Home»Correspondants»إصلاح الإدارة المغربية، مسؤولية وطنية..

إصلاح الإدارة المغربية، مسؤولية وطنية..

0
Shares
PinterestGoogle+
 

من بين أبرز التحديات التي ستواجه الحكومة المقبلة، هناك ملف الفساد الإداري، الذي لم يعد ممكنا لرئيس الحكومة ابن كيران في ولايته التشريعية الثانية على التوالي، التساهل معه أو التغاضي عن المفسدين مهما كانت الإكراهات، وعليه تحمل مسؤوليته في التصدي له بالجدية والصرامة اللازمتين.
والفساد كما لم يعد خافيا على أحد، آفة مجتمعية خطيرة، مرتبطة برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية دون موجب حق، مستعملا في ذلك كل الوسائل غير المشروعة، من رشوة ومحسوبية واختلاس المال العام… وهو ظاهرة ذات جذور عميقة وأبعاد واسعة، تحكمها عدة عوامل يصعب التمييز بينها، ويعتبر الفساد الإداري والمالي أحد أشكاله، في استغلال النفوذ لتحقيق مصالح ذاتية….
ولو لم يكن الفساد الإداري شبيها بوباء خطير يهدد حاضر ومستقبل البلاد، وأن هناك مواطنين كثر تضرروا من الشطط في استعمال السلطة وسوء المعاملات وتعطيل المصالح وجور الأحكام القضائية، ويشعرون بالحيف وعدم الإنصاف سواء في نزع الملكية أو هزالة التعويض وانعدامه أحيانا وقضايا أخرى عديدة رغم بساطتها… حتى بلغت الجرأة ببعضهم للاتصال المباشر بالملك محمد السادس داخل البلاد أو خارجها، ما كان ليفرد للآفة حيزا هاما في خطابه السامي الموجه إلى الأمة، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان في الولاية التشريعية العاشرة يوم الجمعة 14 أكتوبر 2016، بهدف التنبيه إلى المشاكل والاختلالات التي تعتري علاقة الإدارة بالمواطن، من حيث تعقيد المساطر الإدارية وتنفيذ الأحكام، ضعف آليات التواصل وتدني مستوى الخدمات بالمؤسسات العمومية والقنصليات… وحث جميع الفعاليات السياسية والنقابية والمجتمع المدني والموظفين، على التحلي بروح الوطنية والمسؤولية في بلورة الحلول الملائمة للارتقاء بسير المرافق الإدارية والنهوض بخدماتها تجاه المواطنين، وأن يحرص المنتخبون على الوفاء بوعودهم في العناية بمصالحهم، احتراما للتفويض الذي منحوهم لتدبير الشأن العام، عوض تجاهل مطالبهم وإعطاء الأسبقية لمصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة…
فالملك المواطن، وكما هي عادته منذ اعتلاء عرش أسلافه، لم يفتأ يولي شعبه الأبي رعاية خاصة، وينبه المسؤولين إلى مكامن الخلل وتزويدهم بالتعليمات لتجاوزها، بيد أنه يبدو أن « لا حياة لمن تنادي ». ومع ذلك لم ييأس من التذكير، فجاء خطابه نابعا من هموم المواطنين اليومية، مفضلا أن تنطلق « صيحته » المزمجرة من قلب البرلمان، وألا يقتصر حضوره بين أعضاء غرفتيه على تهنئة الذين حظوا بثقة الناخبين، وإعطاء انطلاقة الدورة التشريعية الأولى تحت حرارة التصفيقات. لذلك شدد على ضرورة إيلاء ورش إصلاح الإدارة ما يستحقه من بالغ الأهمية، وجعله من أهم الأوراش ذات الأولوية، اعتبارا لما يمكن أن تلعبه الإدارة من أدوار طلائعية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذا ما وضعت المواطن والمستثمر في صلب اهتماماتها، وحرصت على تحسين أدائها، الرفع من جودة خدماتها، تبسيط المساطر واحترام الحقوق. وأشار إلى أنه إذا كانت الولاية التشريعية الأولى بعد إقرار دستور 2011، تعتبر ولاية تأسيسية للمصادقة على القوانين المتعلقة بإقامة المؤسسات، فإنه يتعين أن تكون الولاية الحالية أكثر أهمية من سابقتها، وتتميز بالانكباب الجاد على قضايا وانشغالات المواطنين، من خلال تطوير أساليب إدارة المرفق العام، إزاحة العراقيل من أمامهم، حسن استقبالهم والسهر على تمكينهم من قضاء حاجياتهم في أحسن الظروف والآجال المعقولة، وإلا فإن الإدارة ستبقى بدون جدوى ولا مبرر لوجودها، ويظل المغرب في مصاف دول العالم الجد متخلف.
والفساد الإداري ذو بنية معقدة، لا يمكن محاربته بالشعارات الرنانة، التي توظف خلال مواسم الانتخابات لأغراض سياسوية ودعائية، بغية كسب أصوات الجماهير الشعبية، ما لم تتوفر الإرادة السياسية القوية. لذلك عجزت حكومة ابن كيران عن مواجهته، وانتظرت المراحل الأخيرة من ولايتها التشريعية للإعلان عن استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد، يمتد تنزيلها على مدى عشر سنوات. والغريب أن المشكل الذي كان محصورا في حالات استثنائية، تحول مع السنين إلى أسلوب إداري شبه رسمي، بمباركة وتسامح المواطنين والمسؤولين أنفسهم، مما منحه المشروعية وزاده قوة وانتشارا.
فالمغاربة اليوم باتوا عرضة لظواهر اجتماعية مؤرقة، منها تدني المستوى الأخلاقي لدى الموظفين كبارا وصغارا، تفشي الرشوة والمحسوبية، سوء التدبير وتبذير المال العام، التهاون في أداء الواجب… مما ينعكس سلبا على النمو الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، ويحول دون جلب الاستثمار وتشجيعه. كيف لا، وقد استفحلت بإداراتنا العمومية سلوكات منحرفة ومظاهر الابتزاز، إلى أن صار الفساد جزء من ثقافتنا؟ وما تقارير المجلس الأعلى للحسابات وغيره من المنظمات الوطنية والدولية، إلا دليلا ساطعا عن تردي أوضاع مؤسساتنا، الخاضعة لمنطق البيروقراطية في تسيير شؤونها الإدارية…
صحيح أن جهودا بذلت ببلادنا، تتجلى في إنشاء الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، مجلس حماية المنافسة، صياغة قوانين تنظيمية للوصول إلى المعلومات واحترام معايير التعيينات الوظيفية وعدم الإفلات من العقاب، والاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، إلا أنها تظل دون فاعلية، مادامت هناك اختلالات وإشكالية الريع السياسي والاقتصادي حاضرة بقوة بيننا.
إن إصلاح الإدارة مسؤولية وطنية، يقتضي تحويل الفساد إلى قضية وطنية تهم الجميع حكومة ومجتمع مدني وقطاع خاص ومؤسسات التعليم ووسائل الإعلام، والسعي نحو تخليق الحياة العامة، تعزيز اللامركزية الترابية واللاتركيز الإداري، وتعديل المساطر، اعتماد الشفافية والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعميم الإدارة الإلكترونية للمساهمة في خدمة المواطن وإسعاده.
اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. موظف
    23/10/2016 at 11:47

    في البداية أدعو الله أن ينصر جلالة الملك محمد السادس وأن يعينه في تذبر شؤون رعيته، لقد كان خطابه الأخير صفعة قوية لكل مشؤول إداري يغض الطرف عن الصالح العام ويهرول لاكتساب الثروة على حساب جيوب المواطنين، فنظريتي لإصلاح الإدارة بسيطة جدا وتطبيقها يمكن أن يرفع من مردودية الإدارة وقطع الطريق على المسؤولين الذين ينهبون المال العام والقضاء تدريجيا على الرشوة والنهوض بالنهوض بالإدارة العمومية وتطويرها لأعلى المستويات، والحل بسيط وهو يجب إعادة النظر في القوانين التي تخول للأساتذة الجامعيين في وضع الامتحانات وتصحيحها لان ذلك يعطيهم الحق في القيام بما يريدون، وهكذا تكثر الزبونية في نقط الامتحانات، لذلك يجب الرجوع إلى النظام القديم حيث تتكفل الإدارة بوضع الامتحانات وتصحيحها والإعلان عليها، لأن ترك هذه العملية للأستاذ تجعلها فارغة من النزاهة والشفافية والكثير من الأساتذه تمكنوا من الحصول على ثورة هائلة مستغلين سلطتهم في نجاح أو رشوب الطالب.
    بالإضافة إلى ما تعرفه عملية اقتناء الطلبة لمتابعة الدراسة بالماستر والدكتوراه من زبونية ومحسوبية
    هناك أيضا الساعات التي يشتغلها الأستاذ الجامعي، فمعظمهم يدرسون ساعتين أو أربع ساعات في الأسبوع، ويتقاضون أجورا مرتفعة، وعندما تبحث في عدد الساعات تجدهم يعلنون على 10 أو 15 ساعة أسبوعيا، يدخلون ساعات التأطير والإشراف على البحوث أو تدريس الماستر وما شابه ذلك، وكل هذه المعطيات خاطئة وموزورة وتؤثر سلبا على الإصلاح الجامعي، كما أن المختبرات يتم تقسيم ميزانياتها بين أساتذة المختبر فيقتنون لأنفسهم الحواسب والطابليت وغيرها ، كما يقومون بخلق أيام دراسية وهمية لتقسيم ما تبقى من الأموال المخصصة للمختبر، في حين لا يستفيد الطالب من أي شيء، وإدا طلب الاستفادة من المختبر يقومون بعقابه وفي بعض الأحيان الضغط عليه لسحب تسجيله أو طرده من الكلية.
    هذا في ما يخص سياسة التعليم العالي حشاكم، أما بخصوص الموظفين، فإن هيمنة المسؤولين على المرافق الإدارية، يشتغلون وهم يحسبون أنهم امتلكوا هذه المؤسسات والموظفين الذين تحت إمرتهم هم عبيد لهم، وبالتالي لا يشاركون الموظفين حتى ولو كانوا يتوفرون على مؤهلات عالية لتدبير السياسيات العمومية، ويهددون الموظفين بمسألة التنقيط للترقية إدا ما اعترضوا خروقاتهم أو اختلاساتهم للمال العام، مع العلم أننا نعرف جيد أن القانون الإداري لا يحمي الموظف الذي يريد الحق ومصلة البلاد، لهذا يجب تشكيل لجن من الموظفين لمشاركة المسؤولين في اتخاذ القرارات في كل مؤسسة وهكذا يمكن الرفع من مردودية العمل الإداري،

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.