Home»Correspondants»الدعوة إلى استقلالية الشأن الديني عن الدولة

الدعوة إلى استقلالية الشأن الديني عن الدولة

0
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي

       لقد علت بعض الأصوات، مؤخرا، تدعو إلى استقلالية الدين عن الدولة. وهي دعوة لم أستسغها كما أني لم أفهمها، وربما يرجع الأمر إلى عدم فهمي لفحوى هذه الدعوة، ولكن لابأس أن أشارك فهمي مع القراء الكرام لعلي أسترشد إلى الفهم السليم وأنا أفكر بصوت مرتفع.

       أحسب أن الدعوة لفصل الدين عن الدولة، لا يمكن أن يقابلها في إطار الدعوة إلى تطبيق الديموقراطية لتنال حتى الشأن الديني، إلا الدعوة إلى تشكيل هيئة مستقلة وربما منتخبة، ولما لا، تسهر على تنظيم شؤون الدين في بلادنا، وبما أنها منتخبة فسوف نتوقع أن يكون من ضمن أعضائها المنتمين لجميع الأطياف، أي ستكون تمة حضوض كبيرة لصعود تيارات لا تؤمن بثوابت البلاد كالشيعة، والوهابية، والعلمانية والحداثيين، ومروجي المخذرات الذين يعتبرون الدين طقوسا ليس إلا، وربما حتى الذين يجيزون إمامة المرأة للرجال فتتحول مساجدنا كأنها مدارس مختلطة يصطف فيها الرجال بجانب النساء.. إنها الديموقراطية والحرية.

       وتقوم هذه الهيئة بتعيين الأئمة والخطباء، وبما أن الهيئة مستقلة ومتحررة من قيود ومراقبة الدولة ستترك للخطباء الحق في التعبير وصياغة الخطب بالشكل الذي يحلو لهم، وبالتالي قد نجد هنا خطيبا يحرم قراءة القرآن جماعيا في المساجد لأنها بدعة، وآخر يدعو إلى قتل من قال بكروية الأرض وسبي نسائه وإدخال أمواله لبيت مال المسلمين، وآخر سيأمر الناس بحرق السراويل وربطات العنق والتسربل بالعمائم والعباءات، وآخر سيحرم لعب كرة القدم لأنها من الشيطان، فيدعو لإحراق الملاعب وقتل المشجعين لأنهم فسقة حادوا عن الشرع الحكيم، وآخر سيقوم بتحريم التلفاز والسينما والموسيقى فهي من أدوات تلبيس إبليس.

       وكل هذه الخطب محمية عن طريق حرية التعبير التي تقتضي الحق في القاء أي خطبة يراها الخطيب تليق بالمقام، ولابأس أن يطرأ بعض التعديلات حتى في الآذان لأن الشيعة سيضيفون تمجيد علي بن أبي طالب في النداء. وسوف يبنون لهم حوزات علمية هي غير المساجد سيعملون فيها على إعطاء دروس في عصمة الأئمة وتعليم الناس علم الرجال الذين يعد الحمار أحد أهم الرواة حسب روايات الكليني، أما القرآن فهو محرف بالنصوص المتواثرة عن أئمة أهل البيت على رأسهم الإمام المهدي الذي خرج قبل اثني عشرة قرنا ولم يعد بعد، لكنه حتما سيعود في يوم من الآيام ويملأ الأرض عدلا.

إنه جو ديموقراطي تعمه الحرية والحق في التعبيير، وهو يسمح للمزيد من التيارات أن تظهر كالبهائية والقرآنيين، وشهود يهوه، ولما حتى الدرز والأقباط والمسونية والصهيونية وداعش.

       هذا ما يريده دعاة استقلال الشأن الديني عن الدولة، فمهما بلغ الوضع الحالي ومهما تجاوز أحيانا وبلغ النقص في التأطير الديني وإيقاف بعض الخطباء وحرمانهم من المنابر، ومهما كانت الوضعية التي يعيشها الفقهاء والأئمة مزرية، ومهما تم فيه التطاول على علماء الأمة وأعمدتها، فإن الوضع كما هو الآن أفضل بكثير من أن يتم عزل الدين عن الدولة وترك الأمور تموج في العبث والحرية العرجاء التي من المؤكد أنها ستأتي على الأخضر واليابس في هذه البلاد.

       إن الشأن الديني، بكل موضوعية، عرف تطورا كبيرا في بلادنا وصار ينتظم أكثر فأكثر، وما دام متشبتا بالعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف الجنيدي وإمارة المؤمنين كثوابت فلا خوف عليه ولا هم يحزنون.ئمة أهل البيت بما فيهم الإمام المهدي الذي خرج منذ اثني عشر قرنا ولم يعد بعد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *