Home»Correspondants»ازدواجية الخطاب و التباكي عند الأعتاب

ازدواجية الخطاب و التباكي عند الأعتاب

0
Shares
PinterestGoogle+

كلما طرح تحسين الوضعية المادية للمواطن المغربي ، أو الرفع من مستواه المعيشي، وفي كل الحوارات الاجتماعية ، إلا وتحججت حكومتنا الموقرة، بالظرفية الاقتصادية الحساسة ، وقلة ذات اليـد ، وكأن قلة ذات اليد هذه لا تعني السادة الوزراء و البرلمانيين وكبار الموظفين السامين  والتابعين لهم وتابعي التابعين ، و كل من يدور في فلكهم أجمعين . فكيف لهؤلاء وهؤلاء أن يدعوا الحرص على مصلحة الوطن ، وكيف لحكومتنا الموقرة أن تمنع عن المغاربة الضعفاء بعضا من ثروة البلاد ، في الوقت الذي توزع فيه الامتيازات والإتاوات على غير مستحقيها من الوزراء و البرلمانيين و أقاربهم بغير حق ؟؟ وما فضيحة رخص الحج ببعيدة عنا .. حيث تم تمكين 140 برلمانيا ووزيرا من تذكرة الحج لهذا العام ، مدفوعة المصاريف أكلا و إيـواءً ، كل ذلك من جيوب المواطنين ودافعي الضرائب البسطاء ، الذين يكتوون كل يوم بسعير الأثمان ، وجشع السماسرة و المضاربين .. لم نعد نتحدث في بلادنا عن الريع السياسي أو الاقتصادي فقط ، بل انضاف إليهما ريع ديني أخطر واقبح ، و ما هذا إلا فضل آخر يضاف إلى فضائل حكومتنا الموقرة ، التي  يدعي رئيسها  » يا حسرة  » الارتكان في عمله على خلفية اسلامية إصلاحية معتدلة ، تنهل من السلف الصالح للأمة ، وتقتدي بسيرتهم العطرة .

   ونفس الظرفية الاقتصادية الحساسة ، هي التي جعلت السيد بنكيران وحكومته الموقرة ، يصرون على تمرير مشروع اصلاح التقاعد ، بالشكل الذي يريدون و في الوقت الذي يريدون ، غير ملتفتين إلى اقتراحات الشركاء الاجتماعيين و الاقتصاديين ، الذين يطالبون الحكومة بالإصلاح الشامل لمنظومة الأجور و كل القوانين المنظمة للوظيفة العمومية ، بما فيها مراعاة الفوارق في الأجور ، والعمل على تقليصها ، والغاء الكثير من الامتيازات الزائدة عن المعقول ، و تمكين العمال والفلاحين من جميع ضمانات التغطية الصحية و الاجتماعية والاقتصادية ، وفي مقدمتها ، انشاء صندوق التعويض عن العمل chômage : ، وربطه مباشرة وبشكل أتوماتيكي بمكتب التشغيل وتنشيط الشباب ، كما هو معمول به في الدول التي تحترم مواطنيها .

    يتحدث السيد بنكيران عن تقاعد الموظفين البسطاء ، ويفتخر بخصم 0.5 نقطة من معاشاتهم ،من أجل مصلحتهم – كما يدعي – ، في الوقت الذي يتم فيه السكوت وبصفة مريعة ، عن الحديث عن  كل ما يتعلق بتقاعد الوزراء و البرلمانيين ورواتبهم وامتيازاتهم السخية ، هؤلاء الذين ينتفضون ويكشفون عن دواخلهم الخبيثة ، كلما تمت إثارة هذا لموضوع ، وكأن ذلك طابوها من الطابوهات التي لا ينبغي الحديث عنها ، أو الاقتراب منها ، وهم يعلمون علم اليقين ، أنه ريع سياسي ، لا يستحقونه بقوة القانون والشرع ، لأن مهامهم هذه هي مجرد تكليفات سياسية ، تزول بمجرد انتهاء صلاحيات هذه الحكومة أو تلك ، بل إن هذه المهام هي بالدرجة الأولى تكليف ، وليست تشريفا ، ينبغي أن تكون في خدمة البلاد و العباد . كما أنها ليست مَدعاة لجباية المصالح المادية ، وتكديس الثروات والاغتناء ، عبر الاعفاءات الضريبية ، واستغلال شبكة العلاقات القذرة .

    لماذا يتم السكوت عن التضخم غير الطبيعي لمديونة البلاد ، في الوقت الذي يتم فيه الترويج لخطاب مخالف للواقع الاقتصادي و الاجتماعي ؟؟ . فيكفي أن نقارن بين الأرقام و المؤشرات الصادرة عن الحكومة ، وتلك الخاصة بالمجلس الأعلى للحسابات، ليتبن لنا حجم التناقض بين المصدرين ، وحجم التهافت الحكومي ، ودرجة التمويه و الاستخفاف الذي تمارسه هذه الأخيرة اتجاه كل ما يرتبط بمصلحة الوطن و المواطن .. ففي الوقت الذي كان على السيد رئيس الحكومة أن يجيب علن تساؤلات الرأي العام حول تضخم حجم الديون العامة ،وعن مدخرات صندوق المقاصة ، الناتجة عن انخفاض أسعار النفط العالمية ،و عن ارتفاع وثيرة الاقتراض الخارجي ، انبرى سيادته إلى لعب لعبته السخيفة وتمييع الموضوع قائلا باستخفاف أمام  نواب الأمة ، وأمام الملايين من المتابعين :  » واش أنا خديت هاد شي لراســي ؟ » ..  ألـم يكن حريا به أن  يحلل الحيثيات، و يبسط الأرقام ، بهدوء و روية ، لعل خطابه يجد إلى آذان المواطنين منفذا وسبيلا ؟.

   أيضا .. وفي سياق الحديث عن الظرفية الاقتصادية الحساسة جدا ، ألم يكن من المفيد أن يساهم أثرياء البلاد و أصحاب الثروة فيه ، في انقاد البلاد من الإفلاس ؟؟ ألم يكن حريا بالسيد رئيس الحكومة أن يدفع بهؤلاء إلى التنازل عن القليل من الارباح  لفائدة الوطن ، ولفائدتهم هم أنفسهم ، كما فعل أقرانهم في الولايات المتحدة الأمريكية العام المنصرم ، حيث خصص أثرياء البلد نصيبا من أرباحهم لخزينة الدولة ، هذا زيادة عن الضرائب التي يؤدونها كل عام . أم أن أثرياءنا لا يحسنون سوى التهرب من الضرائب ، وجمع الثروات و تكديسها في المصارف الأجنبية  في سويسرا و بانما وغيرهما ؟ .. ليس هم انقاذ البلد ،و لا هم من فيهــا ، واضعين قدمــا هنا ،والثانيــة على الضفة الأخرى ..

   ففي الوقت الذي أطبق السيد رئيس الحكومة ، وضرب صفحا على الحديث عن ضريبة الثروة ، التي كان يهلل بها في حملته الانتخابية ، عمل على زيادة الضريبة على المواطن البسيط ، بالرفع من فاتورة الماء و الكهرباء والنقل و المحروقات و و  .. مفضلا ركوب أسهل الأحصنة ، وهو هذا الشعب البسيط . أما الحصان الآخر ، فقد اكتشف – مع الأسف – أنه إما تمساح ، من الخطر الاقتراب من مجاله ، وإما عفريت ، يمتلك قدرات خارقة ، ما يجعل من عملية الإمساك به ، ضربا من العبث والجنون .

   وليبقى الحال كما هو عليه ،إسهال في الشعارات، و إمساك  في العمل ، ازدواجية  الخطاب والفعل ،لهم الحج و العمرة بالمجان ،والعلاج بالمجان ، ولهم التقاعد الذهبي ، و السيارات الفارهـة ، و لنا الفاقة والكمد ، و الموت على أعتاب المستشفيات ، و الموت في أتون المتوسط ، أو التسول على الأرصفة ، لهم كل الثروة ، ولنا قفة رمضان .. قنينة زيت و قصفة من دقيق و سكر.. قسمة ضيزى ، وعند ربكم تختصمون .

محمد المهدي ـ تاوريرت

المغرب ـ 16\06\2016

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

8 Comments

  1. M.KACEMI
    18/06/2016 at 04:41

    كم تأملت التزامن العفوي بين ما يقوله بنكيران وما يقوم به هذه الأيام من جهة، وبين تفسير الدكتور بنحمزة لسورة المنافقين، من جهة ثانية

  2. الوجدي
    18/06/2016 at 19:55

    لعل الحال يغني عن السؤال .. كل ما فعله بنكيران يدخل في باب النفاق السياسي الذي يمقته الدين و الخلق الكريم .أين نحن من خطابات بنكيرانن للمناصب لسطوة بالفعل ، وإن للمال والجاه لحظوة ، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
    احسن اخي المهدي والله الموفق

  3. متتبع
    18/06/2016 at 20:09

    ملاحظة في محلها اخي قاسمي ، لكنها الصدفة شاءت فقط ، فبنكيران ابتدأ في نفاقه منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه السلطة والمرسديس والفيلا و الاتاوات هو ومن معه من الدجالين والمهرجين

  4. السياسي
    19/06/2016 at 20:54

    أصبح من الواضخ الآن لكل متتبع أن بنكيران وجماعته قد وضعوا أيديهم في يد اصحاب المال و السلطة الحقيقيين بالمغرب، وانصاعوا لهم ولرغباتهم ، وفي المقابل سينالون رضاهم ويجمعون ما استطاعوا من حطام الدنيا ، اما ما يهم الشعب الفقير فقد أوكل امره الى الله منذ ان قال بنكيران للفاسدين واللصوص قولته الشهيرة  » عفا الله عما سلف  » بعدما اتضح له انه يحارب العفاريت والتماسيح التي لا قدرة له عليها ..

  5. وجدي
    20/06/2016 at 00:08

    والغريب في بلاد المغرب ان رئيس الحكومة وحاشيته يطمحون الى ولاية ثانية كيف ذلك؟ حلل وناقش

  6. تازي
    20/06/2016 at 11:42

    اسي الوجدي هذه السنة لن نقاطع الانتخابات كما جرت العادةسنصوت بكثافة ضد حزب الدجال لصالح جميع الاحزاب الا الندالة والتعمية الملتحي وبالاحرى النصف ملتحي اما اذا عاد لولاية ثانية فستكون كارثة على الفقراء ولكن غير ممكن بتاتا لان الشعب المغربي لاينس اعداءه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  7. citoyen
    20/06/2016 at 13:55

    C’est ce qui pusse les gens à l’évasion et la corruption fiscale et fait enrichir certains responsables des impôts.Le comportement des responsables doit constituer un des éléments essentiels dans toute stratégie visant à agir sur le comportement des citoyens.

  8. karimove
    21/06/2016 at 12:45

    له الحق ان يطمع في ولاية ثانية لأن المخزن معه واصحاب المال والأعمال ، لأنه دمية بين ايديهم يمررون على يديه كل ما يخدم مصالحهم ، فهو رجل المخزن الأول في هذه المرحلة .. لا ديمقراطية و لا شفافية و لا عدالة اجتماعية

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *