Home»Correspondants»النجاشي في القرن 21

النجاشي في القرن 21

0
Shares
PinterestGoogle+

النجاشي هو ملك الحبشة في عهد رسول الله- صلى الله عليه و سلم- وهو من أرسل إليه النبي جماعة من أصحابه هربا من بطش كفار قريش و إيذائهم لهم.فقال لهم قولته المشهورة  » إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم عنده احد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما انتم فيه… »

و  سافرت هذه الجماعة الأولى ليلا عبر سفينتين تجاريتين في السنة الخامسة للبعثة المحمدية.

و لما التقت جماعة المسلمين هذه، بالنجاشي ملك الحبشة طلبا للأمن و الأمان و الحماية، و كان قائد الجماعة جعفر بن أبي طالب( ولد في السنة 34 قبل الهجرة) ابن عم الرسول،و أخ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما،تكلم جعفر نيابة عن الجماعة(لوجود سمات القيادة فيه و حسن تصرفه و قدرته على البيان و الإقناع) فقال للنجاشي » أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية ،نعبد الأصنام،ونأكل الميتة،و نأتي الفواحش،و نقطع الأرحام،و نسيء الجوار،و يأكل منا القوي الضعيف،فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا،نعرف نسبه و صدقه وأمانته و عفافه،فدعانا إلى الله لنوحده و نعبده،و نخلع ما كنا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان.وأمرنا بصدق الحديث،وأداء الأمانة،و صلة الرحم،و حسن الجوار،و الكف عن المحارم و الدماء، ونهانا عن الفواحش،وقول الزور،و أكل مال اليتيم،و قذف المحصنات،وأمرنا أن نعبد الله وحده،و لا نشرك به شيئا،وأمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام،فصدقناه و آمنا به،و اتبعناه  على ما جاء به من دين الله،فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا،و حرمنا ما حرم علينا،و أحللنا ما أحل لنا،فعدا علينا قومنا فعذبونا و فتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى،و أن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث،فلما قهرونا و ظلمونا و ضيقوا علينا و حالوا بيننا و بين ديننا خرجنا إلى بلادك ،و اخترناك على من سواك،و رغبنا في في جوارك،و رجونا ألا نظلم عندك أيها الملك… »

فرغم محاولة عمرو بن العاص استمالة النجاشي إلى صفه باختلاق أكاذيب عن مريم  و ابنها المسيح عيسى، من اجل أن يطرد النجاشي جماعة المسلمين و يردها من حيث أتت، إلا أن رد و إفحام جعفر بن عبد المطلب للنجاشي و للمشركين كان قويا…(يمكن الرجوع إلى هذا الحدث عبر المراجع أو عبر الشبكة العنكبوتية)….

مناسبة هذه النصوص التراثية للرسول الكريم و ابن عم الرسول هو تذكرة بأخلاق النبي أولا بالأخلاق الإسلامية و التعاليم الدينية ثانيا، و التي كان يحث عليها النبي،و هي تدحض بشكل واضح لا لبس فيه ما يلفقه بعض من المسيحيين اليهود، من أكاذيب عن الرسول في أقواله و أفعاله مع بيته و مع أصحابه ومع المشركين.و نعلم أن يد اليهود و المنافقين و المشركين المندسين لم تكن بعيدة عن ما لفق له من أحاديث و تصرفات في ذلك الوقت، تطعن في نبوته و شخصه و في رسالته  و في ما يدعو له من عبادات و ادعاءاتهم أن القران تلفيق بشري مأخوذ بشكل مشوه من الأساطير الإسرائيلية…

و ثانيا،قد تعود  نفس القصة(الهجرة هربا من الظلم و التعسف و البطش) في ثوب آخر و في زمن آخر،و هو القرن 21،و بالضبط في البلدان العربية التي تعرف صراعات دموية، وكأن الزمان يدور بنا إلى الوراء إلى عهد الجاهلية التي  عرفت حروبا لا تتوقف بين القبائل العربية، بعض من هذه الحياة الجاهلية حكى عنها الصحابي الجليل جعفر بن عبد االمطلب.من حروب طاحنة ووجود  القوي الذي يطحن الضعيف… ماذا تغير من الأمر؟

حشود كبيرة تعد بالآلاف من الهاربين من الحروب و الدمار و القتل، تعبر الأراضي و البحار مغامرة بحياتها،متجهة إلى الديار الأوروبية تطلب الأمان و تطرق الأبواب.أمان لم تجده في الجوار العربي.بل كل دول الخليج أغلقت الأبواب و النوافذ و الحدود في وجه المواطنين السوريين من الرجال و النساء و الأطفال،و مولت الجماعات الإرهابية من كل المعمرة لتدمر البلاد العربية و تخربها.و لعل مشهد  ذلك الطفل الكردي الذي شاهده الملايين تجره أمواج البحر جثة هامدة أيقظ ضمير الأمة الغربية و أمات مع الأسف ضمير الأمة العربية و الإسلامية التي لازالت تجد متعة و لذة المنتصر الذي يطحن في الأرواح البريئة في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا …رق الضمير الغربي لهؤلاء المهاجرين و لم تدخل الرحمة إلى قلوب الأعراب(الذين تحدث عنهم ابن خلدون في مقدمته) و فتحت الأبواب للمهاجرين السالمين على مصراعيها، و الحدود و المنازل و الكنائس،و رحب السكان الألمان و الايطاليون و الاستراليون و الفرنسيون و البريطانيون و…و بهؤلاء الهاربين من جحيم الأعراب البدويين .

اي عار يمكن أن يشعر به حكام الخليج وهم يرون النجاشي المسيحي الغربي في القرن 21 يعيد نفس الحكاية ،و لكن ليس مع مسلمين عرب فقط و لكن مع جميع الطوائف؟؟؟

فمن هو أحق بالرحمة على هؤلاء :المسلمون كما جاء في خطاب جعفر بن عبد المطلب يرشدهم إلى جوهر الدين الصحيح  الذي لم يبق فيه إلا القشور اليابسة و الخطب المحنطة،ام هؤلاء الذين يسميهم المسلمون المتزمتون المتعصبون بالغربيين الملحدين و الكفار؟من هو الكافر الحقيقي و من هو المسلم الحقيقي؟ هل من ينطق بالشهادتين فقط أم  بالشهادة الواحدة و لكن بأخلاق الإسلام الحق.آلا يجدر بنا أن نعيد النظر في قيمنا و سلوكنا الممارس مع بعضنا البعض و مع جيراننا الذين يقتسمون معنا الإنسانية؟ 

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *