Home»Islam»محاولة التنصل من الدين بذريعة الخلاف مع علماء الأمة و تجريحهم

محاولة التنصل من الدين بذريعة الخلاف مع علماء الأمة و تجريحهم

1
Shares
PinterestGoogle+

يرتبط العلم بالدين ارتباطا وثيقا في الإسلام ذلك أن الله عز وجل رفع من شأنه تماما كما هو شأن الإيمان فقال جل من قائل : (( يرفع الله الذي آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) ورفع درجة العلم إنما يكون في عاجل الناس وآجلهم . والمطلوب من أتباع الإسلام أن يرعوا للعلم هذه الدرجة في عاجلهم من خلال توقير واحترام العلماء . وتوقير العلماء واحترامهم إنما هو احترام لصفة العلم فيهم وليس مجرد احترامهم كأشخاص . والسر في رفع الله عز وجل درجة العلم هو أنه جزء من وظيفة النبوة لقوله صلى الله عليه وسلم :  » من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر  » رواه أبو داود في سننه. وفي رواية الترمذي :  » فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم  » . فالعلماء إنما رفع الله تعالى من أقدارهم لأنهم يسدون مسد الأنبياء ولأنهم ورثة الأنبياء ورثوا عنهم العلم . فتوقير العلم الوارث للنبوة إنما هو توقير النبوة. وقد اشترط الله عز وجل في ورثة الأنبياء شروطا ليس من السهل أن يظفر بها كل الناس ، وأخطر هذه الشروط الإخلاص لله تعالى في طلب العلم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة  » وحسب من طلب العلم أو انتسب إلى أهله أو اشتغل به هذا الحديث الذي رواه أبو داود في سننه . فهذا الحديث يفصل في أمر الغاية من طلب العلم في دين الله عز وجل فإن كانت الغاية منه ما يبتغى به وجه الله عز وجل صحت صفة العلم في صاحبه ، وإلا فهو مجرد طالب عرض الدنيا يركب إليه العلم ، ويغامر بمصيره في آجله إذ لا يجد ريح الجنة الذي ورد في أحاديث أنه يوجد من مسيرة كذا وكذا كناية عن بعد المحروم منه من رحمة الله عز وجل .

ولعل الانتساب إلى العلم طلبا لعرض الدنيا مؤشر على زوال العلم في الأمة الإسلامية لقوله صلى الله عليه وسلم :  » إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلماء ، حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا  » فقبض العلماء أصحاب العلم الذي يبتغى به وجه الله عز وجل ، وحلول غيرهم ممن يدعون العلم ، وهم أصحاب العلم الذي يراد به عرض الدنيا محلهم هو مؤشر على ذهاب العلم وسيادة الجهل في الأمة ، لأن العلم المراد به عرض الدنيا لا يشتغل به العلماء وإنما هو شغل الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم فيضلون ـ بفتح ياء المضارعة ـ ويضلون ـ بضم ياء المضارعة ـ وهم أصحاب مقاعد جهنم لقوله صلى الله عليه وسلم :  » من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار  » . وهم بالفعل رؤوس جهال لأن من طلب العلم لعرض الدنيا إنما هو جاهل إذ لو كان عالما لاستفاد من علمه قبل غيره و لم يطلب بعلمه عرض الدنيا. فالمنتسبون إلى العلم كما جاء في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان في كل عصر وفي كل مصر إلى قيام الساعة : صنف ابتغى بعلمه وجه الله عز وجل وهو صنف ورثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وصنف ابتغى بعلمه عرض الدنيا وهم الرؤوس الجهال . وإذا ما التمسنا الصنفين في مجتمعاتنا الإسلامية اليوم ألفيناهما بالمواصفات الواردة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي كثيرة ومنها قوله :  » ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني ، وهو متكىء على أريكة ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه ، وما وجدنا فيه حراما حرمناه ، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله  » وفي رواية أخرى :  » لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه  » فهذا صنف من المدعين معرفة القرآن في معزل عن الحديث الشريف بنية إقصاء الحديث ليتأتى لهم تأويل القرآن الكريم التأويل الذي يصب في طلب عرض الدنيا بالدين .

وقد بدأنا نسمع بهؤلاء ونقرأ لهم ، وقد زعموا أن للقرآن ترتيبا غير الترتيب الذي رتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم بذلك يقصون الحديث من معادلة فهم القرآن وترتيبه ، وهدفهم عزل القرآن الكريم عن السنة الشريفة لتسهيل عملية تأويله لخدمة عرض الدنيا. وإنهم ليجدون التبجيل عند رعاع الناس وسوقتهم خصوصا وأن جهات أجنبية معادية للدين تركب هؤلاء الرؤوس الجهال وتتبناهم وتحيطهم بهالة كبيرة من الإشهار حيث تقدمهم للسوقة والرعاع على أنهم علماء وخبراء تخرجوا من معاهدها وجامعاتها ، وأنهم يملكون الحقيقة دون غيرهم ممن لم يتخرج من تلك المعاهد والجامعات ، فهذا الصنف هو صنف علماء الأريكة الذين يجيدون الاتكاء عليها ولا نسب ولا علاقة بينهم وبين العلم الصحيح . وهو الصنف الذي خطأه رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع كتاب الله عز وجل في قوله عليه السلام :  » من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب فقد أخطأ  » وعليه فالقائل برأيه في ترتيب القرآن الكريم أو في ناسخه ومنسوخه أو غير ذلك من الأقوال التي يروج لها بعض الرؤوس الجهال هي أخطاء بشهادة الحديث النبوي الشريف.

وهذا الصنف من البشر يصدق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » من طلب العلم ليجاري به العلماء ، أوليماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه ، أدخله الله النار  » وهذا الصنف أيضا من المتطفلين على العلم وهم المتنطعون الذين يغالون في أقوالهم وتخريجاتهم والذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » هلك المتنطعون  » ، وهم أيضا شديدو الخصومة والحذاق بها عندما يواجهون أهل العلم الحقيقيين ، وهي صفة تورثهم بغض الله عز وجل لقوله صلى الله عليه وسلم :  » إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم  » . ودليل هذه الصفة في هذا الصنف هو تهجمهم على العلماء الحقيقيين الصادقين المخلصين ، ومحاولة تخطئتهم في علمهم من أجل تمرير جهلهم وحذلقتهم . وقد يتلقف بعض السفهاء عن هؤلاء الرؤوس الجهال تهجمهم على العلماء الصادقين في وسائل الإعلام ، ومحاولة الطعن في علمهم ، وقد يصل الأمر أحيانا حد تقويلهم ما لم يصدر عنهم من أقوال من أجل تنفير الناس منهم ، ومن توجيهاتهم الراشدة ، كما كان أعداء الإسلام في عهد النبوة ينفرون الناس من النبي صلى الله عليه وسلم . فمناصبة العداء لعلماء الأمة الراشدين هي في الحقيقة مناصبة العداء للنبوة لأن العلماء إنما هم ورثة الأنبياء ورثوا عنهم العلم . وهكذا بدأت بعض وسائل الإعلام في بعض البلاد العربية والإسلامية تتناول العلماء بتجريحهم والافتراء عليهم ، وتقويلهم ما لا يقولونه زورا وبهتانا بغرض التشكيك في مصداقيتهم العلمية ، وصرف الناس عنهم لتسهيل تسويق وترويج البضاعة الفجة المحسوبة على العلم وهي مجرد أدران الرؤوس الجهال على حد وصف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتعمل بعض وسائل الإعلام المشبوهة في غياب التخليق المفروض في وسائل الإعلام في بلاد الإسلام على الترويج للمنتوج الإعلامي المتمحض للنيل من العلماء الصادقين في علمهم وقصدهم . ومع الأسف الشديد ينتشر هذا المنتوج المغرض بسرعة بين أوساط البسطاء من الناس الذين هم فريسة سهلة للسفه ذلك أن الناس عالم ومتعلم وما بين ذلك همج كما جاء في الأثر. والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من هيشات أو هوشات الأسواق ، وما فيها إلا الضلال . وكان من المفروض في بلاد الإسلام أن تسن القوانين التي ترعى لورثة الأنبياء حق التقدير والاحترام لأن في احترامهم احترام للنبوة ، وفي التجاسر عليهم تجاسر عليها . ومعلوم أن بعض الجهات المدسوسة والمغشوشة وذات الولاء الخفي لأعداء الإسلام وهو ولاء يكاد أمره يفتضح يشق عليها العلماء الصادقون الذين يقودون الأمة إلى بر الأمان عكس ما يريد أعداء الإسلام وأذنابهم فتشن عليهم حربا إعلامية في زمن صار للحرب الإعلامية دور خطير نظرا للمستويات المتدنية لمستهلكي الإعلام الذين قد لا يميزون بين غث وسمين مما يسوق ويروج بينهم .ومعلوم أن مشاريع العلماء العاملين هي عبارة عن مشاريع تستهدف حصون الشر في كل الآفاق لتدكها عن طريق التوعية الدينية السليمة كما ورثتها عن النبوة . فإذا كان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هم ألد أعداء الشر الذي يمثله المخلوق الشرير إبليس اللعين ، فإن ورثة الأنبياء قد ورثوا عنهم هذا العداء للشر لهذا كان عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد كما كان النبي أشد على الشيطان من كل العباد .

فالعباد إنما يواجهون الشر بالعبادة ، أما العلماء وهم ورثة الأنبياء فيواجهون الشر بالعبادات وبالمعاملات أيضا ، ومجال المعاملات هو المجال المفضل عند رمز الشر إبليس اللعين لاستدراج الناس نحو الشر، لهذا عندما يقوم العلماء بتوجيه الناس في معاملاتهم وفق شرع الله عز وجل فإن ذلك يشق على الشيطان وعلى حزب الشيطان ، وبسبب ذلك يستهدف العلماء بالحملات الإعلامية المغرضة من أجل فسح المجال لانتشار الشر وسيادته والتمكين للرؤوس الجهال بعد إقصاء العلماء .

ولقد بات من الجلي أن محاولة التملص من الدين الإسلامي والتمهيد لمشروع المجتمعات العلمانية تأخذ شكل مناصبة العداء لعلماء الإسلام كذريعة للتمويه على هذه المشاريع المكشوفة . ولقد استكمل مستهدفو الإسلام مشروع هجومهم عليه عبر النيل من العلماء في الحاضر من أجل النيل من علماء الماضي ، من أجل النيل من الصحابة ، من أجل النيل من السنة وصاحبها عليه الصلاة والسلام ، أخيرا من أجل النيل من القرآن ، ومن أجل النيل من الإسلام .

لقد قرأنا ما تروجه بعض وسائل الإعلام المشبوهة من تجريح كثير في حق علماء أجلاء في عصرنا وذلك في العديد من البلاد العربية والإسلامية ،وقرأنا التجريح في أئمة الفقه والحديث ، وقرأنا التجريح في الصحابة وصار كل من هب ودب من الهمج والهوش أو الهيش يطلق لسانه في رموز الإسلام من صحابة وأئمة وعلماء أمام صمت الأنظمة التي تضرب بيد من حديد على يد من يتناولها بالنقد ولو كان حقا ، ولكنها تتفرج على رموز الإسلام وهي تحت رحمة السفه والسفهاء ولا تحرك ساكنا ولا متحركا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *