Home»Correspondants»الدواعش قادمون

الدواعش قادمون

0
Shares
PinterestGoogle+
 

ان المتتبع لحركية المجتمع المغربي سيلحظ بلا شك تنامي وازدياد ظاهرة التطرف بكل أنواعه ، وخاصة الديني منه ، فهذه الظاهرة أصبحت تتسع وتكبر كرقفة الزيت ، وعدد المعتنقين للتطرف صار يتصاعد بشكل ملفت ، طبعا هناك مؤشرات عديدة تؤكد ما أذهب اليه ومنها :
– تزايد اعتناق التوجهات والأفكار الايديولوجية المتطرفة في غياب التأطير الديني السمح والمنفتح .
– استقطاب فئات واسعة من المهاجرين وخصوصا من الشباب من طرف هذه التيارات المتشددة والمغالية .
– تزايد ظاهرة الفقر واتساع الهوة بين من يملكون ومن لايملكون .
– تحول بعض المؤسسات الايديولوجية كالمدارس والمساجد والجمعيات الى مشاتل للتطرف والارهاب ، فبعض المنابر تحولت الى أبواق لنشر فكر الاقصاء والعنف ، كما أن مؤسساتنا التعليمية ليست في منأى من هذا التأثير وقد تابع الرأي العام بعض النمادج من امتحانات الباكالوريا بجهة كلميم وسوس ماسة درعة ، والطريقة الممنهجة المعتمدة لغسل الادمغة وشحن عفول التلاميذ .
– الاغراءات المالية الضخمة التي ترصد للراغبين الالتحاق بدائرة التطرف والوعود المقدمة لهم بخصوص الجنة .
– تطوع العديد من المغاربة وانخراطهم في بعض المنظمات الارهابية ، بل أن بعضهم أصبح يتبوأ مراكز قيادية في تنظيم « داعش » والتنظيمات المتطرفة بالبلدان المغاربية وجنوب الصحراء .
– تحول الأماكن العامة الى فضاءات للاستقطاب بدعوى ومبرارات الوعظ أو التجارة ……الخ
قد يقول قائل ان هذه الامثلة هي مجرد حالات معزولة وشاذة ، وأن الشاذ لا يقاس عليه .
شخصيا لا أعتبر ما يقع حالات شاذة ومعزولة ، وللرد على هذا التشكيك ، أقول باأن ما يقع هو ظاهرة كائنة ، وكل عناصروشروط تطورها متوفرة ، وأنه لا تنطلي علي شخصيا اسطوانة بعض المتنفذين الذين يعزفون دائما سمفونية الاستقرار والأمن وهلم جرا تسميات .
كما لا يجب اعتبار هذا الموقف نوعا من التهويل والتخويف ، فأنا أدعو الى الحذر ، اذ أنه لا يجب الاستمرار في ممارسة سياسة النعامة ودس الرؤوس في الرمال في انتظار مرور العاصفة ، بل يجب أن يتأهب الجميع للتصدي لكل من يمس بسمعة وأمن البلد أو الاساءة الى هويتنا المنفتحة والمتعددة .
قد يرى البعض في هذا الكلام دعوة لاطلاق اليد الطولى للدولة ، وربما قد يعتقد البعض أنني أدعو الى التضييق ، على الحريات واعتماد المقاربة الأمنية وما يدخل في حكمها من اعتقالات واحتجازات وما شابه ذلك من الاجراءات الوقاية والاحترازية . ..
ليس هذا هو القصد من هذا الرأي ، القصد منه هو ضرورة اشاعة حقوق الانسان ،وثقافة الحوار والتسامح والاختلاف ، ويمكننا استحضار تاريخ المغرب بهذا الصدد ، فقد مر بتجربة غنية في مجال احترام الحق في الاختلاف ( المغرب الأقصى والأندلس منذ القرن الثاني الهجري والى غاية حرب 1948 وحرب 1967 وبداية تهجير اليهود الى فلسطين بمساهمة جهات معروفة )
ملحوظة لها علاقة بما سبق :
في نهاية الستينات وأثناء الدراسة الابتدائية ، كنت أدرس بمدرسة فرعية تضم قسمين للمستوى الاول والثاني بمدينة الريصاني باقليم الراشيدية ( قصر السوق سابقا) ، كانت المدرسة تسمى بمدرسة الملاح بحكم تواجدها بالقرب من حي الملاح الذي تسكنه طائفة اليهود ، كان تلاميذ القسم من ديانات مختلفة ، ولم يكن يطرح ذلك أية مشاكل ، كنا نلعب جميعا ، وأمهاتنا كانت تجلس أثناء المساء جماعة بحي الملاح وحي القصبة وحي السوق ، وبدون تمييز أمام المنازل خاصة في فصل الصيف هربا من الحرارة المفرطة ، كانت النسوة تتبادل الزيارات فيما بينهن ولا تجدن اية غضاضة في طلب الأغراض المنزلية من الجيران بغض النظر عن الاختلاف ، كنا كأطفال بعد انتهاء حصة الدراسة يوم السبت ندخل لحي الملاح ، فتعطينا الأسر اليهودية خبزا رقيقا ولذيذا لست أذكر اسمه ، كان اليهود والمسيحيين بهذه المدينة الصغيرة يمارسون مهنا وحرفا مختلفة ( الدباغة – صياغة الذهب – الخياطة – الحدادة – الخرازة – العطارة -النجارة ……) تفرض عليهم التواصل مع الاخرين ، كانت المدينة تعيش في هدوء بعيدا عن التطرف والاقصاء وهي نفس التجربة التي عاشتها الأندلس الى غاية القرن السادس الهجري ، وهي تجربة غنية بالفعل ، انتجت علما ومعرفة ساهما في اغناء الحضارة الانسانية ، وأنتجت مفكرين وعلماء من مختلف الديانات بصموا أسماءهم في سجل الحضارة الانسانية كابن رشد وابن ميمون وابن طفيل وابن باجة والزهراوي وابن زيدون والشريف الادريسي والقائمة طويلة .
خلاصة القول أنه يمكننا التغلب على التطرف مهما تقوت أساليبه ، بالدولة الديموقراطية ، التي تعمل على احترام القانون وتكريس الحريات ، و بنشر قيم التسامح ، واشاعة الديموقراطية وحقوق الانسان للجميع .

الصديق كبوري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.