Home»Islam»ذكرى الهجرة الشريفة عبر وعظات

ذكرى الهجرة الشريفة عبر وعظات

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

ذكرى الهجرة النبوية الشريفة: عبر وعظات

بقلم : عبد المجيد بنمسعود

ودعت الأمة المسلمة عاما هجريا آخر واستقبلت عامها الجديد: 1432، فعسى أن يكون المسلمون في مستوى التدبر والاعتبار ،
والقراءة الواعية للتحولات ومجريات الأحداث، القراءة الجادة المستبصرة، ثم الإعداد الحازم الحكيم لاستراتيجية التعامل مع
العام الجديد، في ضوء النتائج المستخلصة من تلكم القراءة.

إن من مميزات شخصية هذه الأمة الحضارية، أن تكون نقطة البدء والانطلاق في عد مسير حياتها، ورصد إيقاع حركتها
وسكونها، حدث بارز شامخ، زاخر بالمعاني العظام والمعاني الجسام، إنه حدث الهجرة من مكة المكرمة مهد الرسالة الأول،
ومهبط الوحي أول الأمر على الرسول العظيم، حبيب الحق وسيد الخلق، وخاتم الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد عليه وعليهم
أفضل الصلاة وأزكى التسليم، إلى المدينة المنورة، موئل الدعوة وموطنها الثاني الذي سيشرق منه نورها على العالمين، لإخراج
الناس من الظلمات إلى النور، من الضلال إلى الهدى.
إن الأمة المسلمة مطالبة، إن هي أرادت المصالحة مع ذاتها، وجبر كسورها، وردم الهوة العميقة التي تفصلها عن حقيقتها،
و عن جوهر رسالتها، فهما وممارسة, أن تعيد بناء تلك الذات، في ضوء معاني الهجرة العظيمة، ذلك بأن الهجرة تختزن كل
دوافع البناء الشامخ المتين، وتختزن كل ضمانات النجاح، وأسرار التوفيق والتمكين.
فإذا كانت الأمة المسلمة، أو بتعبير أدق أشتاتها وتفاريقها، تئن تحت ضربات الأعداء،، وكانت جراحها تنزف صباح مساء،
فإن ما يخلصها من أنينها الذي ضجت به جوانب الأرض وبلغ عنان السماء، إنما هو استلهام لروح الهجرة وتشرب لقيمها
السامية: قيم الصبر والمجالدة، والتوكل والإنابة والتخطيط، والتضحية والفداء، والتعاون والوفاء، وما إلى ذلك، ضمن رؤية
الإسلام الشاملة. ألم يحمل الرسول العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، عبء الدعوة وأمانة التوحيد بحب
كبير وصبر جميل.

ألم يتحملوا في سبيل حمل لواء الحق الذي آمنوا به وعانقوه، كل ألوان التعذيب والإيذاء، بدء من السخرية
والاستهزاء، وانتهاء إلى تمزيق أجساد المستضعفين الشرفاء.
لقد ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة مكثه في مكة، أي ثلاثة عشر عاما، يجاهد في سبيل تبليغ دعوته، واكتساب أنصار
له يعززون صفه ويسندون ظهره، وتعرض في طريقه الشائك ذاك، لمختلف التحديات والمساومات والأهوال، ولكنه عليه الصلاة
والسلام، قابلها بشموخ وإباء، ومضى في إصرار ويقين، يواصل جهاده وسط الأعاصير والأنواء، بحثا عمن يحمل سر الله في
صدره، وكلمة الإخلاص والخلاص والانعتاق، والتحرر من كل ما يزري بالإنسان ويبتذل كرامته: كلمة لا إله إلا الله محمد
رسول الله، الكلمة التي إن قالها قائلوها بصدق يقين، كفيلة بأن تدين لهم بها العرب والعجم. وكان أن ألقى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ببذرة الإيمان وكلمة الإسلام في قلوب وأفئدة أنشا فيها الله رقة وقابلية لتقبل ما واجههم به صناديد قريش وعتاتهم
من كفران وصدود، فهل يقوم المسلمون اليوم بواجب البلاغ وحمل رسالة الإسلام إلى أقوام وأناس هنا وهناك في أرض الله،
عسى أن يكونوا يوما ما من مفاتيح التحرير والخلاص للإنسانية مما هي فيه من مهانة واستعباد، ومن شقاوة ونكد؟ أم أن
المسلمين يوجدون في حالة تقوقع وانكماش، يدعون ولا يدعون ويغزون ولا يغزون؟

لقد ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببذرة الإسلام ، لتنبت وتتفتق، وتورق وتينع هناك في يثرب، ولتمتد فروعها شجرة باسقة
وارفة الظلال، وافرة الغلال، ليؤوب إليها الخائفون والحائرون من كل الأصقاع.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهز فرصة موسم الحج، بعد أن أمر عليه الصلاة والسلام بالجهر بالدعوة، ليعرض
دعوته على أهل يثرب، فكان الموقف في البداية موقف صدود وإعراض، ولكن ما لبث أن تغير فلانت قلوب فئات من أهل
يثرب، وذلك أثناء بيعة العقبة الأولى والعقبة الثانية، وظلت أعداد المسلمين من الأنصار تتكاثر، وتلهفت قلوبهم على لقاء الرسول
صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك لطفا من الله وتأييدا لنبي يملؤه اليقين بوعد الله، بإمضاء أمره، ولصحب كرام كان رائدهم الصدق
والوفاء، والتضحية والإباء، وإيثار ما عند الله عز وجل أولا وآخرا.
لقد كان الاعتصام بالله عز وجل، واليقين في أنه سبحانه وتعالى بالغ أمره رائد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، انظروا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخرج من بين صناديد قريش وقد عزموا على قتله، ضمن خطة شيطانية تولى كبر تدبيرها
أبو جهل، رأس الحربة في معاداة الرسالة والرسول.

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوع الرأس ثابت الجنان، يحثو التراب على الرؤوس القاسية التي بيتت نية القضاء عليه،
ويقول:  » شاهت الوجوه شاهت الوجوه ويتلو قوله تعالى: » وجعلنا من أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون »
يقول الله عز وجل هذا التأييد العزيز: » وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله والله خير
الماكرين » ) الأنفال:30 ( ، ولننصت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في طريق الهجرة في غار ثور رفقة صاحبه أبي
بكر الصديق رضي الله عنه، إذ يقول الصديق رضي الله عنه معبرا عن مخاوفه وهواجسه، والمطاردون المجرمون وقوف على
عتبة الغار:  » لو نظروا يا رسول الله إلى أماكن أقدامهم لرأونا، فيجيب الرسول العظيم في هدوء وثبات:  » ما ظنك يا أبا بكر
باثنين الله ثالثهما. ويسجل القرآن الكريم هذا المشهد من مشاهد الثبات واليقين، والعصمة والتأييد في قوله تعالى: » إلا تنصروه فقد
نصره الله ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا »)التوبة:40(
إن درس الهجرة درس بليغ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولو أن الأمة المسلمة كانت في مستوى الفهم والاعتبار،
لانزاح عنها كابوس الذل البغيض، ولعوفيت مما بها من جنوح وكساح، ولأشرفت على العالم بوجه جديد، ترتسم عليه بشائر
الأمل، ومخايل القوة والتصميم على استعادة الزمام، لقيادة العالم وانتشاله مما يغرق فيه من بؤس وعناء.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. علي الغساني
    24/09/2016 at 15:25

    هناك أخطاء في الآيات

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *