Home»Islam»الخطاب الأشعري وثقافة التوسط والاعتدال

الخطاب الأشعري وثقافة التوسط والاعتدال

3
Shares
PinterestGoogle+
 

لقد سعى الخطاب الأشعري منذ مرحلة التأسيس إلى مرحلة
الصياغة النهائية التي تبلورت على يد بناته وشراحه إلى ترسيخ مبدأ التوسط والاعتدال
بوصفه من المبادئ العقدية التي لازمت هذه المدرسة السنية عبر تاريخها الحافل
بالعطاء.

ولا يرتاب باحث منصف في كون الفكر الأشعري عموما ما هو في
نهاية المطاف إلا امتداد للفكر السني الأصيل، بل هو الفكر السني في صورته
البرهانية. ومن المبادئ الأساسية لهذا الفكر قيامه على مبدأ الوسطية والاعتدال،
الذي يستمد مشروعيته من روح الشرع الحكيم.

معنى  التوسط والاعتدال

التوسط مصدر فعله الماضي توسط، والوسط من كل شيء أعدله،
كما يعني لفظ « الوسط » الشيء الخير، ومنه قوله تعالى }وكذلك جعلناكم أمة وسطا{ [البقرة: 124]، أي عدلا خيارا مجانبين للغلو والتقصير. ([1])

وجاء في الحديث الشريف: « عن عائشة زوج النبي r أنها قالت: ما خير
رسول الله r بين أمرين إلا أخذ
أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ».([2])

ويقول ابن فارس عن مادة « وسط »: الواو والسين
والطاء، بناء صحيح، يدل على العدل والنصف، وأعدلُ الشيء أوسطه ووسطه ».([3])

والدلالة الطبيعية للفظ « التوسط » تقتضي دائما
وجود طرفين، وبدونهما لا يتحقق مدلول الوسطية.

أما لفظ الاعتدال فمعناه توسط حال بين حالين في كم أو
كيف، وكل ما تناسب فقد اعتدل. ([4])

وعلى هذا الأساس فإن مضمون التوسط والاعتدال في الفكر
الأشعري لا يمكن إدراكهما على نحو صحيح ما لم نقابل بينهما وبين ألفاظ أخرى، وصفت
بها بعض التيارات الفكرية. ومن ثم فلا معنى للتوسط والاعتدال في غياب عناصر يفترض
أنها متطرفة أو غالية. 

وهكذا فلفظا التوسط والاعتدال يقابلهما على سبيل التضاد
لفظ الغلو والتطرف والزيغ والانحراف…

ولما كان الفكر الأشعري حريصا على تحقيق هذين الأصلين فقد
أضحت مقولة التوسط والاعتدال علما على هذا الاتجاه، مقابل مصطلحي الزيغ والغلو
اللذين كانا سمة بارزة في تاريخ بعض التيارات الكلامية التي تجاوزت ما استقر عليه
أمر العقائد الدينية.

ويلاحظ الدارس للفكر الأشعري أن هذا الاتجاه بدأ بمؤسس
المذهب نفسه ومرورا بالبناة من مفكري هذا الاتجاه، ظلوا أوفياء لمنطق الشرع الذي
صاغ قضايا الاعتقاد صياغة شاملة ونهائية، تحقق مقاصدها في الخلق، ومن جملتها
العناية بالإنسان المعتقد. وهذه الحقيقة تظهر بوضوح في معالجتهم لمختلف قضايا
العقيدة.

فقد لاحظ الإمام الأشعري أن كثيرا من الفرق الكلامية
ابتعدت عن مقاصد الشرع، وصارت إلى وحشة الشذوذ العقدي، مخالفة بذلك فضيلة الاتباع
والانتفاع. ([5])

فكان مبدأ التوسط والاعتدال من الثوابت الأساسية في
المنظومة الأشعرية، التي قررهما الإمام الأشعري في كتابه « مقالات
الإسلاميين » من حيث صورتهما العامة، وعمل على تقديمها في كتابه
« اللمع » و »رسالة إلى أهل الثغر » و »الإبانة عن أصول
الديانة » في صورتهما البرهانية الخاصة.

ومن مظاهر التوسط والاعتدال في الفكر الأشعري، ما يذكره
ابن عساكر الدمشقي على سبيل الحصر في جملة من المسائل العقدية نشير إلى بعض منها
فيما يلي:

على مستوى توحيد الذات والصفات

كانت مشكلة العلاقة بين الذات والصفات أحدى المشكلات
الكلامية العويصة التي شغلت مفكري الإسلام منذ المراحل الأولى لعلم الكلام، فقد
اختارت بعض التيارات الكلامية التعطيل والتبطيل مذهبا لها، كالجهمية والمعتزلة
والروافض الذين نادوا بنفي الصفات القديمة، وقدمت بعض التيارات الحشوية والمجسمة
الذات الإلهية المقدسة في صورة مادية بحتة، تنتهي ضرورة إلى جعلها مشابهة لصفات
المخلوق.

وهو الأمر الذي أنكره الإمام الأشعري بشدة، وقد سلك في
هذا الصدد طريقا وسطا بين هذين الاتجاهين، فأثبت صفات قديمة فقال: « إن لله
علما لا كالعلوم، وقدرة لا كالقدر، وسمعا لا كالأسماع، وبصرا لا كالأبصار. على
أساس أنها صفات أزلية، ونعوت أبدية ».

وحجة الإمام الأشعري في كون الباري تعالى لا يشبه
المخلوقات « أنه لو أشبهها لكان حكمه في الحدث حكمها، ولو أشبهها لم يخل من أن
يشبهها من كل الجهات أو من بعضها، فإن أشبهها من جميع الجهات كان محدثا مثلها من
جميع الجهات، وإن أشبهها من بعضها كان محدثا من حيث أشبهها، ويستحيل أن يكون
المحدث لم يزل قديما، وقد قال تعالى: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{ [الشورى: 11] » وقال تعالى }وَلَمْ يَكُن لَّهُ
كُفُواً أَحَدٌ{ [الإخلاص: 4] ([6])

بل إن الإمام الأشعري يعد هذا الأصل – عدم مماثلة الخالق
للمخلوق – من الأمور المجمع عليها عند السلف  » لأنه تعالى لو كان شبيها لشيء
من خلقه لاقتضى من الحدث والحاجة إلى محدث له ما اقتضاه ذلك الذي أشبهه، أو اقتضى
ذلك قدم ما أشبهه من خلقه، وقد قامت الأدلة على حدوث جميع الخلق… ([7])

وعلى مستوى الرؤية فقد ذهب التيار الحشوي إلى القول: إن
الله يرى مكيفا محدودا، شأنه شأن سائر المرئيات، في حين اختار التيار الاعتزالي
والجهمي إنكار الرؤية من أساسها، أي أنه سبحانه لا يرى بحال من الأحوال.

أما الإمام الأشعري فقد اختار التوسط في هذه المسألة،
فقرر أنه سبحانه يُرى من غير حلول ولا حدود ولا تكييف، تماما مثل ما يرانا هو
سبحانه وتعالى غير محدود ولا مكيف، فكذلك يراه المؤمنون وهو غير محدود ولا مكيف.

وهذه الرؤية التي تكون يوم القيامة تشريفا وتفضيلا
للمؤمنين جائزة على الله تعالى من حيث العقل، مقطوع بها من حيث النقل، والدليل على
ذلك قوله تعالى }وجوه يومئذ ناضرة إلى
ربها ناظرة{ [القيامة:21-22] ولا يجوز حمل الرؤية هنا على معنى الاعتبار، لان
الآخرة ليست بدار اعتبار، كما لا يجوز حملها على معنى الانتظار الذي ينصرف لعمل
القلب، لاقترانها بذكر الوجوه التي تحيل على النظر بواسطة بالعين  » فإذا قرن
النظر بالوجه لم يكن معناه إلا نظر الوجه، والنظر بالوجه هو نظر الرؤية التي
بالعين التي في الوجه ».

وليس في إثبات الرؤية لله تعالى– كما يذكر الإمام الأشعري
– تشبيه الباري تعالى ولا تجنيسه ولا قلبه عن حقيقته، لأنا نرى السواد والبياض فلا
يتجانسان ولا يشتبهان بوقوع الرؤية عليهما، ولا ينقلب السواد عن حقيقته إلى البياض
بوقوع الرؤية عليها ولا البياض إلى السواد ».([8])

أما على مستوى وجوده سبحانه وتعالى فقد ذهبت النجارية
(أصحاب الحسين بن محمد النجار توفي في حدود سنة 230ﻫ) إلى أنه سبحانه بكل مكان من
غير حلول ولا جهة، وقالت الحشوية والمجسمة بالتجسيم المادي للذات المقدسة، حيث إنه
سبحانه من وجهة نظر هؤلاء حال في العرش، وأن العرش مكان له، وهو جالس عليه…

فسلك الإمام الأشعري طريقا وسطا بينهما: فقال: « كان
ولا مكان، فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكان، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل
خلقه.

كذلك تظهر النزعة التوسطية في الفكر الأشعري في معالجة
بناته لمشكلة الصفات الخبرية… فقد قالت المعتزلة اليد معناها القدرة والنعمة،
والوجه معناه الوجود، في حين أثبت الحشوية هذه الصفات على نحو مادي بحت، فقالوا:
يده يد جارحة، ووجهه وجه صورة.

فسلك الإمام الأشعري طريقا وسطا بينهما فقال: يده يد صفة،
ووجه وجه صفة كالسمع والبصر.

وكذلك الشأن بالنسبة لصفتي النزول والاستواء، فقد ذهب
المعتزلة إلى أن النزول نزول بعض آياته وملائكته، والاستواء معناه الاستيلاء، في
حين اختارت المشبهة والحشوية القول: بالنزول المادي، أي نزول الحركة والانتقال من
مكان إلى مكان، والاستواء المادي كذلك الذي يعني الجلوس على العرش والحلول فيه.

فسلك الإمام الأشعري أيضا طريقا وسطا بينهما فقال: النزول
صفة من صفاته وفعل من فعله في العرش يسمى الاستواء…

وعلى هذا النهج يعالج الإمام الأشعري مشكلة كلامه تعالى،
ويحاول وضعها في صورة سنية برهانية.

فإذا كان التيار الاعتزالي يقول بخلق القرآن، والحشوية
يذهبون إلى أن الحروف المقطعة والأجسام التي يكتب عليها والألوان التي يكتب بها وما
بين الدفتين كلها قديمة أزلية، فإن الإمام الأشعري ذهب مذهبا وسطا في هذا الموضع
الشائك فقرر: أن القرآن كلام الله قديم غير مغير ولا مخلوق ولا حادث ولا مبتدع
مخالفة للتيار الاعتزالي، فأما الحروف المقطعة والأجسام والألوان والأصوات وكل ما
في العالم من المكيفات فهو مخلوق مبتدع مخترع مخالفة لتيار الحشوية والمشبهة.

على مستوى الفعل الإنساني

ذهب جهم بن صفوان (قتل سنة 124ﻫ قتله خالد بن عبد الله
القسري بسبب زندقته وإلحاده) مؤسس التيار الجهمي، وهو من المجبرة الأوائل موقفا
سلبيا إزاء الأفعال الصادرة عن الإنسان، فقال إن العبد لا يقدر على شيء، ولا كسب
شيء، وقالت المعتزلة إن الإنسان قادر على الإحداث والكسب معا.

فسلك الإمام الأشعري طريقا وسطا فميز بين القدرة على
الفعل في حد ذاته وكسب الإنسان له.

وفي هذا الصدد يقرر الإمام سيف الدين الآمدي (تـ631ﻫ)
« أن مذهب الشيخ أبي الحسن هو الطريق العدل، والمسلك المتوسط بين طرفي الجبر
المحض، وإثبات خالق غير الله تعالى بتوفيقه بين دليل إثبات القدرة الحادثة، ودليل
انتفاء خالق غير الله تعالى ».([9])

وتمثل نظرية الكسب من وجهة نظر الخطاب الأشعري قمة
التوحيد، إذ من خلال هذا الأصل العقدي يكون الإمام الأشعري قد دلل على انفراده
تعالى بالخلق. فيكون الإنسان مكتسبا لعمله، وهذا هو حدود الاختيار الذي يحاسب
بمقتضاه المكلف وبالتالي الرفض الملحوظ لعقيدة الجبر، ثم يأتي دور القدرة الإلهية
بشموليتها بحيث يكون الإنسان وما كسبه داخلا تحت هذه القدرة.

وقد تفنن الشراح فيما بعد في تقريب هذا الأصل العقدي، وفي
هذا الصدد يقرر الإمام أبو عبد الله السنوسي « أن أهل السنة جانبوا الجبرية
بتقسيم الأفعال إلى قسمين: اختيارية واضطرارية، وأن الأولى مقدورة للعباد، بمعنى
أن لهم قدرة حادثة تقارن تلك الأفعال الاختيارية، وتتعلق بها من غير تأثير.
وجانبوا أيضا القدرية – المعتزلة – لأنهم لم يجعلوا لتلك القدرة الحادثة –
المخلوقة لله تعالى في المخلوقات – تأثيرا البتة في أثر ما، بدليل برهان الوحدانية
– بمفهومها الشامل وحدة الفعل والذات والصفات – ووجوب عموم القدرة والإرادة لجميع
الممكنات ودل عليه الكتاب والسنة ». ([10])

  على
مستوى الشفاعة

ذهبت الرافضة إلى أن للرسول r ولعلي عليه السلام
شفاعة من غير أمر الله تعالى ولا إذنه، حتى لو شفعا في الكفار قبلت، وقالت
المعتزلة لا شفاعة له بحال.

أما الإمام الأشعري فقد سلك مسلكا وسطا فقال: إن للرسول r شفاعة مقبولة في
المؤمنين المستحقين للعقوبة، يشفع لهم بأمر الله تعالى وإذنـه ولا يشفع إلا من
ارتضى.

وعلى هذا الأساس فإن الشفاعة لأهل الكبائر من أمة محمد r من الأمور المجمع
عليها عند أهل السنة والجماعة. ([11])

على مستوى الاختلاف الذي جرى بين الصحابة

لقد أدرك أهل السنة والجماعة ومنهم الأشاعرة مكانة
الصحابة رضي الله عنهم ودورهم في حفظ الشريعة وتمثلها، وأن النيل منهم والطعن فيهم
مدخل لهدم الدين من الداخل، ومن ثم رأيناهم يخصصون مبحثا في آخر مؤلفاتهم العقدية
– وهو مبحث ليس من صميم العقيدة – للخلاف الذي جرى بين الصحابة رضي الله عنهم
والدعوة إلى فهم ذلك في سياقه التاريخي وفي نطاق استحضار قيم الاختلاف المحمود
والاجتهاد الذي وصفوا به جميعهم رضي الله عنهم، على أن الأسلم للدين عدم الخوض في
شيء من ذلك. لأنه كما قال بعض المعتبرين: « تلك دماء طهر الله سيوفنا منها،
أفلا نطهر ألسنتنا. »([12])

وخلافا لهذا المعتقد الصحيح فقد ذهب الخوارج على سبيل
التطرف إلى تكفير عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، في حين نص
الإمام الأشعري على موالاتهما وتفضيل المقدم على المؤخر.

وفي السياق نفسه ذهبت المعتزلة إلى تخطئة معاوية وطلحة
والزبير وعائشة وكل من تبعهم ورفضوا شهادتهم. بل ذهب الروافض إلى تكفيرهم والحكم
بارتدادهم بعد إسلامهم…

أما الإمام الأشعري وإيمانا منه بمكانة الصحابة رضي الله
عنهم، فقد اعتبر ما جرى بينهم من خلافات لا يخرج عن دائرة الاجتهاد والتأويل، وهم
مصيبون في كل الأحوال بمقتضى قاعدة  » أن كل مجتهد مصيب ».([13])

وعندما تكلم الإمام الأشعري على عقيدة أهل السنة في هذا
الموضع الخطير ذكر أن هؤلاء:  » يعرفون حق السلف الذين اختارهم الله سبحانه
لصحبة نبيه r، ويأخذون بفضائلهم،
ويمسكون عما شجر بينﻫم، صغيـرهم وكبيـرهم… « ([14])

وعلى هذا الأساس فإن الصحابة كلهم على الحق، وأنهم لم
يختلفوا في الأصول وإنما اختلفوا في الفروع، فأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى شيء وهو
مصيب وله الأجر والثواب على ذلك « .([15])

 وبهذه الوسطية
التي أضحت سمة بارزة في الفكر الأشعري عموما استطاع هذا الفكر أن يصمد أمام مختلف
التيارات الهدامة التي عرفتها الحياة الإسلامية ووجد طريقه للانتشار بين مختلف
أقطار العالم الإسلامي حتى نسي غيره من المذاهب.

إن مسألة التوسط والاعتدال على النحو الذي سبق عرضها
والتي تعد من أهم الآليات التي يتوسل بها المشتغل بالدراسات العقدية يمكن إجراؤها
على كثير من المسائل العقدية التي يعاد إنتاجها الآن عبر خطابات لا تخلو من غلـو
وتطرف، خصوصا وأن مبدأ التوسط والاعتدال الذي يمثل الإطار المنهجي للفكر الأشعري
ذي النزعة السنة التجديدية يظل الأداة المتجددة لانبنائها على قيم التسامح وأحكام
العقل والاجتهاد، كوسائل إنسانية كونية تستهدف تحقيق مقاصد الاعتقاد في الخلق وفي
مقدمتها العناية بالإنسان المعتقد اعتقادا صحيحا باعتباره كائنا متدينا ومكرما على
الدوام.

ولما كان الخطاب الأشعري مقتنعا بأهمية التوسط والاعتدال
في إقرار العقائد الدينية فقد جاءت المنظومة العقدية الأشعرية السنية شاملة لسائر
القضايا العقدية التي يتناولها مصطلح علم الكلام الإسلامي.

 ولعل انتشار هذه
العقيدة على نطاق واسع هو أنها تنبني على منظومة متكاملة قوامها العقيدة الأشعرية
السنية نفسها، ثم الفقه المالكي بمختلف فروعه وتطبيقاته وأصوله النظرية الواسعة ثم
طريق الإمام أبي القاسم الجنيد في تقويم السلوك.

ومن ثمة لا غرابة إذا كان الإمام سيف الدين الآمدي يعتبر
هذه الفرقة هي المقصودة بالفرقة الناجية، لكون أئمتها  » لم يخالطوا أصولهم
بشيء من البدع. »([16])

وأخيرا فإن إقرار مبدأ التوسط على النحو الذي نهض بالدعوة
له بناة الخطاب الأشعري في جميع مراحله الذهبية يعني بكل موضوعية أن هذا المبدأ
إنما ترسخ نتيجة إيمان بناة هذا الفكر بفضيلة التنوع والاختلاف، وذلك عبر فتح
نقاشات واسعة مع المخالفين في الرأي، والتوسل في جميع الحالات بأدوات التدليل
المنطقي الصارمة، سواء تعلق الأمر بدعاة العقلانية، كما هو الشأن بالنسبة للتيار
الاعتزالي، أو بمناصري القراءة الحرفية للنصوص الدينية، كما هو الحال بالنسبة للتيار
الظاهري الجديد.

المصادر والمراجع:

(1)القاموس المحيط للفيروزابادي،
فصل الواو، باب الطاء، 2/405.

(2) صحيح
الإمام مسلم، 4 /1813، باب الفضائل، حديث رقم 2327.

(3) معجم مقاييس اللغة، لابن
فارس، مادة « وسط »، 6/108.

(4) القاموس المحيط للفيروز
آبادي فصل العين باب اللام، 4/14.

(5) رسالة إلى أهل الثغر، للإمام
الأشعري، ص: 134.

(6) رسالة
إلى أهل الثغر، للإمام أبي الحسن الأشعري، ص: 134.

(7) اللمع
في الرد على أهل الزيغ والبدع للإمام الأشعري، ص: 83.

(0[1]) اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع للإمام الأشعري، ص: 83.

(12) أبكار
الأفكار في أصول الدين للإمام سيف الدين الآمدي، 2/424.

(13) شرح السنوسية الكبرى للإمام أبي عبد الله السنوسي،
ص: 290.

(4[1]) الإبانة عن أصول الديانة للإمام أبي الحسن الأشعري، ص: 260.

(5[1]) أبكار الأفكار في أصول الدين،
للإمام سيف الدين الآمدي، 5/295.

(6[1]) المصدر السابق، ص: 260.

(7[1]) المصدر
السابق، ص: 260.

(8[1]) المصدر
السابق، ص: 260.

(9[1]) أبكار
الأفكار في أصول الدين للإمام سيف الدين الآمدي، 5/96.

 


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.