Home»Islam»تفسير قوله تعالى ‘ لايسمعون فيها لغوا ولا تاثيما الا قيلا سلاما سلاما ‘

تفسير قوله تعالى ‘ لايسمعون فيها لغوا ولا تاثيما الا قيلا سلاما سلاما ‘

1
Shares
PinterestGoogle+

الحمد لله السميع العليم

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

توقفنا عند قوله تعالى « لايسمعون فيها لغوا ولا تاثيما الا قيلا سلاما سلاما  » نحن اذن نعلم ان اهل الجنة في ضيافة الرحمان ، فالجنة دار ضيافة ، وكرامة ، ونعمة … ولما كانت الجنة نعيما لايوصف كان من نعم اهل الجنة  » لايسمعون فيها لغوا ولا تاثيما  » … فالانسان كما نعلم يتأثر كثيرا بالكلام .. يتأثر بما يسمع .. وكثيرا ما يتعذب الانسان نفسيا بالكلمة تقال له .. ولو كانت هذه الكلمة مجرد عتاب .. فالتأثر بالكلمة ، او العذاب النفسي قد يكون اكثر آلاما من العذاب الجسدي ، فقد يعذب الانسان جسديا لكن مع مرور الزمن قد تندمل جراحه وينسى آلامه .. الا ان العذاب النفسي الذي قد تسببه كلمة جارحة تقال له قد تظل آثارها ابد الدهر .. لا تنسى ولا تندمل .. لهذا فالكلمة تظل دائما مؤذية للانسان … لهذا ظل الاسلام يعتبر الكلمة مسؤولية .. ومسؤولية خطيرة ..فالكلمة الواحدة قد تهدم بيتا ، وتخرب علاقة ، بل احيانا الكلمة قد تؤدي الى كوارث .. مثل كلمة الطلاق .. فكلمة الطلاق تخرب العلاقة الزوجية وتشتت الاسرة .. كما ان الكلمة التي تعتبر قذفا للمحصنات قد تترتب عنها نتائج وخيمة

ان الكلمة في الاسلام لها شان عظيم ، فالكلمة هي التي تنقل الانسان من عالم الضلال والكفر الى عالم السعادة الابدية عالم الاسلام اذا قال : لااله الا الله .. فبهذه الكلمة يعصم الانسان دمه اذا كان كافرا وقال لااله الا الله … فالكلمة اذن تدخل الانسان في رضى الله .. وكذلك الكلمة تجعل الانسان يسقط في سخط الله .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  » رب كلمة يلقيها الانسان من سخط الله لايلقى لها بالا تهوي به في قاع جهنم سبعين خريفا ، ورب كلمة يلقيها الانسان من رضى الله لا يلقى لها بالا تدخله الجنة  » او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم …

فالاسلام … والشرع يتدخل في الكلمة ويضبطها « وقولوا للناس حسنا  » وسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصحح للمسلمين كلامهم وكلماتهم .. فهذا رجت من المسلمين قال لآخر : مجنون .. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم  » لا تقل له مجنون وانما قل له مبتلى  » اذن فالشرع يحرص على اختيار الكلمة ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحدى زوجاته :  » لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته  » … وهكذا كان رسول الله يتدخل لتصحيح بعض الاسماء وتغييرها مثل اسم  » حنظلة  » و »العاص  » … الخ

فاللغة لها اهمية كبيرة وخطيرة عند الشعوب المتحظرة .. فالشعوب عندما تتحضر تعطي للكلمة قيمة .. فتسمو باللغة وبمعانيها ومفرداتها … وعندما تنهار الشعوب وتهبط تهبط ايضا وتنهار الكلمة ، واللغة … لذلك كان العرب في الجاهلية يدركون جيدا قيمة الكلمة وسلطتها ، ودرجتها التأثيرية .. لذلك كانوا يحتفون بالشعر والشعراء .. وكان الشاعر عندهم محترم ، ومبجل .. وكان شعره يكتب بماء الذهب ويعلق على اسوار الكعبة .. دليلا على تقدير قيمة الكلمة ومكانتها عند العرب في الجاهلية … فحينما نقدر شعر المتنبي مثلا او شعر ابو فراس او ابو العلاء المعري فاننا نقدر شعرا عالميا له قيمته ودلالاته ومعانيه وفلسفته الرفيعة في مجال الادب … فيحكى ان اعرابيا كافرا سمع قوله تعالى : » فاصدع بما تومر  » فخر ساجدا .. فقيل له كيف تسجد وانت كافر فرد قائلا : سجدت لجلال هذا الكلام … العرب اذن كانوا يدركون جيدا قيمة الكلمة ومعناها واعماقها … وهذا احد المستمعين سمع قوله تعالى : » الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر  » قال والله سيبعثون فليس بعد الزيارة الا البعث …

اذن الكلمة لها اهمية .. فقد تكون نعمة وقد تكون عذاب ..ومن عذاب الكلمة الساقطة طعن الانسان في شرفه او اهله .. وبالتالي فان من تكريم الله لاهل الجنة  » لايسمعون فيها لغوا ولا تاثيما  » … واذا كان في زماننا صار الكلام في معضمه لغوا فالناس كثيرا ما يجتمعون في اماكن مخصصة للغو كالمقاهي او غيرها من الاماكن فمن الصباح الى المساء نتكلم كلاما لافائدة فيه لا في دنيانا ولا لآخرتنا … اليس هذا بلغو !!! فالانسان اذا لم يتكلم في ماهو مفيد من الافضل له ان يسكت .. او ان يذكر الله او ان يقراء القرآن … او ان يتعلم علما ينفعه .. لهذا اذا كانت الكلمة تصدر منا ولا معنى لها فهذا الذي يسمى لغوا ، والله تبارك وتعالى ينهى عن اللغو  » والذين هو عن اللغو معرضون  » … في الجنة اذن ليس هناك لغو … في الحج ليس هناك لغو .. » لاجدات في الحج  » الشرع اذن يؤدب المسلم .. اما ان يقول كلاما مفيدا واما ان يسكت او ليذكر الله …

الا ان ما نلا حظه في عصرنا هذا ان هناك مخطط هو عبارة عن مشروع ثقافي خطير يسعى الى ضرب امة القرآن ..فالامة الاسلامية كانت تأخذ كلمتها وكلامها من القرآن الكريم ومن السنة ..وكانت هناك روافد نقية تغذي هذا التوجه من بينها الادب والشعر .. فالصحابة كانوا شعراء .. كانوا يبنون المسجد وهم يقولون شعرا .. وكانوا يرحبون برسول الله بالشعر ..الخ لكنه شعر نقي كلامه اخلاقي … ومعانيه سامية .. وكان المسلمون يعلمون ابناءهم الكلام من القرآن ومن السنة ومن الشعر … الا اننا مع الاسف نلاحظ في عصرنا هذا ان اعداء الامة يصدرون لابنائنا نوعا من الرسوم المتحركة وافلام الكارتون تعلمهم نوعا من الكلام ونوعا من اللغة التي تتعارض وكلام الاسلام والقرآن والاخلاق ..وكثيرا ما تحمل هذه الكلمات معاني خفية لكنها ذات ابعاد مدمرة لقيم الاسلام وتعاليمه واخلاقه …

ففي الماضي مثلا كانت فئة من الناس تضطلع بتبليغ الكلام الاخلاقي الرفيع الى الناس بطرق مختلفة ومن بينهم من كانوا يعرفون عندنا ب « الكوالين  » او  » القوالين  » الذين كانوا يقولون كلاما يمدحون فيه رسول الله والصحابة …الخ الاانه في زماننا بدأ البعض يخطط لتدمير الامت وذلك بأنتاج كلام ساقط لامعنى له فكثيرا من الاغاني التي اصبحت تروج الآن ليس لكلماتها اي معنى فهي عبارة عن لغو مثلا ما اصبح يعرف حاليا ب  » الراي  » كلام فارغ لامعنى له سوى انه يسعى الى تحريك الاجساد دون تحريك العقول … فكم من مأسات تعيشها الامة العربية والاسلامية حاليا : مأساة فلسطين ، ومأساة العراٌ ..و ..و ومع ذلك لا تجد لا شعرا في الموضوع ولا اغاني و لا اي شي يتطرق الى هذه المهازل الا نادرا ونادرا جدا بالمقارنة مع موجة الراي … نحن الان في حاجة الى كلام يعيد للامة عزتها وكرامتها وشرفها … كلاما يرفع الامة من سقوطها … لسنا في حاجة الى كارثة ما يسمى  » بالفيديو كليب  » حيث جسد المرأة اصبح بضاعة للدعاية الساقطة .. لاغاني ساقطة .. وهذا نوع من المسخ للفن وللغة وللمرأة .. ولقد قرأت مقال لاحدى المفكرات تناولت فيه ظاهرة الفيديو كليب .. بعنوان  » جواري الفيديو كليب  » اشارت فيه الكاتبة ان الجارية القديمة كانت مجبرة على الرقص رغما عنها .. سواء لظروف ذاتية او موضوعية الا ان جوارينا المعاصرات تقدمن اجسادهن وهن راغبات عن طواعية ..يحركن اجسادهن برغبتهن دون حياء او خجل لامن القيم السماوية ولا من القيم الفلسفية ..

خلاصة القول اذن ان اللغو هو الوقوع في اللا معنى والوقوع في اللا معنى هو داْ اصيبت به الامة … لهذا ينبغي القول ان حديث القرآن عن اللغو مهم جدا .. وتحذير القرآن من اللغو له معنى عميق ودلالة واضحة … فالجنة ليس فيها لغو … فالجنة ليس فيها الا الكلمة التي لها معنى الكلمة الطيبة .. » الا قيلا سلاما سلاما  » فالكل يسلم على اهل الجنة بما في ذلك الملائكة  » سلام عليكم بما صبرتم  »  » ادخلوها بسلام آمنين  »

فلذلك امر الاسلام ان تسلم وتسلم على من تعرف ومن لاتعرف … والغريب في الامر ان بعض الجيران لايسلم بعضهم على بعض وهذه تربية ليست اسلامية فرفض السلام دليل على الانانية والانعزالية والانطوائية .. ورفض الآخر .. وهذا سلوك يرفضه الاسلام ويرفضه الشرع … ولهذا ينبغي للامة ان تبقى متصلة باقرآن وبالوحي وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم … والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *