Home»Jeunes talents»لا أملك كتابا يا أمي

لا أملك كتابا يا أمي

0
Shares
PinterestGoogle+

                                                                                                لا أملك كتابا يا أمي


هل كل من قدر له أن يولد في البادية قدر له أن يعيش في أحضان الجهل ؟

كم من صبي طرح هذا السؤال في اللاوعي فلم يجد له سؤالا في وعيه البريء ؟  

كم من طفل ترعرع في باديته المعتزلة فحرم من أشياء جميلة بسبب تقاليد الوسط الاجتماعية أو بالأحرى بسبب قسوة السلطة الأبوية ؟

في أحد القرى في جبال الريف و بالضبط في جبال أنوال   ولد   »ماسين  » وترعرع في أوساط قادتها السلطة الأبوية العمياء و فقدانه لمنبع الحنان الأم جعل طفولته مزيجا من المآسي يتخلله عنف الأب وزوجته والعمل الشاق المضني, قسوة الأب وزوجته كان الهاجس والمنعرج الذي حال بينه و بين أحلامه الطفولية البريئة.حلم  »ماسين » البريء أن يذهب إلى  »المسيد » فطالما وعدته أمه أن يذهب هناك قبل مفارقتها له .،لكن الأب قبل أن يراه إبنآ  كان يرى فيه مصدرا للرزق حيث كان يسند إليه جل  الأعمال الشاقة,و يذهب  منصرفا إلى المقهى ليلعب النرد مع     أصدقائه• 

ماسين كانت توقظه زوجة الأب باكرا ليذهب إلى الغابة ليرعى الغنم وتترك أولادها الثلاثة ينعمون بدفيء أفرشتهم الصوفية مدعية أنهم ما زالوا صغار ا؛  كان وفيا في عمله رغم الاحتقار الذي كان يقاسيه في منزلهم الصغير  ، زوجة الأب تعدى احتقارها إلى أنها   كانت تطعمه عندما يعود في المساء وحيدا في صحن قصديري تأبى الكلاب أن تقتات منه رغم ذلك كان يطيع أوامرها الهتلرية  ، كان  دائما يخشى أن تتخلص منه لأنه يعرف مدى قسوتها وتحكمها في أبيه المتخاذل السكير .

كان يحس دائما بالاحتقار  من داخل منزلهم الصغير ,الكل يستهزأ به بسبب قصر طوله ،كانوا يطلقون عليه اسم   (تشيتا) المحتال رغم أنه كان نبيل الأخلاق

 ماسين لم تكن له رفقة بالدوار ,كان يذهب وحيدا إلى الغابة مستأنسا بنايه الذي كان رفيقه اليومي  ،تعلم عزف

   الناي من   »الشيخ فتاح » الذي كان مشهورا في الدوار بالعازف المجنون     ( أمديازأبوهاري

 ماسين أصبح يتقن العزف ،فلقد كان مولوعا بقطعة غنائية يعزفها كلما تذكر فراق الأم .،كان يجلس على ربوة في وسط الغابة ويترك  القطيع سارحا يقتات ،ويبدأ بعزف ملحونته ويغني معها  »أيما إنو إشم إروحان تجيدايا سومزيان سومقران كورشي إشهايا »  »آه أمي لِما رحلت وتركتني وحيدا الكل يكرهني الصغير والكبير ».بسبب شوقه لأمه الحنون كان يعيدها حتى تغرورق عيناه بالدموع ،يسترجع دائما ذكريات أمه عندما كانت تحثه على الذهاب إلى المسجد ليدرس رغم أن الأب كان يأبى دائما .ماسين كان حلمه تعلم الكتابة و القراءة  كان فطنا سريع الحفظ  فلقد حفظ  كثير من الآيات والسور رغم أنه لم يكن متاح له بأن يجلس إلى إمام المسجد ليتعلم ما تيسر من القرآن

 في يوم من الأيام بينما هو قادم من الغابة مع القطيع، أتاه من بعيد صوت سجي فتتبع أرجاء ذلك   الصوت  حتى وصل إلى باب المسجد فبدأ يستمع إلى تلاوات هزت قلبه البريء ، بينما هو منهمك في إنصاته لأصوات الأطفال التي شجبت قلبه  ،نسي الغنم   سارحا في   في أرجاء البادية .، ذهب مهرولا يبكي إلى زوجة الأب لكي يطلب منها ألا تخبر الأب لكن غيضها وكرهها لماسين جعلها تشي به وتحرض أباه ضده

رغم أن الغنم أسترد من بعض الجيران إلا أن زوجة الأب كانت مصرة على أن تتخلص منه .،ترك في تلك الليلة الباردة في الحظيرة ينام بين ظهور الغنم بعدما أن برحه الأب ضربا  

وفي الصباح الباكر قام منهك القوى ليخرج القطيع إلى الغابة لكن فوجئ بوضع زوجة الأب لأفرشته ولباسه العتيق خارج المنزل .،استغرب لهذا ،لم يكن له في الحسبان قط. انتظر قرب الباب لعل يأتيه الغيث من قريب أو بعيد، تخلى عنه الكل, حتى الأب الذي كان ينتظر منه ماسين لعل يأتي منه الفرج تركه وحيدا يعاني ألم اليتم.إغرورقت عيناه  بعد أن فقد الأمل ،رزم أفرشته و حملها على ظهره  متجها إلى حيث لا يدري ,لعله يجد ملجأ يحتمي به لكن هيهات  هيهات.

واصل طريقه إلى حيث لا يدري حلكت ظلمت الليل وقد أرهقه العياء ،اتجه إلى مكان حيث توجد بعض الأشجار، فرش أفرشته ووسد محفظته الصغيرة . نام وليس في قلبه إلا أمه التي منذ أن تركته لم يذق طعم الحنان,غلبت عيناه النعاس فغرق في حلم   يلوم أمه على فراقها له ويشكي لها قسوة الأب وزوجته ،لكن الأم كانت تواسيه وتحاول أن ترضيه ،ووعدته أنه سيصبح معلما  محبوبا في كل الأوطان… بكل عفوية أجابها  »لكن لا أملك كتابا يا أمي » …وفجأة استيقظ من حلمه   فوجد الشمس مشرقة و وجد   »الشيخ فتاح » جالسا بجانبه حاملا الناي في يده ،فسأله ماذا تريد أن أعزف لك اليوم يا ماسين،  نظر إليه ماسين  نظرة وداع وقام سريعا  متجها إلى شاحنة فركبها ولم ينظر إلى الوراء

 

 بقلم البستيني سليم

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. سليم احمدوش
    12/02/2015 at 18:59

    قصة رائعة وشيقة أخي سليم ،متمنياتي لك مسيرة علمية إبتكارية موفقة، مزيدا من الصبر والأناة والمثابرة وطول النفس إنها شيم الباحثين حقا، تحياتي لك

  2. عبدالاله الرياحي/زايو
    13/02/2015 at 00:26

    بسم ربي و بعد، هاذه أروع قصة سمعتها في حياتي، و هي قصة تحكي معانات الأطفال الذين يحرمون من حنان الأم، و يخضعون لقساوة الأب إذا ما كانت هناك زوجة الأب، لأن زوجة الأب تحتل % 98من اسباب الفراق بين المرء و إبنه، بينما تحتل اسباب أ خرى %2، و تكون زوجة الأ ب وراء المكر و الخداع، فتسلب الحرية الكاملة من الإبن، بالخصوص إذا كانة زوجة الأب تمتلك الأطفال، لذلك من الواجب على الأب ان يتمكن من إختيار الزوجة الأمثل من اجل إبنه، و من الأحسن ان تكون عزباء.
    و السلام

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *