Home»Correspondants»مفهوم أهل السنة والجماعة في فكر محمد علي الصلابي – 2-

مفهوم أهل السنة والجماعة في فكر محمد علي الصلابي – 2-

3
Shares
PinterestGoogle+
 

مفهوم أهل السنة والجماعة في فكر محمد علي الصلابي -2-

أحمد الجبلي

         من غريب الأمور أن نجد الدكتور الصلابي في آخر كتابه يحاول إثبات أن الأشعري تاب وتراجع عما كان عليه من عقيدة اعتمادا على حماد بن محمد الأنصاري من خلال كتابه  » أبو الحسن الأشعري وعقيدته » وحماد الأنصاري هو شيخ سلفي ولد بمالي وعاش في السعودية وسمح له آل الشيخ بالتدريس في الحرم المكي لما رأوا فيه من اتباع للوهابية، وحجته في ذلك تتأسس على اعتبار أن كتاب الإبانة هو آخر كتب الأشعري في حين لم يأل الدكتور الصلابي جهدا ليعرف أن هناك العديد من العلماء ممن أثبت أن كتاب  » اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع » هو آخر كتبه، وكما يقول العلامة الدكتور مصطفى بن حمزة ردا على ابن تيمية فيما يتعلق بالتأويل والمجاز  في مقال نشره بموقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بعنوان منهج الأشعري في قراءة النص: » ولقد ذهب أكثر الراغبين في ضم الأشعري إلى المدرسة الظاهرية النصية إلى أن كتاب الإبانة هو آخر ما انتهى إليه ارتحال أبي الحسن الفكري وهو الذي يمثل منهجه ومعتقده »

‏والذين اختاروا، يقول العلامة بنحمزة، أن يكون المنهج العقدي الوارد في الإبانة هو المعبر عن عقيدة الأشعري قد اضطروا إلى القول بآراء ليس من اليسير التسليم بها حين تتوخى النزاهة الفكرية » وهذا القول ، ضمنيا، هو رد على الصلابي فيما ذهب إليه، حيث بسهولة ويسر حكم على الأشعري بأنه تراجع عن التأويل.

ويقول دكتورنا العلامة بن حمزة ما يجعل كلام الصلابي خاطئا بالمرة وهو قوله: « والملاحظ أن ابن تيمية لما تحدت عن الأطوار الفكرية للأشعري لم يتحدث إلا عن طورين طور الاعتزال وطور ثان سلك فيه طريقة ابن كلاب ومال إلى أهل السنة. مع العلم أن الصلابي في كل ما يذهب إليه في حديثه عن العقائد شأنه شأن كل السلفيين يعتبر ابن تيمية مرجعا أساسا ووحيدا.

فالإعتماد على كتاب الإبانة وحده هو اعتماد مجحف في حق الإمام أبي الحسن الأشعري، وهذا ما يسميه دكتورنا بن حمزة بالمصادرة على المطلوب لأنه لم يتم الحسم بأن كتاب الإبانة هو آخر ما كتب الأشعري حتى يصح اتخاذه حجة على المذهب الأخير للأشعري. لآن لأبي الحسن الأشعري عطاء غزيرا يتجاوز المائة كتاب ‏حسب تتبع د. فوقية حسنين محمود.

 ومن خلال سرد العديد مما قاله علماء المذهب الأشعري في الصفات من أمثال الإمام الغزالي والباقلاني والإمام الجويني نرى الصلابي يفصل فصلا بينا بين الأشعري وأعلام مذهبه، لإثبات تراجع الأشعري عما قاله في كتابه اللمع من جهة وهو السكوت عن إثبات الوجه واليدين  وبين ما جاء في الإبانة من اللجوء إلى إثبات الصفات بلا تكييف ولا تعطيل، وفي هذا يعلل دكتورنا بن حمزة سبب لجوء هؤلاء، ومنهم الصلابي، إلى الفصل بين الأشعري وأعلام مذهبه بقوله:  » فهؤلاء من جهة قد انتهوا إلى الفصل بين الأشعري وأعلام مذهبه واتهموهم بأنهم غيروا مذهب إمامهم فأحدثوا فيه من القول والتأويل ما لم يقل به إمامهم. وهذا ادعاء يصعب مجاراته لأننا لم نألف من أي مذهب إسلامي أن يتواطأ علماؤه على التحريف والتزييف ثم توافقهم الأمة على ذلك وتسكت عنهم »

 كما يعتمد الصلابي اعتمادا كبيرا على بعض المراجع التي تعج بالضعف من ذلك اعتماده على كتاب  » شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة  » لهبة الله اللالكائي وهو كتاب يكفر فيه اللالكائي المشبهة، وموضوع التكفير يعد من أخطر المواضيع، فيؤسسه على حديث أقرب إلى الوضع منه إلى الضعف، وهو حديث يتحدث فيه عن شعبة قال: قال لي الأعمش: ما عندك في قوله تعالى (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به ) البقرة الآية: 136، فقال حدثني أبو حمزة قال لي ابن عباس:  » لا تقل فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فإنه ليس لله مثل، ولكن قل: فإن آمنوا بالذي آمنتم به فقد اهتدوا » ويعقب دكتورنا عما أورده اللالكائي بقوله: « و الواقع أن المرء ليعجب حينما يجد هذا الحديث مستشهدا به ومعزوا إلى ابن عباس..ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن وهو أعرف بأن العبد لا يستدرك على خالقه ولا يصحح نصا قرآنيا متواترا. » ويقول:  » هذا في الوقت الذي يعرف أن أبا حمزة عمران بن عطاء الواسطي قد اختلفت فيه الأقوال ، فقال فيه أبو داود ليس بذاك وهو ضعيف، والخبر وإن أورده ابن جرير الطبري فإن المعروف أن الطبري لم يلتزم إيراد الصحيح دون غيره وقد أشار الطبري نفسه إلى احتمال عدم صحة الحديث. »

ويقول دكتورنا محللا:  » ومهما يكن فإن قول الله تعالى: ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به) ليس معناه القول بوجود مثيل لله يؤمون به، وإنما معناه: إن آمنوا مثل إيمانكم فقد صاروا على عقيدتكم »

ولعل ما وقع  لحماد الأنصاري  الذي يعتمده الدكتور علي الصلابي مرجعا مهما يعتمد عليه، هو نفسه ما وقع للعديد من الباحثين السلفيين حيث اعتمدوا على كتب الأشاعرة منها الإبانة الذي كما يؤكد أفضل المحققين له وهو الإمام محمد بن زاهر الكوثري رحمه الله بقوله: « أدخل التحريف والنقص والزيادة على الإبانة وهي أشهر كتب الإمام الأشعري ».

وختاما نقول: إن اعتماد الدكتور علي الصلابي على منهج انتقائي لتأكيد توجه معين يرضي الدولة السعودية وآل الشيخ، على حساب اعتماد المعالجة العقلية التي تعتمد على استحضار جميع  أفكار الأشاعرة دون اللجوء لعزل الأشعري عن الأشعرية وتصوير أتباعه على أنهم لا يمثلون امتدادا فكريا حقيقيا لمذهب الأشعري والتعامل معهم على أنهم أشخاص آخرون تصرفوا بما يخالف مذهبهم وغيروا وعدلوا فيه تعديلا.  ودون استقراء جميع الآراء وجميع الرؤى المخالفة بما فيها الاعتماد على محققين معتمدين وعلماء كبار من أمثال الدكتور حجة الإسلام محمد بن زاهر الكوثري والدكتورة فوقية حسين، والدكتور عبدالعزيز الإدلبي والباحث الكبير حمودة غرابة والدكتور سعيد فودة وغيرهم من المعاصرين كثير.

‏ 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.