Home»Correspondants»خطبة الوداع :اليوم خمر وغدا أمر

خطبة الوداع :اليوم خمر وغدا أمر

0
Shares
PinterestGoogle+

أولا:اليوم خمر:   نذكر و الذكرى تنفع المؤمنين أن اليوم الخميس 06 اكتوبر2016 هو آخر يوم من أيام الحملة الانتخابية السعيدة.وهي أيام سعيدة(سعيدة.. بعيدة و الماشينة غالية…وهي أغنية قديمة لرواد الأغنية الجزائرية: شيوخ الناي و الكلال..أي بلغة الشعب (شيوخ القصبة والكلال…كانت تغنيها مطربة الراي الجزائرية وعميدته المرحومة  الشيخة الريميتي)..

ونحن نقول السعيدة و السعادة مفهوم فلسفي عقلي وعقلاني بالدرجة الأولى و ليس مفهوما بطنيا و لا مفهوما عاطفيا…فالوصول إلى السعادة  يظل بعيد المنال.

وآخر يوم  من السعار الانتخابي ..هو يوم مشهود بالمزمرين و المطبلين و المصفقين،ويوم موعود فيه الوعيد و التهديد و الإنذار بيوم غليظ تشخص فيه الأبصار… فإن كان هناك تزوير في نتائج الانتخابات وان لم يفز الحزب الفلاني و العلاني بالمرتبة الأولى…فويل للمصوتين وغير المصوتين من المغاربة …

ثانيا)في الغد أمر:   وهو يوم مولود :يتم فيه ولادة حكومة جديدة، ستحتفل بيوم ميلادها في شهر اكتوبر2016، وسيتم التحاق البرلمانيين إلى أماكنهم وكراسيهم في انتظار أن تفتح وزارة المالية و الاقتصاد أبوابها من أجل أن يدخل حضرتهم –القدامى و الجدد – سراديبها و أزقتها الملتوية للهجوم على المكاسب و المغانم و الامتيازات،أو ما تبقى منها .فالأهم في الانتخابات هو الكراسي(كراسي البرلمان وكراسي الوزارة). وكل وزير عليه أن يختار مدير ديوانه وكتابه  الخاصين من الرجال و النساء و الشباب، ويختار ويعين  مستشاريه من المقربين إليه من العائلة و الأصدقاء ولهم أجورهم وتعويضاتهم التي لن تمسها يد المراقب  و لا تراها عين المحاسب ،لا من قريب و لا من بعيد..أجور تؤدى لهم  من المال العام الصافي …و كل هذه الحرب الأهلية الكلامية بين الأعداء و الأصدقاء من الأحزاب..من أجل النهاية السعيدة  أي الوصول إلى جبح العسل المصفى ومناجم الذهب و الألماس…

رياضيات إقليدس جعلت الخطين المتوازيين لا يلتقيان أبدا عل  أرض كان يعتقد أنها مسطحة، ولكن الرياضيات المعاصرة جعلت هذه المعلومة التي كانت صادقة وبنيت على أساسها البراهين و الأدلة و الحجج و المسلمات و البديهيات و المبرهنات، أصبحت الآن في خبر كان خاطئة أو مغلوطة.

ولعل ما ميز عالم الرياضيات من تغير في النتائج و المسلمات و البديهيات ، انتقل إلى عالم السياسة و الانتخابات.و كل الأحزاب الكبيرة تراهن على السيادة و الرئاسة و المرتبة الأولى ، وكل أمنائها العامين وأعضاء المكاتب السياسية  ومن السابقين في الوزارات و البرلمان الذين لعقوا محاسن السلطة و الحكم أصبحوا الآن يتكهنون بالنتائج بل يوقنون بحقيقتها التي لن يمسها السهو أو النسيان او الخطأ.و يعتقدون بل و يؤمنون أنهم الفائزون (حزب الجرار و المصباح و الميزان …)بل إن حزب المصباح ومن خلال تصريحات مناضليه يقولون أنهم إن لم يفوزوا  بالمرتبة الأولى و بامتياز واستحقاق و اكتساح(الغالبية المطلقة)ستكون النتائج مزورة …و بعضهم يحذر بحرب داحس و الغبراء  التي استمرت 40 سنة في العصر الجاهلي ويمكن تكرارها الآن…إنهم يحذرون بالنزول إلى الشارع (كما فعل أهل رابعة في مصر)،أو يحذرون أن تكون مثل الحرب العالمية الخليجية التي لازالت مستمرة إلى الآن، وأتت على الأخضر و اليابس و الإنسان و الحيوان و الشجر و الحجر…و نطلب من الله العلي القدير ، لوطننا السلامة و العافية من كل فتنة آتية سببها حب وغرام الكراسي و الغنائم و التسلط على الرقاب والاستحواذ على ملذات الدنيا  قبل الآخرة وباسم الدين…

يصرح أهل قول الخطيان المتوازيين في عالم السياسة (المصباح و الجرار) أنهما لن يلتقيا في حكومة تجمعهما بعد فرز النتائج، لاختلاف المرجعيات :المرجعية الدينية و المرجعية السياسية. ولهم اليقين السياسي أنهم لن تجمعهم مائدة السياسة في حكومة واحدة…هذا ما يقولونه للعام و الخاص.بل كل حروب الحملة الانتخابية بينهما أساسها الكشف عن عورات بعضهما البعض، وسب متبادل و شتم و استهزاء و احتقار…و كان المرء يخيل له أنهما من الإخوة الأعداء كما كتب عنهما الكاتب الروسي (دويستسفكي) في مؤلفه المشهور :الإخوة كرامازوف…إنهم أعداء في الكلام وإخوة في المصالح و المكاسب..فالكل لا هم لهم إلا المكاسب..عندما ينالها  كل واحد منهم يبلع لسانه…

في عالم السياسة ليست هناك حقيقة ثابتة، فكل شيء نسبي و كل شيء متغير و قابل للتغير.وهي نظرية فلسفية قديمة قادها وقال بها الفيلسوف هيرقليطس ومن أقواله وحكمه  (أن التغير قانون موجود  وأن الاستقرار موت وعدم). و التغيير في ميدان السياسة أفصح ،و لغة السياسة هي المصالح :فلا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة بل هناك   مصالح دائمة. فكل الحلول موجودة على الطاولة و كل الاختيارات ممكنة (انه مبدأ أمريكي في السياسة). وهو يعني أن كل شيء ممكن و لا شيء مستحيل: المستحيل في الكلام هو  تكوين حكومة من (المصباح و المحراث)  و الممكن في السياسة هو تكوين حكومة من الأعداء في الكلام و الإخوة في المصالح …و بهذا تخالف السياسة كل التوقعات و كل التكهنات.فالمقامرة بالمستقبل في السياسة لا تخلو من (ربح أو خسارة) لأنها المقامرة..و المقامر يراهن دائما على الربح و يظن انه سيكون الرابح.. و لكن قد تكون النتيجة خسارة وكبيرة عكس التكهنات…إن هذا ما لم يستطع (المصباح ) استيعابه، وكأنه يظن أن كل المغاربة 34( مليون) راضون عن تصرفاته، و يقبلون به في ممارسة السلطة، ويرون قراراته المجحفة الظالمة في حق المواطنين الموظفين وأبنائهم و المعطلين من المتعلمين وغيرهم من أبناء الشعب أنها مرحب بها …

ثالثا)وفي الغد خوف:  يقسم المغاربة من الذين ليس لهم انتماء لهذا الحزب،أنهم  لم يروا ظلما أقسى عليهم من ظلم رئيس الحكومة الحالية.والغريب أنه(وهو الرئيس الذي لا تفارقه السبحة و الكلام باسم الدين)  يجد لذة وسعادة  (نرفانية…  النرفانا وهي نوع من السعادة  القصوى في الديانة البوذية ) ..سعادة  يشعر بها الساديون وهم يرون عذابات الآخرين،سعادة يشعر بها   وهو يقهر الشعب من فقرائه بينما أمام التماسيح و العفاريت كما سماها و أصحاب المال و الأعمال  فينكمش  كطفل صغير عندما يرى قطا ويقول في حقهم « عفا الله عما يسلف »…بينما يقتطع ويغتصب  من أجور الموظفين المساكين غصبا وظلما ،ويكرههم على الزيادة في العمل وهم الشيوخ العجزة…  ويسد كل أبواب الرجاء و الأمل أمام أبناء الشعب، بل يسلط عليهم كل أشكال العنف و الهراوات سواء بعلمه أو بأمره أو بشيء آخر، ولكنه لا يحرك ساكنا و لا يصدر احتجاجا وهو يرى أبناء الشعب تحت الوابل من الهراوات تنزل كقطرات المطر ودماؤهم تنهمر من رؤوسهم.  ورغم هذا الظلم و التعسف وغلق أبواب الأمل في وجه المواطنين  وأبنائهم الذين لا حول لهم ولا قوة ،يقول  بلا حياء ،أن برنامجه إصلاحي ، و أنه أنقذ الدولة و الوطن و الشعب من الإفلاس ،وأنه صمام الأمان  و القاضي القضاء المبرم على الفتن من الاحتجاجات والاضرابات و المسيرات السلمية و إخراس الألسن و الأقلام  وزعيم مناصر للاقتطاعات  والزيادات  في الأثمان وفي الضرائب و التضييق على الحريات….

وأخير نذكر بقول ربنا (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) صدق الله العظيم  من سورة الشعراء، آية 227.و نذكر بقول الرسول الكريم (إياكم و الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة)…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *