Home»National»هل تغيير الانتماء الحزبي يكون مواكبة لتغيير القناعة الحزبية أم مجرد الرغبة في الفوز بمقعد نيابي ؟

هل تغيير الانتماء الحزبي يكون مواكبة لتغيير القناعة الحزبية أم مجرد الرغبة في الفوز بمقعد نيابي ؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

 

هل تغيير الانتماء الحزبي يكون مواكبة لتغيير القناعة  الحزبية أم مجرد الرغبة في الفوز بمقعد نيابي ؟

محمد شركي

لا يلام أحد حين يختار انتماءه الحزبي ،والذي من المفروض أن يكون بمحض إرادته، وبكل حرية، وعن قناعة تامة، ولكنه  قد يلام على الانتقال من حزب إلى آخر  دون مبرر وجيه أو مقنع . وأقل ما يقال عمن يغير انتماءه الحزبي أنه لا جدية له في الانتماء الحزبي ما دام لم يحترم مبادىء وقيم حزبه التي من المفروض أن يكون قد اقتنع بها ،وتشربها ،واستمات في الدفاع عنها ، فإن لم يكن الأمر كذلك فسيقال عنه أنه انتمى لحزب دون وعي بمبادئه وقيمه وأهدافه … وهذه أقبح من الأولى لأنها تحط من قدره وشأنه  وقيمته في عين غيره، إذ كيف يعقل أن يختار الإنسان انتماءه الحزبي وهو يجهل طبيعة هذا الانتماء ؟  قد يحدث تغيير أو تطور في قناعات الإنسان، فيجد  هذه القناعات لا يستجيب لها انتماؤه الحزبي ،فيغيره بسبب ذلك ، وفي هذه الحالة لا يلام بسبب ما طرأ على قناعاته من تغيير . أما إذا كان السبب هو الرهان على الانتماء الحزبي الذي يضمن له الفوز بمقعد سواء كان نيابي أو غير ذلك ، فإنه حينئذ  يعرض نفسه للنقد بسبب ذلك ،ولا يستطيع تبرير تغيير انتماءه . وقد ينتقل الإنسان من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس، وله ما يبرر ذلك على مستوى التغيير الحاصل في قناعاته ، وهي التي قد تنقل الإنسان من حال إلى حال تماما كما ينتقل المؤمن إلى ملحد والعكس ،  وهو حر في ذلك حرية مطلقة ، ولكنه إذا ما ظل  على ولائه لانتمائه الأول  ، واتخذ من الانتماء الآخر وسيلة لتحقيق هدف ما، فإنه يدان بسبب ذلك ، ويقدح في مبادئه ، ويثير الشكوك حول  نقسه بما يتوخاه من مصالح والتي قد تخفى ،وقد تظهر بوضوح . ويعبر كثير من الناس عن رفضهم عملية تغيير الانتماء الحزبي  ، ويطالبون بسن قانون يمنع ذلك  لأن أصحاب هذا الفعل  يسلكون مسلك  لاعبي كرة القدم  على سبيل المثال ، والذين ينتقلون من هذا النادي الكروي إلى ذاك . وإذا جاز للاعبي كرة القدم أن ينتقلوا بين النوادي الكروية تبعا لمصالحهم المادية لأن مجال لعبة كرة القدم لا تحكمه المبادىء بل تحكمه المنافع ، فإنه لا يحسن بالمتحزبين الذين يدعون أنهم أصحاب مبادىء تغيير جلودهم الحزبية كما تفعل الحيات والثعابين .  ومما يغري البعض بتغيير انتمائهم الحزبي العروض السخية و المغرية التي تعدهم بها الأحزاب . فكم من واحد انتقل بين عدة أحزاب بسبب الرغبة  المقاعد النيابية أو في بعض  الامتيازات أو حتى في بعض الوظائف التي  تستأثر بها بعض الأحزاب بموجب قانون المحسوبية  حين يصير صنع القرار بيدها  عقب الانتخابات. 

ولن أنسى أبدا يوم سولت لي نفسي ـ وليتها لم تفعل ـ  أن أتقدم لمنصب نائب إقليمي، وهو منصب المدير الإقليمي حاليا ،فسألني أحد أعضاء اللجنة المكلفة بالانتقاء عن انتمائي الحزبي والنقابي ، فلما أخبرته أنه ليس انتماء حزبي أو نقابي  لي استغرب جوابي ، وأكثر من ذلك حاول الاستخفاف بي ، وقد لاحظ أن وجهي تكسوه لحية ،ويبدو أنه صنفني حسب مزاجه أو من موقع قناعته الإيديولوجية ، فقال : هل الانتماء الحزبي والنقابي حرام ؟ فأجبته على استخفافه بما يناسبه قائلا : ليس في الأمر حرمة ،ولكنني يكفيني الانتماء الوطني الذي يسويني بكافة المواطنين ، كما أنني لا أرغب في التميز عنهم بانتماء يضيق عن الانتماء الوطني الواسع  ، وخرجت من عند لجنة الانتقاء، وأنا أتساءل هل من شروط الحصول على هذا المنصب إلى جانب شرط الجنسية المغربية الانتماء الحزبي والنقابي ؟ وتأكدت بعد ذلك من أن الانتماء الحزبي والنقابي في التقدم لمثل هذا المنصب من أوجب الواجبات ، وحينها فهمت لماذا غير بعض من عرفتهم انتماءهم الحزبي أكثر من مرة لأنهم كانوا يميلون حيث تميل المناصب . ومعلوم أن الحقائب الوزارية  إنما يفضي إليها الانتماء الحزبي ، وكذلك الشأن بالنسبة لبعض المناصب والمهام ، وهذا يكفي ليغير الراغبون فيها من انتمائهم الحزبي . ولو كانت الرغبة في المقعد البرلماني وحدها لكفت لتكون مبررا في تغيير الانتماء الحزبي ،لأن هذا المقعد يدر على صاحبه راتبا شهريا محترما ومعاشا محترما مدى الحياة ، فضلا عن الاستفادة من امتيازات أخرى تعتبر من مقتضيات المقعد اليرلماني . وكم من واحد إنما ينتمي حزبيا ويتقدم للانتخابات لأجل حماية مشاريعه لأنه يصير مشرعا في المؤسسة التشريعية ، ويمكنه ذلك من جعل مشاريعه  في أمن وأمان تامين . وأخيرا نختم بالقول إن الانتماء الحزبي الحقيقي هو الذي يتمسك صاحبه بمبادىء حزبه في حالتي الفوز والخسارة ، ويقال له حينئذ فلان رجل مبادىء لا رجل مصالح . وهذا القول لا ثمن له  وتزكية ما فوقها تزكية عند الذين يقدرون المبادىء ويحترمونها ، ولا يقبلون أن يساومون فيها مهما كان حجم الاغراءات  المادية والمعنوية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.