Home»Correspondants»منحة التعليم العالي …الحلم الذي قد يحقق وقد لا يتحقق

منحة التعليم العالي …الحلم الذي قد يحقق وقد لا يتحقق

0
Shares
PinterestGoogle+

أيام قليلة تفصلنا عن هذا الحدث التاريخي في نظر أزيد من ربع مليون طالبة وطالب مغربي مسجلين بجامعات المغرب. أمل سيعيد للكثيرين احساسهم بمبدإ الحق والواجب ، بمواطنة قدرت واحترمت مقاييسها واستوفت شروطها ، بوزارة طبقت العدل والمساواة مع أبنائها واعتبرتهم كأسنان المشط ، خاصة في قيمة المنح الموزعة .

جميل جدا ذلك الشعور المؤقت الذي سيعتري الكثير من طلبتنا الجدد ، احساس باستقلالية مالية مؤقتة ، وخطوة أولى في سلم الأولويات ، ومنظومة تعليمية تكافؤهم وتشجعهم على المسير قدما . وبالتالي نفس جديد من الاستمرارية خاصة في صفوف الطلبة المنحدرين من أسر كابدت جاهدة لإيصال أبناءها للجامعة.

لكن ماذا عن المحرومين الذين رفض ملفهم وأهمل ؟؟ أليسوا مغاربة لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ؟؟ لا أتحدث هنا عن أبناء الأسر الغنية لأنهم كانوا أول المستفيدين ، فهذا أمر معروف للجميع ولا يختلف عليه اثنان.

فأمر القبول أو الرفض من عدمه يتم بتزكية من المسمى « المقدم  » أو « الشيخ » الذي سلط ليكون لسانه سليطا لا أكثر، يتغاضى عن هذا ويشيطن هذا. فكيف يعقل في مغرب القرن الواحد والعشرين ،  في منظومة أجمع العالم بكونها أساس الأسس ، أن يعهد أمر التقرير فيها لشخص جاهل يعيدنا اسمه لسنوات التحرر من الاستعمار؟؟؟

ليست مصادفة يا سادة. بل هي سياسة تنويم وحروب خفية كما سماها المفكر نعوم تشومسكي في احدى كتبه، فمهاجمة الجانب النفسي وإلحاقه صدمات واخفاقات متعمدة وفق سياسة التدرج يخلق لدينا ما نسميه بالنفور وعدم الرضا التي تؤدي الى في نهاية المطاف للانحراف والحصول على علامات أقل.

بدون منحة لا ولن يستطيع الطالب الفقير الالتحاق بالركب المعلف ،ولن يكون بمقدوره التسجيل بمؤسسات تشترط المادة كالتجارة والتسيير مثلا.

بدون منحة لن يتقبل الطالب أبدا شيئا اسمه الواجب لأنه حرم من الحق.

بدون منحة ستتشكل لدى الطالب فكرة أوضح عن حاضره ومستقبله مما سيزيده وعيا بمدى الحرمان الذي لا زال في بداية طريقه إليه .

بدون منحة ستنهار منظومة التعليم وستسقط الى الحضيض لأنها مقترنة دائما بأبناء الفقراء وفق الحكمة التي تقول « لولا أبناء الفقراء لضاع العلم »

بدون منحة ستتحول العلاقات الاجتماعية الى محنة وسيسود مبدأ القوي والضعيف، مبدأ البورجوازية والبروليتارية، مبدأ الوجهية والمحسوبية والزبونية وبالتالي شرخ في بنية  المجتمع .

 بدون منحة لأبناء الطبقة الوسطى الكادحة سننتقل الى مفهوم الضغط المولد للانفجار .

كثير من سيسخر من هذه الأسطر وسيطرح مع نفسه سؤالا منطقيا. كيف لبضع دريهات تمنح ثلاث مرات في السنة أن تحدث كل هذا القلقال و البلبال ؟؟ أقول أن المنحة رغم رمزيتها لأبناء الأسر الميسورة إلا أنها تشكل الكثير والكثير بالنسبة لأبناء الطبقة الفقيرة والمعوزة الذين يعيلون أسرهم بنسبة معينة من هذه المنحة ويدرسون ويجتهدون بالباقي القليل منها.

أبعث من هذا المنبر بتحية تقدير واعتزاز الى كل الشامخين الصامدين، سواء الممنوحين أو المحرومين من أبناء الطبقة الوسطى والفقيرة الذين يواصلون طريقهم في طلب العلم رغما عن الظروف السحيقة التي يمرون بها .

هم على الأقل لم يقبلوا بالأمر الواقع المفروض عليهم ولم يفكروا بالانحناء أمام قرار مجحف بحقهم كهذا ، بل كانت نظرتهم أبعد من ذلك بكثير، فالحياة في نظرهم لا تتوقف هنا بل تبدأ من هذه النقطة في ظل صراع البقاء.

ختاما أقول لطلبتنا الجدد أن طريق الجد والاجتهاد لا مناص منه في ظل بلدنا المتاَكل من الداخل ، فأنتم السبيل لرفعته ورقيه ،أما موضوع المنحة التي تمنها علينا وزارة التعليم العالي فهي أشبه بكسرة خبزة ترميها لنا وتطلب منا أن نشكرها بعد أن كانت خبزا مسروقا منا  .

 

بقلم جلال الغلبزوري            

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. نورالدين القارئ الملتزم بوجدة سيتي
    14/10/2015 at 07:28

    شكرا على اختيار الموضوع واضيف انه في السبعينات من القرن الماضي كانت الاسر الفقيرةتقتسم مع ابنها او ابنتها المنحة و في الوقت الحاضر صار ابناء الاساتذة في الابتدائي و الاعدادي و الثانوي و كثير من الموظفين في الادارات و المستشفيات يحرمون من المنحة بينما اخرون بحكم مهنتهم و سلطتهم لا يحرم ابناؤهم من المنحة رغم انها هزيلة.برلماني واحد تمنح له تعويضات 4000درهم شهريا عن وقود السيارة والتنقل و جل الطلبة محرومون من المنحة لانهم من ابناء صغار و متوسطي الدخل. و الحكومة تتكلم عن العدالة الاجتماعية اليس ما تفعله الحكومة السابقة والحالية و اللاحقة هو ظلم اجتماعي؟ ترشيد استعمال سيارات الدولة وتقنين عددها يمنح المنحة لعدد من طالبي العلم ، تقليص عدد المستشارين و النواب و الوزراء يمنح كل الطلبة منحهم بلا استثناء.من له الاولوية هل الطالب ام الوزير او البرلماني؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *