Home»Correspondants»ما هي انتظارات مواطن من الغد بعد الانتخابات التشريعية؟

ما هي انتظارات مواطن من الغد بعد الانتخابات التشريعية؟

0
Shares
PinterestGoogle+

لن نكون من العرافين الذين يقرؤون الطالع على الرمل أو الورق أو حبات القمح أو الكتف الأحجار أو أي شيء من هذا القبيل…طالع الرجال و النساء و الشباب في مجالات الحياة كلها .و لا من اختصاصنا قراءة منازل النجوم و الكواكب و تحديد مصائر الناس و صحتهم و أرزاقهم و ما إلى ذلك…و لكن ما هو مؤكد عند العامة من الناس أن اليوم الجميل يبدو من صباحه…

 هل يومنا الآن جميل و مشرق فيكون غدنا جميل أيضا أو أجمل؟

 بالنسبة للمواطن من الطبقات الدنيا نقول بلا خجل انه يعيش أسوا أيامه في الحاضر أكثر سوءا من الأيام  التي مضت .لقد كان ماركس  صائبا في عصره، عندما قسم المجتمع الرأسمالي إلى ثلاث طبقات اجتماعية : الرأسماليون  الأثرياء المالكون لوسائل الإنتاج و  الفئة المتوسطة من و الموظفين و الأطباء وغيرهم من  أصحاب المهن الحرة ( أي الانتلجنسيا التي يراها انتهازية و  صاحبة مصالح) و طبقة الفلاحين و العمال الذين يبيعون قوة عملهم لمالكي وسائل الإنتاج.. إنها الطبقات الاجتماعية التي عرفها المجتمع الأوروبي في القرن19.

لكن الوقت الحاضر أي (القرن21)، افرز  تسميات لطبقات اجتماعية جديدة مثل طبقات تعيش تحت سقف الفقر و الطبقة الفقيرة و البسيطة و المتواضعة، بحيث يكون في الفقر مستويات من الحضيض ،إلى تحقيق المستوى الأدنى من العيش (لا نقول الكريم) في الغذاء و الدواء و السكن و التعليم و الأجر.

إن المواطن يعيش أسوأ أيامه عندما ينتمي إلى المهمشين و المتواضعين و المتسكعين و المساكين و الفقراء و أبناء السبيل من المواطنين الباحثين عن لقمة العيش… حتى المواطن من الأسرة البسيطة و المتوسطة، و الذي كان في وقت من الأوقات يصنف في دائرة أو خانة اسر متوسطة ،أصبح اليوم ، و بفعل الزيادات المهولة و الباهظة التكاليف، في كل شيء بدءا بدراسة الأطفال و ما يتعلق بهذا الأمر، من مستلزمات الدراسة من أدوات و ساعات الدعم المؤدى عنها و الساعات الخصوصية في بعض الأحيان،  إلى رغيف الخبز و الشاي و السكر و الحليب و الماء و الكهرباء و الخضر و اللحوم، و غيره من المصاريف اليومية الخاصة بالقوت اليومي للمواطن.. إلى الدواء و المراقبة الصحية إلى اللباس…

 المواطن من هذه الشريحة الاجتماعية يواصل استشرافه للمستقبل  و يواصل أحكامه و استنتاجاته لما يلي من الأيام .انه أصبح يعاني من الفقر الذي لا يبرح مكانه ،بل يستفحل.إن الأفواه الجائعة لا ترحم ، والزيادات المهولة  في كل شيء لا تتوقف ليسترجع المواطن انفاسه، بل حتى بائعي الساعات الإضافية من الرجال و النساء في التعليم ،و بسبب الإقبال المرضي عليها،فان فئة عريضة من رجال و نساء التعليم استغلت الوضع أبشع استغلال  و حددت أسعارا تصاعدية غير  قابلة للنقاش أو لإعادة النظر فيها ،لا تأخذ بعين الاعتبار القدرة  المالية للمواطن البسيط(مع إهمال كلي للمعدمين و الفقراء من الأجراء و المياومين والحرفيين التقليديين و العمال في القطاع الخاص و صغار الموظفين الذين تتراوح أجورهم من 1000درهم الى2000درهم في أحسن الأحوال) .يضاف إلى هؤلاء الموظفون المتوسطون الذين يصرفون كال مدخراتهم في تعليم أولادهم –بدون الوثوق في المستقبل الغامض الذي ينتظرهم- الذين سيكونون مشاريع بطالة مقنعة تتموضع  أسفل الجدران في الأحياء التي يسكنون فيها).

 حتى الأدوية التي قيل عنها أنها عرفت انخفاضات مهولة تتناسب و القدرة الشرائية للمواطن لم يكن ذلك إلا ذر الرماد في العيون. فلا زالت الأدوية القوية- التي يحتاجها من يتعايشون مع الأمراض المزمنة- مرتفعة الأثمان. ناهيك عن أثمان المضادات الحيوية و الأدوية الخاصة بالأمراض العضالية أو المستعصية.فإذا كانت الأسرة المتوسطة العدد، و التي يتراوح عددها الآن من 3الى4 أطفال في  الأغلب الأعم، يستحيل عليها القيام بما تفرضه قوانين التربية المعاصرة، من الاهتمام بكل الأطفال بنفس الدرجة و نفس الاهتمام (التعليم و التغذية الصحية والألبسة و المراقبة الصحية و استغلال أوقات الفراغ و تنمية الهوايات الفردية و الاستجمام).إن صنع جيل يتميز بمواصفات الجودة  الفكرية و العاطفية و النفسية بصفة عامة ،يتطلب تحقيق مجموعة من الشروط المادية و النفسية و الثقافية…لا تستطيع حتى الآسر المتوسطة من توفير جزء منها…

الواقع الاقتصادي الجديد (اهتمام الحكومة بالتوازنات المالية و اللجوء إلى القروض العالمية جعلها تهمل إهمالا تاما الشأن الاجتماعي، بل تعمل على زيادة معاناته)جعل الشباب العاطل المتعلم يقوم بالاحتجاجات المتواصلة من اجل الحصول على عمل يصون كرامته.و حتى أولئك الذين قدر لهم بفعل فاعل أن يجدوا عملا، يشعرون أنهم مهددون بفقدانه في أي وقت. و ليس لهم أي حق أن تكون حياتهم مؤمنة اجتماعيا ،إذا كانت تربطهم برب العمل عقدة محددة في الزمن.فيشعرون بانعدام الاستقرار الاقتصادي و الطرد من العمل، و هذا يؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي…فهذه نعمة مهددة بالزوال …

عدم الاستقرار في الوظائف أو البطالة المقنعة يجعل الشباب يوقعون التزامات مع العنوسة الذكورية و الأنثوية.وهذا ما يفتح مجالا و واسعا أمام السخط  و الهيجان الاجتماعي. و الذي قد يؤدي في كثير من الحالات إلى انتشار كل الأمراض الاجتماعية و المجتمعية: من السرقة إلى النصب و الاحتيال و التسول و الدعارة و الإجرام العشوائي و المنظم و المخدرات بكل أصنافها.بل أيضا إلى انتشار المنظمات الإرهابية التي تستقطب هؤلاء المتذمرين من أوضاعهم الاقتصادية و المعيشية ومن التهميش و الإقصاء…فكل الفتاوى التكفيرية تنمو و تجد صدى في الأحياء الهامشية و الدروب المقصية.

لا ورود في المستقبل بل أشواك و حفر و دهاليز و غموض في الرؤيا.فلا القطاع العام الضعيف أصلا قادر على فتح أبواب الرزق للمتعلمين العاطلين و غيرهم، و لا القطاع الخاص له القدرة على استيعاب اليد العاملة المتعلمة،و لا الأجور التي تمنح لهم قادرة على تلبية حاجياتهم الأساسية.

هذه هي ملامح الحاضر كما تبدو لأي مواطن. انه حاضر يشبه ما كان يعيشه الإنسان العربي و المسلم في أواخر الدولة العباسية، و الذي اصطلح المؤرخون على تسميته بعصر الانحطاط: انحطاط القيم و المعنويات و الثقافة و العلم و الإبداع و التجديد .كان العقل المتعلم، و الإنسان العربي مغيبا لا يقوم إلا بالملخصات للمؤلفات السابقة…انه عصر الظلام و الظلمات…

 المستقبل هنا و إن تغيرت الحكومة  بمكوناتها الحزبية الحالية، أو حكمت المعارضة الحالية و الضعيفة أصلا، أو رجعت الحكومة الحالية للحكم بكل مكوناتها الحالية، أو حصل فيها تغيير  طبقا لبعض الحسابات السياسية(لا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة بل هناك مصلحة دائمة)…فان دار لقمان ستظل على حالها،و المواطن لا ينتظر أن تمطر السماء ذهبا أو فضة…ولا ينتظر تحسنا في متطلبات المعيشة الآن و مستقبلا،  له أو لأولاده…بل ما ينتظره الحصيف النبيه، أن تكون على العكس من النظرة المتفائلة، زيادات أخرى في أثمنة الماء و الكهرباء و غاز البوطان و في الدقيق الأسود و الأبيض و الحبوب و زيادات في الضرائب المباشرة و غير المباشرة  و في الاقتطاعات من الأجر بسبب الإضراب، و الزيادة في سنوات التقاعد  لتصل إلى 65سنة(التطبيق الفعلي لها سيكون ابتداء من سنة2022) و الزيادة في مصاريف التعليم العام و الخاص و في  الفحوصات و العلاجات و الأدوية  و غيرها مع استقرار في الأجور…

 و بعبارة أكثر وضوحا من الوضوح نفسه، سيكون المستقبل أسود أغبر كسواد الفقر  في الأيام الباردة  من كل شتاء قاس،  الذي تعيشه الطبقات الاجتماعية تحت سقف الفقر… في القرى المنسية…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. yahya
    11/04/2015 at 01:54

    Analyse intelligente d’un vécu dégradant, lequel demande une réflexion sérieuse et des efforts pragmatiques pour être amélioré.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *