Home»Correspondants»ماذا عن الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع بالمغرب؟ / أذ. بنعيسى احسينات – المغرب

ماذا عن الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع بالمغرب؟ / أذ. بنعيسى احسينات – المغرب

0
Shares
PinterestGoogle+

ماذا عن الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع بالمغرب؟

 

أذ. بنعيسى احسينات – المغرب

 

من الصعب أن يخوض المرء في مواضيع حساسة ومعقدة، ولو ادعى الحياد الموضوعي بكل ما أوتي من قوة وتجرد. لكن رغم هذا، لابد من محاولة جادة جريئة، يتسلح فيها الكاتب أو الباحث، بجرأة نقدية حرة محايدة قدر الإمكان، حتى يخوض في أمور ترهق كاهل المفكرين ورجال الدين بصفة خاصة، والعامة من الناس بصفة عامة. لأنها تَدْخُلُ في صميم حياتهم اليومية بكل تفاصيلها، التي تشغل الرأي العام عن قضاياهم الحقيقية الملحة.

وليس من العادة دائما ، أن نحاسب من جانب واحد فقط، من هم ضد الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع، لكن من الضروري ومن الواجب أيضا، أن نحاسب دعاة الحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع، عندما ينحرفون عن هذه القيم الكونية، التي هي مكسب إنساني واجتماعي لا مناص منها.

كثيرا ما نعلق على مشجب حرية الرأي والتعبير والإبداع، والحرية الفردية الواردة في ديباجة حقوق الإنسان في المواثيق الدولية وغيرها، كل السلوكيات الفردية والاندفاعات الخاصة الغير المحسوبة العواقب، معتبرين إياها حقا من حقوق الحرية الفردية وحقوق حرية التعبير والإبداع. بمعنى أن الفرد في عالمنا المعاصر، له كامل الحرية أن يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء، كيف ما شاء وأين ما شاء، دون حسيب أو رقيب أو رادع، ولو تجاوز في ذلك حدود حريته، واخترق حدود حرية الآخرين أفرادا وجماعات. فمن يحمي حرية وكرامة هؤلاء، قبل أن ندافع عن حرية دعاة حرية التعبير والحرية الفردية ماديا ومعنويا؟  فالحرية الفردية وحرية التعبير والإبداع، مطلب اجتماعي إنساني وجودي، يتحقق باستمرار بالوعي والنضال المستدام، في حدود الاعتدال والمعقول، بلا تهور ولا تجاوزات. فلا أحد ينكر هذا بالإجماع، لكن لهذه الحرية ضوابط وحدود، يجب احترامها دون المساس بحرية الآخرين أفرادا كانوا أو جماعات، والانتقاص منها تحت أي مبرر كان.

فلكل بلد ولكل أمة قيم تتغذى من التقاليد والعادات والمعتقدات والثقافات، تتحكم كلها أو بعضها في السلوك الفردي والجمْعي لأفرادها، وتحدد توجهاتهم واتجاهاتهم ضمن الانفتاح على المحيط الخارجي في حدود معينة مضبوطة، تضمن الحفاظ وتقوية الهوية والشخصية الوطنيتين للأفراد والجماعات، داخل قطر ما أو أمة من الأمم، مسايرة العصر في نفس الوقت، بتناقضاته وتعقيداته المركبة.

هل يمكن أن نتخلص من كل هذا الإرث وتراكماته عبر الزمن دفعة واحدة، ونندمج كليا بلا مقدمات في الحداثة بسلبياتها وإيجابيتها، دون انتقاء وتفحص وملائمة مع المكونات الذاتية وشروطها، ولو أنها مستفزة وشاذة ومنفرة في غالب الأحيان، خارج التبرير الموضوعي، باسم الحداثة والعولمة والانفتاح الكلي دون قيد أو شرط ؟

فحرية التعبير وحرية الإبداع والحرية الفردية، بهذا المعنى لا تخلو من خلفيات مبيتة، عنصرية كانت أو سياسية ضيقة، تحركها من قريب أو من بعيد. فليس هناك موقف من هذا النوع، بريء مهما ادعى صاحبه ذلك، وقدم مبررات موضوعية كانت أو واهية.

فغالبا ما نجد أن الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية وكندا وحتى وأستراليا، تكيل بمكيالين في بعض القضايا، منها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأمن إسرائيل. فقانون تجريم المساس بالسامية، على سبيل المثال، يطبق فقط لصالح إسرائيل لوحدها، كأنها دولة سامية وحيدة في العالم. أما تسخير الرسومات والكتابات والأفلام، للنيل من الرسول محمد (ص) والإسلام وغيرهما، فحدث ولا حرج.

هنا نتحدث عن الحرية الفردية وحرية التعبير وحرية الإبداع، التي يقام يقعد لها في العالم المعاصر، كأن هذه الحرية لها من القداسة والحصانة ما يجعلها فوق القانون، وفوق كل اعتبار وكل محاسبة. فكيف يعقل أن يعبر أصحاب حرية التعبير وحرية الإبداع بخلفية عنصرية وحقد وكراهية، أو استرزاق وتنفيذ أجندات لجهات معلومة، قاصدين أشخاص ذاتيين كالنبي محمد (ص) ودينه الإسلام بلا موجب حق، في غياب المعرفة الموضوعية النزيهة للموضوع؟ هكذا تقوم القيامة وردود فعل من هنا وهناك؛ من أنصار محمد والإسلام، وأنصار حرية التعبير وحرية الإبداع؛ بتعصب وتطرف من جهة، وعنصرية ونفاق من جهة أخرى. في حين أن حرية التعبير وحرية الإبداع لا تخرج من إطار الحقيقة والمصداقية والقيم الإنسانية والجمالية، بعيدا عن التشهير المجاني القائم على التجريح والقذف والاحتقار المشبع بالكراهية والحقد والعنصرية المغرضة. وفي المقابل لا يمكن مواجهة هؤلاء بالعنف والتهديد بالقتل أو تنفيذه بالفعل، بل يجب الاعتماد على الردود السلمية الحضارية، باللجوء إلى العدالة ومطالبة تطبيق القانون، والقيام باحتجاجات سلمية حضارية، من أجل تسفيه نواياهم ونسف مخططاتهم الدنيئة. بهذا الأسلوب وحده نحقن الدماء ونفتح الباب للحوار والتفاهم بدل الصراع والتصادم، ونعطي درسا لا ينسى للخصوم المباشرين والغير المباشرين، الذين يصطادون في الماء العكر. ألم يحثنا القرآن الكريم على مجادلة أهل الكتاب بالحسنى؟ يقول تعالى جل جلاله: « وجادلهم بالتي هي أحسن ». وأن نعفو ونأمر بالعُرْف ونعرض ونتجاهل السفهاء منهم عندما يسيئون إلينا، تطبيقا لقوله تعالى: « خذ العفو وأمرْ بالعُرْف واعرض على الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله إنه سميع عليم« . وهكذا نكون من الذين قال فيهم صُبحانه  وتعالى في محكم قرآنه: « إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ».

أما فيما يخص التحرشات العابرة للقارات أو النابعة من الداخل، كتلك التي اخترقت المغرب مؤخرا أو نبعت منه، وخلقت جوا من التصدع واللغط والتضارب في الآراء والمواقف، خارج السياق المفروض الخوض فيه والاهتمام به وطنيا ودوليا.

 من هذه التحرشات العابرة للقارات، تعري جينيفر لوبيز المغنية الأمريكية الشهيرة على منصة موازين،ونقل سهرتها على شاشة قناة وطنية، منافيا في ذلك للدستور وخروجا عن أخلاقية المهنة المفصلة في دفتر تحملاتها. وكذا صيغة الاحتجاج العلانية على منصات موازن بالرباط من طرف مغني أجنبي، إلى جانب تعري وتبادل القبل لناشطتين فرنسيتين في حركة « فيمين » في ساحة صومعة حسان. ونفس الشيء وفي نفس المكان قام به شابان مغربيان، زد عليهم التشجيع على الفساد لناشطة إسبانية التي تم ترحيلها من المغرب مؤخرا. هذا قليل من الكثير، لمحاولة الاحتجاج على تجريم المثلية في المغرب، كأن بلادنا محافظة في قلب أوروبا.

أما فيما يتعلق بالتحرشات النابعة من الداخل، التي شغلت البلاد والعباد مؤخرا، نأخذ فضيحة فيلم « الزين اللي فيك  Much Loved«  للمخرج نبيل عيوش، الذي يحتوي على مشاهد لإيحاءات جنسية، صنفها البعض في خانة « الإباحية البرنوغرافية »، تتخللها ألفاظ نابية مخلة بالحياء، بدعوى معالجة ظاهرة البغاء في المغرب، وهي أقدم مهنة في التاريخ رغم كونها محرمة عندنا دينا ومجرمة بقوة القانون، وذلك حسب تصريح المخرج نفسه، بتجسيد الواقع كما هو والذي خلق ضجة كبيرة في البلاد، وردود فعل متباينة بين مؤيدين ومعارضين. إلا أن الأغلبية الساحقة من المغاربة، ساخطة على هذا النوع من الإبداع الساقط، المبتذل المخل للحياء العام، رغم التغيرات التي بات يشهدها مجتمعنا الذي تحول فجأة من مجتمع محافظ له تقاليد وأعراف إلى مجتمع تباح فيه كل الأمور حتى ولو كانت منبوذة و مقززة.

إنه من الممكن أن يكون للمخرج رأيه الخاص في الموضوع، لكن لا يمكن أن يفرضه على أحد باسم حرية الإبداع، لأن لكل شخص موقفه من الموضوع. وما دام الشريط صادما يمس بالإرث السوسيوثقافي للبلاد، إذ يتناول قضايا ذات حساسية مفرطة، التي يمكن تناولها بموهبة إبداعية جمالية مع احترام المجتمع وكرامة الناس، وليس بالتصادم مع قيم المغاربة من أجل حسابات تجارية ضيقة. فلا أحد يقبل بتقديم صورة مغلوطة مختزلة للمجتمع، من خلال « أكليشيهات » جاهزة مثيرة لا تحترم قيم المجتمع. فالسينما فن شعبي بامتياز، ولا يمكن النجاح فيها سوى بوضع الموهبة وجمالية الإبداع رهن إشارة الفن، وبأن المخرج الذي يتعمد الإثارة، خصوصا فيما يتعلق بالجنس، من أجل جلب أكبر عدد من الجمهور، فهو لا محالة يخسر في الأخير هذا الجمهور. فمخرج الفيلم يقول إنه أنجز هذا العمل من أجل المغاربة لتوعيتهم، لكنه في الحقيقة، هو شريط يتحدى قيم وأعراف هؤلاء المغاربة.

 فنحن مع الإبداع في جميع أشكاله وتجلياته، لكن شريطة أن يحترم القواعد العامة للوسط الاجتماعي من جهة، وأن يحترم القواعد الفنية والجمالية للإبداع من جهة أخرى. هذان الشرطان ضروريان في كل إبداع، وعلى المبدع الذي يحترم نفسه أن يعمل بهما.

 

إن المغرب كبلد وكمجتمع، يزخر بمواضيع كثيرة في تاريخه وحضارته وثقافاته المتنوعة، ومظاهر حياته المتعددة، التي تستحق بجدارة بأولوية  الاهتمام بها فنيا وإبداعيا، سواء على مستوى الكتابة النثرية بجميع أصنافها والشعرية بجميع تلويناتها، وكذا على مستوى التشكيل والمسرح والسينما وغيرها من ضروب الإبداع المتعددة والمتنوعة. فظاهرة الدعارة قديمة في تاريخ الأمم والأجناس، ليس في المغرب فحسب، بل في العالم بأسره. فتناولها بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب المباشر المقزز المستفز، ينم لا محالة، عن خلفية مبيتة، ترتبط بالتبعية الكاملة لماما فرنسا وأجندتها المشكوك في نواياها لا مجال للخوض فيها، أو عن موقف سيكوباتولوجي من الظاهرة، دون اعتبار للقيم المجتمعية السائدة المشبعة بروح الإسلام خارج الحسابات التكفيرية المتطرفة.

فإذا كان الفيلم موضوع النقاش والمؤاخذات، هو تصوير ونقل مباشر للواقع في جل فصوله، كما يدعي المخرج في خرجاته الإعلامية، فبالأحرى أن يكون ويبقى فيلما وثائقيا تسجيليا أو فيلما إيباحيا متخصصا في البورنوغرافيا، بعيدا كل البعد عن الإبداع، لأن الإبداع في الحقيقة الفنية، يقوم على مقومات جمالية، تحاول أن تقدم الواقع والظواهر الاجتماعية  في قالب فني جمالي، يعتمد على قواعد فنية جمالية محددة؛ من الترميز والاختزال والإيحاء والمجاز والإشارة الهادفة والتقابل والمقارنة والصور والألوان، لا تخدش الحياء ولا تنزل بالممثلين والممثلات إلى مستوى الرذالة والحقارة والدونية، خصوصا عندما يكون هؤلاء ينتمون إلى مجتمع يدين بالإسلام وتتحكم فيه قيم وعادات وتقاليد، لا يمكن غض الطرف عنها مهما حصل، وتحت أي ضغط أو مبرر كيف ما كان نوعه. فالإبداع بهذا المعنى الموجه لعموم الناس، يجب أن يحترم قيم البلاد الروحية وغيرها، وذكاء المتلقي للرقي إلى مستواه، مستعملا الإشارة والإيحاء، بدل إبراز الواقع كما هو، وتسمية الأشياء بمسمياتها. وقد لخص هذا كله المثل المغربي القائل:  » الحر بالغمزة والعبد بالدبزة ».

لنسوق هنا بهذا الصدد، أمثلة حية من السينما العالمية. فالسينما الهندية والباكستانية والإيرانية والتركية والأسيوية  وحتى العربية والإفريقية، لا تسمح لنفسها أن تتجاوز الخطوط الحمراء ضمن قيم وقواعد سلوك محددة يؤمن بها المجتمع ككل، لا قيم وسلوكات وقناعات خاصة للمخرج يفرضها على الممثلين والممثلات أولا، والمتلقي المفترض ثانيا، بكل قوة وتعسف وعنف، باسم الحداثة والتمثل بالآخرين وتقليدهم، كنماذج يجب الاقتداء بها حتى نُقْبَل في صفوف الحداثيين ، ويقال عنا متحضرين وديعين. بل في الحقيقة والواقع متحضرين ممسوخين، بلا هوية، بلا أصالة، بلا عبقرية خاصة. فلا احد من المغاربة ضد الفنون والإبداعات الملتزمة النظيفة والهادفة، ولكن لا أحد من المغاربة مع المجون ومع الخلاعة والرداءة في كل شيء، ولا مع كل ما يتنافى مع الأخلاق والقيم والأعراف التي تعارف عليها المجتمع ومتشبث بها.

 

هذا، دون أن ننسى المحاولات السابقة في الإفطار في رمضان علنا، في الشارع العام والساحات العمومية، وقبل رمضان هذه السنة بأيام، حركة « ماصيمينش » تتحرك من جديد. هذا بالإضافة إلى الخلايا الإرهابية الدخيلة علينا، النائمة والمتحركة التي هي منا وإلينا، تعيش بين ظهرانينا، توقظ مضاجعنا صباح مساء. ناسين أو متناسين أننا في المغرب منذ عودة « ركراكة أو رجراجة » من زيارة النبي الكريم (ص) والفتوحات الإسلامية الأولى، ونحن دولة تدين بالإسلام لا مذهبية فيها، لها تقاليدها وعاداتها وثقافاتها التي يحترمها الجميع.

ففي أواخر الستينات والسبعينات وبداية الثمانينات، كانت هناك الحركة الشيوعية والاشتراكية في أوجها، بل كانت تمثل خطرا على نظام الدولة، ومصدر قلق للقيمين على السلطة في المغرب، .بمشروعها الثوري آن ذاك، ورغم ذلك كان هناك احترام للدين وللعادات والتقاليد. ولا أحد يجرؤ على خدش حياء وكرامة ومعتقدات الآخرين، خصوصا أمام الملإ وفي الشارع العام والأماكن العمومية. وحتى إذا ما تبادر إلى ذهن أحد أو جماعة ما، القيام بفعل لا يقبله الوسط الاجتماعي، فهو يُمارسه في الخفاء، أو داخل مجموعة خاصة، في مكان بعيد عن أعين الناس. كان هناك احترام حقيقي للمجتمع، وللقيم المشتركة من طرف الشباب، رغم نزعاتهم الحداثية والإيديولوجية.

هذا إلى جانب ما تمارسه الحركات الإسلامية السلفية الأصولية الدخيلة على الأمة المغربية، الآتية لنا من المشرق، بتشجيع من الدولة العميقة في بداية السبعينات من القرن الماضي، للمساهمة في حرب الفكر الاشتراكي في المغرب؛ تمارس في ما تمارسه هذه الحركات، التوجيه والاستفزاز، والإكراه والتطرف، والتهديد باستعمال العنف أحيانا، وهي تفرض نمطا أو أنماطا منغلقة متشددة دخيلة، في الممارسات الدينية والحياتية وحتى السياسية منها، تخالف ما هو متعارف عليه عندنا من انفتاح واعتدال، وتساهل وتسامح في الحياة العامة للساكنة والمواطنين، بحيث أن الأمر بالأساس، يتعلق بالإنسان وخالقه لا غير. الشيء الذي ترتب ويترتب عنه مضايقات واستفزازات وتهديدات، المؤدي إلى خلق جو من التوتر والحذر، والحقد والكراهية والنفاق، والصراع والتفرقة والشقاق، والتبرم وردود فعل خطيرة ومبالغ فيها من هذا الطرف أو ذاك، كل يجرم الآخر إلى درجة تكفيره والتفكير في تنفيذ حكم القتل فيه، مما يفتح الباب على مصراعيه للتطرف والإرهاب من جهة، وظهور سلوكيات معاكسة ومناقضة كردود فعل من جهة أخرى، المتجلية في الاستفزازات الداخلية والخارجية، التي تمس القيم الوطنية والدين الإسلامي في فطريته واعتداله.

 إلا أنه يلاحظ أن التدين عندنا اليوم، يعتمد على النفاق والتباهي والتظاهر بالإسلام، القائمين على المظاهر الخارجية واكليشهات المستوردة من الخارج، كطريقة اللباس والتعامل وإطلاق اللحية وارتداء مختلف أنواع الحجاب، وظهور طوائف وفرق ومذاهب بمظاهر وسلوكيات مختلفة ومتباينة، « ما أنزل الله بها من سلطان »، أفقدت الإسلام روحه وطبيعته وفطريته وتسامحه، فأصبح الإسلام متجليا اليوم في المظاهر والتباين والتباهي والنفاق، لا فيما هو في القلوب والأفئدة، وفي النفوس اللوامة والمطمئنة المتشبعة بالإيمان الصافي الحقيقي.  لذا، فالأمر يحتاج اليوم وقبل الغد، إلى إعادة النظر والقيام بمراجعة شمولية وعميقة، واستحضار ما يجري الآن بالساحة من تطورات تحدث، وأفكار متطرفة تروج، وسلوكيات مشبوهة ومقززة في الشارع وأماكن العبادة تنتشر وتتوسع وتهيمن، وذلك بهدف حماية الإنسان المغربي ودينه المعتدل المتسامح المنفتح، تحت إمرة ورعاية إمارة المؤمنين، حتى لا تستهدف حصانة الأمة المغربية المعنوية اللامادية تحت أي تأثير كان ومن أي جهة كانت. فبدون إصلاح فكري ديني ثقافي، ودون إعادة النظر في الثقافة السائدة، لا أمل لنا بتحقيق أي إصلاح اجتماعي وسياسي ممكنين.

نريد أن نكون نحن، مغاربة بتنوعنا واختلافنا، بمقوماتنا وأصالتنا، بكينونتنا وحضارتنا، بحداثتنا وتقدمنا، بتطورنا واجتهادنا، ببصمات هوياتنا وثقافاتنا المتعددة المتنوعة، بديننا القويم في فطريته واعتداله، في بساطته وتسامحه وتضامنه، في انفتاحه وقابليته لمسايرة تطور المجتمع، عبر الاجتهاد المنفتح على مختلف العلوم الكونية، للرقي بالديمقراطية وبحقوق الإنسان، إلى قيم كونية عالية موحدة، تجمعها في بلدنا المغرب كلمة إسلام وسلم وسلام، الداعمة للتنمية المستدامة والاستقرار وأمن وأمان، بعيدا عن التطرف والتعصب والتكفير، والميز والكراهية واحتقار الآخر من أي جنس كان ./ .

———————-

أذ. بنعيسى احسينات – المغرب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *