Home»International»سنة التدافع وعوامل النصر (17) بقلم عمر حيمري

سنة التدافع وعوامل النصر (17) بقلم عمر حيمري

0
Shares
PinterestGoogle+

                         سنة التدافع وعوامل النصر  (17)  يتبع  : بقلم عمر حيمري

ومن الإعداد الاستراتيجي لمواجهة العدو الإعداد الجيد الذي يعتمد عليه الجهاد في جميع الجوانب المطلوبة لقوله تعالى [ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ] ( سورة الأنفال لآية 60 ) . ومن الاستعداد للجهاد ، القابلية لطاعة القائد والالتزام بها  والتوكل على الله وإخلاص القصد والنية له والإيمان المطلق بقضاء الله وقدره والرضا بما كتبه الله من أمر النصر والهزيمة والاستشهاد والغنيمة والحياة ، ثم المعرفة والعلم الكامل بالقصد من وراء الجهاد وهو رفع راية التوحيد  لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، وليكون الدين خالصا لله ، وتكون الحاكمية المطلقة لله وحده لا شريك له ، ورد الأمر كله لله وفي أي اتجاه ، وليكون بالتالي كل نصر هو نصر لله ولمنهجه  وشريعته في الحياة  . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } ( متفق عليه ) .

إن الاستعداد للجهاد ، والأخذ بكل الأسباب التي تدخل في الطاقة ، والوسع والاستطاعة  فريضة ، لا تقل أهمية عن فريضة الصلاة والزكاة والجهاد نفسها ،لأنها جاءت بصيغة الأمر ، والأمر يقتضي الوجوب لقوله سبحانه وتعالى [ وأعدوا لهم ما استطعتم  من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلنهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ] ( سورة ألأنفال آية 60 ) فمفهوم القوة في الآية الكريم جاء مطلقا غير مقيد يشمل كل ما هو مادي ومعنوي من شأنه  أن يقوي المحارب للعدو ، والقوة  ضرورية لتحرير الأرض والإنسان وتؤمن الدعوة إلى الله وتضمن حرية  المعتقد وحرية العبادة وحرية الضرب في الأرض وترهب عدو الله أولا ثم عدو الأمة  المسلمة  ثانيا ، لأنه لا يكفي أن يكون العدو عدوا للمسلمين ، دون أن يكون كذلك عدوا لله ولتوحيده ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، فالعداوة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم  شرط لتحقيق إرهاب العدو وتحقيق  نصر الله . وعلى هذا الأساس نفهم ، أنه لا يجوز ويحرم مطلقا توجيه سلاح المسلمين إلى بعضهم البعض ، مهما كان الخلاف والاختلاف بينهم أو إرهابهم أو فتنتهم بأي شكل من الأشكال ، بل يجب أن يأمن ويؤمن بعضهم بعضا ، لأنهم ليسوا من أعداء الله ، فإن حدث ووقع الإرهاب بين المسلمين فإنه حتما  سينتفي نصر الله لانتفاء السبب الذي هو العداوة لله .

إن مفهوم القوة ، الوارد في الآية الكريمة أوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وفسره بالرمي ، كما هو ثابت في قوله صلى الله عليه وسلم { ألا إن القوة الرمي ،ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي } ( رواه مسلم والترمذي بسنده عن عقبة بن عامر ) . وفي قوله صلى الله عليه وسلم أيضا { ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا } ( باب التحريض  على الرمي حديث مروي عن  سلمة  بن الأكوع رضي الله عنه رواه البخاري وأحمد  )  وفي حديث أخر قال  صلى الله عليه وسلم محرضا على الاستعداد لمواجهة العدو عملا بقوله سبحانه وتعالى [ وأعدوا لهم …] وقال أيضا :{ علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ( رواه البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما. )

إن مصطلح القوة في الآية الكريمة ورد نكرة ، غير معرف ، فهو لا يعني قوة محددة  بعينها أو ذاتها ، بل يشمل أي قوة متاحة للمجتمع الإسلامي كيف ما كانت  وليس المطلوب القوة المتكافئة لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتولى بعد ذلك مسألة التوازن بين القوتين وبناء على هذا الفهم يكون التنظيم والتخطيط الاستراتيجي الجيد قوة ، والتكافل والتضامن والتسامح الاجتماعي قوة ، والعفو عن الناس ومساعدتهم والتعامل الحسن معهم والأخذ بيدهم  قوة ، وجمع المساهمات المالية لتمويل المجهود الحربي والنفقة في سبيل الله قوة ، والتنافس والتسابق والتفنن في الصناعات الحربية  والإعداد المتنوع لمواجهة العدو قوة ، والتكوين العلمي والمعرفي والعسكري والتدبير الحربي ودقة التصويب قوة ، والتوكل على الله والذكر وإخلاص العبادة لله والتوبة وعدم الإصرار على المعصية والذنوب والانتصار على النفس الأمارة بالسوء والشهوات والأطماع والأحقاد وتعلم القرآن الكريم والتفقه في الدين والقيام والصيام والاستقامة ونشر ثقافة العدل والمساواة في المجتمع قوة ، وطلب المدد والنصر من الله قوة ، والتحريض على القتال ونشر ثقافة الجهاد بين المسلمين وترغيبهم فيه ومقارعة الأعداء بالحجة والبرهان وترهيبهم قوة ، وخوض معركة الجدل بالتي هي أحسن  والمناظرة والبيان والوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والابتعاد عن الاختلاف والتفرقة وعن كل العوامل ، التي يمكن أن تؤدي إلى فشل المسلمين وكسر شوكتهم قوة ،  والغلظة والشدة والشجاعة في جهاد المنافقين والخائنين للأمة الإسلامية وكل الموالين للكفر والكافرين وجعلهم يشعرون بالخطر وعدم الإنعام بالأمن والأمان قوة ، والصبر على المكاره والأذى  وتحمل ظلم النفس وقهر الناس وكيد ووسوسة الشيطان قوة ، والجاهزية الكاملة للقتال والاستعداد له في كل حين وعلى حين غرة قوة ، ( نموذج حنظلة الأنصاري الملقب بحنظلة الغسيل الذي ما إن سمع صيحة الجهاد ، وهو مع امرأته ، حتى التحق بساحة المعركة ، ولم يمهل نفسه للاغتسال ، لأنه كان كله استعدادا للجهاد و شوقا للقاء العدو ) والسيطرة على الإعلام ، والاتصالات ، والمعلومات والأقمار،الاصطناعية،والرادارات،ومراقبة،الحدود،الجوية والبرية والبحرية ، والوسائل الدبلوماسية والسياسية والحرب النفسية والمقاطعة الاقتصادية والحصار الاجتماعي والتربوي قوة …كل هذه القوى ، وكثير غيرها ، لم أذكره كقوة وعدة سابقة على الجهاد مفروضة على الأمة ، كفريضة الجهاد تماما . وهي ذات فعالية  وضرورية لتمكين أمة الإسلام من تحقيق النصر على عدو الله ورسوله وعدوها . ومع ذلك تبقى قوة الرمي ، كما تأولها وفهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفسرها على رأس هذه القوى كلها ، وهي الأهم والأجدر بتحقيق الرعب وزرعه في صدور الأعداء وجعلهم يشعرون بالخطر الدائم ، فلا يفكرون في الاعتداء على الإسلام وأهله أو التحرش به ومضايقته في نشر الدعوة إلى الله  أو أثناء ممارسة الطقوس الدينية . إن الرمي وسيلة للدفاع ، كما هي للهجوم وهي تمكن المحارب من مقاتلة العدو عن بعد دون ملاقاته ودن تعريض أرواح وأنفس المسلمين للخطر والهلاك ، وتبدأ  بالحجارة ، كتلك التي رمى بها  سيدنا داوود عليه السلام  جالوت فقتله ، ولا تنتهي عند اختراع معين لوسيلة ما للرمي . فهناك الرصاص والقنابل والدبابات والجارفات  والمدافع والصواريخ والقنابل الذكية والكيماوية والنووية والطائرات والغواصات والسفن البحرية بأنواعها ، وكل ما يمكن أن يصل إليه العلم والصناعة التكنولوجية من تقنيات وسائل الرمي ، هي من قوة المجاهد في سبيل الله ، وصناعتها وتعلم فنونها والتدريب على استعمالها واستخدامها فرض كفاية . يقول الشهيد عبد القادر عودة رحمه الله تعالى : [ والأصل في الشريعة الإسلامية أن كل ما ينفع الأمة في دينها أو دنياها من علم أو فن أو صناعة فهو من فروض الكفاية وتعلمه واجب على الأمة ولا خيار لها في الأخذ به أو تركه … ] ( التشريع الجنائي في الإسلام للشهيد عبد القادر عودة 278 ) . وبما أن الإسلام نظام ومنهج عملي واقعي للحياة ، فهو لم يغفل عن الحث على توفير وتدبير الموارد المادية والبشرية اللازمة للإعداد الحربي الذاتي دون الاحتياج أو الاعتماد على غير المسلم ، إن شاء أعطى وإن شاء منع وفق مصلحته الخاصة ، خصوصا وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بصناعة السلاح ، لا بشرائه أو استيراده من الآخر . لقوله صلى الله عليه وسلم { إن الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ومنبله }  ( عن عقبة بن عامر : سنن أبي داود كتاب الجهاد باب الرمي  ) وفي رواية أخرى : {  إن الله يدخل  بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه الذي يحتسب في صنعه الخير ، والذي يجهز به في سبيل الله ، والذي يرمي به في سبيل الله } ( مسند أحمد وشعب الإيمان للبيهقي ) ،وبما أن  تكاليف البحث العلمي والاختراعات والصناعات الحربية ، يحتاج إلى أموال طائلة وإلى جهاد بالمال الكثير ، الذي لا يقدر على توفيره  إلا المجتمع الإسلامي بكافة أطيافه ، لهذا رغب القرآن الكريم في الإنفاق والبذل المالي من أجل تأمين الصناعة الحربية  فقال : [ وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ] ( سورة  البقرة  آية  195 ) .

إن الجهاد المالي في سبيل الله لتأمين مصاريف الاستعداد للحرب يتطلب من المسلمين جميعا التعاون كأفراد وكحكومات المساهمة في صنع العتاد الحربي . إن أرادوا أن لا يتخطفهم الناس ، وتتوزعهم  الأرض ، وتأكلهم الذئاب ، وإن أرادوا أن يتجاوزوا مرحلة الوهن والغثاء ، إلى مرحلة القوة والقيادة والريادة وبناء الحضارة المؤمنة برب العالمين . فإن هم بخلوا ورفضوا الجهاد المالي  فلينتظروا التهلكة والدمار والذل والهوان والهزيمة بدل الانتصار .

إن الجهاد المالي في عصرنا هذا ، لا تكون له جدوى ولا يحقق أهدافه في تصوري إلا بعقد شراكة بين المحسنين كأفراد وبين المجتمع المدني وبين وزارة الأحباس أو الأوقاف ووزارة الدفاع  ووزارة التعليم العالي  والبحث العلمي وتكوين الأطر ، لكي لا يخرج عن المرامي والغايات المرسومة له ، وهي تحقيق القوة التي بها يتحقق إرهاب العدو ، وهزيمته عند اللقاء .

إن الاستعداد الذي فرضه الله سبحانه وتعالى علينا بقصد إرهاب العدو  لا يتوقف عند توفير أنواع من القوى المذكورة سابقا ، بل هناك قوة أخرى لم ينتبه إليها إلا قليلا وهي لا تقل أهمية عن الصناعات الحربية ، بل توازيها وقد تتفوق عليها والقرآن الكريم قد أشار إلى هذا النوع من القوة وما توفره من أمن وأمان إلا من مكر الله وعذابه   في أكثر من آية إلا أن المفسرين لم يهتموا أو لم ينتبهوا إلى ربط  هذا النوع من القوة بالأمن ،  فقصة أهل الكهف تحكي لنا عن نوع من الكهوف يمكن الاحتماء فيها واللجوء إليها  بحثا عن الأمن والاطمئنان والتخلص من الظلم والعدوان ، وفيها يوجد الإيواء والحل للمشكلات ، وفيها  تنتشر رحمة الله وتمتد ظلالها ويجعل الله سبحانه وتعالى بعد ذلك المخرج والمرفق والرحمة لعباده المقهورين الذين لا يملكون حيلة ويجدون في الله الملجأ الوحيد فيهتمون بأمر دعائه والتقرب إليه  في الشدة والرخاء ، فتكون الاستجابة بقدر إيمانهم  بالله وتعلقهم بحبه وعبادته  وطاعته ، وقد سجل القرآن الكريم هذا النموذج المتمثل في أصحاب الكهف في قوله سبحانه وتعالى  : [  إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ] ( الكهف آية 10 ) . لقد جاءت الاستجابة على الفور نتيجة إخلاص أهل الكهف في دعائهم ولجوئهم إلى الله كما هو واضح في قوله  سبحانه وتعالى [ وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ] ( سورة الكهف آية 16 ) وتكرر المشهد نفسه مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم  إذ آوى  وصاحبه أبو بكر الصديق إلى غار ثور وهما في طريقهما إلى المدينة المنورة في رحلة الهجرة ، بعد أن  أخرجهما الذين كفروا ، فكان الغار ملاذا لهما واحتماء من قريش  يقول الله سبحانه وتعالى [ ألا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ] ( سورة  التوبة آية 40

لقد استوعبت حماس في غزة ، وطالبان في أفغانستان وفهمت  القصص والأخبار القرآنية التي لها علاقة بالكهوف ( أصحاب الكهف ) والمغارات (غار ثور الذي لجأ إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى المدينة )  ونحت الصخور والجبال  ( أصحاب الحجر ) … ودورها في توفير المأوى والملجأ الآمن للمضطهدين والمقهورين فاستفادوا واعتبروا وتدبروا أمر القصص القرآنية فترجموها إلى مفاجأة إستراتيجية حربية ، أبهرت الأعداء والأصدقاء على السوء            إذ اهتدوا  إلى حفر الخنادق والأنفاق واستغلوها في حربهم ضد الغزاة  والمحتلين ( نموذج حرب غزة الأخيرة ، التي استعملت فيه الأنفاق أرغمت إسرائيل على وقف إطلاق النار من جانب واحد ثم الانسحاب من دون تحقيق الأهداف المرسومة للحرب على غزة وأهمها إسقاط حكومة حماس وتدمير منصات الصواريخ أو على الأقل إسكاتها وإعادة الثقة بالجيش إلى المستوطنين اليهود ورفع معنوياتهم بعد أن عرفت هذه الثقة تدهورا كبيرا على يد حزب الله في حربه مع إسرائيل جنوب لبنان .

 إن المغارات والكهوف والسراديب ، التي يصل عمقها إلى مئات الأمتار تحت الأرض ، كما هو الشأن بالنسبة لكهوف طورابورا في أفغانستان ومغارة فريواطو بمدينة تازة (المغرب ) التي يصل عمقها تحت الأرض حسب بعض الخبراء إلى مائتين وواحد سبعين مترا (271 ) وتمتد على مساحة 2178مترا ومغارة هرقل قرب مدينة طنجة ( المغرب ) حيث توجد بها سراديب يقال أنها تمتد إلى ثلاثين كيلو مترا  (30 كلم ) في جوف الأرض ، هذا النوع من المغارات والكهوف تعجز أقوى القنابل على اختراقه ، هذه الكهوف يمكن أن تستغل في الحرب كملجأ آمن للناس أو مخزن  للمؤونة والذخيرة والسلاح  ومصنع للأسلحة ومركز للبحث العلمي .

إن الكهوف والمغارات وإن كانت حصونا آمنة للناس وتحد من بأس بعضهم بعضا ، ومن الخسائر البشرية إلى جانب  قوة السلاح والدمار الشامل … كلها  لا تنفع من أمر الله ولا تؤمن من عذاب الله إذا جاء . لقوله تعالى [ وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ] ( سورة الحجر آية  82-83 -84  ) بقلم عمر حيمري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *