مادية ككل المستثمرين ، فإن ما تقدمه تلك المؤسسات من تربية وتعليم للمتعلمين لا يقدر بثمن بل يفوق دائما ما يجنيه أربابها من أرباح مادية .  وقد يستكثر البعض رسوم التسجيل وتكاليف الدراسة في مؤسسات التعليم الخصوصي إلا أنها حين تقارن بما تنفقه الدولة على المتعلمين بالتعليم العمومي نجدها لا تختلف عنها كثيرا . فمما كان بعض وزراء التعليم يصرحون به  دائما أن الوزارة تنفق على كل متعلم بالتعليم العمومي ما بين ستة آلاف وثمانية آلاف درهم سنويا مقابل 34 أسبوعا دراسيا في السنة ، وهي ميزانية ضخمة باعتبار عدد المتعلمين بالتعليم العمومي والذي يصل إلى سبعة ملايين متعلم .  ومع أن الوزارة الوصية تدرك جيدا حجم تكاليف التعليم بمؤسساتها العمومية ، فإنها لا تبالي بأعباء مؤسسات التعليم الخصوصي المادية بل تستكثر تكاليف الدراسة بها ، الشيء الذي يجعل مصالح الضرائب تفرض رسوما قاسية على هذه المؤسسات .

ومعلوم أن كل زيادة في الضرائب المفروضة على هذه المؤسسات ، سيدفعها للزيادة في تكاليف الدراسة، الشيء الذي سيلحق الضرر بأولياء أمور المتعلمين الذين لا مندوحة لهم عن تسجيل أبنائهم بهذه المؤسسات ، والذين يؤدون ضرائب للدولة . ومعلوم أن مؤسسات التعليم الخصوصي تدفع أجور المدرسين وهي مختلفة حسب أنواعهم ، وربما تكاليف إيجار المؤسسات ، مع تكاليف وقود وصيانة وسائل النقل المدرسي ، وتكاليف مختلف أطرها ، وقد لا يكون هامش الربح كما يبالغ في وصفه البعض . وغالبا ما يشتكي أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي من قلة الربح بسبب كثرة الانفاق على سير الدراسة بها . ومما يشتكي منه أرباب هذه المؤسسات الرسوم الضريبية المرتفعة التي ترهقهم . ومعلوم أن الضرائب المفروضة على هذه المؤسسات قد تكون مجرد تخمينات من مصالح الضرائب لا تراعي واقعها  المعيش بحيث لا تعطي اعتبارا لما قد يكلف أصحابها من مصاريف ، فمجرد عطل في سيارة من سيارة النقل على سبيل المثال لا الحصر قد يستهلك جزءا كبيرا من أرباحهم إلا أن مصالح الضرائب لا تدخل في حساباتها مثل هذه الأمور بل تتعامل مع مؤسسات التعليم الخصوصي وكأنها لا تواجه ما يضطرها للزيادة من حجم الإنفاق ، وذلك من أجل سير الدراسة بها  سيرا عاديا وطبيعيا . وكثيرا ما يرفض بعض الأولياء أداء ما عليهم من ديون لهذه المؤسسات بعد قضاء أبنائهم بها مواسم دراسية  قبل الانتقال إلى مؤسسات التعليم العمومي . ولا تتخذ الوزارة الوصية إجراءات فعالة لإلزام هؤلاء الأولياء على تسديد ما عليهم من ديون لمؤسسات التعليم الخصوصي ولكنها لا تسمح لهذه المؤسسات بفصل المتعلمين الذين يرفض أولياؤهم دفع واجبات دراسة أبنائهم . ومعلوم أن المؤسسات التربوية في الجهة الشرقية على وجه الخصوص ليست كغيرها في جهات أخرى بها مدن كبرى تتمتع بحركة اقتصادية مهمة ، ذلك أن الجهة الشرقية تعيش وضعية اقتصادية صعبة  بسبب غياب المشاريع المنعشة للاقتصاد مع ضعف الفلاحة والزراعة ، وانعدام مواد الدخل ، وارتفاع نسبة البطالة ،خصوصا بعد تجفيف منابع تجارة التهريب ، لهذا لا بد من مراعاة هذه الوضعية التي تنعكس على مستوى دخل المواطنين بهذه الجهة حين  فرض الضرائب على مواطنيها خصوصا مع بداية اعتماد الجهوية الموسعة . ومن الضرائب التي يجب أن تراجع تلك المفروضة على مؤسسات التعليم الخصوصي التي تتقاسم أعباء المنظومة التربوية مع مؤسسات التعليم العمومي ، وتساهم في تأهيل الموارد البشرية التي تعد الرافعة الأساسية للتنمية المستدامة . ولا بد أن تراجع الرسوم الضريبية المفروضة على هذه المؤسسات وفق قاعدة :  » سيروا سير ضعفائكم  » وليس سير ضعفاء الجهة الشرقية كسير غيرهم بالجهات ذات الاقتصاد القوي. وعلى الدولة أن تثمن نتائج التعليم الخصوصي ، ويكون التثمين عن طريق تشجيعها ، وعلى رأس هذا التشجيع التخفيف من الضرائب المفروضة عليها . ولسنا ندري ماذا سيكون وضع التربية في جهتنا لو أن أصحاب مؤسسات التعليم الخصوصي اضطروا لإغلاق أبوابها  بسبب ارتفاع الضرائب المفروضة عليهم؟  ومقابل الإضرابات والوقفات الاحتجاجية التي تحدث في مؤسسات التعليم العمومي لا نسمع بإضرابات ولا بوقفات في مؤسسات التعليم الخصوصي وكأنها بألف خير .

ومعلوم أن الدفاع عن هذه المؤسسات لا يتوقف على أربابها بل على كل من ينتمي إليها ،فضلا عن الذين يستفيدون من خدماتها  وعلى رأسهم  أولياء المتعلمين ، فلا بد أن تتكاثف جهود الجميع لصيانة مؤسسات التعليم الخصوصي باعتبارها قيمة مضافة إلى مؤسسات التعليم العمومي . ولا مندوحة عن مؤسسات التعليم الخصوصي والتي باتت تثبت وجودها من خلال النتائج التي يحصل عليها المتعلمون المنتمون إليها ، وهو أمر لا يمكن أن ينكر حيث يلجأ معظم الأولياء على اختلاف مستوياتهم المعيشية إلى هذه المؤسسات التي تفتح الآفاق الواسعة لأبنائهم في المدارس والمعاهد العليا بفضل ما تحققه من نتائج . ولا بد من تخصيص يوم وطني لتشجيع التعليم الخصوصي ، كما أنه لا بد من تغيير النظرة السلبية لهذا التعليم الذي يحمل مع التعليم العمومي أعباء المنظومة التربوية  وهو شريكها دون أن ترعى له الدولة ذلك بل أكثر من ذلك تجازيه جزاء سنمار أو تأكل تمره وترجمه بالنوى، وذلك بالرفع من الضرائب المفروضة عليه ، وبمنع مدرسي التعليم العمومي من ذوي الكفاءة من العمل به ، وكأنه تعليم أجنبي لا يعود نفعه على الوطن .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

6 Comments

  1. مجموعة من المدرسين بالتعليم الخصوصي
    26/10/2016 at 10:26

    مع احترامنا لوجهة نظر صاحب المقال نقول إن أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي يستغلون المدرسين أبشع استغلال ونتحداهم أن يكشفوا عن الأجور المقدمة لنا ، ونريد من الجهات المسؤولة أن تفتح تحقيق في قيمة هذه الأجور التي لا تصل ربع أو خمس ما يتقاضاه المدرسون في التعليم العمومي

  2. Anonyme
    26/10/2016 at 14:42

    شكرا سيدي على هذا الاهتمام . رغم ان الموضوع لم يلم بعدة مشاكل لا تقل اهمية . منها – التكوين المستمر – القانون الجديد المتعلق بالنقل المدرسي والذي سيزيد من تكلفة اضافية على ولي الامر ….

  3. محمد شركي
    26/10/2016 at 20:43

    إلى مجموعة المدرسين بالتعليم الخصوصي نأمل أن يحظى قضيتكم باهتمام الجهات المعنية لتحسين وضعيتكم المادية والمعنوية ونساندكم ونثمن جهودكم للرقي بالمنظومة التربوية وشكرا على التعليق وأنا بدوري أحترم وجهة نظركم

  4. متتبع محايد
    26/10/2016 at 20:49

    أعتقد أن الحكم على التعليم الخصوصي يجب ألا يقتصر على ما ينفقه الآباء على أبنائهم والشكوى من ذلك بل يجب عليهم أن يضعوا ما ينفقونه مفابل ما يحققه أبناؤهم من نتائج تسرهم وعلى أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي العناية بالمدرسين لأنهم أعم عنصر في سير هذا التعليم وهم من يقدم خدمة لهم وللمتعلمين وللآباء

  5. B.S
    27/10/2016 at 01:02

    J’adresse mes sincères remerciements à tous les professeurs, intervenants et à toutes les personnes qui par leur parole, leurs écrits, leurs conseils,leurs critiques et leur soutien ont contribué à l’amélioration et le développement de ce secteur.Merci exceptionnellement Monsieur CHARGUI pour cette noble attention que vous nous accordez.L’enseignement est le plus beau métier du monde.En plus d’être noble et prestigieux, l’enseignement confère à ceux qui l’exerce une stabilité et un certain équilibre (je parle des gens qui ont la vocation pour l’enseignement ). De toute façon, le fondement de toute société est la communication et la transmission du savoir .Le plus vieux métier .Notre première matière c’est l’humain. Une lourde responsabilité que nul ne peut ignorer son importance pour déraciner la barbarie, éradiquer la violence, former ,informer et transformer. B.S

  6. محايد
    28/10/2016 at 17:09

    تزكية لما ورد في كلمة السيد « محمد الشركي » ، الدولة تتقاضى الضرائب من الآباء مضاعفة ؛فالأولى :الضريبة على الدخل، و الثانية : الضريبة المأخوذة من واجبات أبنائهم المدرسية بالتعليم الخصوصي .و بذالك تكون الدولة هي المستفيد الوحيد من عملية الرفع من قيمة الضرائب على التعليم الخصوصي الهادفة إلى القضاء عليه

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.