Home»Islam»دلالة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلامة العقائد أو فسادها باعتبارهم

دلالة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلامة العقائد أو فسادها باعتبارهم

0
Shares
PinterestGoogle+

من المعلوم أن الصحابة هم الجيل الذي اختاره الله عز وجل لتجسيد إرادته وتفعيل دينه . فليس الصحابة كما يظن البعض مجرد جيل من الأجيال البشرية التي مرت في تاريخ البشرية وانتهى أمرها كما ينتهي أمر غيرها بانتهائه بل هم جيل تطبيق القرآن الكريم كما أراد الله عز وجل . وكما أن الله تعالى اصطفى لرسالاته من عباده ملائكة ورسلا من الناس ، فإنه قد اصطفى لهذه الرسالات من يجسدها كواقع معيش من حواريي وصحابة الرسل الكرام . لقد كان لكل نبي ورسول حواريون أو صحابة يترجمون دعوته إلى واقع . ولما اكتمل دين الله عز وجل في آخر رسالة أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم اختار الله تعالى له حواريين وصحابة في مستوى آخر رسالة ، وهي الرسالة العالمية الخالدة إلى قيام الساعة ونهاية العالم والحياة الدنيا. وقيمة حواريي الأنبياء تأتي حسب دعوات هؤلاء الأنبياء لأنهم يجسدون هذه الدعوات في إقليميتها .

فلما كانت الرسالات السابقة خاصة بأمم معينة ، ومنتهية الوظيفة بانتهاء من يعنيهم الأمر كان حواريو أو صحابة الأنبياء الدعاة بمواصفات خاصة تؤهلهم للاضطلاع بمهمة تمثيل دعوات هؤلاء الأنبياء و ترجمتها إلى واقع محليا أو إقليميا . وكانت الدعوات تعرف بالحال أكثر مما تعرف بالمقال إذ كانت وظيفة الأنبياء والرسل هي دعوة المقال المقترنة بدعوة الحال ، وكان حواريوهم يجارونهم في مهامهم ويقومون بدورهم بدعوة الحال بناء على مقال وحال أنبيائهم ليقوموا بعد ذلك بدعوة المقال بدورهم بعد استيعاب مقال وحال الأنبياء وترجمته إلى حال . ولما صارت دعوة الإسلام عالمية تغيرت وظيفة حواريي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته ، وصارت مهمتهم عالمية كعالمية دعوة نبيهم عليه السلام لأنه جسدوا هذه الدعوة التجسيد الدائم إلى غاية نهاية العالم . لقد تلقى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة عنه مقالا وحالا ، وتشربوها أحوالا وبلغوها مقالا وحالا ، وأشركهم الله تعالى في تبليغ هذه الرسالة ، وجعلهم أبطالها الذين يمثلون أدوارها على الوجه المطلوب الموافق لإرادته عز وجل. فلا تخلو سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء تعلق الأمر بقول أو فعل أو تقرير إلا أبطالها الصحابة الغر الميامين . لقد جعلهم الله تعالى نجوما تهتدي بها البشرية. فلا يقرأ الإنسان حديثا إلا وقد رواه الصحابة ، فهم طرف مهم في الحديث ، ولا يخلو حديث من سبب وراءه صحابي من الصحابة . فكما أن للقرآن الكريم أسباب نزول ، فكذلك للأحاديث النبوية أسباب وجود . وكما أدار الله تعالى الوحي حسب أحوال الناس ، فكذلك شأن الأحاديث . وحياة الصحابة الكرام تختزل كل أنواع الحياة بعدهم مهما كانت العصور والأمصار.

لقد جعل الله تعالى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم نماذج للبشرية ، وفرض على البشرية أن تقتدي بهذه النماذج لتجسد الدين التجسيد الصحيح السليم وفق إرادة الله عز وجل. وليس بوسع أحد من البشر أن يبلغ درجة الصحابة في تجسيد الدين على الوجه المطلوب وهو تجسيد لإرادة الله عز وجل ، وكل ما بإمكان البشر هو الاقتداء بالصحابة الأجلاء عسى أن تكون ترجمة المقتدين قريبة من ترجمة الصحابة للدين. فالصحابة إذن ليسوا مجرد جيل من الأجيال انتهى دورهم برحيلهم عن هذه الدنيا بل هم جيل خالد يصاحب وجدان كل الأجيال إلى قيام الساعة. إنهم الجيل الفريد الذي اختاره الله تعالى عن قصد لتحقيق إرادته في أرضه. لقد ورث الناس في كل العصور التالية لعصر الصحابة الدين عن هؤلاء الصحابة ، ويختلف أداء الدين أو التدين عند كل جيل ولكنه يحاكي أداء الصحابة أو تدينهم ، ويكتسب قيمته من خلال بعده أو قربه من أداء وتدين الصحابة الذين أخذوا الأداء مباشرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدينوا على غرار تدينه الذي كان يقول لهم عنه :  » صلوا كما رأيتموني أصلي  » أو يقول لهم :  » خذوا عني مناسككم  » فلم يكن بوسع أي جيل بعد جيل الصحابة الكرام أن يصلي كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو أن ينسك نسكه إلا عبر طريق الصحابة أو بواسطتهم وهم الذين احتكوا مباشرة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا عنه مباشرة. فإذا كان هذا هو حال الصحابة وهذا هو قدرهم ومقدارهم العظيم فعلينا أن نتساءل ما بال قوم يتجاسرون عليهم ، ويحاولون التشكيك في مصداقيتهم ، وفي وظيفتهم التي اصطفاهم الله تعالى لها دون غيرهم وهي تجسيد إرادته من خلال تجسيد الدين وترجمته إلى واقع معيش ؟ ولماذا يسبهم ويشتمهم السفهاء من الناس ؟ فغرض السفهاء واضح لا غبار عليه ذلك أن استهداف الصحابة الكرام هو استهداف مباشر للدين . فالذين يشككون في ترجمة الصحابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتهمونهم يريدون خلق فجوة بين صاحب الدعوة عليه الصلاة والسلام وبين الأجيال التالية لعصره ليصير تطبيق الدين عرضة لفساد التطبيق بعد التشكيك فيمن تلقاه مباشرة من النبع النبوي الصافي .

فالقائل من السفهاء مثلا أن الصحابة خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد قوله عليه ويبكت لأنه لا يستقيم عقلا أن يسكت الوحي عن مخالفة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي فضح المنافقين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وعاتب النبي الكريم نفسه عليه الصلاة والسلام ، وعاتب أزواجه أمهات المؤمنين ، وعاتب غيرهم من الصحابة . ولا يمكن للوحي وهو المخصص للعالمين أن يقصر عن الكشف عما بعد رحيل النبي الكريم عن هذه الدنيا وهو الذي قص على البشرية تفاصيل أهوال القيامة وأحوال الآخرة ، وهي أكبر من أن يقص على الناس مخالفة الصحابة أو بعضهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يزعم السفهاء . ولقد كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم النقاب عن أحداث ما بعد موته وما يليه من عصور كنبوءات ولم يتحدث قط عن مخالفة محتملة للصحابة بعد موته كما يزعم بعض السفهاء بل أمر من يليهم من الأجيال بالسير على نهجهم الذي هو سنته فقوله :  » عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ  » دليل يقطع ببطلان المتهمين للصحابة الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرشد ، ويصفهم السفهاء بالضلال . إن استهداف الصحابة هو استهداف للدين في الصميم لأن ترجمة الدين إلى واقع إنما اضطلع بها الصحابة الأجلاء دون غيرهم . ومن مصالح أصحاب العقائد الفاسدة أن يفصلوا بين الدين وبين الصحابة الذين ترجموه إلى واقع ليصير وهما وخيالا ، وليخلو لهم الجو لتمرير عقائدهم الفاسدة. فأعداء الدين من اليهود والنصارى الضالين والكفار المشركين يشككون في الصحابة كما هو حال من يسمون بالمستشرقين الذي يتقنعون بأقنعة البحث العلمي لتضليل ضعاف العقول ، وحملهم على الشك في ترجمة الصحابة الترجمة الصحيحة للدين .

وقد نجح هؤلاء المستشرقون في استهواء بعض المحسوبين على الدين من المارقين والمأجورين الذين صاروا يشككون في الصحابة ويطالبون بمراجعة التراث بخلفية فهمه من جديد دون الحاجة إلى الصحابة بل زعموا أنهم يكشفون عن دس الصحابة وتحريفهم للدين ، وأكثر من ذلك جازوا أقدارهم وصاروا يفسرون القرآن الكريم على حد أمزجتهم ، وهؤلاء من الذين لفظهم الفكر العلماني بعد أن تهافتت الطروحات المادية بانهيار أوثان الشيوعية فانقلبوا إلى أوكار الرأسمالية التي كانوا يناصبونها العداء بالأمس القريب قبل انهيار أوثانهم ، وصاروا يرددون مقولات الحداثة وهي صناعة رأسمالية. وإلى جانب الاستشراق والارتزاق كانت دائما العقائد الفاسدة التي كانت ولا زالت تمد الاستشراق والارتزاق بالمادة الخام للتشكيك في الصحابة وفي السنة. فأصحاب العقائد الفاسدة يقيمون عقائدهم على أساس التشكيك في وظيفة الصحابة ، وهي ترجمة الدين الترجمة الموافقة لإرادة الله عز وجل . لقد أراد بعض أصحاب العقائد الفاسدة أن يخالفوا إرادة الله عز وجل من خلال طرح البدائل عن النبوة والرسالة من خلال مقولات متهافتة من قبيل الإمامة والمشيخة وما نحا نحوهما حيث اتخذ البعض أئمة والبعض الآخر شيوخا كبدائل عن النبوة والرسالة. فإذا كانت إرادة الله عز وجل هي ختم الرسالات برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي يبلغها عنه صحابته الكرام ، فإن أصحاب العقائد الضالة يريدون شطب دور الصحابة الكرام ليحل محلهم غيرهم من الأئمة والشيوخ الذين لم يعاشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأخذوا عنه ، ولا يصح الأخذ عنهم بسبب ذلك . وعندما تعوز أصحاب العقائد الضالة الحجج لإقناع غيرهم بأئمتهم وشيوخهم يجدون ضالتهم في الأوهام والخرافات فيزعمون أن أمر الإمامة أو المشيخة أمر غيبي يتطلب التسليم والتصديق دون أدلة أو براهين تقبلها العقول علما بأن النبوة والرسالة اعتمدت الأدلة والبراهين لإقناع الناس بتصديقها والتسليم بصحتها .

فكم من قائل بالإمامة يضخم من شأنها ويبالغ ويروي الخرافات والأساطير التي لا يقبلها عقل ولا منطق ، وكم من قائل بالمشيخة يضخم ويبالغ ويروي الخرافات والأساطير والكرامات كل ذلك من أجل تشكيك الناس في المصدر الصحيح لتلقي الدين وهو صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيل الفريد المكلف بتبليغ الرسالة عن طريق التطبيق مباشرة تحت إشراف رسول الله صلى الله عليه وسلم وبإجازته وشهادته . وأخيرا أختم بالقول بقدر ضلال العقائد الفاسدة تكون كراهية الصحابة الكرام ، وبقدر سلامة العقيدة الصحيحة تكون محبتهم ، لهذا فلينظر الإنسان إلى علاقته بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة أو كراهية للحكم على سلامة أو فساد عقيدته .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *