Home»Correspondants»القبح اللّي فيكْ

القبح اللّي فيكْ

1
Shares
PinterestGoogle+
 

لا أجد ما أصف به فيلم المخرج المغربي/فرنسي نبيل عيوش الأخير إلا أنه قبيح و منحط. قبيح في الشكل، وفي المضمون، و في الغاية والمقصد… و المقاطع المنشورة والمتداولة على الشبكات الاجتماعية كافية لاستهجان هذا القبح جملة وتفصيلا.
و القَبَاحَة  مصدر قَبُحَ يَقبُح ، قُبحًا وقَباحةً ، فهو قَبيح . و قََبُح القولُ أو الفعلُ أي سَاء و خرج عن الّلائق المقبول. يقال: قبُح سلوكُه / لفظُه / تصرُّفه .. و كلام قبيح ،  و قبُح وجهُه أي صار دميمًا ، عكْسه جمُل ، فهو جميل. و أقبح فلانٌ أي أتى بقبيح. و يُقال استقبح الشيء أي وجده قبيحا، بمعنى استهجنه.
و فيلم عيوش ليس فيه جمال، لا في الشكل ولا في المضمون، بل يحتوي قُبحا مثيرا للغثيان، بل هو مثير للإشفاق في حق مخرج فاشل لم يجد إلا هذه الخرْجة القبيحة على الآداب العامة، وعلى دستور المملكة وتاريخ مراكش العريق. فذبح الفضيلة وتجرأ على الأخلاق وعلى قيم المجتمع المغربي لاستجداء المجد والشهرة من مهرجانات الخزي والعار التي تسيطر عليها مؤسسات مشبوهة ذات الأجندة القبيحة والخبيثة.
قُبح الحوار يتجلى في طغيان قاموس « المرحاض » وما تحت الحزام، إذ تتكرر نفس الألفاظ الفاجرة أكثر من مرة في نفس المشهد، مما يجعل المشاهد يقتنع أن مفردات القبح أو بالمعنى العامي « لقباحة » هي مقصودة لذاتها، وليس الغرض منها ترجمة انفعال أو غضب عند شخصية ما، في لقطة استثنائية.
إن القول بتصوير الواقع كما هو مجرد ادعاء، لأن الفرق بين (الفن) و(العفن) هو أن الأول يلجأ إلى أساليب راقية ومهذبة للحديث عن الأشياء المستقبحة والمستهجنة. والواقعية في السينما لا تعني أبدا النزول بالذوق إلى هذا المستوى المُنحط، وخير دليل على هذا، فيلم (سارق الدراجة) الذي يعتبر نموذجا للمدرسة الواقعية في السينما الإيطالية ولا يحتوي على أية لقطة مُخلة أو ألفاظ نابية ! ويمكن مشاهدته في العائلة أو في القسم مع التلاميذ بدون أي حرج. و مع ذلك، فهو يعالج الدعارة و الشعوذة في إيطاليا ما بعد الحرب العالمية الثانية بشكل قوي ومؤثر جدا ! و لهذا لم يلجأ سينمائي واحد في العالم إلى إدخال كاميراته مع ممثل دخل المرحاض ليقضي حاجته ، أعزكم الله، بدعوى « تصوير الواقع »، لأن عملية التغوط يستهجنها حتى الإنسان البدائي أو الأكثر همجية !!
إن أي عمل فني أو أدبي يقوم على التلميح لا التصريح، وعلى الإيحاء والصور الفنية لإيصال المعنى. و إذا وصلت الفكرة، لا يعمد إلى تكرارها بشكل ممنهج ممجوج يفقدها ذلك المعنى المراد إيصاله، إلا إذا كان المخرج بليدا أو يستبلد المتلقى. فيكفي مثلا أن يتبادل ممثل وممثلة بعض النظرات، ثم يدخل إلى غرفة نوم وبعدها تتبعه عشيقته ليفهم المشاهد أن الأمر يتعلق بمعاشرة أو زنا أو دعارة. فإذا تعمد المخرج الدخول معهما وتصوير اللقطة، فإن الهدف يتحول من إدانة ظاهرة الدعارة (كما يدّعي عيوش) إلى إثارة الشهوة و تهييجها وهو ما تسعى إليه أفلام البورنوغرافية في الدول التي لا تُجرم الزنا ولا الشذوذ. ويتحول العمل السينمائي من فيلم الطليعة إلى فيلم المؤخرة !
نحن أمام ركام من اللقطات الفاضحة،  والألفاظ ساقطة، لو قام بنشرها تلميذ لكانت الإحالة على القضاء لمحاكمة الجاني بناء على نصوص القانون، و لوصل الأمر إما إلى الإصلاحية أو إلى مستشفى الأمراض العقلية. لكن أن يصدر هذا الفعل القبيح من مثقف مسؤول ومخرج سينمائي محسوب على المغرب، مدعوم بالآلة الإعلامية الفرنسية، فهذا استفزاز لمشاعر شعب بأكمله و إساءة إلى المرأة الغربية التي يراد لها أن تربط بالصورة النمطية للداعرة والمشعوذة والمتخلفة. و لقد استقبح المغاربة هذا العمل و استهجنوه، وقال معظمهم: قبَح الله سعي هذا المخرج الممسوخ الهوية و أمطروا باللعنات تلك الممثلة المغمورة التي رضيت بعرض سوءتها أمام ملايين المشاهدين في العالم، وعلى كل التافهين الذين ساهموا في هذا العمل.
إن القضية تتعلق بكرامة المغاربة جميعا، بل هي اختبار للدستور الجديد وللحكومة الحالية. و لا شك أن الحكم القضائي في النازلة سيمثل منعطفا حاسما: إما في اتجاه تعزيز هيبة الدولة والقانون، أو في اتجاه الكيل بمكيالين في موضوع الحريات.
محمد السباعي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. li ni9ach
    26/05/2015 at 11:39

    أكد السيد صلاح الوديع – رئيس حركة ضمير في تصريح لـ »فبراير.كوم »، أن ما يروج الآن في الساحة العمومي،ة يكتسي خطورة كبيرة، خاصة الدعوات إلى الكراهية والقتل ضد ممثلين ومخرجين.

    وأضاف رئيس حركة ضمير لـ »فبراير.كوم » بالحرف : » أتتبع ما ينتجه السينمائيون المغاربة، ولا أتفق دائما مع كل ما ينتجونه بالضرورة. لكن لا شيء يمكن أن يسمح لي بالدعوة إلى الكراهية أو الهجوم على الأشخاص أو المطالبة برأس أحدهم ،لأنني لا أتفق معه فنيا وفكريا.
    المادة الجمالية لا يمكن أن تخضع لغير أدوات التحليل الجمالية. ويبقى الحكم للجمهور، المادة التي يذهب إليها الناس طواعية هي مادة ناجحة في كل مجالات الإبداع. بالمقابل، حتى لو أنفقت الأموال الطائلة على مادة رديئة، فلن يذهب إليها الناس. إذا دخلنا نفق الحكم على الفن من زاوية « أخلاقية » لا نعلم إلى أين سننتهي. ألم نسمع ونقرأ أن الموسيقى حرام؟ ألم نسمع ونقرأ أن كل الأدوات الموسيقية حرام ما عدا الدفوف؟
    لم أشاهد الفيلم لا كاملا ولا جزئيا ولا يمكنني الحكم عليه بالتالي.
    طبعا لكل الحق في إبداء رأيه، بدءا بالناس الذين تفاعلوا سلبا مع الفيلم وعارضوه، شريطة أن يروه كاملا لا مجتزأ، وشريطة أن يراعوا شروط النقاش العمومي، المبني على الاحترام. أما الدعوة إلى القتل فهي جريمة تسائل الدولة.التي لم تفعل لحد الآن شيئا سوى اللجوء إلى المنع. أتساءل عن هذا الصمت وعن اقتصار الدولة، ممثلة في المركز السينمائي، على منع الفيلم حتى قبل وضع طلب عرضه…؟

  2. العربي أحمد
    28/05/2015 at 01:06

    ما قولكم في مهرجان موازين والكازينوهات التي تفتح ابوابها في رمضان لأصحاب الشكارة أقول لك يا عراب المخزن ما أقبحك

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.